المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(801) باب تشميت العاطس وكراهة التثاؤب - فتح المنعم شرح صحيح مسلم - جـ ١٠

[موسى شاهين لاشين]

فهرس الكتاب

- ‌(689) باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها

- ‌(690) باب تحريم التحاسد والتباغض والتدابر والظن والتحسس والتجسس والتنافس والتناجش والهجر فوق ثلاثة أيام

- ‌(691) باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه وماله

- ‌(692) باب النهي عن الشحناء

- ‌(693) باب فضل الحب في الله تعالى

- ‌(694) باب فضل عيادة المريض

- ‌(695) باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن أو نحو ذلك حتى الشوكة يشاكها

- ‌(696) باب تحريم الظلم

- ‌(697) باب نصر الأخ ظالما أو مظلوما

- ‌(698) باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتوادهم

- ‌(699) باب النهي عن السباب

- ‌(700) باب استحباب العفو والتواضع

- ‌(701) باب تحريم الغيبة

- ‌(702) باب من ستر الله عليه في الدنيا فإن الله يستر عليه في الآخرة

- ‌(703) باب مدارة من يتقي فحشه

- ‌(704) باب فضل الرفق

- ‌(705) باب النهي عن لعن الدواب وغيرها

- ‌(706) باب من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه وليس أهلا لذلك كان له زكاة وأجر ورحمة

- ‌(707) باب ذم ذي الوجهين وتحريم فعله

- ‌(708) باب تحريم الكذب وبيان ما يباح منه

- ‌(709) باب تحريم النميمة

- ‌(710) باب قبح الكذب وحسن الصدق وفضله

- ‌(711) باب فضل من يملك نفسه عند الغضب وبأي شيء يذهب الغضب وخلق الإنسان خلقا لا يتمالك

- ‌(712) باب النهي عن ضرب الوجه

- ‌(713) باب الوعيد الشديد لمن عذب الناس بغير حق

- ‌(714) باب أمر من مر بسلاح في مسجد أو سوق أو غيرهما من المواضع الجامعة للناس أن يمسك بنصالها والنهي عن الإشارة بالسلاح إلى مسلم

- ‌(715) باب فضل إزالة الأذى عن الطريق

- ‌(716) باب تحريم تعذيب الهرة ونحوها من الحيوان الذي لا يؤذي

- ‌(717) باب تحريم الكبر

- ‌(718) باب النهي عن تقنيط الإنسان من رحمة الله تعالى وفضل الضعفاء والخاملين والنهي عن قول هلك الناس

- ‌(719) باب الوصية بالجار والإحسان إليه

- ‌(720) باب استحباب طلاقة الوجه

- ‌(721) باب استحباب الشفاعة فيما ليس بحرام

- ‌(722) باب استحباب مجالسة الصالحين ومجانبة قرناء السوء

- ‌(723) باب فضل الإحسان إلى البنات

- ‌(724) باب فضل من يموت له ولد فيحتسبه

- ‌(725) باب إذا أحب الله عبدا أمر جبريل فأحبه وأحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض

- ‌(726) باب الأرواح جنود مجندة

- ‌(727) باب المرء مع من أحب

- ‌(728) باب إذا أثنى على الصالح فهي بشرى ولا تضره

- ‌كتاب القدر

- ‌(729) باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته

- ‌(730) باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام

- ‌(731) باب تصريف الله القلوب كيف شاء

- ‌(732) باب كل شيء بقدر

- ‌(733) باب قدر على ابن آدم حظه من الزنى وغيره

- ‌(734) باب معنى كل مولود يولد على الفطرة وحكم موتى أطفال الكفار، وأطفال المسلمين

- ‌(735) باب بيان أن الآجال والأرزاق وغيرها لا تزيد ولا تنقص عما سبق به القدر

- ‌(736) باب الإيمان بالقدر والإذعان له

- ‌كتاب العلم

- ‌(737) باب النهي عن اتباع متشابه القرآن والتحذير من متبعيه والنهي عن الاختلاف في القرآن

- ‌(738) باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان

- ‌(739) باب من سن سنة حسنة أو سيئة ومن دعا إلى هدى أو ضلالة

- ‌كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار

- ‌(740) باب الحث على ذكر الله تعالى

- ‌(741) باب في أسماء الله تعالى وفضل من أحصاها

- ‌(742) باب العزم في الدعاء ولا يقل إن شئت

- ‌(743) باب كراهة تمني الموت لضر نزل به

- ‌(744) باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه

- ‌(745) باب فضل الذكر والدعاء والتقرب إلى الله وحسن الظن به

- ‌(746) باب كراهة الدعاء بتعجيل العقوبة في الدنيا

- ‌(747) باب فضل مجالس الذكر

- ‌(748) باب فضل الدعاء باللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار

- ‌(749) باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء

- ‌(750) باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر

- ‌(751) باب استحباب الاستغفار والاستكثار منه والتوبة

- ‌(752) باب استحباب خفض الصوت بالذكر إلا في المواضع التي ورد الشرع برفعه فيها كالتلبية وغيرها واستحباب الإكثار من قول لا حول ولا قوة إلا بالله

- ‌(753) باب في الدعوات والتعوذ

- ‌كتاب الرقاق

- ‌(754) باب أكثر أهل الجنة الفقراء وأكثر أهل النار النساء وبيان الفتنة بالنساء

- ‌(755) باب قصة أصحاب الغار الثلاثة والتوسل بصالح الأعمال

- ‌كتاب التوبة

- ‌(756) باب في الحض على التوبة والفرح بها وسقوط الذنوب بالاستغفار

- ‌(757) باب فضل دوام الذكر والفكر في أمور الآخرة والمراقبة وجواز ترك ذلك في بعض الأوقات والاشتغال بالدنيا

- ‌(758) باب سعة رحمة الله وأنها تغلب غضبه

- ‌(759) باب قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت الذنوب والتوبة

- ‌(760) باب غيرة الله تعالى وتحريم الفواحش

- ‌(761) باب قوله تعالى {إن الحسنات يذهبن السيئات} [هود 114]

- ‌(762) باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله

- ‌(763) باب سعة رحمة الله تعالى على المؤمنين وفداء كل مسلم بكافر من النار

- ‌(764) باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه

- ‌(765) باب في حديث الإفك وقبول توبة القاذف وبراءة حرم النبي صلى الله عليه وسلم من الريبة

- ‌كتاب صفات المنافقين وأحكامهم

- ‌(766) باب صفات المنافقين وأحكامهم

- ‌كتاب صفة القيامة والجنة والنار

- ‌(767) باب من صفات القيامة

- ‌(768) باب ابتداء الخلق وخلق آدم عليه السلام

- ‌(769) باب صفة الأرض يوم القيامة ونزل أهل الجنة

- ‌(770) باب سؤال اليهود النبي صلى الله عليه وسلم عن الروح وقوله تعالى {ويسألونك عن الروح}

- ‌(771) باب في مواقف للكفار والرد عليهم الذي قال لأوتين مالا وولدا - وإن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى - الدخان - انشقاق القمر - ادعاء الند والولد

- ‌باب الدخان

- ‌باب انشقاق القمر

- ‌باب لا أحد أصبر على أذى من الله عز وجل

- ‌(772) باب طلب الكافر الفداء بملء الأرض ذهبا

- ‌(773) باب جزاء المؤمن بحسناته في الدنيا والآخرة وتعجيل جزاء حسنات الكافر في الدنيا

- ‌(774) باب مثل المؤمن كالزرع ومثل المنافق والكافر كالأرزة

- ‌(775) باب مثل المؤمن مثل النخلة

- ‌(776) باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس وأن مع كل إنسان قرينا

- ‌(777) باب لن يدخل أحدا عمله الجنة

- ‌(778) باب الإكثار من الطاعة والاجتهاد في العبادة

- ‌(779) باب الاقتصاد في الموعظة

- ‌كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها

- ‌(780) باب صفة نعيمها وأهلها

- ‌(781) باب جهنم أعاذنا الله منها وصفتها وأهلها

- ‌(782) باب فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة

- ‌(783) باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار وعرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه وإثبات عذاب القبر والتعوذ منه

- ‌(784) باب إثبات الحساب

- ‌(785) باب الأمر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت

- ‌كتاب الفتن وأشراط الساعة

- ‌(786) باب اقتراب الفتن وفتح ردم يأجوج ومأجوج والجيش الذي يخسف به وتواجه المسلمين بسيفيهما وبعض أشراط الساعة

- ‌(787) باب ذكر ابن صياد

- ‌(788) باب ذكر الدجال

- ‌(789) باب قصة الجساسة والدجال

- ‌(790) باب فضل العبادة في آخر الزمان

- ‌(791) باب قرب الساعة وما بين النفختين

- ‌كتاب الزهد

- ‌(792) باب هوان الدنيا والزهد فيها والتحذير من الاغترار بها

- ‌(793) باب النهي عن الدخول على أهل الحجر إلا من يدخل باكيا

- ‌(794) باب فضل الإحسان إلى الأرملة والمسكين واليتيم

- ‌(795) باب فضل بناء المساجد

- ‌(796) باب فضل الإنفاق على المسكين وابن السبيل

- ‌(797) باب تحريم الرياء

- ‌(798) باب حفظ اللسان

- ‌(799) باب عقوبة من يأمر بالمعروف ولا يفعله وينهى عن المنكر ويفعله

- ‌(800) باب النهي عن هتك الإنسان ستر نفسه

- ‌(801) باب تشميت العاطس وكراهة التثاؤب

- ‌(802) باب في أحاديث متفرقة

- ‌(803) باب النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط وخيف منه الفتنة على الممدوح

- ‌(804) باب التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم

- ‌(805) باب قصة أصحاب الأخدود والساحر والراهب والغلام

- ‌(806) باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر

- ‌(807) باب في حديث الهجرة ويقال له حديث الرحل

- ‌كتاب التفسير

- ‌(808) باب كتاب التفسير

الفصل: ‌(801) باب تشميت العاطس وكراهة التثاؤب

(801) باب تشميت العاطس وكراهة التثاؤب

6510 -

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال عطس عند النبي صلى الله عليه وسلم رجلان فشمت أحدهما ولم يشمت الآخر فقال الذي لم يشمته عطس فلان فشمته وعطست أنا فلم تشمتني قال "إن هذا حمد الله وإنك لم تحمد الله"

6511 -

عن أبي بردة قال دخلت على أبي موسى وهو في بيت بنت الفضل بن عباس فعطست فلم يشمتني وعطست فشمتها فرجعت إلى أمي فأخبرتها فلما جاءها قالت عطس عندك ابني فلم تشمته وعطست فشمتها فقال إن ابنك عطس فلم يحمد الله فلم أشمته وعطست فحمدت الله فشمتها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه فإن لم يحمد الله فلا تشمتوه".

6512 -

عن إياس بن سلمة بن الأكوع أن أباه حدثه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وعطس رجل عنده فقال له "يرحمك الله" ثم عطس أخرى فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم "الرجل مزكوم".

6513 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "التثاؤب من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع".

6514 -

عن سهيل بن أبي صالح قال سمعت ابنا لأبي سعيد الخدري رضي الله عنه يحدث أبي عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا تثاوب أحدكم فليمسك بيده على فيه فإن الشيطان يدخل".

ص: 601

6515 -

عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إذا تثاوب أحدكم فليمسك بيده فإن الشيطان يدخل".

6516 -

عن ابن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا تثاوب أحدكم في الصلاة فليكظم ما استطاع فإن الشيطان يدخل"

-[المعنى العام]-

من آداب الإسلام ومحاسنه محافظته على أحاسيس المجتمع وحماية المجتمع من كل ما يورث البغض ومن كل ما يسيء ويجرح المشاعر وحرصه على تهذيب الطباع وعلاج السلوك غير القويم ولو كان هذا السلوك ناشئا عن طبيعة الخلقة فالمسلم مأمور بمخالفة طبعه لموافقة شرعه والعطاس والتثاؤب عمل لا إرادي نتيجة لتفاعلات غذائية وانفعالات عضوية ومع أن أحدهما ممدوح شرعا مرغوب فيه صحيا وهو العطاس إلا أن له أمورا جانبية يحرص الإسلام على تهذيبها فهو يلازم خروج رذاذ اللعاب مما قد يصل إلى بعض الحاضرين وهو يلازم صوتا مزعجا للغافل عنه من الحاضرين والأعراض الجانبية تحتمل من أجل الإصلاح المهم وتعالج قدر الاستطاعة وعلى من يؤذي من الأعراض الجانبية أن يغفر لصاحبها ما لم يقدر على منعه فيعلن له الرضا والسماحة بالدعاء له بقوله يرحمك الله ويدعو العاطس للمشمت فيكتسب كل منهما أجرا من هذا السلوك البشري أما السلوك البشري الآخر فهو مذموم شرعا وعرفا وعلى صاحبه مقاومته وهو التثاؤب الذي ينشأ عن كثرة الأكل وينشأ عنه الكسل والخمول وضعف الحركة والعبادة وبمقاومته والتقليل منه يحصل المسلم على أجر كبير وهكذا يفتح الله تعالى أبواب الحسنات للمؤمن ليذهب بها السيئات ذلك ذكرى للذاكرين

-[المباحث العربية]-

(عطس رجلان)"عطس" بفتح الطاء من باب ضرب وقتل والاسم العطاس وهو انحدار الرطوبة من تجويف في الجبهة إلى الأنف من قناة واصلة بينهما وبقاء هذه الرطوبة يفسد الدماغ ويثقل الجسم فالعطاس يوقظ الفكر وينشط الجسم

ص: 602

والرجلان عامر بن الطفيل وابن أخيه كما جاء في رواية الطبراني وفي رواية للبخاري "أحدهما أشرف من الآخر وأن الشريف لم يحمد الله"

(فشمت أحدهما ولم يشمت الآخر)"التشميت" أصله إزالة شماتة الأعداء والتفعيل يأتي للسلب نحو قشرت الشجرة أي أزلت قشرتها فاستعمل للدعاء بالخير وهو قولك للعاطس يرحمك الله وقيل معناه صان الله شوامتك أي قوائمك التي بها قوامك فقوام الدابة مثلا بسلامة قوائمها التي تنتفع بها إذا سلمت وقوائم الإنسان التي بها قوامة الرأس وما اتصل به من صدر وعنق وفي رواية "فسمت" بالسين فيكون دعاء له بأن يكون على سمت حسن

قال ابن العربي المعنى على كلا اللفظين شمت وسمت بديع وذلك أن العاطس ينحل كل عضو في رأسه وما يتصل به من العنق والصدر فإذا قال له يرحمك الله كان معناه أعطاك الله رحمة يرجع بها كل عضو إلى حاله فالتسميت بالسين رجوع كل عضو إلى سمته والتشميت الدعاء بسلامة ما به قوام الإنسان

(فقال الذي لم يشمته) في رواية البخاري "فقيل له"

(عطس فلان فشمته وعطست أنا فلم تشمتني) الكلام على الاستفهام أي فلم فرقت في المعاملة

(دخلت على أبي موسى وهو في بيت بنت الفضل بن عباس) هذه البنت هي أم كلثوم بنت الفضل بن العباس امرأة أبي موسى الأشعري تزوجها بعد فراق الحسن بن علي لها وولدت لأبي موسى ومات عنها فتزوجت بعده عمران بن طلحة ففارقها وماتت بالكوفة ودفنت بها

(فعطست فلم يشمتني وعطست فشمتها) التاء في "عطست" الأولى مضمومة ضمير المتكلم وفي الثانية ساكنة علامة المؤنثة أي قال أبو بردة عطست أنا فلم يشمتني أبي وعطست أم كلثوم ابنة الفضل زوجة أبي موسى فشمتها أبي أبو موسى

(فرجعت إلى أمي فأخبرتها) زوجة أبي موسى الأخرى

(فلما جاءها) زوجها أبو موسى في ليلتها

(التثاؤب من الشيطان) أي من كسله وتسببه وقيل أضيف إليه لأنه يرضيه وفي البخاري "إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب" قالوا لأن التثاؤب غالبا يكون مع ثقل البدن وامتلائه واسترخائه وميله إلى الكسل وإضافته إلى الشيطان لأنه الذي يدعوا إلى الشهوات والمراد التحذير من السبب الذي يتولد منه ذلك وهو التوسع في المأكل

(فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع) وفي الرواية الخامسة "إذا تثاءب أحدكم

ص: 603

فليمسك بيده على فيه فإن الشيطان يدخل" وفي الرواية السابعة "إذا تثاءب أحدكم في الصلاة فليكظم ما استطاع فإن الشيطان يدخل"

قال النووي وقع هنا في بعض النسخ "تثاءب" بالمد مخففا وفي أكثرها "تثاوب" بالواو قال القاضي لا يقال "تثاءب" بالمد مخففا بل "تثأب" بتشديد الهمزة وقال الجوهري يقال تثاءبت بالمد مخففا ولا يقال تثاوبت

وعند البخاري "إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب فإذا عطس أحدكم وحمد الله كان حقا على كل مسلم سمعه أن يقول له يرحمك الله وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع فإن أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشيطان"

ومحبة الله للعطاس رضاه به من حيث سببه الذي هو عدم التوسع في الأكل فتنفتح المسام وصمائم الأجهزة المخرجة للسموم والرطوبات من الدماغ وسائر الجسد فيخف البدن وينشط الفكر فيكون داعية إلى النشاط في العبادة ومن حيث ما يترتب على العطاس من الحمد والتشميت إلى غير ذلك

وأما كراهيته تعالى للتثاؤب وهو النفس الذي يخرج من الفم فينفتح فمن حيث سببه أيضا وهو امتلاء المعدة وثقل الجسم وضعف الفكر واستيلاء الكسل وانحطاط الهمة عن العبادة وغيرها ومن حيث منظر المتثائب وفتحه فمه

ومعنى "فليرده ما استطاع" أي مدة وقدر استطاعته فـ "ما" ظرفية مصدرية وهذا هو معنى "فليكظم" ومعنى "فليمسك بيده على فيه" محاولا منعه أو التقليل منه وإضافته للشيطان للتنفير وكذلك دخول الشيطان للتنفير

-[فقه الحديث]-

-[ويؤخذ من الحديث]-

1 -

حمد الله تعالى عند العطاس وقد نقل النووي استحباب الحمد للعاطس وأن يرفع به صوته وأما لفظه فنقل ابن بطال عن طائفة أنه لا يزيد على الحمد لله وعن طائفة يقول الحمد لله رب العالمين وروي عن ابن عباس أنه قال "إذا عطس الرجل قال الحمد لله قال الملك رب العالمين فإن قال رب العالمين قال الملك يرحمك الله" وعن طائفة ما زاد من الثناء فيما يتعلق بالحمد فهو حسن فقد أخرج الطبراني عن أم سلمة قالت "عطس رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال الحمد لله فقال النبي صلى الله عليه وسلم يرحمك الله وعطس آخر فقال الحمد لله رب العالمين حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم ارتفع هذا على هذا تسع عشرة درجة" وأخرج الترمذي عن رفاعة بن رافع رضي الله عنه قال صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فعطست فقلت الحمد لله حمدا طيبا مباركا

ص: 604

فيه مباركا عليه كما يحب ربنا ويرضى فلما انصرف قال من المتكلم ثلاثا فقلت أنا يا رسول الله فقال والذي نفسي بيده لقد ابتدرها بضعة وثلاثون ملكا أيهم يصعد بها قال الحافظ ابن حجر ولا أصل لما اعتاده كثير من الناس من استكمال قراءة الفاتحة بعد قوله الحمد لله رب العالمين وكذا العدول عن الحمد إلى أشهد أن لا إله إلا الله أو تقديمها على الحمد اهـ

وحكمة مشروعية الحمد أن العطاس يدفع الأذى عن الدماغ الذي بسلامته تسلم الأعضاء ويخرج الفضلات ويصفي الروح فهو نعمة جليلة يناسبها أن تقابل بالحمد

ومن آداب العاطس أن يخفض بالعطاس صوته وأن يرفع صوته بالحمد وأن يغطي وجهه أو مقابل فمه وأنفه لئلا يخرج من فمه وأنفه ما يؤذي جليسه وأن لا يلوي عنقه يمينا أو شمالا لئلا يتضرر بذلك

2 -

مشروعية تشميت العاطس واستدل جمهور أهل الظاهر وجماعة من المالكية بقوله في رواية البخاري "كان حقا على كل مسلم سمعه أن يقول له يرحمك الله" على أن التشميت واجب عيني وقال الحنفية وجمهور الحنابلة وهو الراجح عند المالكية إن قوله "على كل مسلم" محمول على حال انفراد السامع فإذا سمع العاطس اثنان فأكثر كان التشميت واجبا على الكفاية فيسقط الإثم بتشميت بعضهم وقال الشافعية وبعض المالكية إن المراد من الحديث أن التشميت حق في حسن الأدب ومكارم الأخلاق فهو مستحب عينا إن انفرد السامع وإلا فعلى الكفاية

3 -

وظاهر الحديث أن الأمر بالتشميت خاص بمن حمد الله أما من لم يحمد الله فقد قال النووي يستحب لمن حضر من عطس فلم يحمد أن يذكره بالحمد ليحمد فيشمته وهو من باب النصيحة والأمر بالمعروف وزعم ابن العربي أن الذي يذكر بالحمد جاهل لأنه يلزم نفسه بما لم يلزمها ثم قال ابن العربي لو ذكر وشمت فقال الحمد لله يرحمك الله جمع جهالتين جهالة التذكير وجهالة إيقاع التشميت قبل وجود الحمد من العاطس

وقد خطأ العلماء ابن العربي فيما زعم والصواب استحباب التذكير

كذلك يشرع التشميت إذا عرف الحاضر أن العاطس حمد الله وإن لم يسمعه لعموم الأمر به لمن عطس فحمد قاله بعضهم وقال النووي المختار أنه يشرع لمن سمعه دون غيره اهـ واستثنى العلماء ممن يشمت

(أ) الكافر قال ابن دقيق العيد إذا نظرنا إلى قول من قال من أهل اللغة إن التشميت دعاء بالخير دخل الكفار في عموم الأمر بالتشميت وإذا نظرنا إلى من خص التشميت بالرحمة لم يدخلوا وقد روى أبو موسى الأشعري قال "كانت اليهود يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول يرحمكم الله فكان يقول يهديكم الله ويصلح بالكم" قال الحافظ ابن حجر هذا

ص: 605

الحديث يدل على أنهم يدخلون في مطلق الأمر بالتشميت لكن لهم تشميت خاص وهو الدعاء لهم بالهداية وإصلاح البال

(ب) والمزكوم الذي تكرر منه العطاس فزاد على الثلاث قال النووي إذا تكرر العطاس متتابعا فالسنة أن يشمته لكل مرة إلى أن يبلغ ثلاث مرات فيقول له في الثالثة أنت مزكوم ومعناه أنك لست ممن يشمت لأن الذي بك مرض وليس من العطاس المحمود الناشئ عن خفة البدن قال ابن حجر فإن قيل فإذا كان مريضا فإنه ينبغي أن يشمت بطريق الأولى لأنه أحوج إلى الدعاء من غيره قلنا نعم لكن يدعى له بدعاء آخر يلائمه كالدعاء بالعافية والشفاء لا بالدعاء المشروع للعاطس وذكر ابن دقيق العيد عن بعض الشافعية أنه يكرر التشميت إذا تكرر العطاس حتى يعرف أنه مزكوم ولو زاد على ثلاث ومعنى ذلك أن الأمر بالتشميت يسقط عند العلم بالزكام ولو بدون تكرار وهذا ظاهر روايتنا الثالثة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "الرجل مزكوم" بعد الثانية

(جـ) ومن عرف من حاله أنه يكره التشميت فإنه لا يشمت إجلالا للتشميت أن يؤهل له من يكرهه ولا يقال كيف تترك السنة لذلك فإنما هي سنة لمن أحبها أما من كرهها ورغب عنها فلا ويطرد ذلك في السلام وعيادة المريض

قال ابن دقيق العيد والذي عندي أنه لا يمتنع من ذلك إلا مع من خاف منه ضررا فأما غيره فيشمت امتثالا للأمر ومناقضة للتكبر في مراده وكسرا لسورته في ذلك وهو أولى من إجلال التشميت

(د) ومن عطس والإمام يخطب فإن التشميت يتعارض والأمر بالإنصات لمن يسمع الخطيب فتعين تأخير التشميت حتى يفرغ الخطيب أو يشرع له التشميت بالإشارة

(هـ) ومن كان عطاسه في حالة امتنع عليه فيها ذكر الله كما إذا كان على الخلاء أو في الجماع ثم يحمد الله تعالى بعد الفراغ من ذلك فيشمت

4 -

ويؤخذ من الرواية الثالثة أن لفظ التشميت "يرحمك الله" قال ابن بطال يخصه بالدعاء وحده وأخرج الطبري عن ابن مسعود رضي الله عنه قال "يقول يرحمنا الله وإياكم" وعن ابن عباس رضي الله عنهما يقول "عافانا الله وإياكم من النار يرحمكم الله"

وحكمة مشروعية التشميت تحصيل المودة والتأليف بين المسلمين وتأديب العاطس بتخلية نفسه من الكبر وتحليتها بالتواضع لما في ذلك من ذكر الرحمة والإشعار بالذنب الذي لا يعرى عنه أكثر المكلفين ذكره ابن دقيق العيد

ويقول العاطس بعد التشميت يرحمنا الله وإياكم أو يغفر الله لنا ولكم وقيل يقول يهديكم الله ويصلح بالكم قال ابن بطال ذهب مالك والشافعي إلى أنه يتخير بين اللفظين قال ابن رشد والجمع بينهما أحسن إلا للذمي

ص: 606

5 -

وفي الحديث التنفير من التثاؤب وفي البخاري "إن أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشيطان" لأنها حالة تتغير فيها صورة المتثائب والشيطان يحب أن يرى الإنسان متثائبا

والتثاؤب مكروه وكراهته في الصلاة أشد منها في غيرها ولذلك نص عليها في روايتنا السابعة

6 -

والحث على كظم التثاؤب والحد منه ما أمكن ومحاولة منعه ابتداء بالأخذ في أسباب منعه ثم بالحد منه ومحاولة رده عند الرغبة فيه ثم بوضع يده على فمه وبإطباق شفتيه عند حدوثه تخفيفا من هيئته ثم يزجر نفسه لعدم رفع صوته فعند ابن ماجه "فليضع يده على فيه ولا يعوي"

7 -

ومن الرواية الأولى والثانية جواز السؤال عن علة الحكم

8 -

وبيان علة الحكم للسائل إذا كان في ذلك منفعة له

9 -

أن الإسلام دين الإحساس المرهف المحافظ على مشاعر الآخرين

10 -

الدعوة إلى كل ما يورث التواد والمحبة والتنفير مما يورث البغضاء

والله أعلم.

ص: 607