المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌الْفَنُّ الثَّانِي مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَهُوَ فَنُّ الْفَوَائِدِ

- ‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌كِتَابُ الصَّوْمِ

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌مَا ثَبَتَ لِجَمَاعَةِ فَهُوَ بَيْنَهُمْ عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِرَاكِ إلَّا فِي مَسَائِلَ:

- ‌الْأُولَى: وِلَايَةُ الْإِنْكَاحِ لِلصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ

- ‌الثَّانِيَةُ: الْقِصَاصُ الْمَوْرُوثُ

- ‌الثَّالِثَةُ: وِلَايَةُ الْمُطَالَبَةِ بِإِزَالَةِ الضَّرَرِ الْعَامِّ عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌كِتَابُ الْعَتَاقِ وَتَوَابِعِهِ

- ‌كِتَابُ الْأَيْمَانِ

- ‌كِتَابُ الْحُدُودِ وَالتَّعْزِيرِ

- ‌كِتَابُ السِّيَرِ

- ‌بَابُ الرِّدَّةِ

- ‌كِتَابُ اللَّقِيطِ وَاللُّقَطَةِ وَالْآبِقِ وَالْمَفْقُودِ

- ‌كِتَابُ الشَّرِكَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌كِتَابُ الْبُيُوعِ

- ‌ إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا مَلَكَهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ:

- ‌ بَيْعِ الْهَازِلِ

- ‌ اشْتَرَاهُ الْأَبُ مِنْ مَالِهِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَبَاعَهُ لَهُ كَذَلِكَ فَاسِدًا

- ‌ الْمُشْتَرِي إذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ فِي الْفَاسِدِ بِإِذْنِ بَائِعِهِ

- ‌ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ

- ‌ الْغِشُّ حَرَامٌ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ

- ‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَاتِ وَالدَّعَاوَى

- ‌[لَا يُعْتَمَدُ عَلَى الْخَطِّ وَلَا يُعْمَلُ بِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ]

- ‌[تَأْخِيرُ الْقَاضِي الْحُكْم بَعْدَ وُجُودِ شَرَائِطِهِ]

- ‌[الْبَقَاءُ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ]

- ‌مَنْ عُمِلَ إقْرَارُهُ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَمَنْ لَا فَلَا

- ‌ شَهَادَةُ كَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ

- ‌[قَضَاء الْقَاضِي لِنَفْسِهِ]

- ‌[قَبُول الْقَاضِي الْهَدِيَّةَ]

- ‌ قَضَاءُ الْقَاضِي لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ

- ‌شَاهِدُ الزُّورِ إذَا تَابَ

- ‌[قَضَاءُ الْأَمِيرِ مَعَ وُجُودِ قَاضِي الْبَلَدِ]

- ‌ اخْتِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ

- ‌كِتْمَانُ الشَّهَادَةِ

- ‌ شَهَادَةُ الْفَرْعِ لِأَصْلِهِ

- ‌[شَهَادَة الْفَاسِقُ إذَا تَابَ]

- ‌ تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ التَّطَوُّعِ مَعَ بَيِّنَةِ الْإِكْرَاهِ

- ‌[تَخْصِيصُ الْقَضَاءُ وَتَقْيِيدُهُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَاسْتِثْنَاءِ بَعْضِ الْخُصُومَاتِ]

- ‌الرَّأْيُ إلَى الْقَاضِي فِي مَسَائِلَ:

- ‌[مَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَسَعْيُهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ]

- ‌ ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ فُضُولِيٌّ

- ‌[الشَّهَادَةُ إنْ وَافَقَتْ الدَّعْوَى قُبِلَتْ وَإِلَّا لَا إلَّا فِي مَسَائِلَ]

- ‌[إذَا مَاتَ الْقَاضِي انْعَزَلَ خُلَفَاؤُهُ]

- ‌ رُجُوعُ الْقَاضِي عَنْ قَضَائِهِ

- ‌ التَّوْكِيلُ عِنْدَ الْقَاضِي بِلَا خَصْمٍ

- ‌[انْعِزَال الْقَاضِي]

- ‌ الشَّهَادَةُ حِسْبَةً بِلَا دَعْوَى

- ‌[تَصَرُّفُ الْقَاضِي فِي الْأَوْقَافِ]

- ‌ مَنْ أَتْلَفَ لَحْمَ إنْسَانٍ وَادَّعَى أَنَّهُ مَيْتَةٌ

- ‌ رَأَوْا شَخْصًا لَيْسَ عَلَيْهِ آثَارُ مَرَضٍ أَقَرَّ بِشَيْءٍ

- ‌الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي الْمِلْكَ مِنْ فُلَانٍ بِأَنَّ فُلَانًا أَوْدَعَهُ إيَّاهُ

- ‌دَعْوَى الْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الْفَاعِلِ

- ‌[مَسْأَلَة تَنَازَعَ رَجُلَانِ فِي عَيْنٍ]

الفصل: ‌كتاب العتاق وتوابعه

‌كِتَابُ الْعَتَاقِ وَتَوَابِعِهِ

فِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ: رَجُلٌ لَهُ خَمْسَةٌ مِنْ الرَّقِيقِ فَقَالَ: عَشَرَةٌ مِنْ مَمَالِيكِي أَحْرَارٌ إلَّا وَاحِدٌ أُعْتِقَ الْخَمْسُ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ تِسْعَةً مِنْ مَمَالِيكِي أَحْرَارٌ وَلَهُ خَمْسَةٌ فَعَتَقُوا، وَلَوْ قَالَ: مِنْ مَمَالِيكِي الْعَشَرَةِ أَحْرَارٌ إلَّا وَاحِدٌ أُعْتِقَ أَرْبَعَةٌ مِنْهُمْ. 1 -

لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْعَشَرَةَ عَلَى سَبِيلِ التَّفْسِيرِ 2 - وَذَلِكَ غَلَطٌ مِنْهُ فَلَغَا فَانْصَرَفَ ذِكْرُ الْعَشَرَةِ إلَى مَمَالِيكِهِ

إذَا وَجَبَتْ قِيمَةٌ عَلَى إنْسَانٍ وَاخْتَلَفَ الْمُقَوِّمُونَ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالْوَسَطِ 3 -

إلَّا إذَا كَاتَبَهُ عَلَى قِيمَةِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَقُ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْأَعْلَى كَمَا فِي كِتَابِ الظَّهِيرِيَّةِ.

أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْعَبْدِ إذَا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ وَكَانَ مُوسِرًا، فَإِنَّ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ حِصَّتَهُ،

ــ

[غمز عيون البصائر]

[كِتَابُ الْعَتَاقِ وَتَوَابِعِهِ]

قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْعَشَرَةَ عَلَى سَبِيلِ التَّفْسِيرِ.

يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْعَشَرَةَ عَطْفُ بَيَانٍ مِنْ مَمَالِيكِهِ (2) قَوْلُهُ: وَذَلِكَ غَلَطٌ.

أَيْ الذِّكْرُ لَا التَّفْسِيرُ، إذْ كَوْنُهُ تَفْسِيرًا يُنَافِي كَوْنَهُ غَلَطًا

(3)

قَوْلُهُ:

إلَّا إذَا كَاتَبَهُ عَلَى قِيمَةِ نَفْسِهِ إلَخْ.

يَعْنِي وَلَمْ يَتَصَادَقَا عَلَى أَنَّ مَا أَدَّى قِيمَتَهُ وَرَجَعَا إلَى تَقْوِيمِ الْمُتَقَوِّمِينَ وَلَمْ يَتَّفِقْ اثْنَانِ مِنْهُمْ عَلَى شَيْءٍ بِأَنْ قَوَّمَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفَيْنِ لَا يُعْتَقُ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْأَعْلَى.

ثَبَتَ ذَلِكَ بِالْأَثَرِ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى شَيْءٍ يُجْعَلُ ذَلِكَ قِيمَةً قُيِّدَ بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى حَيَوَانٍ وَلَمْ يَذْكُرْ النَّوْعَ وَالْوَصْفَ فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْوَسَطِ وَيُجْبَرُ الْمَوْلَى عَلَى قَبُولِ الْقِيمَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْمُصَنِّفِ.

ص: 137

إلَّا إذَا أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا.

كَذَا فِي عِتْقٍ الظَّهِيرِيَّةِ 5 - دَعْوَةُ الِاسْتِيلَادِ تَسْتَنِدُ؛ وَالتَّحْرِيرُ يَقْتَصِرُ عَلَى الْحَالِ؛ وَالْأُولَى أَوْلَى وَبَيَانُهُ فِي الْجَامِعِ. مُعْتَقُ الْبَعْضِ كَالْمُكَاتَبِ إلَّا فِي ثَلَاثٍ: الْأُولَى: إذَا عَجَزَ لَا يُرَدُّ فِي الرِّقِّ. الثَّانِيَةُ: إذَا جَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِنٍّ فِي الْبَيْعِ يَتَعَدَّى الْبُطْلَانُ إلَى الْقِنِّ؛ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ 6 - الثَّالِثَةُ:

إذَا قُتِلَ وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ، 7 - بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ. إذَا قُتِلَ وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً فَإِنَّ الْقِصَاصَ وَاجِبٌ.

ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجِنَايَاتِ، وَالثَّانِيَةُ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: إلَّا إذَا أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ إلَخْ.

يَعْنِي إذَا أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ وَمَاتَ.

وَقَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَيْ فِي مَالِهِ حَتَّى لَا يَجِبَ شَيْءٌ عَلَى وَرَثَتِهِ.

وَقَوْلُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ رحمه الله.

فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِنْ كَانَ فِي مَرَضِهِ فَعِنْدَهُمَا لَا يَجِبُ شَيْءٌ عَلَى وَرَثَتِهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُسْتَوْفَى مِنْ مَالِهِ، انْتَهَى.

(5)

قَوْلُهُ:

دَعْوَةُ الِاسْتِيلَادِ تَسْتَنِدُ وَالتَّحْرِيرُ يَقْتَصِرُ إلَخْ.

صُورَتُهُ: جَارِيَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلَدَتْ وَلَدًا لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ مَلَكَاهَا، فَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ الْأُمَّ بِنْتُهُ، وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّ وَلَدَهَا وَلَدُهُ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِ مُدَّعِيهِ فَدَعْوَةُ مُدَّعِي الْوَلَدِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا دَعْوَةُ اسْتِيلَادٍ، إذْ الْعُلُوقُ فِي مِلْكِهِ، وَدَعْوَةُ الِاسْتِيلَادِ أَسْبَقُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لِاسْتِنَادِهَا إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ، وَتَبْطُلُ دَعْوَةُ صَاحِبِهِ نَسَبَ نَسَبِ الْأُمِّ؛ لِأَنَّهَا دَعْوَةُ تَحْرِيرٍ وُجِدَتْ بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ حُكْمًا فَيَقْتَصِرُ عَلَى وَقْتِ الدَّعْوَةِ.

كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ.

(6)

قَوْلُهُ:

الثَّالِثَةُ: إذَا قُتِلَ وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً إلَخْ.

يَعْنِي إذَا قُتِلَ مُعْتَقُ الْبَعْضِ عَمْدًا وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً لِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ السِّعَايَةِ لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ بِقَتْلِهِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الْبَعْضِ لَا يَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ عَاجِزًا وَلِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي أَنَّهُ يُعْتَقُ بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ، فَاشْتَبَهَ الْمُسْتَحِقُّ كَالْمُكَاتَبِ إذَا قُتِلَ عَنْ وَفَاءٍ.

(7)

قَوْلُهُ:

بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ إلَخْ.

يَعْنِي يَجِبُ الْقِصَاصُ بِقَتْلِهِ: وَهَذَا قَوْلُهُمَا.

وَعِنْدَ

ص: 138

فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَالْأُولَى فِي الْمُتُونِ.

التَّوْأَمَانِ كَالْوَلَدِ الْوَاحِدِ فَالثَّانِي يَتْبَعُ الْأَوَّلَ فِي أَحْكَامِهِ، فَإِذَا أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا فَوَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ، الْأَوَّلُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَالثَّانِي لِتَمَامِهَا فَأَكْثَرَ عَتَقَ الثَّانِي تَبَعًا لِلْأَوَّلِ، بِخِلَافِ مَا إذَا وَلَدَتْ الْأَوَّلَ لِتَمَامِهَا فَإِنَّهُ لَا يُعْتَقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. 8 -

إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: الْأَوَّلُ مِنْ جِنَايَاتِ الْمَبْسُوطِ، لَوْ ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينَيْنِ فَخَرَجَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ مَوْتِهِمَا وَالْآخَرُ بَعْدَ مَوْتِهَا وَهُمَا مَيِّتَانِ. 9 -

فَفِي الْأَوَّلِ غُرَّةٌ فَقَطْ. 10 -

الثَّانِيَةُ: نِفَاسُ التَّوْأَمَيْنِ مِنْ الْأَوَّلِ. 11 -

وَمَا رَأَتْهُ عَقِبَ الثَّانِي لَا

مَنْ مَلَكَ وَلَدَهُ مِنْ الزِّنَا فَإِنَّهُ يُعْتَقُ

ــ

[غمز عيون البصائر]

مُحَمَّدٍ رحمه الله لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ هُنَا قَدْ اخْتَلَفَ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى يَسْتَحِقُّهُ بِالْوَلَاءِ إنْ مَاتَ حُرًّا، وَبِالْمِلْكِ إنْ مَاتَ عَبْدًا، فَاشْتَبَهَ الْحَالُ فَلَا يَسْتَحِقُّ لِاخْتِلَافِ السَّبَبِ

(8)

قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ.

اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ فَالثَّانِي تَبَعٌ لِلْأَوَّلِ فِي أَحْكَامِهِ.

(9)

قَوْلُهُ: فَفِي الْأَوَّلِ غُرَّةٌ فَقَطْ إلَخْ.

يَعْنِي وَلَا شَيْءَ فِي الثَّانِي وَلَوْ تَبِعَ الْأَوَّلَ فِي أَحْكَامِهِ لَكَانَ فِي غُرَّةٍ.

(10)

قَوْلُهُ: الثَّانِيَةُ نِفَاسُ التَّوْأَمَيْنِ إلَخْ.

مِنْ الْأَوَّلِ يَعْنِي لَا مِنْ الثَّانِي عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ بِالْوَلَدِ الْأَوَّلِ ظَهَرَ انْفِتَاحُ الرَّحِمِ فَكَانَ الْمَرْئِيُّ عَقِيبَهُ نِفَاسًا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ رحمه الله وَزُفَرُ رحمه الله مِنْ الثَّانِي؛ لِأَنَّهَا حَامِلٌ بِهِ فَلَا يَكُونُ دَمُهَا مِنْ الرَّحِمِ.

قَالَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ فِي تَصْحِيحِ الْقُدُورِيُّ: الصَّحِيحُ الْأَوَّلُ وَاعْتَمَدَهُ أَصْحَابُ الْمُتُونِ، ثُمَّ إنَّ فِي اسْتِثْنَاءِ الْمُصَنِّفِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ الْأَصْلِ الْمُتَقَدِّمِ نَظَرٌ.

(11)

قَوْلُهُ: وَمَا رَأَتْهُ عَقِبَ الثَّانِي لَا.

أَيْ لَا يَكُونُ نِفَاسًا أَقُولُ: فِيهِ تَفْصِيلٌ

ص: 139

عَلَيْهِ، وَمَنْ مَلَكَ أُخْتَهُ لِأَبِيهِ مِنْ الزِّنَا لَمْ تُعْتَقْ، وَلَوْ كَانَتْ أُخْتَهُ لِأُمِّهِ مِنْ الزِّنَا عَتَقَتْ، 12 - وَالْفَرْقُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مِنْ بَابِ الِاسْتِيلَادِ

وَالتَّدْبِيرُ وَصِيَّةٌ فَيُعْتَقُ الْمُدَبَّرُ مِنْ الثَّلَاثِ إلَّا فِي ثَلَاثٍ؛ 13 - لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْهُ وَيَصِحُّ عَنْهَا؛ وَتَدْبِيرُ الْمُكْرَهِ صَحِيحٌ لَا وَصِيَّتُهُ، 14 - وَلَا يُبْطِلُهُ الْجُنُونُ وَيُبْطِلُ الْوَصِيَّةَ.

وَالثَّلَاثُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ لِتَأْقِيتِ الْمُدَّةِ لَا يَعِيشُ الْإِنْسَانُ غَالِبًا تَأْبِيدُ مَعْنًى فِي التَّدْبِيرِ عَلَى الْمُخْتَارِ فَيَكُونُ مُطْلَقًا.

ــ

[غمز عيون البصائر]

ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ رحمه الله فِي الْبَحْرِ فَقَالَ: وَأَفَادَ، يَعْنِي صَاحِبُ الْكَنْزِ، أَنَّ مَا تَرَاهُ عَقِبَ الثَّانِي إنْ كَانَ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ فَهُوَ نِفَاسٌ، الْأَوَّلُ لِتَمَامِهَا وَاسْتِحَاضَةٌ بَعْدَ تَمَامِهَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَأَبِي يُوسُفَ فَتَغْسِلُ وَتُصَلِّي كَمَا وَضَعَتْ الثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ

(12)

قَوْلُهُ:

وَالْفَرْقُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مِنْ الِاسْتِيلَادِ.

وَعِبَارَتُهُ إذَا اشْتَرَى أَخَاهُ مِنْ الزِّنَا لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَخَ يُنْسَبُ إلَى أَخِيهِ بِوَاسِطَةِ الْأَبِ وَنِسْبَةُ الْأَبِ مُنْقَطِعَةٌ فَلَا تَثْبُتُ الْأُخُوَّةُ.

قَالُوا: هَذَا إذَا كَانَ أَخَاهُ مِنْ أَبِيهِ، أَمَّا إذَا كَانَ مِنْ أُمِّهِ فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ إذَا مَلَكَهُ؛ لِأَنَّ نِسْبَةَ الْوَلَدِ إلَى الْأُمِّ لَا تَنْقَطِعُ فَتَكُونُ الْأُخُوَّةُ ثَابِتَةً، فَيُعْتَقُ بِالْمِلْكِ (انْتَهَى) .

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يَتَحَقَّقُ الْأُخُوَّةُ مِنْ الْأُمِّ عُهِدَ لَنَا وَلَدٌ مِنْ أُمٍّ دُونَ الْعَكْسِ (انْتَهَى) .

أَيْ وَلَدٌ مِنْ أَبٍ دُونَ أُمٍّ

(13)

قَوْلُهُ:

لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْهُ.

إنَّمَا لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْهَا وَيَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ مَعْنَى التَّعْلِيقِ، وَالتَّعْلِيقُ لَا يَبْطُلُ بِالرُّجُوعِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ.

كَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.

(14)

قَوْلُهُ:

وَلَا يُبْطِلُهُ الْجُنُونُ وَتُبْطِلُ الْوَصِيَّةَ إلَخْ.

يَعْنِي لِأَنَّ فِي التَّدْبِيرِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ وَهُوَ لَا يَبْطُلُ بِالْجُنُونِ كَمَا لَا يَبْطُلُ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ.

وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ رحمه الله حَدَّ الْجُنُونِ الْمُبْطِلِ لِلْوَصِيَّةِ وَفِيهِ خِلَافٌ، قِيلَ: شَهْرٌ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله -

ص: 140

وَفِي الْإِجَارَةِ فَتَفْسُدُ. 16 -

إلَى نَحْوِ مِائَتَيْ سَنَةٍ، 17 - إلَّا فِي النِّكَاحِ بِالتَّأْقِيتِ فَيَفْسُدُ الْمُتَكَلِّمُ بِمَا لَمْ يَعْلَمْ مَعْنَاهُ يَلْزَمُهُ حُكْمُهُ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالنِّكَاحِ وَالتَّدْبِيرِ، 18 - إلَّا فِي مَسَائِلِ الْبَيْعِ 19 - وَالْخُلْعِ عَلَى الصَّحِيحِ، فَلَا يَلْزَمُهَا الْمَالُ وَالْإِجَارَةُ وَالْهِبَةُ 20 - وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ رحمه الله أَنَّهُ قَدَّرَهُ بِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ، وَفِي رِوَايَةٍ بِسَنَةٍ

كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَلَمْ يَذْكُرْ تَرْجِيحَ قَوْلِهِ.

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يَنْبَغِي اعْتِمَادُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ قِيَاسًا عَلَى بُطْلَانِ الْوَكَالَةِ بِهِ، وَهُوَ مُقَدَّرٌ فِيهَا بِشَهْرٍ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ (انْتَهَى) .

أَقُولُ: قَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله فِي رَسَائِلِهِ بِأَنَّ الْقِيَاسَ بَعْدَ الْأَرْبَعِ مِائَةٍ مُنْقَطِعٌ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَقِيسَ مَسْأَلَةً عَلَى مَسْأَلَةٍ كَيْفَ وَالْفَتْوَى عَلَى التَّفْوِيضِ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي فِي الْوَصِيَّةِ.

(15)

قَوْلُهُ:

وَفِي الْإِجَارَةِ فَتَفْسُدُ إلَخْ.

أَيْ وَتَأْبِيدٌ فِي الْإِجَارَةِ فَتَفْسُدُ وَالْفَاءُ فَصِيحَةٌ.

(16)

قَوْلُهُ:

إلَى نَحْوِ مِائَتَيْ سَنَةٍ.

الْجَارُّ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِ " تَفْسُدُ " بَلْ بِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ فَتَفْسُدُ الْإِجَارَةُ بِالتَّأْقِيتِ إلَى نَحْوِ مِائَتَيْ سَنَةٍ.

(17)

قَوْلُهُ:

إلَّا فِي النِّكَاحِ.

أَقُولُ: صَوَابُهُ لَا فِي النِّكَاحِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

(18)

قَوْلُهُ:

إلَّا فِي مَسَائِلِ الْبَيْعِ إلَخْ.

هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ غَيْرُ صَحِيحٍ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَالصَّوَابُ لَا فِي الْبَيْعِ وَالْخُلْعِ إلَخْ.

(19)

قَوْلُهُ:

وَالْخُلْعِ عَلَى الصَّحِيحِ فَلَا يَلْزَمُهَا الْمَالُ إلَخْ.

فِيهِ إشْعَارٌ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي الْخُلْعِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهَا الْمَالُ، وَهُوَ قَوْلٌ.

وَالْمُفْتَى بِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْخُلْعُ.

(20)

قَوْلُهُ:

وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ إلَخْ.

وَهُوَ كَذَا عَلَى الْمُفْتَى بِهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الشَّرْحِ مِنْ أَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ الْمَهْرِ كَالطَّلَاقِ وَعَزَاهُ لِلتَّتِمَّةِ فَخِلَافُ الْمُعْتَمَدِ فِي الْمَذْهَبِ.

كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

ص: 141

كَمَا فِي نِكَاحِ الْخَانِيَّةُ

الْمُعْتَقُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالرِّقِّ.

قُلْت: إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ لَوْ كَانَ الْمُعْتَقُ مَجْهُولَ النَّسَبِ فَأَقَرَّ بِالرِّقِّ لِرَجُلٍ وَصَدَّقَهُ الْمُعْتِقُ 22 - فَإِنَّهُ يَبْطُلُ إعْتَاقُهُ كَمَا فِي إقْرَارِ التَّلْخِيصِ.

الْوَلَاءُ لَا يَحْتَمِلُ الْإِبْطَالَ

قُلْت: إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ؛ وَهِيَ 23 - الْمَذْكُورَةُ فَإِنَّهُ بَطَلَ الْوَلَاءُ بِإِقْرَارِهِ. 24 -

وَالثَّانِيَةُ لَوْ ارْتَدَّتْ الْمُعْتَقَةُ وَسُبِيَتْ فَأَعْتَقَهَا السَّابِي كَانَ الْوَلَاءُ لَهُ، وَبَطَلَ الْوَلَاءُ عَنْ الْأَوَّلِ كَمَا فِي إقْرَارِ التَّلْخِيصِ

25 -

لَوْ اخْتَلَفَ الْمَوْلَى مَعَ عَبْدِهِ 26 - فِي وُجُودِ الشَّرْطِ فَالْقَوْلُ لِلْمَوْلَى

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: كَمَا فِي نِكَاحِ الْخَانِيَّةِ إلَخْ.

أَقُولُ: لَيْسَ فِي الْخَانِيَّةِ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ الَّذِي ذَكَرَهُ

(22)

قَوْلُهُ:

فَإِنَّهُ يَبْطُلُ إعْتَاقُهُ.

يَعْنِي لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ بِالرِّقِّ الْمُسْتَنِدِ إلَى تَصْدِيقِ الْمُعْتِقِ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُعْتِقَ بِهَذَا التَّصْدِيقِ سَاعٍ فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْتَبَرَ تَصْدِيقُهُ.

(23)

قَوْلُهُ:

وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ إلَخْ.

صَوَابُهُ الْأُولَى وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ.

قِيلَ: حَيْثُ قَالَ: لَوْ كَانَ الْمُعْتَقُ مَجْهُولَ النَّسَبِ إلَخْ.

لِأَنَّهُ إذَا بَطَلَ الْإِعْتَاقُ بَطَلَ الْوَلَاءُ إذْ هُوَ مُتَرَتِّبٌ عَلَيْهِ.

(24)

قَوْلُهُ:

وَالثَّانِيَةُ لَوْ ارْتَدَّتْ الْمُعْتَقَةُ إلَخْ.

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: يُزَادُ أُخْرَى كَمَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً أُعْتِقَتْ وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ، جَازَ أَسْرُهَا وَاسْتِرْقَاقُهَا بِالرِّقِّ

(25)

قَوْلُهُ:

وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَوْلَى مَعَ عَبْدِهِ إلَخْ.

أَقُولُ: الصَّوَابُ مَعَ مَمْلُوكِهِ لِصِدْقِهِ بِالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى بِخِلَافِ الْعَبْدِ لِيُطَابِقَ مَا يَلِيهِ مِنْ مَسَائِلِ الِاسْتِثْنَاءِ.

(26)

قَوْلُهُ:

فِي وُجُودِ الشَّرْطِ.

كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ فِي وُجُودِ الْوَصْفِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الْآتِي.

فَفِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ إذَا أَنْكَرَتْ ذَلِكَ الْوَصْفَ.

ص: 142

إلَّا فِي مَسَائِلَ؛ كُلُّ أَمَةٍ لِي حُرَّةٌ إلَّا أَمَةً خَبَّازَةً، إلَّا أَمَةً اشْتَرَيْتهَا مِنْ زَيْدٍ، إلَّا أَمَةً نِكْتُهَا الْبَارِحَةَ، إلَّا أَمَةً ثَيِّبًا؛ فَفِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعَةِ إذَا أَنْكَرَتْ ذَلِكَ الْوَصْفَ وَادَّعَاهُ فَالْقَوْلُ لَهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: إلَّا أَمَةً بِكْرًا، أَوْ لَمْ أَشْتَرِهَا مِنْ فُلَانٍ، أَوْ لَمْ أَطَأْهَا الْبَارِحَةَ أَوْ إلَّا خُرَاسَانِيَّةً. 28 -

فَالْقَوْلُ لَهُ وَتَمَامُهُ فِي أَيْمَانِ الْكَافِي

الْمُدَبَّرُ إذَا خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنَّهُ لَا سِعَايَةَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا كَانَ السَّيِّدُ سَفِيهًا وَقْتَ التَّدْبِيرِ فَإِنَّهُ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الْحَجْرِ، وَفِيمَا إذَا قُتِلَ سَيِّدُهُ كَمَا فِي شَرْحِنَا

29 -

الْمُدَبَّرُ فِي زَمَنِ سِعَايَتِهِ كَالْمُكَاتَبِ عِنْدَهُ؛ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْمُعْتَقِ فِي الْمَرَضِ.

وَجِنَايَتُهُ جِنَايَةُ الْمُكَاتَبِ كَمَا فِي الْكَافِي.

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ:

إلَّا فِي مَسَائِلَ كُلُّ أَمَةٍ إلَخْ.

فِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ لَمْ يَقَعْ الِاخْتِلَافُ فِيهَا فِي الشَّرْطِ بَلْ فِي الْوَصْفِ وَحِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهَا.

(28)

قَوْلُهُ:

فَالْقَوْلُ لَهُ.

أَمَّا فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ فَلِأَنَّ الْأَصْلَ يَشْهَدُ لَهُ إذْ الْأَصْلُ الْبَكَارَةُ وَعَدَمُ الشِّرَاءِ مِنْ فُلَانٍ وَعَدَمُ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّ الْعَدَمَ سَابِقٌ عَلَى الْوُجُودِ فِي الْخَارِجِ إذْ الْعَالَمُ حَادِثٌ بَعْدَ سَبْقِ عَدَمِهِ.

وَأَمَّا فِي الرَّابِعَةِ فَوَاضِحٌ قَوْلُهُ.

وَكَذَا فِي الرَّابِعَةِ فَإِنَّهُ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا

(29)

قَوْلُهُ:

الْمُدَبَّرُ فِي زَمَنِ سِعَايَتِهِ كَالْمُكَاتَبِ عِنْدَ الْإِمَامِ إلَخْ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَحْرِ: اعْلَمْ أَنَّ الْمُدَبَّرَ فِي زَمَنِ سِعَايَتِهِ كَالْمُكَاتَبِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا حُرٌّ مَدْيُونٌ فَتُفَرَّعُ الْأَحْكَامُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَا يُزَوِّجُ نَفْسَهُ، كَمَا فِي الْمَجْمَعِ مِنْ الْجِنَايَاتِ.

وَلَوْ تُرِكَ مُدَبَّرًا فَقُتِلَ خَطَأً وَهُوَ يَسْعَى لِلْوَارِثِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِوَلِيِّهِ، وَقَالَ: دِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ (انْتَهَى) .

وَعَلَّلَهُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ وَكَذَا الْمُنْجَزُ عِتْقُهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ إذَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنَّهُ فِي زَمَنِ سِعَايَتِهِ كَالْمُكَاتَبِ عِنْدَهُمْ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَمَا فِي شَهَادَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ وَحُكْمُ

ص: 143

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[غمز عيون البصائر]

جِنَايَاتِهِ كَجِنَايَاتِ الْمُكَاتَبِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْمُصَنِّفِ (انْتَهَى) .

قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ: قَدْ صَدَرَتْ تِلْكَ الْعِبَارَاتُ وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِنَصِّ الْإِمَامِ، وَإِنْ وَرَدَ مِثْلُهَا مُسْنَدًا لِلْإِمَامِ فَقَدْ اخْتَلَفَ عَنْهُ النَّقْلُ وَلَمْ يُحَرِّرْهُ الْأَعْلَامُ.

وَالْمُقَرَّرُ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ فِي تَجَزِّي الْإِعْتَاقِ وَعَدَمِهِ فِيمَنْ أُعْتِقَ بَعْضُهُ لَا فِيمَنْ أُعْتِقَ كُلُّهُ مُعَلَّقًا عَلَى شَرْطٍ فَوَجَدَهُ فِي مَرَضِهِ أَوْ صِحَّتِهِ وَسِعَايَتُهُ بَعْدَهُ سِعَايَةُ حُرٍّ مَدْيُونٍ، كَالْمُدَبَّرِ إذَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ.

وَقَوْلُهُ هُنَا وَفِي الْبَحْرِ: الْمُدَبَّرُ كَالْمُكَاتَبِ فِي زَمَنِ سِعَايَتِهِ، لَيْسَ التَّحْقِيقُ وَإِنْ وَرَدَ مَنْقُولًا عَنْ الْإِمَامِ كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ فِي السِّرَاجِ: الْمُسْتَسْعِي عِنْدَ الْإِمَامِ عَلَى ضَرْبَيْنِ: كُلُّ مَنْ يَسْعَى فِي تَخْلِيصِ رَقَبَتِهِ فَهُوَ كَالْمُكَاتَبِ، وَكُلُّ مَنْ يَسْعَى فِي بَدَلِ رَقَبَتِهِ الَّذِي لَزِمَهُ بِالْعِتْقِ أَوْ فِي قِيمَةِ رَقَبَتِهِ لِأَجْلِ بَدَلِ شَرْطٍ عَلَيْهِ، أَوْ لِدَيْنٍ ثَبَتَ فِي رَقَبَتِهِ فَهُوَ كَالْحُرِّ (انْتَهَى) .

وَمِثْلُهُ فِي الْإِيضَاحِ وَالْمُصَفَّى وَشَرْحِ مَنْظُومَةِ النَّسَفِيِّ لِأَبِي الْبَرَكَاتِ: وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُدَبَّرَ عَتَقَ كُلُّهُ بِمَوْتِ الْمَوْلَى فَهُوَ وَإِنْ سَعَى يَسْعَى وَهُوَ حُرٌّ، فَلَمْ يَكُنْ كَالْمُكَاتَبِ فَجُعِلَ الْمُدَبَّرُ حَالَ سِعَايَتِهِ كَالْمُكَاتَبِ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَفِي الْبَحْرِ لَيْسَ مُحَرَّرًا، فَإِنَّ الْمُكَاتَبَ رَقِيقٌ حَالَ سِعَايَتِهِ، وَذَلِكَ بِنَصِّ الشَّارِعِ.

الْمُكَاتَبُ قِنٌّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَالْمُدَبَّرُ حُرٌّ مِنْ الثُّلُثِ، وَلِهَذَا قَصَرَ التَّشْبِيهَ بِهِ عَلَى مُعْتَقِ الْبَعْضِ، الْإِمَامُ الْأَجَلُّ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فَقَالَ: وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ كَالْمُكَاتَبِ فِي حُدُودِهِ وَأَرْشِ جِنَايَتِهِ مِيرَاثِهِ وَشَهَادَتِهِ، وَذَكَرَ الدَّلِيلَ ثُمَّ قَالَ: وَالْمَعْنَى الْجَامِعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ سِعَايَتَهُ لِأَجْلِ الْخَلَاصِ مِنْ رَقِّهِ (انْتَهَى) .

فَأَفَادَ بِمَفْهُومِهِ أَنَّ مَنْ سَعَى لِدَيْنٍ لَزِمَهُ لَا لِفَكِّ رَقَبَتِهِ لَيْسَ كَالْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ مَدْيُونٌ كَالْمُدَبَّرِ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُنَا وَفِي الْبَحْرِ: الْمُدَبَّرُ فِي زَمَنِ سِعَايَتِهِ كَالْمُكَاتَبِ عِنْدَ الْإِمَامِ لَيْسَ مُحَرَّرًا، لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ حُرٌّ مَدْيُونٌ يَسْعَى لِوَفَاءِ دَيْنِهِ لَا لِفَكِّ رَقَبَتِهِ، فَمَا فَرَّعَهُ مِنْ قَوْلِهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَا يُزَوِّجُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْإِمَامِ لَيْسَ مُسَلَّمًا إسْنَادُهُ، وَإِنْ وَقَعَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ يُؤَوَّلُ لِمَا قَدَّمْنَا وَقَوْلُهُ فِي الْبَحْرِ كَمَا فِي الْمَجْمَعِ مِنْ الْجِنَايَاتِ وَنَصُّهُ: لَوْ تَرَكَ مُدَبَّرًا فَقُتِلَ خَطَأً أَوْ يَسْعَى لِلْوَارِثِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ. (انْتَهَى) .

وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ هَذَا مُتَفَرِّعٌ عَلَى مَا قِيلَ: إنَّ الْمُسْتَسْعَى كَالْمُكَاتَبِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى عُمُومِهِ فَلَا يَتَنَاوَلُ الْمُدَبَّرَ، لِأَنَّ جِنَايَتَهُ حَالَ سِعَايَتِهِ جِنَايَةُ حُرٍّ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ مَوْلَاهُ لِنُزُولِ حُرِّيَّتِهِ بِمَوْتِ مَوْلَاهُ.

وَقَوْلُهُ فِي الْبَحْرِ هَكَذَا فِي الْكَافِي وَعَلَّلَهُ بِمَا قَدَّمْنَا يَعْنِي أَنَّ الْمُدَبَّرَ كَالْمُكَاتَبِ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ مُجَرَّدَ تَشَبُّهِ الْمُدَبَّرِ بِالْمُكَاتَبِ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ حَالَ

ص: 144

وَفَرَّعْت عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ نِكَاحُهُ مَا دَامَ يَسْعَى وَعِنْدَهُمَا حُرٌّ مَدْيُونٌ فِي الْكُلِّ

ــ

[غمز عيون البصائر]

سِعَايَتِهِ رَقِيقًا، لِلنَّصِّ عَلَى حُرِّيَّةِ الْمُدَبَّرِ بِمُجَرَّدِ مَوْتِ سَيِّدِهِ.

وَصَاحِبُ الْكَافِي قَدْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ مَا يُخَالِفُهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَهُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا يُعْدَلُ عَنْهُ لِظُهُورِ وَجْهِهِ بِنَصِّ الشَّارِعِ.

رَوَى ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إنَّ الْمُدَبَّرَ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ وَهُوَ حُرٌّ مِنْ الثُّلُثِ»

قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: فَانْعَقَدَ التَّدْبِيرُ سَبَبًا فِي الْحَالِ لِلْعِتْقِ وَتَعَلَّقَ بِمُطْلَقِ الْمَوْلَى فَيُعْتَقُ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى بِكَلَامِهِ لَا بِكَلَامٍ آخَرَ، فَاسْتَحَالَ تَوَقُّفُهُ عَلَى شَيْءٍ غَيْرِ شَرْطِهِ، فَمَنْ نَصَّ عَلَى تَوَقُّفِ عِتْقِهِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا إلَى أَدَاءِ السِّعَايَةِ لَمْ يُحَرِّرْ الْمَنَاطَ، فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَوَجْهُ عَدَمِ تَسْلِيمِ إسْنَادِهِ لِلْإِمَامِ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَأْخُوذًا مِنْ التَّشْبِيهِ فِي حَالِ السِّعَايَةِ بِالْمُكَاتَبِ.

كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُسْتَسْعَى كَالْمُكَاتَبِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى إطْلَاقِهِ وَلَئِنْ سَلَّمَ وَصَحَّ نَقْلُهُ عَنْ الْإِمَامِ نَصًّا فَقَدْ اخْتَلَفَ النَّقْلُ، وَالْوَجْهُ الْمُوَافِقُ نَصُّ الشَّارِعِ وَقَوْلُهُ فِي الْبَحْرِ: وَهَكَذَا الْمُنْجَزُ عِتْقُهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ إذَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنَّهُ فِي زَمَنِ سِعَايَتِهِ كَالْمُكَاتَبِ عِنْدَهُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَمَا فِي شَهَادَةِ الْبَزَّازِيَّةِ، وَلَمْ أَرَهُ فِيهَا. وَعِبَارَتُهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُدَبَّرِ (انْتَهَى) .

وَوَصْفُهُ بِالْمُدَبَّرِ حَقِيقَةً إنَّمَا هُوَ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ وَأَمَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَهُوَ حُرٌّ مَقْبُولُ الشَّهَادَةِ.

وَقَدْ تَلَخَّصَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ مُحَرَّرًا أَنَّ الْمُدَبَّرَ إذَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ يَسْعَى وَهُوَ حُرٌّ وَأَحْكَامُهُ أَحْكَامُ الْأَحْرَارِ، وَكَذَا الْمُعْتَقُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَالْمُعْتَقُ عَلَى مَالٍ أَوْ خِدْمَةٍ إذَا قَبِلَ الْمَالَ وَالْخِدْمَةَ حُرٌّ لَهُ أَحْكَامُ الْأَحْرَارِ (انْتَهَى) .

وَهُوَ حَقِيقٌ بِالْقَبُولِ حَقِيقٌ بِالْعَضِّ عَلَيْهِ بِالنَّوَاجِذِ؛ وَلِلَّهِ دَرُّ الْعَلَّامَةِ ابْنِ مَالِكٍ حَيْثُ يَقُولُ فِي خُطْبَةِ كِتَابِهِ التَّسْهِيلِ: وَإِذَا كَانَتْ الْعُلُومُ مِنَحًا إلَهِيَّةً وَمَوَاهِبَ اخْتِصَاصِيَّةً فَغَيْرُ مُسْتَبْعَدٍ أَنْ يَظْهَرَ لِكَثِيرٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَا خَفِيَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ.

(30)

قَوْلُهُ:

وَفَرَّعْت عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ نِكَاحُهُ مَا دَامَ يَسْعَى إلَخْ.

أَقُولُ لَا يَخْفَى عَدَمُ صِحَّةِ التَّفْرِيعِ الْمَذْكُورِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ عَدَمِ تَسْلِيمِ إسْنَادِ الْأَصْلِ الْمُفَرَّعِ عَلَيْهِ إلَى الْإِمَامِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

ص: 145