الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب صلاة التطوع
197 -
بيان
فضل صلاة التراويح وقراءة القرآن في رمضان
س: شيخ عبد العزيز، حدثونا عن التراويح وتلاوة القرآن وختم القرآن خلال هذه الصلاة وخلال هذا الشهر المبارك، وهل لكم كلمة حول هذا لو تكرمتم (1)؟
ج: لا ريب أن صلاة التراويح قربة وعبادة عظيمة مشروعة، النبي صلى الله عليه وسلم فعلها عدة ليال بالمسلمين، وقام بهم في تلك الليالي، ثم خاف أن تفرض عليهم فترك ذلك وأرشدهم إلى الصلاة في البيوت، ثم لما توفي عليه الصلاة والسلام وأفضت الخلافة إلى عمر بعد الصديق ورأى الناس في المسجد يصلونها أوزاعا؛ هذا يصلي لنفسه، وهذا يصلي لرجلين، وهذا يصلي لأكثر، قال: لو جمعناهم على إمام! فجمعهم على إمام فصاروا يصلون جميعا، واحتج على ذلك بقوله
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (84).
صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه (1)» «ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه (2)» واحتج أيضا بفعل النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الليالي، وقال: إنه انتهى الوحي وانقطع الخوف بعد موته صلى الله عليه وسلم، لا يخاف من الفريضة. فصلاها المسلمون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ليالي مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم صلوها في عهد عمر، واستمروا بذلك جماعة، والأحاديث ترشد إلى ذلك، ولهذا جاء في الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم:«من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة (3)» أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد
(1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب صوم رمضان احتسابا من الإيمان، برقم (38)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح، برقم (760).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب تطوع قيام رمضان من الإيمان، برقم (37)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح، برقم (759).
(3)
أخرجه أحمد في مسند الأنصار رضي الله عنهم من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، برقم (20910)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في قيام شهر رمضان، برقم (1375)، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في قيام شهر رمضان، برقم (806)، والنسائي في المجتبى في كتاب السهو، باب من صلى مع الإمام حتى ينصرف، برقم (1364).
صحيح، فدل ذلك على شرعية القيام جماعة في رمضان وأنها سنته صلى الله عليه وسلم وسنة خلفائه بعده، عمر الفاروق ومن بعده، وفي ذلك أيضا مصالح كثيرة؛ من جمع المسلمين واستماعهم لكتاب الله، وما قد يقع من المواعظ والتذكير والاتصال من بعضهم لبعض، واجتماع بعضهم ببعض في هذه الليالي العظيمة، فكل هذا يسبب خيرا كثيرا، وكذلك دراسة القرآن في الليل والنهار من أفضل القربات، فقد كان السلف إذا دخل رمضان أقبلوا على القرآن وتركوا الحديث والتفقه وحلقات العلم، هذا هو الغالب على السلف، فينبغي لأهل الإيمان من الذكور والإناث أن يشتغلوا بالقرآن الكريم تلاوة وتدبرا وتعقلا ومراجعة لكتب التفسير وغير هذا من وجوه التعلق بالقرآن والعناية بالقرآن، وإذا سمعوا درسا في المسجد أو راجع بعض المسائل العلمية لا منافاة ولا حرج في ذلك، لكن ينبغي أن تكون العناية بالقرآن في رمضان أكثر كما فعله السلف الصالح رضي الله عنهم وأرضاهم، وهكذا الإكثار من القراءة حتى يختم مرات كثيرة، كان بعض السلف يختم في كل يوم، وبعضهم في ثلاث، لكن الأفضل ألا
يكون أقل من ثلاث، هذا هو الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله عبد الله بن عمرو، وأرشده أن يختم في سبع، ثم طلب الزيادة فقال إلى ثلاث فالأفضل أن تكون الختمة في ثلاث فأكثر حتى يطمئن وحتى يقرأ بترتيل وعناية وتدبر، وبعض السلف رأى أن هذا يجوز له، لكن في أيام رمضان ولياليه لا مانع من الختم في أقل من ذلك، ولكن التقيد بالحديث والأخذ بالحديث أولى ولو في رمضان، إذا ختم عشر مرات في رمضان أو تسع مرات أو ثمانيا هذا خير كثير، مع الهدوء والطمأنينة والترتيل والعناية، والإنسان له حاجات أخرى، ثم إن الإكثار من الختمات قد يفضي إلى الهذرمة والسرعة والعجلة والمباهاة في الختمات، فيخشى على الناس من هذا الشيء، فالركود والهدوء حتى لا يقع شيء من الخلل في القراءة وحتى لا يقع شيء من المماراة لقصد الرياء والسمعة، فينبغي أن يكون الختم لثلاث فأكثر، حتى يقرأ قراءة واضحة متدبرة، ويعتني بمعانيها ويراجع ما أشكل عليه، هذا هو الأولى والأفضل حتى ولو في رمضان.
س: بارك الله فيكم، يحرص كثير من الأئمة - سماحة الشيخ – على
أن يختموا القرآن في التراويح وفي التهجد، فما هو الأنسب (1)؟
ج: هذا لأجل سماع الناس جميع القرآن، إذا تيسر أن يسمع جميع القرآن، حيث يكون كل ليلة فيها جزء أو أقل من جزء، لكن في العشر الأخيرة يزيد حتى يختم القرآن ويكمله، هذا يكون أفضل إذا تيسر من دون مشقة، وهكذا دعاء الختم يدعو بهم حتى يؤمنوا، كان السلف يفعلون ذلك، فإذا فعل ذلك فلا حرج، وقد عقد العلامة ابن القيم رحمه الله بابا في كتابه “ جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام “، وذكر في ذلك حال السلف في العناية بختم القرآن، وفق الله الجميع.
س: الذين لا يتمكنون من الختم يشعرون بشيء من الألم سماحة الشيخ، ماذا تقول لهم (2)؟
ج: لا حرج في ذلك، والأمر في هذا واسع، إن ختمه فهو أفضل حتى يسمع الناس وحتى يفوز بالأجر العظيم في هذا الشهر الكريم، وإن حال حائل ولم يتيسر له الختم وهو إمام؛ إما لأجل الرفق بهم
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (84).
(2)
السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (84).
لأنهم أصحاب أشغال، أو لأسباب أخرى فلا حرج، الأمر واسع بحمد الله، والمؤمن يراعي المأمومين ولا يشق عليهم ويرفق بهم، وإذا كانوا تشق عليهم الإطالة وكونهم يقيمونها أولى من تركها خوفا من الإطالة، فإذا صلى بهم إحدى عشرة ركعة فهو أفضل، إحدى عشرة أو ثلاث عشرة مع الترتيل ومع الركود في الركوع والسجود هو أفضل من كثرة القراءة ومن الصلاة عشرين أو أكثر، يمكن أن يتحرى صلاة النبي صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة، كان هذا أفضل، والإحدى عشرة أفضل من الثلاث عشرة؛ لأن هذا هو المحفوظ عنه صلى الله عليه وسلم في الغالب كما قالت عائشة رضي الله عنها، وربما صلى بعض الأحيان ثلاث عشرة، وربما صلى أقل من ذلك، وصلى الصحابة رضي الله عنهم عشرين ركعة من الوتر، كل هذا بحمد الله واسع، فمن زاد أو نقص فلا حرج؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:«صلاة الليل مثنى مثنى (1)» ، ولم يحدد عددا معلوما، «صلاة الليل مثنى مثنى (2)» ، ثم قال:«فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (3)» ، وهذا عام في رمضان وفي غيره، فمن زعم أنه يجب الاقتصار على إحدى عشرة أو ثلاث عشرة فقد غلط، ومن كره الزيادة فقد غلط، ومن حرمها فهو أشد غلطا، وإنما ذلك أفضل، إذا اقتصر
(1) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422).
(2)
رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422).
(3)
رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422).