الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحد إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان (1)» فالسنة أن يضع سترا أمامه؛ إما جدار، وإما عمود، وإما كرسي، وإما عصا منصوبة، ونحو ذلك، فإن لم يتيسر وضع العصا مطروحة أو خطا بين يديه، إذا لم يتيسر شيء قائم، هذا هو السنة، ولا يضره من مر من ورائها، لكنها غير واجبة، لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه في بعض الأحيان صلى إلى غير سترة، فدل على أنها غير واجبة، لكنها سنة مؤكدة، وإذا كان في مكان لا يخشى فيه مرور أحد فلا مانع أن يصلي إلى غير سترة، لكن إذا تيسرت السترة فهي أولى وأفضل عملا بالسنة.
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، برقم (509) واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505).
145 -
حكم
وضع السترة في الصلاة
س: ما حكم اتخاذ السترة بالنسبة للمصلي؟ وإذا كان المصلي يأمن من عدم مرور أحد بين يديه كأن يكون في صحراء مثلا، فما حكم اتخاذ السترة بالنسبة له (1)؟
(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (246).
ج: اتخاذ السترة سنة، كان النبي عليه الصلاة والسلام يتخذ السترة حتى في الصحراء وهو مسافر، السنة اتخاذ السترة، وهي مقدار مؤخرة الرحل نحو ذراع أو ما يقارب الذراع تنصب أمامه، مثل كرسي، مثل عصا تنصب، مثل شداد الرحل، مثل إناء يوضع أمامه يبلغ مسافة ذراع أو ذراع إلا ربعا، أو ما حول ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن سترة المصلي فقال:«مثل مؤخرة الرحل (1)» وفي لفظ آخر: «فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود (2)» يعني إذا مر دونها. فالمقصود أنه إذا كانت السترة نحو ذراع أو ما يقاربه فإن ما يمر بين يديه لا يضر صلاته إذا مر من وراء ذلك، فأما إذا مر بينه وبين السترة فإنه يقطع صلاته المرأة والحمار والكلب الأسود، كما ثبت به الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم:«فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار، والمرأة، والكلب الأسود (3)» هكذا صح عنه عليه الصلاة والسلام.
أما إذا كانت السترة جدارا أو عمودا فإنه يكفي بذلك إذا مر
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب سترة المصلي، برقم (500).
(2)
أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510).
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510).
بين يديه وبين السترة أحد يمنعه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان (1)» متفق على صحته. ولو كان المار ليس حمارا ولا كلبا ولا امرأة حتى الرجل يمنع، وحتى الصبي يمنع، وحتى الدابة تمنع من الغنم وغيرها إذا تيسر المنع، يمنع ذلك إذا تيسر فإن غلبه لم يضر صلاته إلا أن يكون حمارا أو كلبا أسود أو امرأة تامة، أما الصبية لا تقطع، الصغيرة لا تقطع، ولهذا في اللفظ الآخر: امرأة حائض. أي البالغة، فمن السنة اتخاذ السترة.
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، برقم (509) واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505).
س: هل تجب السترة في الصلاة؟ وكم تكون المسافة بينها وبين المصلي؟ وهل يأثم من لا يتخذ السترة أثناء الصلاة (1)؟
ج: السترة سنة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة، وليدن منها (2)» فيكون بينه وبينها ثلاثة أذرع فأقل، ويكون بينه وبينها إذا سجد، ويكون بينه وبينها شيء يسير حتى لا يصدم فيها، هذه السنة، وليست واجبة، لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه
(1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم (429).
(2)
أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه، برقم (697)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ادرأ ما استطعت، برقم (954).
في بعض الأحيان صلى إلى غير سترة عليه الصلاة والسلام.
س: تقول السائلة: هل السترة ضرورية في الصلاة؟ وهل السجادة تجزئ عنها (1)؟
ج: السترة سنة مؤكدة للصلاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها (2)» مثل حائط أو عمود أو سارية أو كرسي، أو ما أشبه ذلك، وقد جاء في الحديث الآخر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار، والمرأة، والكلب الأسود (3)» وما بين يديه يقارب ذراعا أو ذراعا إلا قليلا، فإذا جعل بين يديه شيئا منصوبا من كرسي أو عصا أو شبه ذلك، كما كان النبي يفعل، فقد كانت تنصب أمامه العنزة – وهي عصا ليست طويلة فيها حربة – فإذا فعل مثل ذلك المؤمن كانت سترة له، أو كرسي قدامه أو وسائد رفيعة أو ما أشبه ذلك، لكن ليست واجبة إنما هي سنة، فمن صلى بدون سترة صلاته لا حرج.
(1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (157).
(2)
أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه، برقم (697)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ادرأ ما استطعت، برقم (954).
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510).
س: علمت أن من السنة وضع السترة أمام المصلي، فهل يجوز وضع سترة قصيرة، كأنه يكون طولها شبرا، وإن لم يصلح فما مقدار طولها (1)؟
ج: اتخاذ السترة للمصلي سنة مؤكدة، «كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعلها في أسفاره، وكانت تحمل معه العنزة – وهي عصا صغيرة لها حربة – تركز أمامه عليه الصلاة والسلام، ويصلي إليها (2)» وكان المسجد الذي يصلي فيه، فيه سترة عليه الصلاة والسلام، فالسنة لكل مصل من رجل أو امرأة أن يصلي إلى سترة، ولهذا في الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود وغيره عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة، وليدن منها (3)» السنة الدنو منها، ولما صلى في الكعبة عليه الصلاة والسلام دنا من الجدار الغربي حتى لم يكن بينه وبينه إلا ثلاثة أذرع، فالسنة للمؤمن والمؤمنة اتخاذ سترة كالجدار أو السارية، أو كرسي
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (203).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في الثوب الأحمر، برقم (371)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب سترة المصلي، برقم (503).
(3)
أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه، برقم (697)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ادرأ ما استطعت، برقم (954).
أمامه، أو ما أشبهه مما له جسم قائم، وأقل ذلك مثل مؤخرة الرحل.
قال العلماء: وهي تقارب الذراع أو ثلثي الذراع، إذا كانت السترة ثلثي الذراع أو ما يقارب ذلك كفت، إذا تيسر ذلك، وإن لم يتيسر صلى ولو إلى عصا مطروحة، أو خط كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا، فإن لم يجد شيئا فلينصب عصا، فإن لم يكن معه عصا فليخط خطا، ولا يضره ما مر بين يديه (1)» فالمؤمن يجتهد وهكذا المؤمنة، فإن وجد جدارا صلى إليه، أو سارية، أو كرسيا أو مركى مما يتوكأ عليه، يجعله أمامه، أو عصا لها حربة يركزها في الأرض أو ما أشبهه، يكون قائما طول الذراع، أو ثلثي الذراع، أو ما يقارب ذلك، فإن لم يتيسر جعل وسادة أمامه، أو عصا مطروحة أمامه {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) أو خطا إذا كان في الأرض كالصحراء، إذا لم يكن عنده
(1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7345) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الخط إذا لم يجد عصا، برقم (689) وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يستر المصلي، برقم (943).
(2)
سورة التغابن الآية 16
شيء خط خطا يكفي على الصحيح، والحديث لا بأس به كما قال الحافظ ابن حجر: إسناده حسن، رواه ابن ماجه وأحمد وجماعة بإسناد حسن. فالحاصل أن هذا الحديث الذي فيه الخط لا بأس به على الصحيح، وهو عند الحاجة وعند عدم تيسر الجدار والعصا المنصوبة يخط خطا، وليست السترة واجبة، فلو صلى إلى غير سترة صحت صلاته، ولكن يكون ترك السنة، والسنة أن يصلي إلى سترة، وإذا مر بين السترة وبين المصلي حمار أو امرأة بالغة أو كلب أسود قطع الصلاة كما في الحديث الصحيح، يقول صلى الله عليه وسلم:«فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته، الحمار، والمرأة، والكلب الأسود (1)» وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «المرأة الحائض (2)» يعني المرأة البالغة. وهذا يدل على أن الصغيرة لا تقطع، والرجل لا يقطع، وهكذا الإبل والغنم لا تقطع، وسائر الدواب ما عدا الحمار،
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510).
(2)
أخرجه أحمد في مسند بني هاشم، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، برقم (3231) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يقطع الصلاة، برقم (703) والنسائي في المجتبى في كتاب القبلة، باب ذكر ما يقطع الصلاة وما لا يقطع إذا لم يكن بين يدي المصلي سترة، برقم (751)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقطع الصلاة برقم (949).
وهكذا الكلاب كلها لا تقطع إلا الأسود، لكن لا ينبغي أن يمر شيء، بل يمنع المار بين يديه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:«إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبي فليقاتله فإنما هو شيطان (1)» فإذا أراد شيء أن يمر بين يديك تدفعه، ترده ولو أنها شاة أو طفلة، ترده إذا تيسر ذلك، لكن لو مر لا يقطع لا يفسد عليك صلاتك، إلا إذا كان المار امرأة بالغة، أو حمارا أو كلبا أسود مر بين يديك قريبا منك، إذا كان أقل من ثلاثة أذرع، أو كان بينك وبينه سترة ولو كان أكثر، أما إذا مر من وراء السترة فإنه لا يضر ولو كان المار امرأة، أو كلبا أسود، أو حمارا إذا كان من وراء السترة.
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، برقم (509) واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505).
س: م. خميس مشيط: ما حكم وضع السترة داخل المسجد وأمام المحراب؟ وما حكم صلاة من صلى إلى غير سترة داخل المسجد؟ وهل صلى الرسول صلى الله عليه وسلم إلى سترة داخل المسجد؟ آمل الإفادة وتوضيح الأحاديث الدالة على ذلك، جزاكم الله خيرا (1)
(1) السؤال الواحد والأربعون من الشريط رقم (332).
ج: الصلاة إلى سترة سنة مؤكدة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إلى سترة في المسجد وفي السفر تنصب له العنزة، وفي المسجد يصلي إلى السترة التي وضعت له عليه الصلاة والسلام، وهكذا الفرد يصلي إلى سترة، هذه هي السنة، أما المأموم فيكفيه سترة الإمام؛ لأنه ليس بحاجة إلى سترة المأموم سترته سترة إمامه، وهي سنة مؤكدة لقوله عليه الصلاة والسلام:«إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة، وليدن منها (1)» أخرجه أبو داود بإسناد صحيح، عن أبي سعيد رضي الله عنه، وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه في بعض الأحيان «صلى إلى غير سترة (2)» كما ذكر ذلك ابن عباس وأخوه الفضل بن عباس، كما روى النسائي وغيره أنه صلى إلى غير سترة، صلى بهم إلى غير سترة، فدل على أنها ليست بواجبة، وهكذا في الصحيح عن ابن عباس «أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي في سفر إلى غير جدار (3)» ولم يقل: إن
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه، برقم (697)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ادرأ ما استطعت، برقم (954).
(2)
أخرجه ابن خزيمة في جماع أبواب سترة المصلي، باب ذكر خبر روي في مرور الحمار بين يدي المصلي، برقم (841).
(3)
أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وضوء الصبيان ومتى يجب عليهم الغسل والطهور، برقم (861).