الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(779) باب الاقتصاد في الموعظة
6196 -
عن شقيق قال كنا جلوسا عند باب عبد الله ننتظره فمر بنا يزيد بن معاوية النخعي فقلنا أعلمه بمكاننا فدخل عليه فلم يلبث أن خرج علينا عبد الله فقال إني أخبر بمكانكم فما يمنعني أن أخرج إليكم إلا كراهية أن أملكم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتخولنا بالموعظة في الأيام مخافة السآمة علينا
6197 -
عن شقيق أبي وائل قال كان عبد الله يذكرنا كل يوم خميس فقال له رجل يا أبا عبد الرحمن إنا نحب حديثك ونشتهيه ولوددنا أنك حدثتنا كل يوم فقال ما يمنعني أن أحدثكم إلا كراهية أن أملكم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهية السآمة علينا
-[المعنى العام]-
إن النفوس تصدأ بالإهمال كما تصدأ المعادن وجلاؤها الموعظة وذكر الله تعالى وكثرة جليها وحكها يصيبها بالضعف والتآكل وكذلك القلوب دوام وعظها يصيبها بالسآمة والملل والحكمة تقتضي الأخذ بجزء من الجلي وجزء من الراحة والفضيلة دائما وسط بين طرفين فالشجاعة وسط بين التهور والجبن والكرم وسط بين الإسراف والتقتير
من هنا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتعاهد أصحابه بالموعظة أياما ويتركهم لمهامهم ومعايشهم أياما فبذلك يتحقق هدف التذكير مع دوام الحرص والشوق إليه وقديما قالوا زر غبا تزدد حبا
-[المباحث العربية]-
(كنا جلوسا عند باب عبد الله ننتظره) أي عند باب بيت عبد الله بن مسعود ينتظرونه
ليعظهم وفي الرواية الثانية "كان عبد الله يذكرنا كل يوم خميس فقال له رجل يا أبا عبد الرحمن إنا نحب حديثك ونشتهيه ولوددنا أنك حدثتنا كل يوم" وهذا الرجل يشبه أن يكون يزيد بن معاوية النخعي المذكور في الرواية الأولى قاله الحافظ ابن حجر
(أعلمه بمكاننا) أي بطلبنا ورغبتنا وانتظارنا
(إني أخبر بمكانكم) بضم الهمزة وسكون الخاء وفتح الباء أي أخبرني أحدكم بمكانكم وعبر بالمضارع بدل الماضي استحضارا للصورة
(فما يمنعني أن أخرج إليكم إلا كراهية أن أملكم) بضم الهمزة وكسر الميم وفتح اللام المشددة أي أوقعكم في الملل والضجر و"كراهية" بتخفيف الياء فاعل "يمنعني" وفي الرواية الثانية "ما يمنعني أن أحدثكم إلا كراهية أن أملكم" أي أحدثكم يوميا
(إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتخولنا بالموعظة في الأيام) قال النووي أي يتعاهدنا هذا هو المشهور في تفسيرها قال القاضي وقيل يصلحنا وقال ابن الأعرابي معناه يتخذنا خولا وقيل يفاجئنا بها وقال أبو عبيد يدللنا وقيل يحبسنا كما يحبس الإنسان خوله و"يتخولنا" بالخاء عند جميعهم إلا أبا عمرو فقال بالحاء أي يطلب حالاتنا وأوقات نشاطنا
(مخافة السآمة علينا) مخافة الملل الطارئ علينا وكان الأصل أن يقول مخافة سآمتنا فضمن السآمة معنى المشقة فعداها بعلى والصلة محذوفة أي سآمتنا من الموعظة
-[فقه الحديث]-
-[يؤخذ من الحديث]-
1 -
استحباب ترك المداومة في الجد وفي العمل الصالح خشية الملال وإن كانت المواظبة مطلوبة لكنها على قسمين إما كل يوم مع عدم التكلف وإما يوم بعد يوم فيكون يوم الترك لأجل الراحة ليقبل على الثاني بنشاط وإما يوم في الجمعة للموعظة وبقية الأيام للمعاش والأمر يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص والضابط مراعاة الحاجة مع وجود النشاط
2 -
منقبة لابن مسعود لاقتدائه بالنبي صلى الله عليه وسلم حتى في اليوم الذي عينه للوعظ ويحتمل أن الاقتداء كان في مجرد التخلل بين العمل والترك
3 -
الحفاظ على تأليف القلوب والبعد عن سآمتها ولو بعمل الخير
4 -
استدل به البخاري على من جعل لأهل العلم يوما معلوما أو أياما معلومة
والله أعلم.