المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(762) باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله - فتح المنعم شرح صحيح مسلم - جـ ١٠

[موسى شاهين لاشين]

فهرس الكتاب

- ‌(689) باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها

- ‌(690) باب تحريم التحاسد والتباغض والتدابر والظن والتحسس والتجسس والتنافس والتناجش والهجر فوق ثلاثة أيام

- ‌(691) باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه وماله

- ‌(692) باب النهي عن الشحناء

- ‌(693) باب فضل الحب في الله تعالى

- ‌(694) باب فضل عيادة المريض

- ‌(695) باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن أو نحو ذلك حتى الشوكة يشاكها

- ‌(696) باب تحريم الظلم

- ‌(697) باب نصر الأخ ظالما أو مظلوما

- ‌(698) باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتوادهم

- ‌(699) باب النهي عن السباب

- ‌(700) باب استحباب العفو والتواضع

- ‌(701) باب تحريم الغيبة

- ‌(702) باب من ستر الله عليه في الدنيا فإن الله يستر عليه في الآخرة

- ‌(703) باب مدارة من يتقي فحشه

- ‌(704) باب فضل الرفق

- ‌(705) باب النهي عن لعن الدواب وغيرها

- ‌(706) باب من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه وليس أهلا لذلك كان له زكاة وأجر ورحمة

- ‌(707) باب ذم ذي الوجهين وتحريم فعله

- ‌(708) باب تحريم الكذب وبيان ما يباح منه

- ‌(709) باب تحريم النميمة

- ‌(710) باب قبح الكذب وحسن الصدق وفضله

- ‌(711) باب فضل من يملك نفسه عند الغضب وبأي شيء يذهب الغضب وخلق الإنسان خلقا لا يتمالك

- ‌(712) باب النهي عن ضرب الوجه

- ‌(713) باب الوعيد الشديد لمن عذب الناس بغير حق

- ‌(714) باب أمر من مر بسلاح في مسجد أو سوق أو غيرهما من المواضع الجامعة للناس أن يمسك بنصالها والنهي عن الإشارة بالسلاح إلى مسلم

- ‌(715) باب فضل إزالة الأذى عن الطريق

- ‌(716) باب تحريم تعذيب الهرة ونحوها من الحيوان الذي لا يؤذي

- ‌(717) باب تحريم الكبر

- ‌(718) باب النهي عن تقنيط الإنسان من رحمة الله تعالى وفضل الضعفاء والخاملين والنهي عن قول هلك الناس

- ‌(719) باب الوصية بالجار والإحسان إليه

- ‌(720) باب استحباب طلاقة الوجه

- ‌(721) باب استحباب الشفاعة فيما ليس بحرام

- ‌(722) باب استحباب مجالسة الصالحين ومجانبة قرناء السوء

- ‌(723) باب فضل الإحسان إلى البنات

- ‌(724) باب فضل من يموت له ولد فيحتسبه

- ‌(725) باب إذا أحب الله عبدا أمر جبريل فأحبه وأحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض

- ‌(726) باب الأرواح جنود مجندة

- ‌(727) باب المرء مع من أحب

- ‌(728) باب إذا أثنى على الصالح فهي بشرى ولا تضره

- ‌كتاب القدر

- ‌(729) باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته

- ‌(730) باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام

- ‌(731) باب تصريف الله القلوب كيف شاء

- ‌(732) باب كل شيء بقدر

- ‌(733) باب قدر على ابن آدم حظه من الزنى وغيره

- ‌(734) باب معنى كل مولود يولد على الفطرة وحكم موتى أطفال الكفار، وأطفال المسلمين

- ‌(735) باب بيان أن الآجال والأرزاق وغيرها لا تزيد ولا تنقص عما سبق به القدر

- ‌(736) باب الإيمان بالقدر والإذعان له

- ‌كتاب العلم

- ‌(737) باب النهي عن اتباع متشابه القرآن والتحذير من متبعيه والنهي عن الاختلاف في القرآن

- ‌(738) باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان

- ‌(739) باب من سن سنة حسنة أو سيئة ومن دعا إلى هدى أو ضلالة

- ‌كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار

- ‌(740) باب الحث على ذكر الله تعالى

- ‌(741) باب في أسماء الله تعالى وفضل من أحصاها

- ‌(742) باب العزم في الدعاء ولا يقل إن شئت

- ‌(743) باب كراهة تمني الموت لضر نزل به

- ‌(744) باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه

- ‌(745) باب فضل الذكر والدعاء والتقرب إلى الله وحسن الظن به

- ‌(746) باب كراهة الدعاء بتعجيل العقوبة في الدنيا

- ‌(747) باب فضل مجالس الذكر

- ‌(748) باب فضل الدعاء باللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار

- ‌(749) باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء

- ‌(750) باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر

- ‌(751) باب استحباب الاستغفار والاستكثار منه والتوبة

- ‌(752) باب استحباب خفض الصوت بالذكر إلا في المواضع التي ورد الشرع برفعه فيها كالتلبية وغيرها واستحباب الإكثار من قول لا حول ولا قوة إلا بالله

- ‌(753) باب في الدعوات والتعوذ

- ‌كتاب الرقاق

- ‌(754) باب أكثر أهل الجنة الفقراء وأكثر أهل النار النساء وبيان الفتنة بالنساء

- ‌(755) باب قصة أصحاب الغار الثلاثة والتوسل بصالح الأعمال

- ‌كتاب التوبة

- ‌(756) باب في الحض على التوبة والفرح بها وسقوط الذنوب بالاستغفار

- ‌(757) باب فضل دوام الذكر والفكر في أمور الآخرة والمراقبة وجواز ترك ذلك في بعض الأوقات والاشتغال بالدنيا

- ‌(758) باب سعة رحمة الله وأنها تغلب غضبه

- ‌(759) باب قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت الذنوب والتوبة

- ‌(760) باب غيرة الله تعالى وتحريم الفواحش

- ‌(761) باب قوله تعالى {إن الحسنات يذهبن السيئات} [هود 114]

- ‌(762) باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله

- ‌(763) باب سعة رحمة الله تعالى على المؤمنين وفداء كل مسلم بكافر من النار

- ‌(764) باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه

- ‌(765) باب في حديث الإفك وقبول توبة القاذف وبراءة حرم النبي صلى الله عليه وسلم من الريبة

- ‌كتاب صفات المنافقين وأحكامهم

- ‌(766) باب صفات المنافقين وأحكامهم

- ‌كتاب صفة القيامة والجنة والنار

- ‌(767) باب من صفات القيامة

- ‌(768) باب ابتداء الخلق وخلق آدم عليه السلام

- ‌(769) باب صفة الأرض يوم القيامة ونزل أهل الجنة

- ‌(770) باب سؤال اليهود النبي صلى الله عليه وسلم عن الروح وقوله تعالى {ويسألونك عن الروح}

- ‌(771) باب في مواقف للكفار والرد عليهم الذي قال لأوتين مالا وولدا - وإن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى - الدخان - انشقاق القمر - ادعاء الند والولد

- ‌باب الدخان

- ‌باب انشقاق القمر

- ‌باب لا أحد أصبر على أذى من الله عز وجل

- ‌(772) باب طلب الكافر الفداء بملء الأرض ذهبا

- ‌(773) باب جزاء المؤمن بحسناته في الدنيا والآخرة وتعجيل جزاء حسنات الكافر في الدنيا

- ‌(774) باب مثل المؤمن كالزرع ومثل المنافق والكافر كالأرزة

- ‌(775) باب مثل المؤمن مثل النخلة

- ‌(776) باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس وأن مع كل إنسان قرينا

- ‌(777) باب لن يدخل أحدا عمله الجنة

- ‌(778) باب الإكثار من الطاعة والاجتهاد في العبادة

- ‌(779) باب الاقتصاد في الموعظة

- ‌كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها

- ‌(780) باب صفة نعيمها وأهلها

- ‌(781) باب جهنم أعاذنا الله منها وصفتها وأهلها

- ‌(782) باب فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة

- ‌(783) باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار وعرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه وإثبات عذاب القبر والتعوذ منه

- ‌(784) باب إثبات الحساب

- ‌(785) باب الأمر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت

- ‌كتاب الفتن وأشراط الساعة

- ‌(786) باب اقتراب الفتن وفتح ردم يأجوج ومأجوج والجيش الذي يخسف به وتواجه المسلمين بسيفيهما وبعض أشراط الساعة

- ‌(787) باب ذكر ابن صياد

- ‌(788) باب ذكر الدجال

- ‌(789) باب قصة الجساسة والدجال

- ‌(790) باب فضل العبادة في آخر الزمان

- ‌(791) باب قرب الساعة وما بين النفختين

- ‌كتاب الزهد

- ‌(792) باب هوان الدنيا والزهد فيها والتحذير من الاغترار بها

- ‌(793) باب النهي عن الدخول على أهل الحجر إلا من يدخل باكيا

- ‌(794) باب فضل الإحسان إلى الأرملة والمسكين واليتيم

- ‌(795) باب فضل بناء المساجد

- ‌(796) باب فضل الإنفاق على المسكين وابن السبيل

- ‌(797) باب تحريم الرياء

- ‌(798) باب حفظ اللسان

- ‌(799) باب عقوبة من يأمر بالمعروف ولا يفعله وينهى عن المنكر ويفعله

- ‌(800) باب النهي عن هتك الإنسان ستر نفسه

- ‌(801) باب تشميت العاطس وكراهة التثاؤب

- ‌(802) باب في أحاديث متفرقة

- ‌(803) باب النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط وخيف منه الفتنة على الممدوح

- ‌(804) باب التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم

- ‌(805) باب قصة أصحاب الأخدود والساحر والراهب والغلام

- ‌(806) باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر

- ‌(807) باب في حديث الهجرة ويقال له حديث الرحل

- ‌كتاب التفسير

- ‌(808) باب كتاب التفسير

الفصل: ‌(762) باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله

(762) باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله

6089 -

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال "كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب فأتاه فقال إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له من توبة فقال لا فقتله فكمل به مائة ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم فقال إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة فقال نعم ومن يحول بينه وبين التوبة انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فقالت ملائكة الرحمة جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله وقالت ملائكة العذاب إنه لم يعمل خيرا قط فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد فقبضته ملائكة الرحمة" قال قتادة فقال الحسن ذكر لنا أنه لما أتاه الموت نأى بصدره.

6090 -

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا قتل تسعة وتسعين نفسا فجعل يسأل هل له من توبة فأتى راهبا فسأله فقال ليست لك توبة فقتل الراهب ثم جعل يسأل ثم خرج من قريته إلى قرية فيها قوم صالحون فلما كان في بعض الطريق أدركه الموت فنأى بصدره ثم مات فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فكان إلى القرية الصالحة أقرب منها بشبر فجعل من أهلها"

6091 -

وفي رواية عن قتادة بهذا الإسناد نحو حديث معاذ بن معاذ وزاد فيه "فأوحى الله إلى هذه أن تباعدي وإلى هذه أن تقربي".

-[المعنى العام]-

وما زال الكلام مع سعة رحمة الله وأنها تشمل الطائع والعاصي وأنه لا ييأس منها إلا القوم

ص: 331

الكافرون فهذا رجل كان سفاكا للدماء في الأمم التي قبلنا وفي بني إسرائيل وفيما بعد عيسى عليه السلام يقتل تسعة وتسعين إنسانا ثم تداركه رحمة من ربه فيرغب في التوبة ويعزم على الرجوع إلى الله ويسأل الناس هل له من توبة ويدله العامة على راهب في صومعة يظنونه مصلحا لغيره حيث أصلح نفسه فيذهب إليه ويحكي له قصته وأنه يريد أن يتوب وبحاسة العبادة والرهبانية يستبشع الراهب هذه الجرائم ويقول للرجل اخرج عني لا تحرقني بنارك أين كان ضميرك حين قتلت عشرة ثم عشرة ثم عشرة حتى وصلت إلى تسعة وتسعين اخرج لا توبة لك ويئس الرجل من قبول الله له واستوى عنده تسعة وتسعون ومائة فضرب الراهب بحجر فقتله ثم خرج يسأل قتلت مائة فهل لي من توبة فدلوه هذه المرة على عالم فذهب إليه وحكى له ما جرى وسأله هل لي من توبة قال العالم ومن يملك إغلاق باب التوبة عنك وعمن هو أعظم جرما منك لكن أدلك على طريق التوبة اذهب إلى قرية كذا ففيها عباد ورعون فاسلك مسلكهم وعش معهم وتب وسيقبل الله توبتك واتجه الرجل نحو القرية وفي الطريق أدركه الموت فكان من أهل المغفرة والجنة برحمة الله تعالى وفضله

-[المباحث العربية]-

(كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا) في رواية البخاري "كان في بني إسرائيل رجل قتل تسعة وتسعين إنسانا"

(فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب فأتاه) في الرواية الثانية "فجعل يسأل هل له من توبة فأتى راهبا" ففيها إشعار بأن ذلك كان بعد عيسى عليه السلام لأن الرهبانية إنما ابتدعها أتباعه كما نص عليه في القرآن

(فقال إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له من توبة) في الأسلوب تجريد أو التفات لأن حق السياق أن يقول إنني قتلت

فهل لي من توبة

(فقال لا فقتله فكمل به مائة) وفي الرواية الثانية "فقال ليست لك توبة فقتل الراهب"

(ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم) في الرواية الثانية "ثم جعل يسأل ثم خرج من قريته إلى قرية"

(فقال إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة فقال نعم ومن يحول بينه وبين التوبة انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت) في

ص: 332

الرواية الثانية "ثم خرج من قريته إلى قرية فيها قوم صالحون فلما كان في بعض الطريق أدركه الموت فناء بصدره ثم مات "ناء" بفتح النون مع المد أي بعد بصدره أي مال به ومده نحو القرية الصالحة وضبطه بعضهم "نأى" أي بعد عن الأرض التي خرج منها

(فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فقالت ملائكة الرحمة جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله وقالت ملائكة العذاب إنه لم يعمل خيرا قط فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له فقاسوا فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد فقبضته ملائكة الرحمة) في الرواية الثانية "فكان إلى القرية الصالحة أقرب منها بشبر فجعل من أهلها" وفي رواية البخاري "فأوحى الله إلى هذه" أي القرية الصالحة أن تقربي وأوحى الله إلى هذه أي القرية السوء أن تباعدي فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد بشبر ومن هذه الروايات يعلم أن قوله في الرواية الأولى "حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت" فيه مجاز المشارفة والمقاربة أي حتى إذا كاد الطريق ينتصف أتاه مقدمات الموت

-[فقه الحديث]-

قال النووي مذهب أهل العلم وإجماعهم على صحة توبة القاتل عمدا ولم يخالف أحد منهم إلا ابن عباس معتمدا على ظاهر قوله تعالى {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها} [النساء 93] قال النووي وإما ما نقل عن بعض السلف من خلاف هذا فمراد قائله الزجر عن سبب التوبة لا أنه يعتقد بطلان توبته والحديث وإن كان شرعا لمن قبلنا وفي الاحتجاج به خلاف فليس موضع الخلاف وإنما موضعه إذا لم يرد في شرعنا ما يوافقه ويقرره فإن ورد كان شرعا لنا بلا شك وهذا قد ورد شرعنا به وهو قوله تعالى {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق

} إلى قوله تعالى {إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا

} [الفرقان 68 - 70] الآية وأما قوله تعالى {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها} [النساء 93] فالصواب في معناها أن جزاءه جهنم وقد يجازى به وقد يجازى بغيره وقد لا يجازى فيعفى عنه فإن قتل عمدا مستحلا له بغير حق ولا تأويل فهو كافر مرتد يخلد به في جهنم بالإجماع وإن كان غير مستحل بل معتقدا تحريمه فهو فاسق عاص مرتكب كبيرة جزاؤه جهنم خالدا فيها لكن بفضل الله تعالى وبخبره الصادق أنه لا يخلد من مات موحدا فيها فلا يخلد هذا ولكن قد يعفى عنه فلا يدخل النار أصلا وقد لا يعفى عنه بل يعذب كسائر العصاة الموحدين ثم يخرج معهم إلى الجنة ولا يخلد في النار فهذا هو الصواب في معنى الآية ولا يلزم من كونه يستحق أن يجازى بعقوبة مخصوصة أن يتحتم ذلك الجزاء وليس في الآية إخبار

ص: 333

بأنه يخلد في جهنم وإنما فيها أنها جزاؤه أي يستحق أن يجازى بذلك وقيل إن المراد من قتل مستحلا وقيل وردت الآية في رجل بعينه وقيل المراد بالخلود طول المدة لا الدوام وهذه الأقوال كلها ضعيفة أو فاسدة فالصواب ما قدمناه

-[ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم]-

1 -

مشروعية التوبة من جميع الكبائر ويحمل قبول توبة القاتل على أن الله تعالى يتكفل برضا خصمه

2 -

وفيه أن المفتي قد يجيب بالخطأ كذا قيل والأولى أن يقال إن الراهب أو العابد قد لا يكون عالما فيفتي بغير الصواب

3 -

وفيه إشارة إلى قلة فطنة الراهب لأنه كان من حقه التحرز ممن تجرأ على القتل حتى صار له عادة بأن لا يواجهه بخلاف مراده وكان حقه أن يستعمل معه المعاريض مداراة عن نفسه

4 -

وفيه استحباب مفارقة التائب المواضع التي أصاب فيها الذنوب والأصدقاء الذين ساعدوه على المعاصي وأن يستبدل بهم صحبة أهل الخير والصلاح والعلماء والمتعبدين الورعين ومن يقتدي بهم وينتفع بصحبتهم وتتأكد بذلك توبته

5 -

وفيه أن الملائكة الموكلين ببني آدم يختلف اجتهادهم بالنسبة إلى من يكتبونه مطيعا أو عاصيا

6 -

وأنهم يختصمون في ذلك حتى يقضي الله بينهم

7 -

وفيه فضل العالم على العابد

8 -

واستدل به على أن في بني آدم من يصلح للحكم بين الملائكة إذا تنازعوا لأنهم قبلوا حكمه وهو في صورة آدمي

9 -

وفيه حجة لمن أجاز التحكيم

10 -

وأن من رضى الفريقان حكمه فحكمه جار عليهم

والله أعلم

ص: 334