المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(695) باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن أو نحو ذلك حتى الشوكة يشاكها - فتح المنعم شرح صحيح مسلم - جـ ١٠

[موسى شاهين لاشين]

فهرس الكتاب

- ‌(689) باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها

- ‌(690) باب تحريم التحاسد والتباغض والتدابر والظن والتحسس والتجسس والتنافس والتناجش والهجر فوق ثلاثة أيام

- ‌(691) باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه وماله

- ‌(692) باب النهي عن الشحناء

- ‌(693) باب فضل الحب في الله تعالى

- ‌(694) باب فضل عيادة المريض

- ‌(695) باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن أو نحو ذلك حتى الشوكة يشاكها

- ‌(696) باب تحريم الظلم

- ‌(697) باب نصر الأخ ظالما أو مظلوما

- ‌(698) باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتوادهم

- ‌(699) باب النهي عن السباب

- ‌(700) باب استحباب العفو والتواضع

- ‌(701) باب تحريم الغيبة

- ‌(702) باب من ستر الله عليه في الدنيا فإن الله يستر عليه في الآخرة

- ‌(703) باب مدارة من يتقي فحشه

- ‌(704) باب فضل الرفق

- ‌(705) باب النهي عن لعن الدواب وغيرها

- ‌(706) باب من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه وليس أهلا لذلك كان له زكاة وأجر ورحمة

- ‌(707) باب ذم ذي الوجهين وتحريم فعله

- ‌(708) باب تحريم الكذب وبيان ما يباح منه

- ‌(709) باب تحريم النميمة

- ‌(710) باب قبح الكذب وحسن الصدق وفضله

- ‌(711) باب فضل من يملك نفسه عند الغضب وبأي شيء يذهب الغضب وخلق الإنسان خلقا لا يتمالك

- ‌(712) باب النهي عن ضرب الوجه

- ‌(713) باب الوعيد الشديد لمن عذب الناس بغير حق

- ‌(714) باب أمر من مر بسلاح في مسجد أو سوق أو غيرهما من المواضع الجامعة للناس أن يمسك بنصالها والنهي عن الإشارة بالسلاح إلى مسلم

- ‌(715) باب فضل إزالة الأذى عن الطريق

- ‌(716) باب تحريم تعذيب الهرة ونحوها من الحيوان الذي لا يؤذي

- ‌(717) باب تحريم الكبر

- ‌(718) باب النهي عن تقنيط الإنسان من رحمة الله تعالى وفضل الضعفاء والخاملين والنهي عن قول هلك الناس

- ‌(719) باب الوصية بالجار والإحسان إليه

- ‌(720) باب استحباب طلاقة الوجه

- ‌(721) باب استحباب الشفاعة فيما ليس بحرام

- ‌(722) باب استحباب مجالسة الصالحين ومجانبة قرناء السوء

- ‌(723) باب فضل الإحسان إلى البنات

- ‌(724) باب فضل من يموت له ولد فيحتسبه

- ‌(725) باب إذا أحب الله عبدا أمر جبريل فأحبه وأحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض

- ‌(726) باب الأرواح جنود مجندة

- ‌(727) باب المرء مع من أحب

- ‌(728) باب إذا أثنى على الصالح فهي بشرى ولا تضره

- ‌كتاب القدر

- ‌(729) باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته

- ‌(730) باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام

- ‌(731) باب تصريف الله القلوب كيف شاء

- ‌(732) باب كل شيء بقدر

- ‌(733) باب قدر على ابن آدم حظه من الزنى وغيره

- ‌(734) باب معنى كل مولود يولد على الفطرة وحكم موتى أطفال الكفار، وأطفال المسلمين

- ‌(735) باب بيان أن الآجال والأرزاق وغيرها لا تزيد ولا تنقص عما سبق به القدر

- ‌(736) باب الإيمان بالقدر والإذعان له

- ‌كتاب العلم

- ‌(737) باب النهي عن اتباع متشابه القرآن والتحذير من متبعيه والنهي عن الاختلاف في القرآن

- ‌(738) باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان

- ‌(739) باب من سن سنة حسنة أو سيئة ومن دعا إلى هدى أو ضلالة

- ‌كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار

- ‌(740) باب الحث على ذكر الله تعالى

- ‌(741) باب في أسماء الله تعالى وفضل من أحصاها

- ‌(742) باب العزم في الدعاء ولا يقل إن شئت

- ‌(743) باب كراهة تمني الموت لضر نزل به

- ‌(744) باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه

- ‌(745) باب فضل الذكر والدعاء والتقرب إلى الله وحسن الظن به

- ‌(746) باب كراهة الدعاء بتعجيل العقوبة في الدنيا

- ‌(747) باب فضل مجالس الذكر

- ‌(748) باب فضل الدعاء باللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار

- ‌(749) باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء

- ‌(750) باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر

- ‌(751) باب استحباب الاستغفار والاستكثار منه والتوبة

- ‌(752) باب استحباب خفض الصوت بالذكر إلا في المواضع التي ورد الشرع برفعه فيها كالتلبية وغيرها واستحباب الإكثار من قول لا حول ولا قوة إلا بالله

- ‌(753) باب في الدعوات والتعوذ

- ‌كتاب الرقاق

- ‌(754) باب أكثر أهل الجنة الفقراء وأكثر أهل النار النساء وبيان الفتنة بالنساء

- ‌(755) باب قصة أصحاب الغار الثلاثة والتوسل بصالح الأعمال

- ‌كتاب التوبة

- ‌(756) باب في الحض على التوبة والفرح بها وسقوط الذنوب بالاستغفار

- ‌(757) باب فضل دوام الذكر والفكر في أمور الآخرة والمراقبة وجواز ترك ذلك في بعض الأوقات والاشتغال بالدنيا

- ‌(758) باب سعة رحمة الله وأنها تغلب غضبه

- ‌(759) باب قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت الذنوب والتوبة

- ‌(760) باب غيرة الله تعالى وتحريم الفواحش

- ‌(761) باب قوله تعالى {إن الحسنات يذهبن السيئات} [هود 114]

- ‌(762) باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله

- ‌(763) باب سعة رحمة الله تعالى على المؤمنين وفداء كل مسلم بكافر من النار

- ‌(764) باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه

- ‌(765) باب في حديث الإفك وقبول توبة القاذف وبراءة حرم النبي صلى الله عليه وسلم من الريبة

- ‌كتاب صفات المنافقين وأحكامهم

- ‌(766) باب صفات المنافقين وأحكامهم

- ‌كتاب صفة القيامة والجنة والنار

- ‌(767) باب من صفات القيامة

- ‌(768) باب ابتداء الخلق وخلق آدم عليه السلام

- ‌(769) باب صفة الأرض يوم القيامة ونزل أهل الجنة

- ‌(770) باب سؤال اليهود النبي صلى الله عليه وسلم عن الروح وقوله تعالى {ويسألونك عن الروح}

- ‌(771) باب في مواقف للكفار والرد عليهم الذي قال لأوتين مالا وولدا - وإن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى - الدخان - انشقاق القمر - ادعاء الند والولد

- ‌باب الدخان

- ‌باب انشقاق القمر

- ‌باب لا أحد أصبر على أذى من الله عز وجل

- ‌(772) باب طلب الكافر الفداء بملء الأرض ذهبا

- ‌(773) باب جزاء المؤمن بحسناته في الدنيا والآخرة وتعجيل جزاء حسنات الكافر في الدنيا

- ‌(774) باب مثل المؤمن كالزرع ومثل المنافق والكافر كالأرزة

- ‌(775) باب مثل المؤمن مثل النخلة

- ‌(776) باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس وأن مع كل إنسان قرينا

- ‌(777) باب لن يدخل أحدا عمله الجنة

- ‌(778) باب الإكثار من الطاعة والاجتهاد في العبادة

- ‌(779) باب الاقتصاد في الموعظة

- ‌كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها

- ‌(780) باب صفة نعيمها وأهلها

- ‌(781) باب جهنم أعاذنا الله منها وصفتها وأهلها

- ‌(782) باب فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة

- ‌(783) باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار وعرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه وإثبات عذاب القبر والتعوذ منه

- ‌(784) باب إثبات الحساب

- ‌(785) باب الأمر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت

- ‌كتاب الفتن وأشراط الساعة

- ‌(786) باب اقتراب الفتن وفتح ردم يأجوج ومأجوج والجيش الذي يخسف به وتواجه المسلمين بسيفيهما وبعض أشراط الساعة

- ‌(787) باب ذكر ابن صياد

- ‌(788) باب ذكر الدجال

- ‌(789) باب قصة الجساسة والدجال

- ‌(790) باب فضل العبادة في آخر الزمان

- ‌(791) باب قرب الساعة وما بين النفختين

- ‌كتاب الزهد

- ‌(792) باب هوان الدنيا والزهد فيها والتحذير من الاغترار بها

- ‌(793) باب النهي عن الدخول على أهل الحجر إلا من يدخل باكيا

- ‌(794) باب فضل الإحسان إلى الأرملة والمسكين واليتيم

- ‌(795) باب فضل بناء المساجد

- ‌(796) باب فضل الإنفاق على المسكين وابن السبيل

- ‌(797) باب تحريم الرياء

- ‌(798) باب حفظ اللسان

- ‌(799) باب عقوبة من يأمر بالمعروف ولا يفعله وينهى عن المنكر ويفعله

- ‌(800) باب النهي عن هتك الإنسان ستر نفسه

- ‌(801) باب تشميت العاطس وكراهة التثاؤب

- ‌(802) باب في أحاديث متفرقة

- ‌(803) باب النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط وخيف منه الفتنة على الممدوح

- ‌(804) باب التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم

- ‌(805) باب قصة أصحاب الأخدود والساحر والراهب والغلام

- ‌(806) باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر

- ‌(807) باب في حديث الهجرة ويقال له حديث الرحل

- ‌كتاب التفسير

- ‌(808) باب كتاب التفسير

الفصل: ‌(695) باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن أو نحو ذلك حتى الشوكة يشاكها

(695) باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن أو نحو ذلك حتى الشوكة يشاكها

5706 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت ما رأيت رجلا أشد عليه الوجع من رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية عثمان مكان الوجع وجعا

5707 -

عن عبد الله قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوعك فمسسته بيدي فقلت يا رسول الله إنك لتوعك وعكا شديدا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أجل إني أوعك كما يوعك رجلان منكم" قال فقلت ذلك أن لك أجرين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أجل" ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها" وليس في حديث زهير فمسسته بيدي.

5708 -

-/- وفي رواية عن الأعمش بإسناد جرير نحو حديثه وزاد في حديث أبي معاوية قال "نعم والذي نفسي بيده ما على الأرض مسلم".

5709 -

عن الأسود قال دخل شباب من قريش على عائشة وهي بمنى وهم يضحكون فقالت ما يضحككم قالوا فلان خر على طنب فسطاط فكادت عنقه أو عينه أن تذهب فقالت لا تضحكوا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتبت له بها درجة ومحيت عنه بها خطيئة"

5710 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما يصيب المؤمن من شوكة فما فوقها إلا رفعه الله بها درجة أو حط عنه بها خطيئة"

ص: 35

5711 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تصيب المؤمن شوكة فما فوقها إلا قص الله بها من خطيئته"

5712 -

عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "ما من مصيبة يصاب بها المسلم إلا كفر بها عنه حتى الشوكة يشاكها"

5713 -

عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا يصيب المؤمن من مصيبة حتى الشوكة إلا قص بها من خطاياه أو كفر بها من خطاياه" لا يدري يزيد أيتهما قال عروة

5714 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "ما من شيء يصيب المؤمن حتى الشوكة تصيبه إلا كتب الله له بها حسنة أو حطت عنه بها خطيئة"

5715 -

عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر به من سيئاته"

5716 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال لما نزلت {من يعمل سوءا يجز به} بلغت من المسلمين مبلغا شديدا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "قاربوا وسددوا ففي كل ما يصاب به المسلم كفارة حتى النكبة ينكبها أو الشوكة يشاكها" قال مسلم هو عمر بن عبد الرحمن بن محيصن من أهل مكة

5717 -

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم السائب أو أم المسيب فقال "ما لك يا أم السائب أو يا أم المسيب تزفزفين قالت

ص: 36

الحمى لا بارك الله فيها فقال "لا تسبي الحمى فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد"

5718 -

عن عطاء بن أبي رباح قال قال لي ابن عباس ألا أريك امرأة من أهل الجنة قلت بلى قال هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم قالت إني أصرع وإني أتكشف فادع الله لي قال "إن شئت صبرت ولك الجنة وإن شئت دعوت الله أن يعافيك" قالت أصبر قالت فإني أتكشف فادع الله أن لا أتكشف فدعا لها

-[المعنى العام]-

يقول الله تعالى {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به} [النساء 123] نعم إن زيادة الرجاء في عفو الله تخلق الأماني في غفران الذنوب وزيادة الأماني تزيد الطمع وتفضي إلى الاستهانة بالمعاصي والاستهتار بها والوقوع فيها فكانت آيات الخوف والوعيد ليكون المؤمن بين الخوف والرجاء

لقد أزعجت هذه الآية القلوب الوجلة وقالوا لو أنا جوزينا بكل ما نعمل من سوء إذا لهلكنا فأزال النبي صلى الله عليه وسلم خوفهم وأعاد الرجاء إلى نفوسهم نعم إنهم سيجزون بسيئاتهم وهم بالفعل يجزون بها صباح مساء كما يقعون في السيئات صباح مساء لا يخلو واحد منهم من المصائب البدنية أو المصائب النفسية فحياة الإنسان كد وتعب وكبد أمراض وأسقام وكفاح وآلام وحزن وهم وغم لا يكاد يخلو من ذلك في اليقظة بل وفي النوم وكل ذلك جزاء وتكفير لما يعمل من سيئات وصدق الله العظيم إذ يقول {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} [الشورى 30] من أحبه الله كفر عنه سيئاته في الدنيا ليلقاه يوم القيامة وليس عليه ذنب فمصائب الدنيا تنقية للمؤمن وتطهير له لذا كان الحديث الصحيح "مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع من حيث أتتها الريح كفأتها فإذا اعتدلت تكفأ بالبلاء والفاجر كالأرزة" شجرة ضخمة "صماء معتدلة حتى يقصمها الله إذا شاء" و"من يرد الله به خيرا يصبه""وعجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير إن أصابته سراء فشكر الله فله أجر وإن أصابته ضراء فصبر فله أجر فكل قضاء الله للمسلم خير" وفي الحديث "من أعطى فشكر وابتلي فصبر وظلم فاستغفر وظلم فغفر أولئك لهم الأمن وهم مهتدون" وقد رأى بعض الصالحين في المصائب نعما أربع يحمد الله عليها الأولى أنها لم تكن في دينه الثانية أنها لم تكن أكبر منها فكل مصيبة فوقها ما فوقها الثالثة أن الله أقدره عليها الرابعة أنه سيؤجر عليها في الدنيا والآخرة

ص: 37

-[المباحث العربية]-

(ما رأيت رجلا أشد عليه الوجع من رسول الله صلى الله عليه وسلم "أشد" مفعول ثان لرأيت منصوب و"الوجع" فاعل "أشد" التي هي أفعل تفضيل وفي ملحق الرواية "وجعا" بالنصب على التمييز

قال النووي قال العلماء الوجع هنا المرض والعرب تسمي كل مرض وجعا اهـ

وفي رواية الإسماعيلي "ما رأيت الوجع على أحد أشد منه على رسول الله صلى الله عليه وسلم"

(عن عبد الله رضي الله عنه قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوعك) عبد الله هو ابن مسعود وكان يدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا كما سبق في مناقبه وفي رواية للبخاري "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه" أي الأخير والوعك بسكون العين مع فتح الواو الحمى وقد تفتح العين وقيل ألم الحمى وقيل تعبها وقيل إرعادها المريض وتحريكها إياه وعن الأصمعي الوعك الحر أي حرارة الحمى

(فمسسته بيدي) المس اللمس باليد أي فأحسست حرارة شديدة قال الأبي لا يبعد أن يكون من آداب العيادة الأخذ بيد المريض حتى لو كان الآخذ ليس من أهل الطب قلت إذا كان المريض يتقبل ذلك

(أجل إني أوعك كما يوعك رجلان منكم) وجه الشبه مقدار الألم و"أجل" مثل "نعم" وزنا ومعنى

(فقلت ذلك أن لك أجرين)"أن" وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بحرف جر محذوف ظهر في رواية البخاري ولفظها "قلت إن ذاك بأن لك أجرين" أي بسبب أن لك أجرين

(ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه) في ملحق الرواية "ما على الأرض مسلم" وفي الرواية الرابعة "ما يصيب المؤمن من شوكة فما فوقها" وفي الرواية السادسة "ما من مصيبة يصاب بها المسلم" وفي الرواية السابعة "لا يصيب المؤمن من مصيبة حتى الشوكة .. " وفي الرواية الثامنة "ما من شيء يصيب المؤمن حتى الشوكة تصيبه

" وفي الرواية التاسعة "ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه

" وفي الرواية العاشرة "في كل ما يصاب به المسلم كفارة حتى النكبة ينكبها أو الشوكة يشاكها"

"من مرض فما سواه" من الأذى الكبير أو الصغير وقوله "من شوكة فما فوقها" صريح في أن الشوكة غاية الأذى الأدنى الأقل والتعبير بالمؤمن في بعض الروايات مراد به المسلم فإنما نحكم نحن بالظاهر وهو الإسلام والوصب بفتح الواو والصاد المرض وزنا ومعنى وقيل هو المرض اللازم ومنه قوله تعالى {ولهم عذاب واصب} [الصافات 9] أي لازم ثابت والنصب بفتح النون والصاد هو

ص: 38

التعب وزنا ومعنى والسقم بفتح السين والقاف وبضم السين وإسكان القاف لغتان وهو طول المرض والحزن بفتح الحاء والزاي وبضم الحاء وسكون الزاي الغم قال تعالى {وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} [فاطر 34] وقال {وابيضت عيناه من الحزن} [يوسف 84] فهو حزن بفتح الحاء وكسر الزاي وحزين وفي رواية للبخاري "ولا غم" وهو من أمراض الباطن كالهم والحزن وقد قيل في هذه الأشياء الثلاث إن الهم ينشأ عن الفكر فيما يتوقع حصوله مما يتأذى به والغم كرب يحدث للقلب بسبب ما حصل والحزن يحدث لفقد ما يشق على المرء فقده وقيل الهم والغم بمعنى واحد وقال الكرماني الغم يشمل جميع أنواع المكروهات لأنه إما بسبب ما يعرض للبدن أو النفس والأول إما بحيث يخرج عن المجرى الطبيعي أولا والثاني إما أن يلاحظ فيه الغير أو لا وإما أن يظهر فيه الانقباض أو لا وإما بالنظر إلى الماضي أو لا اهـ

وقوله في الرواية التاسعة "حتى الهم يهمه" قال القاضي بضم الياء وفتح الهاء على البناء للمجهول وضبطه غيره بفتح الياء وضم الهاء أي يغمه قال النووي وكلاهما صحيح

وقوله في الرواية العاشرة "حتى النكبة ينكبها" قال النووي وهي مثل العثرة برجله وربما جرحت أصبعه وأصل النكب الكب والقلب

وقوله في الرواية السادسة "ما من مصيبة يصاب بها المسلم

حتى الشوكة يشاكها" وفي الرواية السابعة "لا يصيب المؤمن من مصيبة حتى الشوكة" جوزوا في "الشوكة" الحركات الثلاث فالجر بمعنى الغاية أي حتى ينتهي إلى الشوكة أو عطفا على لفظ مصيبة فإنها مجرورة بحرف الجر الزائد والنصب بتقدير عامل أي حتى وجدانه الشوك والرفع على الابتداء وأما "يشاكها" فبضم الياء أي يشوكه غيره بها وفيه وصل الفعل لأن الأصل يشاك بها أي يدخلها غيره أو تدخل من غير إدخال أحد

وأصل المصيبة الرمية بالسهم ثم استعملت في كل نازلة وقال الراغب أصاب يستعمل في الخير والشر قال تعالى {إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة} [التوبة 50] وقيل الإصابة في الخير مأخوذ من الصوب وهو المطر الذي ينزل بقدر الحاجة من غير ضرر وفي الشر مأخوذة من إصابة السهم وقال الكرماني المصيبة في اللغة ما ينزل بالإنسان مطلقا وفي العرف ما نزل به من مكروه خاصة وهو المراد هنا

(إلا حط الله به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها) يقال حط الرجل الشيء أنزله وألقاه وحط من الدين كذا أي أسقط وأنزل وحط الله وزره وضعه عنه والمضارع يحط بضم الحاء

وقد اختلف العلماء في المصائب وهي تكفر الخطايا بلا خلاف هل ترفع الدرجات أو لا وفي رواياتنا ما يؤيد القول بنعم ففي الرواية الثالثة "إلا كتبت له بها درجة ومحيت عنه بها خطيئة" وفي الرواية الرابعة "إلا رفعه الله بها درجة أو حط عنه بها خطيئة" وفي الرواية الثامنة "إلا كتب الله له بها حسنة أو حطت عنه بها خطيئة" وسيأتي تفصيل القول في فقه الحديث

ص: 39

وفي الرواية السابعة "إلا قص بها من خطاياه" بضم القاف مبني للمجهول قال النووي هكذا هو في معظم النسخ "قص" وفي بعضها "نقص" وكلاهما صحيح متقارب المعنى اهـ والقص القطع وفي رواية للبخاري "إلا حات الله عنه خطاياه كما تحات ورق الشجر""حات" بتشديد التاء "كما تحات" بتشديد التاء أيضا يقال حت الورق عن الشجر يحت بضم الحاء حتا سقط وتحات الشيء تناثر والورق عن الغصن سقط ويقال تحاتت الشجرة بتشديد التاء الأولى تساقط ورقها وتحاتت عنه ذنوبه أي محيت وسقطت كناية عن إذهاب الخطايا وغفرانها

(دخل شباب من قريش على عائشة وهي بمنى وهم يضحكون فقالت ما يضحككم قالوا فلان خر على طنب فسطاط)"خر" أي سقط ووقع وطنب الفسطاط بضم الطاء والنون وبإسكان النون هو الحبل الذي يشد به الفسطاط والفسطاط الخباء أو الخيمة ويقال له فستاط بالتاء قبل الطاء وفساط بحذف الطاء الأولى مع تشديد السين والفاء مضمومة ومكسورة فيهن فصارت ست لغات

(فكادت عنقه أو عينه أن تذهب) هذا من قبيل قولهم علفتها تبنا وماء بارد "بحذف عامل" أي وسقيتها ماء وهنا حذف معمول "كادت" أي كادت عنقه تدق وعينه تذهب

(لما نزلت {من يعمل سوءا يجز به} بلغت من المسلمين مبلغا شديدا) أي بلغت هذه الآية من خوف المسلمين مبلغا كبيرا أي خافوا من عقوبات الآخرة لكثرة ما يعملون من السوء فإن الآية تتوعد كل من عمل سوءا كبيرا أو صغيرا بالمجازاة عليه بالنار فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم خوفهم بأن الكثير من السوء يكفر ويغفر بسبب ما يصيب المسلم من البلاء

(قاربوا وسددوا) أي اقتصدوا فلا تغلوا ولا تقصروا بل توسطوا و"سددوا" أي اقصدوا الصواب والسداد

(دخل على أم السائب أو أم المسيب) قال الحافظ ابن حجر في الإصابة أخرج أبو نعيم عن جابر قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة من الأنصار يقال لها أم المسيب فذكر نحو الحديث وعند ابن منده "أم السائب" قال الحافظ ولم أر في شيء من طرق الحديث أنها أنصارية بل ذكرها ابن كعب في قبائل العرب بين المهاجرين والأنصار

(فقال مالك يا أم السائب تزفزفين) بزاءين وفاءين مع ضم التاء قال القاضي تضم وتفتح اهـ وعند فتحها تكون إحدى التاءين محذوفة تخفيفا أي تتزفزفين ووقع في بعض النسخ بالراء والفاء ورواه بعضهم في غير مسلم بالراء والقاف قال النووي ومعناه تتحركين حركة شديدة أي ترعدين اهـ يقال رفرف المحموم براءين وفاءين أي ارتعد ورفرف الطائر بسط جناحيه وحركهما ويقال رفرفت الريح إذا هبت في مضي ورفرف فلان أي ارتعد

(قالت الحمى) خبر لمبتدأ محذوف أي سبب زفزفتي الحمى

ص: 40

(لا بارك الله فيها فقال لا تسبي الحمى فإنها تذهب خطايا بني آدم) اعتبر الدعاء عليها سبا لها

(كما يذهب الكير خبث الحديد) المراد من "الكير" النار التي تنفخ بالكير وهو منفاخ الحداد

(ألا أريك امرأة من أهل الجنة)"ألا" بتخفيف فتحة اللام

(هذه المرأة السوداء) في كتاب الصحابة للمستغفري "فأراني حبشية صفراء عظيمة فقال هذه سعيرة الأسدية" بضم السين وفتح العين على التصغير

(قالت إني أصرع وإني أتكشف فادع الله لي) أن يشفيني من الصرع وهو بفتح الصاد وسكون الراء و"أصرع" بضم الهمزة مبني للمجهول والصرع علة في الجهاز العصبي تصحبها غيبوبة وتشنج في العضلات وقولها "إني أتكشف" بالتاء المفتوحة وفي نسخة بالنون الساكنة والمراد أنها خشيت أن تظهر عورتها وهي لا تشعر وعند البزار "إني أخاف الخبيث أن يجردني فدعا لها فكانت إذا خشيت أن يأتيها تأتي أستار الكعبة فتتعلق بها" وقيل إنها كانت ماشطة خديجة التي كانت تتعاهد النبي صلى الله عليه وسلم بالزيارة

-[فقه الحديث]-

-[يؤخذ من الأحاديث]-

1 -

من الرواية الأولى والثانية أن الأنبياء أشد بلاء وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أكثرهم قال العلماء والحكمة في كون الأنبياء أشد بلاء ثم الأمثل فالأمثل أنهم مخصوصون بكمال الصبر وصحة الاحتساب ومعرفة أن ذلك نعمة من الله تعالى ليتم لهما الخير ويضاعف الأجر ويظهر صبرهم ورضاهم

2 -

وتكفير الخطايا بالأمراض والأسقام ومصايب الدنيا وهمومها وإن قلت مشقتها

3 -

ومن الرواية الثانية وما بعدها بشارة عظيمة للمسلمين فإنه قلما ينفك الواحد منهم ساعة من شيء من هذه الأمور

4 -

وفيها رفع الدرجات بهذه الأمور وزيادة الحسنات قال النووي وهذا هو الصحيح الذي عليه جماهير العلماء وحكى القاضي عياض عن بعضهم أنها تكفر الخطايا فقط ولا ترفع درجة ولا تكتب حسنة قال وروى هذا عن ابن مسعود قال الوجع لا يكتب به أجر لكن تكفر به الخطايا فقط واعتمد على الأحاديث التي فيها تكفير الخطايا ولم تبلغه الأحاديث التي ذكرها مسلم المصرحة برفع الدرجات وكتابة الحسنات اهـ

ومن الذين نفوا رفع الدرجات بالمصائب الشيخ عز الدين بن عبد السلام حيث قال ظن

ص: 41

بعض الجهلة أن المصاب مأجور وهو خطأ صريح فإن الثواب والعقاب إنما هو على الكسب والمصائب ليست منها بل الأجر على الصبر والرضا

وتعقب بأن الأحاديث الصحيحة صريحة في ثبوت الأجر بمجرد حصول المصيبة وأما الصبر والرضا فقدر زائد يمكن أن يثاب عليهما زيادة على ثواب المصيبة

وظاهر كلام القرافي أن المصائب تكفر الذنوب وأن الصبر والرضا أيضا هما في دائرة تكفير الذنوب وليس فيه زيادة أجر حيث قال المصائب كفارات جزما سواء اقترن بها الرضا أم لا لكن إن اقترن بها الرضا عظم التكفير وإلا قل

قال الحافظ ابن حجر والتحقيق أن المصيبة كفارة لذنب يوازيها وبالرضا يؤجر على ذلك فإن لم يكن للمصاب ذنب عوض عن ذلك من الثواب بما يوازيه

وزعم القرافي أنه لا يجوز لأحد أن يقول للمصاب جعل الله هذه المصيبة كفارة لذنبك لأن الشارع قد جعلها كفارة فسؤال التكفير طلب لتحصيل حاصل وهو إساءة أدب على الشارع قال الحافظ ابن حجر وتعقب بما ورد من جواز الدعاء بما هو واقع كالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وسؤال الوسيلة له وأجيب عنه بأن الكلام فيما لم يرد فيه شيء وأما ما ورد فهو مشروع ليثاب من امتثل الأمر فيه على ذلك

وعندي أنه ليس تحصيلا لحاصل بكل حال فالدعاء بالواقع المحقق دعاء بزيارته أو استمراريته كما قيل في قوله تعالى {يا أيها النبي اتق الله} [الأحزاب 1] وقوله {ولا تطع الكافرين والمنافقين} [الأحزاب 1]

وقد أبى قوم أن تكون المصائب مكفرة بمفردها ومنهم القرطبي إذ قال في المفهم محل ذلك إذا صبر المصاب واحتسب وقال ما أمر الله به في قوله تعالى {الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون} [البقرة 156] فحينئذ يصل إلى ما وعد الله ورسوله به من ذلك اهـ فكأنه حمل الأحاديث المطلقة على الواردة بالتقييد بالصبر لكنها مقيدة بثواب مخصوص باعتبار الصبر فيها ومثل ذلك أحاديث الطاعون وفيها "من صبر واحتسب فله أجر شهيد"

قال الحافظ ابن حجر والذي يظهر أن المصيبة إذا قارنها الصبر حصل التكفير ورفع الدرجات وإن لم يحصل الصبر نظر إن حصل شيء من الجزع لكن لم يحصل ما يذم عليه من قول أو فعل فالفضل واسع ولكن المنزلة منحطة عن منزلة الصابر وإن حصل ما يذم عليه كان ذلك سببا لنقص الأجر الموعود به أو التكفير فقد يستويان وقد يزيد أحدهما على الآخر فبقدر ذلك يقضي لأحدهما على الآخر

5 -

أن البلاء في مقابلة النعمة فمن كانت نعمة الله عليه أكثر كان بلاؤه أشد

6 -

قال ابن الجوزي كلما قويت المعرفة هان البلاء ومن الناس من ينظر إلى أجر البلاء فيهون عليه

ص: 42

وأعلى من ذلك درجة من يرى أن هذا تصرف المالك في ملكه فيسلم ولا يعترض وأرفع منه من شغلته المحبة عن طلب رفع البلاء وأعلى المراتب من يتلذذ بالبلاء

7 -

أخذ بعضهم من إطلاق تكفير الذنوب أنه يشمل الكبائر والصغائر لكن الجمهور خصوا ذلك بالصغائر والمراد بالتكفير ستر الذنب أو محو أثره المترتب عليه من استحقاق العقوبة

8 -

من الرواية الثالثة النهي عن الضحك من مثل هذا الذي حصل إلا أن يحصل غلبة لا يمكن دفعه أما تعمده فمذموم لأن فيه شماته بالمسلم وكسرا لقلبه

9 -

ومن الرواية الحادية عشرة النهي عن سب المرض والدعاء عليه

10 -

ومن الرواية الثانية عشرة أن الصرع يثاب عليه أكمل ثواب ذكره النووي

11 -

وأن الصبر على بلايا الدنيا يورث الجنة

12 -

وأن الأخذ بالشدة أفضل من الأخذ بالرخصة لمن علم من نفسه الطاقة ولم يضعف عن التزام الشدة

13 -

وفيه دليل على جواز ترك التداوي

14 -

قال الحافظ ابن حجر وفيه أن علاج الأمراض كلها بالدعاء والالتجاء إلى الله أنجع وأنفع من العلاج بالعقاقير وأن تأثير ذلك وانفعال البدن به أعظم من تأثير الأدوية البدنية ولكن إنما ينجع بأمرين أحدهما من جهة العليل وهو صدق القصد والآخر من جهة المداوي وهو قوة توجهه وقوة قلبه بالتقوى والتوكل

والله أعلم.

ص: 43