المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(788) باب ذكر الدجال - فتح المنعم شرح صحيح مسلم - جـ ١٠

[موسى شاهين لاشين]

فهرس الكتاب

- ‌(689) باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها

- ‌(690) باب تحريم التحاسد والتباغض والتدابر والظن والتحسس والتجسس والتنافس والتناجش والهجر فوق ثلاثة أيام

- ‌(691) باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه وماله

- ‌(692) باب النهي عن الشحناء

- ‌(693) باب فضل الحب في الله تعالى

- ‌(694) باب فضل عيادة المريض

- ‌(695) باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن أو نحو ذلك حتى الشوكة يشاكها

- ‌(696) باب تحريم الظلم

- ‌(697) باب نصر الأخ ظالما أو مظلوما

- ‌(698) باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتوادهم

- ‌(699) باب النهي عن السباب

- ‌(700) باب استحباب العفو والتواضع

- ‌(701) باب تحريم الغيبة

- ‌(702) باب من ستر الله عليه في الدنيا فإن الله يستر عليه في الآخرة

- ‌(703) باب مدارة من يتقي فحشه

- ‌(704) باب فضل الرفق

- ‌(705) باب النهي عن لعن الدواب وغيرها

- ‌(706) باب من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه وليس أهلا لذلك كان له زكاة وأجر ورحمة

- ‌(707) باب ذم ذي الوجهين وتحريم فعله

- ‌(708) باب تحريم الكذب وبيان ما يباح منه

- ‌(709) باب تحريم النميمة

- ‌(710) باب قبح الكذب وحسن الصدق وفضله

- ‌(711) باب فضل من يملك نفسه عند الغضب وبأي شيء يذهب الغضب وخلق الإنسان خلقا لا يتمالك

- ‌(712) باب النهي عن ضرب الوجه

- ‌(713) باب الوعيد الشديد لمن عذب الناس بغير حق

- ‌(714) باب أمر من مر بسلاح في مسجد أو سوق أو غيرهما من المواضع الجامعة للناس أن يمسك بنصالها والنهي عن الإشارة بالسلاح إلى مسلم

- ‌(715) باب فضل إزالة الأذى عن الطريق

- ‌(716) باب تحريم تعذيب الهرة ونحوها من الحيوان الذي لا يؤذي

- ‌(717) باب تحريم الكبر

- ‌(718) باب النهي عن تقنيط الإنسان من رحمة الله تعالى وفضل الضعفاء والخاملين والنهي عن قول هلك الناس

- ‌(719) باب الوصية بالجار والإحسان إليه

- ‌(720) باب استحباب طلاقة الوجه

- ‌(721) باب استحباب الشفاعة فيما ليس بحرام

- ‌(722) باب استحباب مجالسة الصالحين ومجانبة قرناء السوء

- ‌(723) باب فضل الإحسان إلى البنات

- ‌(724) باب فضل من يموت له ولد فيحتسبه

- ‌(725) باب إذا أحب الله عبدا أمر جبريل فأحبه وأحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض

- ‌(726) باب الأرواح جنود مجندة

- ‌(727) باب المرء مع من أحب

- ‌(728) باب إذا أثنى على الصالح فهي بشرى ولا تضره

- ‌كتاب القدر

- ‌(729) باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته

- ‌(730) باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام

- ‌(731) باب تصريف الله القلوب كيف شاء

- ‌(732) باب كل شيء بقدر

- ‌(733) باب قدر على ابن آدم حظه من الزنى وغيره

- ‌(734) باب معنى كل مولود يولد على الفطرة وحكم موتى أطفال الكفار، وأطفال المسلمين

- ‌(735) باب بيان أن الآجال والأرزاق وغيرها لا تزيد ولا تنقص عما سبق به القدر

- ‌(736) باب الإيمان بالقدر والإذعان له

- ‌كتاب العلم

- ‌(737) باب النهي عن اتباع متشابه القرآن والتحذير من متبعيه والنهي عن الاختلاف في القرآن

- ‌(738) باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان

- ‌(739) باب من سن سنة حسنة أو سيئة ومن دعا إلى هدى أو ضلالة

- ‌كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار

- ‌(740) باب الحث على ذكر الله تعالى

- ‌(741) باب في أسماء الله تعالى وفضل من أحصاها

- ‌(742) باب العزم في الدعاء ولا يقل إن شئت

- ‌(743) باب كراهة تمني الموت لضر نزل به

- ‌(744) باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه

- ‌(745) باب فضل الذكر والدعاء والتقرب إلى الله وحسن الظن به

- ‌(746) باب كراهة الدعاء بتعجيل العقوبة في الدنيا

- ‌(747) باب فضل مجالس الذكر

- ‌(748) باب فضل الدعاء باللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار

- ‌(749) باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء

- ‌(750) باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر

- ‌(751) باب استحباب الاستغفار والاستكثار منه والتوبة

- ‌(752) باب استحباب خفض الصوت بالذكر إلا في المواضع التي ورد الشرع برفعه فيها كالتلبية وغيرها واستحباب الإكثار من قول لا حول ولا قوة إلا بالله

- ‌(753) باب في الدعوات والتعوذ

- ‌كتاب الرقاق

- ‌(754) باب أكثر أهل الجنة الفقراء وأكثر أهل النار النساء وبيان الفتنة بالنساء

- ‌(755) باب قصة أصحاب الغار الثلاثة والتوسل بصالح الأعمال

- ‌كتاب التوبة

- ‌(756) باب في الحض على التوبة والفرح بها وسقوط الذنوب بالاستغفار

- ‌(757) باب فضل دوام الذكر والفكر في أمور الآخرة والمراقبة وجواز ترك ذلك في بعض الأوقات والاشتغال بالدنيا

- ‌(758) باب سعة رحمة الله وأنها تغلب غضبه

- ‌(759) باب قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت الذنوب والتوبة

- ‌(760) باب غيرة الله تعالى وتحريم الفواحش

- ‌(761) باب قوله تعالى {إن الحسنات يذهبن السيئات} [هود 114]

- ‌(762) باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله

- ‌(763) باب سعة رحمة الله تعالى على المؤمنين وفداء كل مسلم بكافر من النار

- ‌(764) باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه

- ‌(765) باب في حديث الإفك وقبول توبة القاذف وبراءة حرم النبي صلى الله عليه وسلم من الريبة

- ‌كتاب صفات المنافقين وأحكامهم

- ‌(766) باب صفات المنافقين وأحكامهم

- ‌كتاب صفة القيامة والجنة والنار

- ‌(767) باب من صفات القيامة

- ‌(768) باب ابتداء الخلق وخلق آدم عليه السلام

- ‌(769) باب صفة الأرض يوم القيامة ونزل أهل الجنة

- ‌(770) باب سؤال اليهود النبي صلى الله عليه وسلم عن الروح وقوله تعالى {ويسألونك عن الروح}

- ‌(771) باب في مواقف للكفار والرد عليهم الذي قال لأوتين مالا وولدا - وإن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى - الدخان - انشقاق القمر - ادعاء الند والولد

- ‌باب الدخان

- ‌باب انشقاق القمر

- ‌باب لا أحد أصبر على أذى من الله عز وجل

- ‌(772) باب طلب الكافر الفداء بملء الأرض ذهبا

- ‌(773) باب جزاء المؤمن بحسناته في الدنيا والآخرة وتعجيل جزاء حسنات الكافر في الدنيا

- ‌(774) باب مثل المؤمن كالزرع ومثل المنافق والكافر كالأرزة

- ‌(775) باب مثل المؤمن مثل النخلة

- ‌(776) باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس وأن مع كل إنسان قرينا

- ‌(777) باب لن يدخل أحدا عمله الجنة

- ‌(778) باب الإكثار من الطاعة والاجتهاد في العبادة

- ‌(779) باب الاقتصاد في الموعظة

- ‌كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها

- ‌(780) باب صفة نعيمها وأهلها

- ‌(781) باب جهنم أعاذنا الله منها وصفتها وأهلها

- ‌(782) باب فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة

- ‌(783) باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار وعرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه وإثبات عذاب القبر والتعوذ منه

- ‌(784) باب إثبات الحساب

- ‌(785) باب الأمر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت

- ‌كتاب الفتن وأشراط الساعة

- ‌(786) باب اقتراب الفتن وفتح ردم يأجوج ومأجوج والجيش الذي يخسف به وتواجه المسلمين بسيفيهما وبعض أشراط الساعة

- ‌(787) باب ذكر ابن صياد

- ‌(788) باب ذكر الدجال

- ‌(789) باب قصة الجساسة والدجال

- ‌(790) باب فضل العبادة في آخر الزمان

- ‌(791) باب قرب الساعة وما بين النفختين

- ‌كتاب الزهد

- ‌(792) باب هوان الدنيا والزهد فيها والتحذير من الاغترار بها

- ‌(793) باب النهي عن الدخول على أهل الحجر إلا من يدخل باكيا

- ‌(794) باب فضل الإحسان إلى الأرملة والمسكين واليتيم

- ‌(795) باب فضل بناء المساجد

- ‌(796) باب فضل الإنفاق على المسكين وابن السبيل

- ‌(797) باب تحريم الرياء

- ‌(798) باب حفظ اللسان

- ‌(799) باب عقوبة من يأمر بالمعروف ولا يفعله وينهى عن المنكر ويفعله

- ‌(800) باب النهي عن هتك الإنسان ستر نفسه

- ‌(801) باب تشميت العاطس وكراهة التثاؤب

- ‌(802) باب في أحاديث متفرقة

- ‌(803) باب النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط وخيف منه الفتنة على الممدوح

- ‌(804) باب التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم

- ‌(805) باب قصة أصحاب الأخدود والساحر والراهب والغلام

- ‌(806) باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر

- ‌(807) باب في حديث الهجرة ويقال له حديث الرحل

- ‌كتاب التفسير

- ‌(808) باب كتاب التفسير

الفصل: ‌(788) باب ذكر الدجال

(788) باب ذكر الدجال

6400 -

عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال بين ظهراني الناس فقال "إن الله تعالى ليس بأعور ألا وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافئة"

6401 -

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب ألا إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور ومكتوب بين عينيه ك ف ر".

6402 -

عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال "الدجال مكتوب بين عينيه ك ف ر أي كافر"

6403 -

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الدجال ممسوح العين مكتوب بين عينيه كافر" ثم تهجاها ك ف ر "يقرؤه كل مسلم"

6404 -

عن حذيفة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الدجال أعور العين اليسرى جفال الشعر معه جنة ونار فناره جنة وجنته نار"

6405 -

عن حذيفة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لأنا أعلم بما مع الدجال منه معه نهران يجريان أحدهما رأي العين ماء أبيض والآخر رأي العين نار تأجج فإما أدركن أحد فليأت النهر الذي يراه نارا وليغمض ثم ليطأطئ رأسه فيشرب منه فإنه ماء

ص: 529

بارد وإن الدجال ممسوح العين عليها ظفرة غليظة مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب"

6406 -

عن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الدجال "إن معه ماء ونارا فناره ماء بارد وماؤه نار فلا تهلكوا" قال أبو مسعود وأنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم

6407 -

عن عقبة بن عمرو أبي مسعود الأنصاري قال انطلقت معه إلى حذيفة بن اليمان فقال له عقبة حدثني ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدجال قال "إن الدجال يخرج وإن معه ماء ونارا فأما الذي يراه الناس ماء فنار تحرق وأما الذي يراه الناس نارا فماء بارد عذب فمن أدرك ذلك منكم فليقع في الذي يراه نارا فإنه ماء عذب طيب" فقال عقبة وأنا قد سمعته تصديقا لحذيفة

6408 -

عن ربعي بن حراش قال اجتمع حذيفة وأبو مسعود فقال حذيفة "لأنا بما مع الدجال أعلم منه إن معه نهرا من ماء ونهرا من نار فأما الذي ترون أنه نار ماء وأما الذي ترون أنه ماء نار فمن أدرك ذلك منكم فأراد الماء فليشرب من الذي يراه أنه نار فإنه سيجده ماء" قال أبو مسعود هكذا سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول.

6409 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ألا أخبركم عن الدجال حديثا ما حدثه نبي قومه إنه أعور وإنه يجيء معه مثل الجنة والنار فالتي يقول إنها الجنة هي النار وإني أنذرتكم به كما أنذر به نوح قومه

6410 -

عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات

ص: 530

غداة فخفض فيه ورفع حتى ظنناه في طائفة النخل فلما رحنا إليه عرف ذلك فينا فقال "ما شأنكم" قلنا يا رسول الله ذكرت الدجال غداة فخفضت فيه ورفعت حتى ظنناه في طائفة النخل فقال "غير الدجال أخوفني عليكم إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم إنه شاب قطط عينه طافئة كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف إنه خارج خلة بين الشأم والعراق فعاث يمينا وعاث شمالا يا عباد الله فاثبتوا" قلنا يا رسول الله وما لبثه في الأرض قال "أربعون يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم" قلنا يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم قال "لا اقدروا له قدره" قلنا يا رسول الله وما إسراعه في الأرض قال "كالغيث استدبرته الريح فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرا وأسبغه ضروعا وأمده خواصر ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم ويمر بالخربة فيقول لها أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل ثم يدعو رجلا ممتلئا شبابا فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه يضحك فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعا كفيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ فلا

يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه فيطلبه حتى يدركه بباب لد فيقتله ثم يأتي عيسى ابن مريم قوم قد عصمهم الله منه فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى إني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها ويمر آخرهم فيقولون لقد كان بهذه مرة ماء ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مائة دينار لأحدكم اليوم فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل الله طيرا كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله ثم يرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر فيغسل الأرض حتى

ص: 531

يتركها كالزلفة ثم يقال للأرض أنبتي ثمرتك وردي بركتك فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة ويستظلون بقحفها ويبارك في الرسل حتى إن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا طيبة فتأخذهم تحت آباطهم فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر فعليهم تقوم الساعة"

6411 -

وفي رواية عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر بهذا الإسناد نحو ما ذكرنا وزاد بعد قوله "لقد كان بهذه مرة ماء ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر وهو جبل بيت المقدس فيقولون لقد قتلنا من في الأرض هلم فلنقتل من في السماء فيرمون بنشابهم إلى السماء فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة دما وفي رواية ابن حجر "فإني قد أنزلت عبادا لي لا يدي لأحد بقتالهم".

6412 -

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما حديثا طويلا عن الدجال فكان فيما حدثنا قال يأتي وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة فينتهي إلى بعض السباخ التي تلي المدينة فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس أو من خير الناس فيقول له أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه فيقول الدجال أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته أتشكون في الأمر فيقولون لا قال فيقتله ثم يحييه فيقول حين يحييه والله ما كنت فيك قط أشد بصيرة مني الآن قال فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه" قال أبو إسحق يقال إن هذا الرجل هو الخضر عليه السلام".

6413 -

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يخرج الدجال فيتوجه قبله رجل من المؤمنين فتلقاه المسالح مسالح الدجال فيقولون له أين تعمد فيقول أعمد إلى هذا الذي خرج قال فيقولون له أو ما تؤمن بربنا فيقول ما

ص: 532

بربنا خفاء فيقولون اقتلوه فيقول بعضهم لبعض أليس قد نهاكم ربكم أن تقتلوا أحدا دونه قال فينطلقون به إلى الدجال فإذا رآه المؤمن قال يا أيها الناس هذا الدجال الذي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيأمر الدجال به فيشبح فيقول خذوه وشجوه فيوسع ظهره وبطنه ضربا قال فيقول أو ما تؤمن بي قال فيقول أنت المسيح الكذاب قال فيؤمر به فيؤشر بالمئشار من مفرقه حتى يفرق بين رجليه قال ثم يمشي الدجال بين القطعتين ثم يقول له قم فيستوي قائما قال ثم يقول له أتؤمن بي فيقول ما ازددت فيك إلا بصيرة قال ثم يقول يا أيها الناس إنه لا يفعل بعدي بأحد من الناس قال فيأخذه الدجال ليذبحه فيجعل ما بين رقبته إلى ترقوته نحاسا فلا يستطيع إليه سبيلا قال فيأخذ بيديه ورجليه فيقذف به فيحسب الناس أنما قذفه إلى النار وإنما ألقي في الجنة" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "هذا أعظم الناس شهادة عند رب العالمين".

6414 -

عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال ما سأل أحد النبي صلى الله عليه وسلم عن الدجال أكثر مما سألت قال "وما ينصبك منه إنه لا يضرك" قال قلت يا رسول الله إنهم يقولون إن معه الطعام والأنهار قال "هو أهون على الله من ذلك"

6415 -

عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال ما سأل أحد النبي صلى الله عليه وسلم عن الدجال أكثر مما سألته قال "وما سؤالك" قال قلت إنهم يقولون معه جبال من خبز ولحم ونهر من ماء قال "هو أهون على الله من ذلك"

6416 -

وفي رواية عن إسمعيل بهذا الإسناد نحو حديث إبراهيم بن حميد وزاد في حديث يزيد فقال لي "أي بني"

6417 -

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما وجاءه رجل فقال ما هذا

ص: 533

الحديث الذي تحدث به تقول إن الساعة تقوم إلى كذا وكذا فقال سبحان الله أو لا إله إلا الله أو كلمة نحوهما لقد هممت أن لا أحدث أحدا شيئا أبدا إنما قلت إنكم سترون بعد قليل أمرا عظيما يحرق البيت ويكون ويكون ثم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يخرج الدجال في أمتي فيمكث أربعين (لا أدري أربعين يوما أو أربعين شهرا أو أربعين عاما) فيبعث الله عيسى ابن مريم كأنه عروة بن مسعود فيطلبه فيهلكه ثم يمكث الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشأم فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلته عليه حتى تقبضه" قال سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا فيتمثل لهم الشيطان فيقول ألا تستجيبون فيقولون فما تأمرنا فيأمرهم بعبادة الأوثان وهم في ذلك دار رزقهم حسن عيشهم ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتا ورفع ليتا قال وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله قال فيصعق ويصعق الناس ثم يرسل الله أو قال ينزل الله مطرا كأنه الطل أو الظل (نعمان الشاك) فتنبت منه أجساد الناس ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ثم يقال يا أيها الناس هلم إلى ربكم {وقفوهم إنهم مسئولون} قال ثم يقال أخرجوا بعث النار فيقال من كم فيقال من كل ألف تسع مائة وتسعة وتسعين قال فذاك يوم {يجعل الولدان شيبا} وذلك {يوم يكشف عن ساق}

6418 -

عن يعقوب بن عاصم بن عروة بن مسعود قال سمعت رجلا قال لعبد الله بن عمرو إنك تقول إن الساعة تقوم إلى كذا وكذا فقال لقد هممت أن لا أحدثكم بشيء إنما قلت إنكم ترون بعد قليل أمرا عظيما فكان حريق البيت (قال شعبة هذا أو نحوه) قال عبد الله بن عمرو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يخرج الدجال في أمتي" وساق الحديث بمثل حديث معاذ وقال في حديثه "فلا يبقى أحد في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا قبضته" قال محمد بن جعفر حدثني شعبة بهذا الحديث مرات وعرضته عليه.

6419 -

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال حفظت من رسول الله

ص: 534

صلى الله عليه وسلم حديثا لم أنسه بعد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إن أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة على الناس ضحى وأيهما ما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على إثرها قريبا"

6420 -

وفي رواية عن أبي زرعة قال جلس إلى مروان بن الحكم بالمدينة ثلاثة نفر من المسلمين فسمعوه وهو يحدث عن الآيات أن أولها خروجا الدجال فقال عبد الله بن عمرو لم يقل مروان شيئا قد حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا لم أنسه بعد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكر بمثله.

6421 -

وفي رواية عن أبي زرعة قال تذاكروا الساعة عند مروان فقال عبد الله بن عمرو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بمثل حديثهما ولم يذكر ضحى

-[المعنى العام]-

يكتفى بما في فقه الحديث من الأحداث وترتيبها والتبصر والاعتبار بها

-[المباحث العربية]-

(إن الله تعالى ليس بأعور ألا وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافئة) قال النووي "طافئة" رويت بالهمز وتركه وكلاهما صحيح فالمهموز هي التي ذهب نورها وغير المهموز هي التي نتأت وطفت وارتفعت وفيها ضوء وفي رواية "العين اليسرى" وكلاهما صحيح والعور في اللغة العيب وعيناه معيبتان عورا وإحداهما طافئة بالهمز لا ضوء فيها والأخرى طافية بلا همز أي ظاهرة ناتئة

وقوله "إن الله ليس بأعور والدجال أعور" علامة بينة تدل على كذب الدجال دلالة قطعية بديهية يدركها كل أحد ولم يقتصر على كونه جسما حادثا أو غير ذلك من الدلائل القطعية لكون بعض العوام لا يهتدي إليها

و"الدجال" صيغة مبالغة من الدجل وهو التغطية وسمي الكذاب دجالا لأنه يغطي الحق بباطله ولقب الدجال بالمسيح كعيسى لأن كلا منهما يمسح الأرض لكن الدجال مسيح الضلالة

ص: 535

وعيسى مسيح الهدى وبالغ ابن العربي فقال ضل قوم فرووه "المسيخ" بالخاء وشدد بعضهم السين ليفرقوا بينه وبين المسيح ابن مريم بزعمهم وقد فرق النبي صلى الله عليه وسلم بينهما بقوله في الدجال "مسيح الضلالة" فدل على أن عيسى مسيح الهدى

وفي الرواية الثانية "ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب ألا إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور ومكتوب بين عينيه ك ف ر" وفي الرواية الرابعة "مكتوب بين عينيه كافر ثم تهجاها ك ف ر يقرؤه كل مسلم" وفي الرواية السادسة "يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب" قال النووي الصحيح الذي عليه المحققون أن هذه الكتابة على ظاهرها وأنها كتابة حقيقية جعلها الله آية وعلامة من جملة العلامات القاطعة بكفره وكذبه ويظهرها الله تعالى لكل مسلم كاتب وغير كاتب ويخفيها عمن أراد شقاوته وفتنته ولا امتناع في ذلك وذكر القاضي فيه خلافا منهم من قال هي مجاز وإشارة إلى سمات الحدوث عليه واحتج بقوله "كاتب أو غير كاتب"

وقد جاءت أوصاف أخرى للدجال منها "جعد الرأس قصير أفحج" بفاء وحاء وجيم أي متباعد ما بين الساقين "أقرب الناس به شبها ابن قطن" وفي روايتنا الخامسة "جفال الشعر" أي كثير الشعر

(معه جنة ونار فناره جنة وجنته نار) وفي الرواية السادسة "معه نهران يجريان أحدهما رأي العين ماء أبيض والآخر رأي العين نار تأجج" أي وصف النهرين بهذا في ظاهر النظر والحقيقة بخلاف ذلك وفي الرواية السابعة "إن معه ماء ونارا فناره ماء بارد وماؤه نار" وفي الرواية الثامنة "فأما الذي يراه الناس ماء فنار تحرق وأما الذي يراه الناس نارا فماء بارد عذب" وفي الرواية التاسعة "إن معه نهرا من ماء ونهرا من نار فأما الذي ترون أنه نار ماء وأما الذي ترون أنه ماء نار" وفي الرواية العاشرة "وإنه يجيء معه مثل الجنة والنار فالتي يقول إنها الجنة هي النار"

(فإما أدركن أحد فليأت النهر الذي يراه نارا وليغمض ثم ليطأطئ رأسه فيشرب منه فإنه ماء بارد) قال النووي هكذا هو أكثر النسخ "أدركن" فتح الراء والكاف وتشديد النون وفي بعضها "أدركه" وهذا الثاني ظاهر وأما الأول فغريب من حيث العربية لأن هذه النون لا تدخل على الفعل قال القاضي ولعله "يدركن" يعني فغيره بعض الرواة وقوله "الذي يراه نارا" بفتح ياء "يراه" وضمها وقوله "وليغمض" بضم الياء وفتح الغين وتشديد الميم المكسورة وفي الرواية السابعة "فلا تهلكوا" وتصدقوا ماءه وناره وفي الرواية الثامنة "فمن أدرك ذلك منكم فليقع في الذي يراه نارا فإنه ماء عذب طيب" وفي الرواية التاسعة "فمن أدرك ذلك منكم فأراد الماء فليشرب من الذي يراه أنه نار فإنه سيجده ماء"

وعند أحمد والطبراني "معه واديان أحدهما جنة والآخر نار فناره جنة وجنته نار" وعند ابن ماجه "فمن ابتلي بناره فليستغث بالله وليقرأ فواتح الكهف فتكون عليه بردا وسلاما"

ص: 536

قال العلماء وهذا كله يرجع إلى اختلاف المرئي بالنسبة إلى الرائي فإما أن يكون الدجال ساحرا فيخيل الشيء بصورة عكسه وإما أن يجعل الله باطن الجنة التي يسخرها الدجال نارا وباطن النار جنة وهذا هو الراجح وإما أن يكون ذلك كناية عن النعمة والرحمة بالجنة وعن المحنة والنقمة بالنار فمن أطاعه فأنعم عليه بجنته يئول أمره إلى دخول نار الآخرة وبالعكس ويحتمل أن يكون ذلك من جملة المحنة والفتنة فيرى الناظر إلى ذلك من دهشته النار فيظنها جنة وبالعكس

(ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غداة فخفض فيه ورفع حتى ظنناه في طائفة النخل)"خفض ورفع" بتشديد الفاء فيهما وفي معناه قولان أحدهما حقر وعظم فمن تحقيره وهوانه وصفه بالعور وبأنه أهون على الله من ذلك كما في الرواية الرابعة عشرة وبأنه يريد قتل الرجل ثانية فيعجز عنه كما في آخر الرواية الثانية عشرة والثالثة عشرة وبأنه يقتل بعد ذلك هو وأتباعه ومن تفخيمه وتعظيمه هذه الأمور الخارقة للعادة وما من نبي إلا وقد أنذر قومه به الوجه الثاني أنه خفض من صوته بعد أن أكثر الكلام فيه ليستريح ثم رفع صوته ليبلغ كل أحد

(غير الدجال أخوفني عليكم) قال النووي هكذا هو في جميع نسخ بلادنا "أخوفني" بنون بعد الفاء وكذا نقله القاضي عن رواية الأكثرين قال ورواه بعضهم بحذف النون وهما لغتان صحيحتان ومعناهما واحد قال بعضهم تضمن لفظ الحديث ما لا يعتاد من إضافة "أخوف" إلى ياء المتكلم مقرونة بنون الوقاية وهذا الاستعمال إنما يكون في الأفعال المتعدية قال لكن ولأفعل التفضيل شبه بالفعل وخصوصا بفعل التعجب فجاز أن تلحقه النون المذكورة ويحتمل أن يكون معناه "أخوف لي" فأبدلت النون من اللام

وأما معنى الجملة ففيه أوجه أظهرها أنه من أفعل التفضيل وتقديره غير الدجال أخوف مخوفاتي عليكم والثاني بأن يكون "أخوف" من أخاف بمعنى "خوف" ومعناه غير الدجال أشد موجبات خوفي عليكم يشير إلى الفتن القريبة منهم فالقريب المتيقن وقوعه لمن يخاف عليه يشتد الخوف منه على البعيد المظنون وقوعه به ولو كان أشد

(إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم) أي فأنا مدافع عنكم وراد لكيده وإن يخرج بعدي فكل امرئ مسئول عن نفسه وأستعين بالله أن يعين كل مسلم على الدجال

(إنه شاب قطط عينه طافئة كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن)"القطط" بفتح القاف والطاء وروى بكسر الطاء الأولى شديد القصر وقيل شديد جعودة الشعر وعبد العزى رجل من بني المصطلق من خزاعة هلك في الجاهلية وأخرج أحمد والحاكم "وأشبه من رأيت به أكتم بن أبي الجون فقال أكتم يا رسول الله أيضرني شبهه قال لا إنك مسلم وهو كافر"

(إنه خارج خلة بين الشام والعراق) قال النووي هكذا في نسخ بلادنا "خلة" بفتح الخاء

ص: 537

واللام وتنوين الهاء المنصوبة مع تنوين "خارج" بالرفع أي إنه خارج من خلال وفاصل بين البلدين وقال القاضي المشهور "حلة" بالحاء ونصب التاء غير منونة قيل معناه سمت ذلك وقبالته أي إنه خارج قبالة الشام والعراق وفي كتاب العين الحلة موضع حزن وصخور أي إنه خارج عند صخور بين الشام والعراق ورواه بعضهم "حله" بضم اللام وبهاء الضمير أي حلوله بين الشام والعراق

(فعاث يمينا وعاث شمالا يا عباد الله فاثبتوا) عبر بالماضي عن المضارع لتحقق الوقوع أي يعيث يمينا ويعيث شمالا والعيث الفساد أو أشد الفساد والإسراع فيه وحكى القاضي أنه رواه بعضهم "فعاث" بكسر الثاء منونة اسم فاعل خبر لمبتدأ محذوف أي فهو عاث يمينا والمخاطب بقوله "يا عباد الله فاثبتوا" كل من يتأتى خطابه أي من يحضر الدجال حينذاك

(أربعون يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم) قال النووي قال العلماء هذا الحديث على ظاهره وهذه الأيام الثلاثة طويلة على هذا المقدار المذكور في الحديث يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم "وسائر الأيام كأيامكم"

(قلنا يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم قال لا اقدروا له قدره) قال النووي قال القاضي وغيره هذا حكم مخصوص بذلك اليوم شرعه لنا صاحب الشرع قالوا ولولا هذا الحديث ووكلنا إلى اجتهادنا لاقتصرنا فيه على الصلوات الخمس عند الأوقات المعروفة في غيره من الأيام ومعنى "اقدرو له قدره" أنه إذا مضى بعد طلوع الفجر قدر ما يكون بينه وبين الظهر كل يوم فصلوا الظهر ثم إذا مضى بعده قدر ما يكون بينها وبين العصر فصلوا وكذا المغرب وكذا العشاء ثم الفجر فالظهر فالعصر فالمغرب فالعشاء فيقع في ذاك اليوم صلوات سنة فرائض كلها مؤداة في وقتها اهـ

أقول إن ظاهر النص لا يلغي الواقع والعقل فيومه لا تتغير فيه حركة الشمس ولا حركة الأرض ولا يزيد واقعيا عن (24) ساعة تساوي (1440) دقيقة والصلوات الخمس في اليوم (17) ركعة × (365) يوما فالمطلوب في السنة (6205) ركعة مطلوب تأديتها في (1440) دقيقة أي ما يزيد على أربع ركعات في الدقيقة الواحدة دون نوم أو أكل أو عمل أو راحة وهذا غير معقول فالمعنى عندي أن طول اليوم إنما هو من حيث الإحساس لا من حيث طول الزمن وأن المطلوب من "اقدروا له" أي صلوا كثيرا والله أعلم

ويؤكد ذلك الشك في المدة في الرواية السادسة عشرة ولفظها "يخرج الدجال في أمتي فيمكث أربعين "لا أدري أربعين يوما أو أربعين شهرا أو أربعين عاما"

(وما إسراعه في الأرض) هذا السؤال مبني على مفهوم من الأحاديث الأخرى "ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال إلا مكة والمدينة""تطوى له الأرض في أربعين يوما" "يسيح في الأرض

ص: 538

أربعين يوما يرد كل بلدة غير هاتين البلدتين مكة والمدينة حرمهما الله تعالى عليه" أي كيف يغطي هذه الأرض في أربعين يوما

(قال كالغيث استدبرته الريح) أصله كالريح تثير السحاب فتنزله في مكان ثم تستدبره إلى مكان آخر

(فيأتي على قوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرا وأسبغه ضروعا وأمده خواصر) أي ترجع ماشيتهم من مرعاها أعلى أسناما وأضخم ضروعا وأكثر امتلاء لشحمها ولحمها فمعنى "تروح" ترجع آخر النهار والسارحة الماشية التي تسرح أي تذهب أول النهار للمرعى وأما الذري فبضم الذال وهي الأعالي والأسنمة جمع ذروة بضم الذال وكسرها ومعنى "وأسبغه ضروعا" فبالسين والغين أي أطوله وأعظمه انتفاخا لكثرة اللبن و"أمده خواصر" أي أضخم معدة ولحما وشحما من الشبع

(ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم) أي فيكذبونه ولا يقبلون ادعاءه فيدعوا عليهم بالفقر وبالجدب وذهاب أموالهم فيصبحون كذلك وفي حديث أبي أمامة عند ابن ماجه "وإن من فتنته أن يقول للأعرابي أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك أتشهد أني ربك فيقول نعم فيمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه يقولان له يا بني اتبعه فإنه ربك وإن من فتنته أن يمر بالحي فيكذبونه فلا تبقى لهم سائمة إلا هلكت ويمر بالحي فيصدقونه فيأمر السماء أن تمطر والأرض أن تنبت فتمطر وتنبت حتى تروح مواشيهم من يومهم ذلك أسمن ما كانت وأعظم وأمده خواصر وأدره ضرعا"

(ويمر بالخربة فيقول لها أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل) أي كذكور النحل وقال القاضي أي كجماعة النحل لا ذكورها خاصة لكنه كنى عن الجماعة باليعسوب وهو أميرها لأنه متى طار تبعته جماعته

(ثم يدعو رجلا ممتلئا شبابا فيضربه بالسيف يقطعه جزلتين رمية الغرض ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه يضحك)"جزلتين" بفتح الجيم على المشهور وحكى كسرها أي قطعتين ومعنى "رمية الغرض" أنه يجعل بين الجزلتين مقدار رميته هذا هو الظاهر المشهور وقيل في الكلام تقديم وتأخير وتقديره فيصيبه إصابة رمية الغرض فيقطعه جزلتين قال النووي والصحيح الأول

وفي الرواية الثانية عشرة "يأتي الدجال وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة فينتهي إلى بعض السباخ التي تلي المدينة فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس أو من خير الناس فيقول له أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه فيقول الدجال أرأيتم إن قتلت هذا ثم

ص: 539

أحييته أتشكون في الأمر أي في أمر أني إله فيقولون لا قال فيقتله ثم يحييه فيقول حين يحييه والله ما كنت فيك قط أشد بصيرتي مني الآن قال فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه" ويقال إن هذا الرجل هو الخضر عليه السلام وفي الرواية الثالثة عشرة "يخرج الدجال فيتوجه قبله رجل من المؤمنين فتلقاه أي فتتلقاه المسالح مسالح الدجال" أي المسلحون الذين يحرسون الدجال "فيقولون له أين تعمد فيقول أعمد إلى هذا الذي خرج قال فيقولون له أو ما تؤمن بربنا فيقول ما بربنا خفاء فيقولون اقتلوه فيقول بعضهم لبعض أليس قد نهاكم ربكم أن تقتلوا أحدا دونه قال فينطلقون به إلى الدجال فإذا رآه المؤمن قال يا أيها الناس هذا الدجال الذي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيأمر الدجال به فيشبح" أي يضرب حتى يشج "فيقول خذوه وشجوه فيوسع ظهره وبطنه ضربا" والشج الجرح في الرأس والوجه و"يوسع ظهره" بضم الياء وسكون الواو وفتح السين "فيقول أو ما تؤمن بي قال فيقول أنت المسيح الكذاب قال فيؤمر به فيؤشر بالمئشار من مفرقه" قال النووي "يؤشر" بالهمز والمئشار بالهمز أيضا هكذا الرواية بهمزة بعد الميم وهو الأفصح ويجوز تخفيفها فيهما فيجعل في الأول واوا وفي الثاني ياء ويجوز المنشار بالنون ومفرق الرأس وسطه والترقوة بفتح التاء وضم القاف هي العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق

"فيؤشر بالمنشار من مفرقه حتى يفرق بين رجليه قال ثم يمشي الدجال بين القطعتين ثم يقول له أتؤمن بي فيقول ما ازددت فيك إلا بصيرة قال ثم يقول يا أيها الناس إنه لا يفعل بعدي بأحد من الناس قال فيأخذه الدجال ليذبحه فيجعل ما بين رقبته إلى ترقوته نحاسا فلا يستطيع إليه سبيلا قال فيأخذ بيديه ورجليه فيقذف به فيحسب الناس أنما قذفه إلى النار وإنما ألقي في الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا أعظم الناس شهادة عند رب العالمين"

(قال وما ينصبك منه إنه لا يضرك)"ينصبك" بضم الياء على اللغة المشهورة أي ما يتعبك من أمره يقال أنصبه المرض ونصبه المرض

(إنهم يقولون معه جبال من خبز ولحم ونهر من ماء قال هو أهون على الله من ذلك) قال القاضي معناه هو أهون على الله من أن يجعل ما خلقه الله تعالى على يده مضلا للمؤمنين ومشككا لقلوبهم بل إنما جعله له ليزداد الذين آمنوا إيمانا ويثبت الحجة على الكافرين والمنافقين وليس معناه أنه ليس معه شيء من ذلك فقد جاء في حديث مرفوع أخرجه أحمد والبيهقي في البعث بأنه "معه فعلا جبل من خبز ونهر من ماء" وعند أحمد أيضا "معه جبال من خبز والناس في جهد إلا من تبعه" ويحتمل أن يكون قوله "هو أهون" أي لا يجعل له ذلك حقيقة وإنما هو تخييل على الأبصار فيثبت المؤمن ويزل الكافر

(فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعا كفيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ) أما المنارة فبفتح الميم قال النووي وهذه المنارة موجودة

ص: 540

اليوم شرقي دمشق وأما "المهرودتان" فروى بالدال والذال وجهان مشهوران للمتقدمين والمتأخرين من أهل اللغة وغيرهم وهما ثوبان مصبوغان بورس ثم بزعفران وقيل هما شقتان والشقة نصف الملاءة أي هو داخل ثوبين لابسهما ومعنى "إذا طأطأ رأسه قطر" أي نزل من رأسه قطرات الماء و"إذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ""الجمان" بضم الجيم وتخفيف الميم هي حبات من الفضة تصنع على هيئة اللؤلؤ الكبار والمراد يتحدر منه الماء على هيئة اللؤلؤ في صفائه كلما خفض رأسه وكلما رفعه

(فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات) قال النووي هكذا الرواية "فلا يحل" بكسر الحاء و"نفسه" بفتح الفاء والضمير لعيسى عليه السلام ومعنى "لا يحل" لا يمكن ولا يقع وقال القاضي معناه عندي حق وواجب قال ورواه بعضهم بضم الحاء وهو وهم وغلط

(ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه) أي ونفس عيسى عليه السلام يمتد من مجلسه إلى مسافة انتهاء مد بصره

(فيطلبه حتى يدركه بباب لد فيقتله)"لد" بضم اللام وتشديد الدال مصروف وهو بلدة قريبة من بيت المقدس وفي الرواية السادسة عشرة "فيبعث الله عيسى ابن مريم كأنه عروة بن مسعود فيطلبه فيهلكه"

(ثم يأتي عيسى ابن مريم قوم قد عصمهم الله منه فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة) قال القاضي يحتمل أن هذا المسح حقيقة على ظاهره فيمسح على وجوههم تبركا وبرا ويحتمل أنه إشارة إلى كشف ما هم فيه من الشدة والخوف

(فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى إني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور)"لا يدان" بكسر النون تثنية "يد" وفي ملحق الرواية الحادية عشرة "لا يدي لأحد بقتالهم" قال العلماء معناه لا قدرة ولا طاقة لأحد بقتالهم يقال ما لي بهذا الأمر يد ومالي به يدان لأن المباشرة والدفع إنما يكون باليد وكأن يديه معدومتان لعجزه عن دفعه ومعنى "حرز عبادي إلى الطور أي ضمهم إلى الطور" واجعله لهم حرزا وصيانه وحفظا ووقع في بعض النسخ "حزب" بالباء أي اجمعهم قال القاضي وروى "حوز" بالواو والزاي ومعناه نحهم وأزلهم عن طريقهم إلى الطور

(وهم من كل حدب ينسلون) الحدب النشز و"ينسلون" يمشون مسرعين

(فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة)"النغف" بنون وغين مفتوحتين هو دود يكون في أنوف الإبل والغنم الواحدة نغفة والفرسى بفتح الفاء وسكون الراء وسين مفتوحة مقصور أي قتلى واحدهم فريس والمعنى أن يأجوج ومأجوج

ص: 541

يشربون ماء البحيرة ويحاصر عيسى وأصحابه بدون طعام ولا ماء فيرسل الله على يأجوج ومأجوج ميكروبا يصبحون به قتلى تملأ الأرض بأجسادهم

(ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم) الزهم الدسم والمعنى أن عيسى عليه السلام وأصحابه ينزلون إلى الأرض التي مات فيها يأجوج ومأجوج فيجدها ممتلئة بشحوم الموتى ورائحتهم النتنة

(فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله) أي فيلجأ عيسى وأصحابه إلى الله أن ينقذهم من القذر والريح الكريهة

(فيرسل الله طيرا كأعناق البخت)"البخت" الإبل الخراسانية وهي مشهورة بطول الأعناق

(فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله) أي فتحمل لحوم الموتى وتلقيهم في أماكن بعيدة عنهم لا يعلمونها

(ثم يرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر) أي لا يمنع منه بيت مبني بالطوب والحجر ولا يحمي منه بيت من خيام

(فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة) روى بفتح الزاي واللام وبالفاء وروى بالقاف بدل الفاء وبفتح اللام وبإسكانها فيهما مع فتح الزاي قال النووي وكلها صحيحة قيل معناه كالمرآة شبهها بالمرآة في صفائها ونظافتها وقيل كمصانع الماء أي إن الماء يستنقع فيها حتى تصير المصنع الذي يجتمع فيه الماء وقيل كالصحفة وقيل كالروضة

(فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة ويستظلون بقحفها) العصابة الجماعة والقحف بكسر القاف وسكون الحاء هو مقعر قشرها شبهها بقحف الرأس وهو الذي فوق الدماغ وقيل ما انفلق من جمجمته وانفصل

(ويبارك في الرسل حتى إن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس)"الرسل" بكسر الراء وسكون السين هو اللبن واللقحة بكسر اللام وفتحها لغتان مشهورتان والكسر أشهر وهي القريبة العهد بالولادة واللقوح ذات اللبن وجمعها لقاح والفئام بكسر الفاء وبعدها همزة ممدودة وهي الجماعة الكثيرة

قال القاضي ومنهم من لا يجيز الهمز بل يقول بالياء وذكره بعضهم بفتح الفاء وتشديد الياء وهو غلط فاحش

(واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس) قال أهل اللغة الفخذ الجماعة من

ص: 542

الأقارب وهو دون البطن والبطن دون القبيلة قال ابن فارس الفخذ هنا بإسكان الخاء لا غير فلا يقال إلا بإسكانها بخلاف الفخذ التي هي العضو فإنها تكسر وتسكن

(ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر) أي يجامع الرجال النساء بحضرة الناس كما تفعل الحمير ولا يكترثون لذلك والهرج بإسكان الراء الجماع يقال هرج زوجته أي جامعها يهرجها بفتح الراء وضمها وكسرها

(ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر) بفتح الخاء والميم وهو الشجر الملتف الذي يستر من فيه وقد فسره في الحديث بأنه جبل بيت المقدس والضمير في "يسيرون" ليأجوج ومأجوج بعد أن شربوا ماء بحيرة طبرية

(فيرمون بنشابهم) أي بسهامهم

(وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة) بكسر النون أي طرقها وفجاجها وهو جمع نقب وهو الطريق بين الجبلين

(حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلته عليه) كبد الجبل وسطه وداخله وكبد كل شيء وسطه

(فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع) قال العلماء معناه يكونون في سرعتهم إلى الشرور وقضاء الشهوات والفساد كطيران الطير وفي العدوان وظلم بعضهم بعضا في أخلاق السباع العادية

(فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتا) الليت بكسر اللام صحفة العنق وهي جانبه و"أصغى" أمال

(وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله فيصعق) أي يطينه ويصلحه

(ينزل الله مطرا كأنه الطل أو الظل) قال العلماء الأصح الطل وهو الموافق للحديث الآخر "أنه كمني الرجال" إذ الطل من معانيه اللبن

(وذلك يوم يكشف عن ساق) قال العلماء معناه ومعنى ما في القرآن {يوم يكشف عن ساق} [القلم 42] يوم يكشف عن شدة الأمر وهوله العظيم أي يظهر ذلك يقال كشفت الحرب عن ساقها إذا اشتدت وأصله أن من جد في أمره كشف عن ساق مستمرا في الخفة والنشاط له

-[فقه الحديث]-

قال القاضي عياض هذه الأحاديث التي ذكرها مسلم وغيره في قصة الدجال حجة لمذهب أهل

ص: 543

الحق في صحة وجوده وأنه شخص بعينه ابتلى الله به عباده وأقدره على أشياء من مقدورات الله تعالى من إحياء الميت الذي يقتله ومن ظهور زهرة الدنيا والخصب ومن جنته وناره ونهريه واتباع كنوز الأرض له وأمره السماء أن تمطر فتمطر والأرض أن تنبت فتنبت فيقع كل ذلك بقدرة الله تعالى ومشيئته ثم يعجزه الله تعالى بعد ذلك فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره ويبطل أمره ويقتله عيسى عليه السلام ويثبت الله الذين آمنوا هذا مذهب أهل السنة وجميع المحدثين والفقهاء والنظار خلافا لمن أنكره وأبطل أمره من الخوارج والجهمية وبعض المعتزلة وخلافا للبخاري المعتزلى وموافقيه من الجهمية وغيرهم في أنه صحيح الوجود ولكن الذي يدعي مخارف وخيالات لا حقائق لها وزعموا أنه لو كان حقا لم يوثق بمعجزات الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم وهذا غلط من جميعهم لأنه لم يدع النبوة فيكون ما معه كالتصديق له وإنما يدعي الإلهية وهو في نفس دعواه مكذب لها بصورة حالة ووجود دلائل الحدوث فيه ونقص صورته وعجزه عن إزالة العور الذي في عينيه وعن إزالة الشاهد بكفره المكتوب بين عينيه

ولهذه الدلائل وغيرها لا يغتر به إلا رعاع من الناس لسد الحاجة والفاقة رغبة في سد الرمق أو تقية وخوفا من أذاه لأن فتنته عظيمة جدا تدهش العقول وتحير الألباب مع سرعة مروره في الأمر فلا يمكث بحيث يتأمل الضعفاء حاله ودلائل الحدوث فيه والنقص فيصدقه من صدقه في هذه الحالة

ولهذا حذرت الأنبياء من فتنته صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ونبهوا على نقصه ودلائل إبطاله وأما أهل التوفيق فلا يغترون به ولا يخدعون لما معه لما ذكرناه من الدلائل المكذبة له مع ما سبق لهم من العلم بحاله ولهذا يقول له الذي يقتله ثم يحييه ما ازددت فيك إلا بصيرة هذا آخر كلام القاضي اهـ

ونحن انطلاقا من الإيمان بالغيب نرى أن هذا أمر غيبي أخبر به الصادق المصدوق فلا يقاس بالعلم والقواعد والعقول ولا يقال فيه لو كان كذا كان كذا ولا لم يكن كذا والكلام عنه كلام عن أمارات الساعة ومقدماتها وفيها ما هو أشد هولا من ذلك ولا عاصم إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله

-[ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم]-

1 -

أوصاف الدجال البدنية عيب في عينيه مكتوب بين عينيه ك ف ر كثيف الشعر شاب قطط قصير

2 -

الخوارق التي تظهر على يديه معه نهران أحدهما فيما يرى الناس ماء عذب والناس عطشى والثاني فيما يرى الناس نار وحقيقة نهر النار جنة وحقيقة نهر الماء نار فمن صدقه وذهب إلى نهر الماء دخل النار ومن كذبه فألقى به في النار ألقى به في برد وسلام وهذان النهران هما ما أطلق عليهما في بعض الروايات "معه جنة ونار" يسيح في الأرض وينتقل من بلد إلى

ص: 544

بلد جري الريح بالسحاب فيترك آثاره الخبيثة في موطن لينشرها في موطن آخر حتى يستوعب بلاد الأرض عدا مكة والمدينة يدعي أنه الإله فمن صدقه من أهل البادية أمر السماء أن تمطر لهم فتمطر والأرض أن تنبت لهم فتنبت فتشبع مواشيهم ويشبعون بلبنها ومن كذبه من أهل البادية أمر بالقحط والجدب لهم فتأخذهم السنة والقحط والجدب ويفتقرون

ومن صدقه من غير أهل البادية أغدق عليه من كنوز الأرض التي معه والتي تسير خلفه ومن كذبه منهم حرمه من المال فاشتد عليه الحال

ومعه جبل من خبز وجبل من لحم يمر بهما على الفقراء الجائعين فمن صدقه أطعمه ومن كذبه حرمه

ويدعو شابا في غاية القوة والنشاط يقول له آمن بي فيقول كلا أنت المسيح الدجال الذي حذرنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول للقوم إن قتلت هذا وأحييته تؤمنون بي فيقولون نعم فيشقه بالمنشار نصفين ويمشي بين نصفيه ثم يأمره فيجتمع نصفاه ويعود للحياة الكاملة النشطة الضاحكة المبتهجة لكنه ينادي في الناس لا تصدقوه فهو الدجال الكذاب فيقول له قتلتك وأحييتك فيقول ما زادني ذلك إلا تأكيدا أنك الدجال فيأمر به فيلقى في ناره فيحسبه الناس في النار والحقيقة أنه ألقى به في النعيم والجنة

3 -

من أين يخرج قال الحافظ ابن حجر إنه يخرج من قبل المشرق واستدل على أنه يخرج من خراسان بما أخرجه أحمد والحاكم وعلى أنه يخرج من أصبهان بما أخرجه مسلم

4 -

وماذا يدعي قال الحافظ ابن حجر يدعي أولا الإيمان والصلاح ثم يدعي النبوة ثم يدعي الإلهية وظاهر أحاديثنا أنه يدعي الإلهية واستدل الحافظ بما أخرجه الطبراني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "الدجال ليس به خفاء يجيء من قبل المشرق فيدعو إلى الدين فيتبع ويظهر فلا يزال حتى يقدم الكوفة فيظهر الدين ويعمل به ويحث على ذلك فيتبع ثم يدعي أنه نبي فيفزع من ذلك كل ذي لب ويفارقه فيمكث بعد ذلك فيقول أنا الله فتغشى عينه وتقطع أذنه ويكتب بين عينيه "كافر" فلا يخفى على كل مسلم فيفارقه كل أحد من الخلق في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان"

5 -

ومدة مكثه في الأرض تحكيه الرواية الحادية عشرة "أربعون يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم"

6 -

ونهايته تحكيها الرواية الحادية عشرة وفيها "فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق

فيطلبه حتى يدركه بباب لد فيقتله" والرواية السادسة عشرة وفيها "فيبعث الله عيسى ابن مريم كأنه عروة بن مسعود فيطلبه فيهلكه"

7 -

الذي يحدث بعده كما يؤخذ من الرواية الحادية عشرة يحرز عيسى عليه السلام المؤمنين الذين عصمهم الله منه إلى الطور

ص: 545

8 -

ويبعث الله يأجوج ومأجوج فيشربون بحيرة طبرية ويأكلون خيرات الأرض حتى يكاد الجوع يودي بعيسى عليه السلام والمؤمنين

9 -

ومن ملحق الرواية الحادية عشرة "ينتهي يأجوج ومأجوج إلى جبل بيت المقدس فيرمون سهامهم إلى السماء ليقتلوا من فيها فتعود إليهم سهامهم فتقتل كثيرا منهم

10 -

ويبعث الله على يأجوج ومأجوج "ميكروبا" يقتلهم

11 -

وتمتلئ الأرض بجثثهم ونتنهم فيدعو عيسى ربه فيرسل طيرا تحمل جيفهم فترمي بها بعيدا عنهم

12 -

ويدعو عيسى ربه فيرسل مطرا غزيرا يغسل الأرض من آثارهم

13 -

وتفيض الخيرات فتعظم الفواكه وتكثر الألبان واللحوم

14 -

ومن الرواية السادسة عشرة يمكث الناس سبع سنين في خير ومودة ووئام

15 -

ثم يرسل الله ريحا باردة طيبة فتقبض كل من في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان فلا يبقى على الأرض إلا شرار الناس

16 -

وأن هؤلاء الناس يكونون ضعاف العقول متسارعين إلى الفساد لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا

17 -

وفي الرواية الحادية عشرة أنهم يتقاتلون ويتناكحون في الطرقات دون حياء

18 -

وفي الرواية السادسة عشرة يتمثل لهم الشيطان فيأمرهم بعبادة الأوثان فيعبدونها مع اتساع رزقهم وراحة عيشتهم

19 -

ينفخ الله في الصور في هذه الحالة "فيصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله" وأول من يصعق رجل كان طويل الأمل يجهز حوضا لماء إبله فيصعق وهو يبني حوضه

20 -

ومن ملحق الرواية السابعة عشرة أن أول الأشراط الكبرى للساعة خروج الدجال

21 -

ومن الرواية السابعة عشرة أن طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة تخرجان في أواخر أشراط الساعة وأيهما خرجت قبل صاحبتها كانت الأخرى على إثرها قريبا

22 -

ومن الرواية السادسة عشرة أنه بعد صعقة الموت تمطر السماء ماء يشبه اللبن فيبعث الناس وإذا هم قيام ينظرون

23 -

ثم يسيرون إلى الموقف العظيم

24 -

ثم يميز بعث النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون

25 -

وأن هذا اليوم شديد يجعل الولدان شيبا ولكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه

ص: 546

26 -

ومن الرواية العاشرة أن نوحا والرسل كلهم أنذروا قومهم الدجال وحذروهم منه

27 -

ومن الرواية الحادية عشرة أهمية الصلاة ووجوب الحفاظ عليها

28 -

ومن قوله "غير الدجال أخوفني عليكم" أن الفتن كثيرة والإشارة إلى تقاتل المسلمين

29 -

وأن من الاستعانة على الدجال قراءة أول سورة الكهف

30 -

ومن الرواية الرابعة عشرة والخامسة عشرة الحث على عدم الإكثار من السؤال عن الدجال ونحوه

31 -

وجواز التقليل من الأمر الكبير البعيد لتوجيه النفوس إلى الأهم القريب

والله أعلم.

ص: 547