المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(792) باب هوان الدنيا والزهد فيها والتحذير من الاغترار بها - فتح المنعم شرح صحيح مسلم - جـ ١٠

[موسى شاهين لاشين]

فهرس الكتاب

- ‌(689) باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها

- ‌(690) باب تحريم التحاسد والتباغض والتدابر والظن والتحسس والتجسس والتنافس والتناجش والهجر فوق ثلاثة أيام

- ‌(691) باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه وماله

- ‌(692) باب النهي عن الشحناء

- ‌(693) باب فضل الحب في الله تعالى

- ‌(694) باب فضل عيادة المريض

- ‌(695) باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن أو نحو ذلك حتى الشوكة يشاكها

- ‌(696) باب تحريم الظلم

- ‌(697) باب نصر الأخ ظالما أو مظلوما

- ‌(698) باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتوادهم

- ‌(699) باب النهي عن السباب

- ‌(700) باب استحباب العفو والتواضع

- ‌(701) باب تحريم الغيبة

- ‌(702) باب من ستر الله عليه في الدنيا فإن الله يستر عليه في الآخرة

- ‌(703) باب مدارة من يتقي فحشه

- ‌(704) باب فضل الرفق

- ‌(705) باب النهي عن لعن الدواب وغيرها

- ‌(706) باب من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه وليس أهلا لذلك كان له زكاة وأجر ورحمة

- ‌(707) باب ذم ذي الوجهين وتحريم فعله

- ‌(708) باب تحريم الكذب وبيان ما يباح منه

- ‌(709) باب تحريم النميمة

- ‌(710) باب قبح الكذب وحسن الصدق وفضله

- ‌(711) باب فضل من يملك نفسه عند الغضب وبأي شيء يذهب الغضب وخلق الإنسان خلقا لا يتمالك

- ‌(712) باب النهي عن ضرب الوجه

- ‌(713) باب الوعيد الشديد لمن عذب الناس بغير حق

- ‌(714) باب أمر من مر بسلاح في مسجد أو سوق أو غيرهما من المواضع الجامعة للناس أن يمسك بنصالها والنهي عن الإشارة بالسلاح إلى مسلم

- ‌(715) باب فضل إزالة الأذى عن الطريق

- ‌(716) باب تحريم تعذيب الهرة ونحوها من الحيوان الذي لا يؤذي

- ‌(717) باب تحريم الكبر

- ‌(718) باب النهي عن تقنيط الإنسان من رحمة الله تعالى وفضل الضعفاء والخاملين والنهي عن قول هلك الناس

- ‌(719) باب الوصية بالجار والإحسان إليه

- ‌(720) باب استحباب طلاقة الوجه

- ‌(721) باب استحباب الشفاعة فيما ليس بحرام

- ‌(722) باب استحباب مجالسة الصالحين ومجانبة قرناء السوء

- ‌(723) باب فضل الإحسان إلى البنات

- ‌(724) باب فضل من يموت له ولد فيحتسبه

- ‌(725) باب إذا أحب الله عبدا أمر جبريل فأحبه وأحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض

- ‌(726) باب الأرواح جنود مجندة

- ‌(727) باب المرء مع من أحب

- ‌(728) باب إذا أثنى على الصالح فهي بشرى ولا تضره

- ‌كتاب القدر

- ‌(729) باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته

- ‌(730) باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام

- ‌(731) باب تصريف الله القلوب كيف شاء

- ‌(732) باب كل شيء بقدر

- ‌(733) باب قدر على ابن آدم حظه من الزنى وغيره

- ‌(734) باب معنى كل مولود يولد على الفطرة وحكم موتى أطفال الكفار، وأطفال المسلمين

- ‌(735) باب بيان أن الآجال والأرزاق وغيرها لا تزيد ولا تنقص عما سبق به القدر

- ‌(736) باب الإيمان بالقدر والإذعان له

- ‌كتاب العلم

- ‌(737) باب النهي عن اتباع متشابه القرآن والتحذير من متبعيه والنهي عن الاختلاف في القرآن

- ‌(738) باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان

- ‌(739) باب من سن سنة حسنة أو سيئة ومن دعا إلى هدى أو ضلالة

- ‌كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار

- ‌(740) باب الحث على ذكر الله تعالى

- ‌(741) باب في أسماء الله تعالى وفضل من أحصاها

- ‌(742) باب العزم في الدعاء ولا يقل إن شئت

- ‌(743) باب كراهة تمني الموت لضر نزل به

- ‌(744) باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه

- ‌(745) باب فضل الذكر والدعاء والتقرب إلى الله وحسن الظن به

- ‌(746) باب كراهة الدعاء بتعجيل العقوبة في الدنيا

- ‌(747) باب فضل مجالس الذكر

- ‌(748) باب فضل الدعاء باللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار

- ‌(749) باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء

- ‌(750) باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر

- ‌(751) باب استحباب الاستغفار والاستكثار منه والتوبة

- ‌(752) باب استحباب خفض الصوت بالذكر إلا في المواضع التي ورد الشرع برفعه فيها كالتلبية وغيرها واستحباب الإكثار من قول لا حول ولا قوة إلا بالله

- ‌(753) باب في الدعوات والتعوذ

- ‌كتاب الرقاق

- ‌(754) باب أكثر أهل الجنة الفقراء وأكثر أهل النار النساء وبيان الفتنة بالنساء

- ‌(755) باب قصة أصحاب الغار الثلاثة والتوسل بصالح الأعمال

- ‌كتاب التوبة

- ‌(756) باب في الحض على التوبة والفرح بها وسقوط الذنوب بالاستغفار

- ‌(757) باب فضل دوام الذكر والفكر في أمور الآخرة والمراقبة وجواز ترك ذلك في بعض الأوقات والاشتغال بالدنيا

- ‌(758) باب سعة رحمة الله وأنها تغلب غضبه

- ‌(759) باب قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت الذنوب والتوبة

- ‌(760) باب غيرة الله تعالى وتحريم الفواحش

- ‌(761) باب قوله تعالى {إن الحسنات يذهبن السيئات} [هود 114]

- ‌(762) باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله

- ‌(763) باب سعة رحمة الله تعالى على المؤمنين وفداء كل مسلم بكافر من النار

- ‌(764) باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه

- ‌(765) باب في حديث الإفك وقبول توبة القاذف وبراءة حرم النبي صلى الله عليه وسلم من الريبة

- ‌كتاب صفات المنافقين وأحكامهم

- ‌(766) باب صفات المنافقين وأحكامهم

- ‌كتاب صفة القيامة والجنة والنار

- ‌(767) باب من صفات القيامة

- ‌(768) باب ابتداء الخلق وخلق آدم عليه السلام

- ‌(769) باب صفة الأرض يوم القيامة ونزل أهل الجنة

- ‌(770) باب سؤال اليهود النبي صلى الله عليه وسلم عن الروح وقوله تعالى {ويسألونك عن الروح}

- ‌(771) باب في مواقف للكفار والرد عليهم الذي قال لأوتين مالا وولدا - وإن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى - الدخان - انشقاق القمر - ادعاء الند والولد

- ‌باب الدخان

- ‌باب انشقاق القمر

- ‌باب لا أحد أصبر على أذى من الله عز وجل

- ‌(772) باب طلب الكافر الفداء بملء الأرض ذهبا

- ‌(773) باب جزاء المؤمن بحسناته في الدنيا والآخرة وتعجيل جزاء حسنات الكافر في الدنيا

- ‌(774) باب مثل المؤمن كالزرع ومثل المنافق والكافر كالأرزة

- ‌(775) باب مثل المؤمن مثل النخلة

- ‌(776) باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس وأن مع كل إنسان قرينا

- ‌(777) باب لن يدخل أحدا عمله الجنة

- ‌(778) باب الإكثار من الطاعة والاجتهاد في العبادة

- ‌(779) باب الاقتصاد في الموعظة

- ‌كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها

- ‌(780) باب صفة نعيمها وأهلها

- ‌(781) باب جهنم أعاذنا الله منها وصفتها وأهلها

- ‌(782) باب فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة

- ‌(783) باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار وعرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه وإثبات عذاب القبر والتعوذ منه

- ‌(784) باب إثبات الحساب

- ‌(785) باب الأمر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت

- ‌كتاب الفتن وأشراط الساعة

- ‌(786) باب اقتراب الفتن وفتح ردم يأجوج ومأجوج والجيش الذي يخسف به وتواجه المسلمين بسيفيهما وبعض أشراط الساعة

- ‌(787) باب ذكر ابن صياد

- ‌(788) باب ذكر الدجال

- ‌(789) باب قصة الجساسة والدجال

- ‌(790) باب فضل العبادة في آخر الزمان

- ‌(791) باب قرب الساعة وما بين النفختين

- ‌كتاب الزهد

- ‌(792) باب هوان الدنيا والزهد فيها والتحذير من الاغترار بها

- ‌(793) باب النهي عن الدخول على أهل الحجر إلا من يدخل باكيا

- ‌(794) باب فضل الإحسان إلى الأرملة والمسكين واليتيم

- ‌(795) باب فضل بناء المساجد

- ‌(796) باب فضل الإنفاق على المسكين وابن السبيل

- ‌(797) باب تحريم الرياء

- ‌(798) باب حفظ اللسان

- ‌(799) باب عقوبة من يأمر بالمعروف ولا يفعله وينهى عن المنكر ويفعله

- ‌(800) باب النهي عن هتك الإنسان ستر نفسه

- ‌(801) باب تشميت العاطس وكراهة التثاؤب

- ‌(802) باب في أحاديث متفرقة

- ‌(803) باب النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط وخيف منه الفتنة على الممدوح

- ‌(804) باب التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم

- ‌(805) باب قصة أصحاب الأخدود والساحر والراهب والغلام

- ‌(806) باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر

- ‌(807) باب في حديث الهجرة ويقال له حديث الرحل

- ‌كتاب التفسير

- ‌(808) باب كتاب التفسير

الفصل: ‌(792) باب هوان الدنيا والزهد فيها والتحذير من الاغترار بها

(792) باب هوان الدنيا والزهد فيها والتحذير من الاغترار بها

6448 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر"

6449 -

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بالسوق داخلا من بعض العالية والناس كنفته فمر بجدي أسك ميت فتناوله فأخذ بأذنه ثم قال "أيكم يحب أن هذا له بدرهم" فقالوا ما نحب أنه لنا بشيء وما نصنع به قال "أتحبون أنه لكم" قالوا والله لو كان حيا كان عيبا فيه لأنه أسك فكيف وهو ميت فقال "فوالله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم"

6450 -

وفي رواية عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله غير أن في حديث الثقفي فلو كان حيا كان هذا السكك به عيبا

6451 -

عن مطرف عن أبيه رضي الله عنه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ {ألهاكم التكاثر} قال "يقول ابن آدم مالي مالي (قال) وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت"

6452 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "يقول العبد مالي مالي إنما له من ماله ثلاث ما أكل فأفنى أو لبس فأبلى أو أعطى فاقتنى وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس"

ص: 565

6453 -

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يتبع الميت ثلاثة فيرجع اثنان ويبقى واحد يتبعه أهله وماله وعمله فيرجع أهله وماله ويبقى عمله"

6454 -

عن عمرو بن عوف رضي الله عنه وهو حليف بني عامر بن لؤي وكان شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو صالح أهل البحرين وأمر عليهم العلاء بن الحضرمي فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة فوافوا صلاة الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف فتعرضوا له فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم ثم قال "أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشيء من البحرين" فقالوا أجل يا رسول الله قال "فأبشروا وأملوا ما يسركم فوالله ما الفقر أخشى عليكم ولكني أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم"

6455 -

وفي رواية عن الزهري بإسناد يونس ومثل حديثه غير أن في حديث صالح "وتلهيكم كما ألهتهم"

6456 -

عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "إذا فتحت عليكم فارس والروم أي قوم أنتم قال عبد الرحمن بن عوف نقول كما أمرنا الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أو غير ذلك تتنافسون ثم تتحاسدون ثم تتدابرون ثم تتباغضون أو نحو ذلك ثم تنطلقون في مساكين المهاجرين فتجعلون بعضهم على رقاب بعض"

ص: 566

6457 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخلق فلينظر إلى من هو أسفل منه ممن فضل عليه"

6458 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "انظروا إلى من أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله" قال أبو معاوية "عليكم"

6459 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول "إن ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى فأراد الله أن يبتليهم فبعث إليهم ملكا فأتى الأبرص فقال أي شيء أحب إليك قال لون حسن وجلد حسن ويذهب عني الذي قد قذرني الناس قال فمسحه فذهب عنه قذره وأعطي لونا حسنا وجلدا حسنا قال فأي المال أحب إليك قال الإبل (أو قال البقر شك إسحق) إلا أن الأبرص أو الأقرع قال أحدهما الإبل وقال الآخر البقر (قال فأعطي ناقة عشراء فقال بارك الله لك فيها قال فأتى الأقرع فقال أي شيء أحب إليك قال شعر حسن ويذهب عني هذا الذي قد قذرني الناس قال فمسحه فذهب عنه وأعطي شعرا حسنا قال فأي المال أحب إليك قال البقر فأعطي بقرة حاملا فقال بارك الله لك فيها قال فأتى الأعمى فقال أي شيء أحب إليك قال أن يرد الله إلي بصري فأبصر به الناس قال فمسحه فرد الله إليه بصره قال فأي المال أحب إليك قال الغنم فأعطي شاة والدا فأنتج هذان وولد هذا قال فكان لهذا واد من الإبل ولهذا واد من البقر ولهذا واد من الغنم قال ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته فقال رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال بعيرا أتبلغ عليه في سفري فقال الحقوق كثيرة فقال له كأني أعرفك ألم تكن أبرص يقذرك الناس فقيرا فأعطاك الله

ص: 567

فقال إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر فقال إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت قال وأتى الأقرع في صورته فقال له مثل ما قال لهذا ورد عليه مثل ما رد على هذا فقال إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت قال وأتى الأعمى في صورته وهيئته فقال رجل مسكين وابن سبيل انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري فقال قد كنت أعمى فرد الله إلي بصري فخذ ما شئت ودع ما شئت فوالله لا أجهدك اليوم شيئا أخذته

لله فقال أمسك مالك فإنما ابتليتم فقد رضي عنك وسخط على صاحبيك".

6460 -

عن عامر بن سعد قال كان سعد بن أبي وقاص في إبله فجاءه ابنه عمر فلما رآه سعد قال أعوذ بالله من شر هذا الراكب فنزل فقال له أنزلت في إبلك وغنمك وتركت الناس يتنازعون الملك بينهم فضرب سعد في صدره فقال اسكت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي"

6461 -

عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال والله إني لأول رجل من العرب رمى بسهم في سبيل الله ولقد كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لنا طعام نأكله إلا ورق الحبلة وهذا السمر حتى إن أحدنا ليضع كما تضع الشاة ثم أصبحت بنو أسد تعزرني على الدين لقد خبت إذا وضل عملي. ولم يقل ابن نمير إذا.

6462 -

وفي رواية عن إسمعيل بن أبي خالد بهذا الإسناد وقال حتى إن كان أحدنا ليضع كما تضع العنز ما يخلطه بشيء

6463 -

عن خالد بن عمير العدوي قال خطبنا عتبة بن غزوان فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإن الدنيا قد آذنت بصرم وولت حذاء ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء يتصابها صاحبها وإنكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها فانتقلوا بخير ما بحضرتكم فإنه قد ذكر لنا أن الحجر يلقى من شفة جهنم فيهوي فيها سبعين عاما لا يدرك

ص: 568

لها قعرا ووالله لتملأن أفعجبتم ولقد ذكر لنا أن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة وليأتين عليها يوم وهو كظيظ من الزحام ولقد رأيتني سابع سبعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لنا طعام إلا ورق الشجر حتى قرحت أشداقنا فالتقطت بردة فشققتها بيني وبين سعد بن مالك فاتزرت بنصفها واتزر سعد بنصفها فما أصبح اليوم منا أحد إلا أصبح أميرا على مصر من الأمصار وإني أعوذ بالله أن أكون في نفسي عظيما وعند الله صغيرا وإنها لم تكن نبوة قط إلا تناسخت حتى يكون آخر عاقبتها ملكا فستخبرون وتجربون الأمراء بعدنا.

6464 -

وفي رواية عن خالد بن عمير وقد أدرك الجاهلية قال خطب عتبة بن غزوان وكان أميرا على البصرة فذكر نحو حديث شيبان

6465 -

عن عتبة بن غزوان رضي الله عنه قال لقد رأيتني سابع سبعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما طعامنا إلا ورق الحبلة حتى قرحت أشداقنا؟

6466 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة قال "هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة ليست في سحابة" قالوا لا قال "فهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ليس في سحابة" قالوا لا قال "فوالذي نفسي بيده لا تضارون في رؤية ربكم إلا كما تضارون في رؤية أحدهما قال فيلقى العبد فيقول أي فل ألم أكرمك وأسودك وأزوجك وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع فيقول بلى قال فيقول أفظننت أنك ملاقي فيقول لا فيقول فإني أنساك كما نسيتني ثم يلقى الثاني فيقول أي فل ألم أكرمك وأسودك وأزوجك وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع فيقول بلى أي رب فيقول أفظننت أنك ملاقي فيقول لا فيقول فإني أنساك كما نسيتني ثم يلقى الثالث فيقول له مثل ذلك فيقول يا رب آمنت بك وبكتابك وبرسلك وصليت وصمت وتصدقت ويثني بخير ما استطاع فيقول ها هنا إذا قال ثم يقال له الآن نبعث شاهدنا عليك ويتفكر في نفسه من ذا الذي يشهد علي

ص: 569

فيختم على فيه ويقال لفخذه ولحمه وعظامه انطقي فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله وذلك ليعذر من نفسه وذلك المنافق وذلك الذي يسخط الله عليه"

6467 -

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك فقال "هل تدرون مم أضحك" قال قلنا الله ورسوله أعلم قال "من مخاطبة العبد ربه يقول يا رب ألم تجرني من الظلم قال يقول بلى قال فيقول فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهدا مني قال فيقول كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا وبالكرام الكاتبين شهودا قال فيختم على فيه فيقال لأركانه انطقي قال فتنطق بأعماله قال ثم يخلي بينه وبين الكلام قال فيقول بعدا لكن وسحقا فعنكن كنت أناضل"

6468 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا"

6469 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا" وفي رواية عمرو "اللهم ارزق"

6470 -

وفي رواية عن عمارة بن القعقاع بهذا الإسناد وقال "كفافا".

6471 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم منذ قدم المدينة من طعام بر ثلاث ليال تباعا حتى قبض.

6472 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام تباعا من خبز بر حتى مضى لسبيله.

ص: 570

6473 -

عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم من خبز شعير يومين متتابعين حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم.

6474 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم من خبز بر فوق ثلاث.

6475 -

عن عائشة رضي الله عنها ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم من خبز البر ثلاثا حتى مضى لسبيله.

6476 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم يومين من خبز بر إلا وأحدهما تمر

6477 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت إن كنا آل محمد صلى الله عليه وسلم لنمكث شهرا ما نستوقد بنار إن هو إلا التمر والماء

6478 -

-/- وفي رواية عن هشام بن عروة بهذا الإسناد إن كنا لنمكث ولم يذكر آل محمد وزاد أبو كريب في حديثه عن ابن نمير إلا أن يأتينا اللحيم

6479 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في رفي من شيء يأكله ذو كبد إلا شطر شعير في رف لي فأكلت منه حتى طال علي فكلته ففني.

6480 -

عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقول والله يا ابن أختي إن كنا لننظر إلى الهلال ثم الهلال ثم الهلال ثلاثة أهلة في شهرين وما أوقد في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار قال قلت يا خالة فما كان يعيشكم قالت الأسودان التمر والماء إلا أنه قد

ص: 571

كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار وكانت لهم منائح فكانوا يرسلون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من ألبانها فيسقيناه

6481 -

عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت لقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما شبع من خبز وزيت في يوم واحد مرتين

6482 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين شبع الناس من الأسودين التمر والماء

6483 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شبعنا من الأسودين الماء والتمر

6484 -

-/- وفي رواية عن سفيان وما شبعنا من الأسودين.

6485 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال والذي نفسي بيده (وقال ابن عباد والذي نفس أبي هريرة بيده) ما أشبع رسول الله صلى الله عليه وسلم أهله ثلاثة أيام تباعا من خبز حنطة حتى فارق الدنيا

6486 -

عن أبي حازم قال رأيت أبا هريرة يشير بإصبعه مرارا يقول والذي نفس أبي هريرة بيده ما شبع نبي الله صلى الله عليه وسلم وأهله ثلاثة أيام تباعا من خبز حنطة حتى فارق الدنيا

6487 -

عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال ألستم في طعام وشراب ما

ص: 572

شئتم لقد رأيت نبيكم صلى الله عليه وسلم وما يجد من الدقل ما يملأ به بطنه. وقتيبة لم يذكر به.

6488 -

وفي رواية عن سماك بهذا الإسناد نحوه وزاد في حديث زهير وما ترضون دون ألوان التمر والزبد.

6489 -

عن سماك بن حرب قال سمعت النعمان يخطب قال ذكر عمر ما أصاب الناس من الدنيا فقال لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يظل اليوم يلتوي ما يجد دقلا يملأ به بطنه.

6490 -

عن عبد الله بن عمرو بن العاص وسأله رجل فقال ألسنا من فقراء المهاجرين فقال له عبد الله ألك امرأة تأوي إليها قال نعم قال ألك مسكن تسكنه قال نعم قال فأنت من الأغنياء قال فإن لي خادما قال فأنت من الملوك قال أبو عبد الرحمن وجاء ثلاثة نفر إلى عبد الله بن عمرو بن العاص وأنا عنده فقالوا يا أبا محمد إنا والله ما نقدر على شيء لا نفقة ولا دابة ولا متاع فقال لهم ما شئتم إن شئتم رجعتم إلينا فأعطيناكم ما يسر الله لكم وإن شئتم ذكرنا أمركم للسلطان وإن شئتم صبرتم فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة إلى الجنة بأربعين خريفا" قالوا فإنا نصبر لا نسأل شيئا

-[المعنى العام]-

مجموعة من الأحاديث تشترك في الدعوة إلى الزهد والتقلل من الدنيا نعم لكل حديث منها طعم ولون ورائحة ولكل حديث أسلوبه ووقائعه ولكن الهدف واحد الدعوة إلى الزهد فالدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر والدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة وهي أهون على الله من جدي ميت على الناس وما يعتز به ابن آدم من مال وأملاك وبنين سيتخلى عنه يوم يموت ولا يبقى معه إلا عمله وكل ما يجمعه ويجري وراءه لن يأخذ منه إلا لقمة يأكلها أو خرقة يلبسها ثم يتركه إلى الورثة

ص: 573

محبين له أو مبغضين فليضع جزءا منه للصدقات وأعمال البر لينفعه يوم القيامة إن الإنسان مسئول عن كل درهم من ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وكلما زاد ماله زادت مسئوليته فالغنى أشد خطرا على المسلم من الفقر فما أهلك الأمم السابقة إلا التنافس في الأموال حملهم ذلك على الحقد والحسد والتدابر والتباغض بل على القتل وسفك الدماء فليحمد كل إنسان ربه على ما أعطاه ولينظر إلى من هو أقل منه مالا ودنيا ليعلم مقدار ما عنده من نعم وشكر النعمة يزيدها مصداقا لقوله تعالى {لئن شكرتم لأزيدنكم} [إبراهيم 7] وشكر النعمة يكون بالاعتراف بها ونفع الناس بها وقد كانت عاقبة الثلاثة من بني إسرائيل شاهدة على ذلك لم يشكر الأقرع والأبرص فمحقت نعمتهما وشكر الأعمى فبورك له فيها

ويوم القيامة يسأل الإنسان عما كان فيه من نعيم مصداقا لقوله تعالى {ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين ثم لتسألن يومئذ عن النعيم} [التكاثر 1 - 7] والمتدبر لمعيشة الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم قيمة الزاهدين

-[المباحث العربية]-

(الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر) معناه أن كل مؤمن مسجون ممنوع في الدنيا من الشهوات المحرمة والمكروهة مكلف بفعل الطاعات الشاقة فإذا مات استراح من هذا وانقلب إلى ما أعد الله تعالى له من النعيم الدائم والراحة الخالصة من النقصان وأما الكافر فإنما له من ذلك ما حصل في الدنيا مع قلته وتكديره بالمنغصات فإذا مات صار إلى العذاب الدائم وشقاء الأبد

(داخلا من بعض العالية) العالية ضاحية من ضواحي المدينة

(والناس كنفتيه) بفتح الكاف والنون والفاء والتاء أي جانبيه وفي بعض النسخ "كنفته" بالإفراد أي جانبه

(فمر بجدي أسك ميت)"أسك" بفتح الهمزة والسين وتشديد الكاف أي صغير الأذنين وصغر الأذنين عيب فيه

(فتناوله فأخذ بأذنه) أي فتناوله ولمسه بعصاه ولمس أذنه بالعصا

(أتحبون أنه لكم) بدون درهم

(ألهاكم التكاثر) أي شغلكم جمع المال والإكثار منه عن آخرتكم والعمل من أجلها

(يقول ابن آدم مالي) في الرواية الثالثة والرابعة "مالي مالي" مرتين أي يعتز به ويفتخر به ويعتمد عليه

ص: 574

(وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت) أي فنفذت عطاءك وأكملته وأتممته من غير من ولا أذى والاستفهام إنكاري بمعنى النفي أي ليس لك من مالك إلا كذا وكذا وكذا وما عدا ذلك فهو لورثتك

ففي الرواية الرابعة "يقول العبد مالي مالي إنما له من ماله ثلاث ما أكل فأفنى أو لبس فأبلى أو أعطى فاقتنى" قال النووي هكذا هو في معظم النسخ ولمعظم الرواة "فاقتنى" بالتاء ومعناه ادخره لآخرته أي ادخر ثوابه وفي بعضها "فأقنى" بحذف التاء أي أرضى الله وأرضى الفقير "وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس"

(يتبع الميت ثلاثة فيرجع اثنان ويبقى واحد يتبعه أهله وماله وعمله فيرجع أهله وماله ويبقى عمله) تبعية هذه الثلاثة غالبية فقد لا يتبعه إلا عمله فقط والمراد من يتبع جنازته من أهله ورفاقه وإذا انقضى أمر الحزن عليه رجعوا سواء أقاموا بعد الدفن أم لا ومعنى بقاء عمله أنه يدخل معه القبر والتبعية بعضها حقيقة وبعضها مجاز ففيه استعمال اللفظ الواحد في حقيقته ومجازه

(ما الفقر أخشى عليكم)"الفقر" منصوب مفعول به مقدم لأخشى وقال الطيبي فائدة تقديم المفعول هنا الاهتمام بشأن الفقر فإنه الوالد المشفق إذا حضره الموت كان اهتمامه بحال ولده في المال فأعلم صلى الله عليه وسلم أصحابه أنه وإن كان لهم في الشفقة عليهم كالأب لكن حاله في أمر المال يخالف حال الوالد وأنه لا يخشى عليهم الفقر كما يخشاه الوالد ولكن يخشى عليهم من الغنى الذي هو مطلوب الوالد لولده

(فتنافسوها) بفتح التاء مع حذف إحدى التاءين أي فتتنافسوها والتنافس من المنافسة وهي الرغبة في الشيء ومحبة الانفراد به والمغالبة عليه وأصلها من الشيء النفيس

(وتهلككم كما أهلكتهم) لأن المال مرغوب فيه فترتاح النفس لطلبه فتمنع منه فتقع العداوة المقتضية للمقاتلة المفضية إلى الهلاك وفي الرواية السابعة" إذا فتحت عليكم فارس والروم أي قوم أنتم" أي على أي حال ستكونون قال "نقول كما أمرنا الله" أي نحمده ونشكره ونسأله المزيد من فضله قال صلى الله عليه وسلم "أو غير ذلك تتنافسون ثم تتحاسدون ثم تتدابرون ثم تتباغضون ثم تنطلقون في مساكين المهاجرين فتجعلون بعضهم على رقاب بعض" أي تنطلقون في ضعاف المهاجرين فتجعلون بعضهم أمراء على بعض

(إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخلق فلينظر إلى من هو أسفل منه ممن فضل عليه)"فضل" بضم الفاء مبني للمجهول و"الخلق" بفتح الخاء وسكون اللام أي الصورة والخلقة ويحتمل أن يدخل فيه الأولاد والأتباع وكل ما يتعلق بزينة الحياة الدنيا وفي الرواية التاسعة "انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا

ص: 575

نعمة الله" أي أحق وأحرى بعدم الازدراء والازدراء افتعال من زريت عليه وأزريت به إذا تنقصته وفي معناه ما أخرجه الحاكم "أقلوا الدخول على الأغنياء فإنه أحرى أن لا تزدروا نعمة الله"

وفي الحديث "خصلتان من كانتا فيه كتبه الله شاكرا صابرا من نظر في دنياه إلى من هو دونه فحمد الله على ما فضله به عليه ومن نظر في دينه إلى من هو فوقه فاقتدى به" ومن نظر في دنياه إلى من هو فوقه فأسف على ما فاته فإنه لا يكتب شاكرا ولا صابرا

قال ابن بطال هذا الحديث جامع لمعاني الخير لأن المرء لا يكون بحال تتعلق بالدين من عبادة ربه مجتهدا فيها إلا وجد من هو فوقه فمتى طلبت نفسه اللحاق به استقصر حاله فيكون أبدا في زيادة تقربه من ربه ولا يكون على حالة خسيسة من الدنيا إلا وجد من أهلها من هو أخس منه حالا فإذا تفكر في ذلك علم أن نعمة الله وصلت إليه دون كثير ممن فضل عليه بذلك فيلزم نفسه الشكر فيعظم اغتباطه بذلك في معاده

(إن ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى) بالنصب بدل من "ثلاثة"

(فأراد الله أن يبتليهم) وفي بعض النسخ "أن يبليهم" بإسقاط التاء ومعناهما الاختبار وفي رواية البخاري "بدا لله عز وجل أن يبتليهم" بفتح الباء والدال بغير الهمز أي سبق في علم الله فأراد إظهاره وليس المراد أنه ظهر له بعد أن كان خافيا لأن ذلك محال في حق الله تعالى وقال صاحب المطالع ضبطناه على متقني شيوخنا بالهمز أي ابتدأ الله أن يبتليهم قال ورواه كثير من الشيوخ بغير همز وهو خطأ اهـ

قال الحافظ ابن حجر وأولى ما يحمل عليه أن المراد قضى الله أن يبتليهم

(فبعث إليهم ملكا) ليأتي كل واحد منهم على حدة

(فأتى الأبرص فقال أي شيء أحب إليك قال لون حسن وجلد حسن ويذهب عني الذي قد قذرني الناس)"قذرني" بفتح القاف والذال مخففة يقال قذره الناس وقذر الرجل الشيء يقذره بضم الذال قذرا بسكونها جعله واعتبره قذرا بكسر الذال وقذر بكسر الذال يقذر بفتحها أي اتسخ فهو قذر بكسرها وقذر الشيء بكسر الذال وجده قذرا وكرهه لوسخه واجتنبه فيصح في روايتنا كسر الذال وفتحها أي اشمأز الناس من رؤيتي وفي رواية حكاها الكرماني "قذروني الناس" على لغة أكلوني البراغيث

(فمسحه فذهب عنه قذره وأعطي لونا حسنا وجلدا حسنا) أي مسح على جسمه

(قال فأي المال أحب إليك قال الإبل أو قال البقر) شك في ذلك فالأبرص والأقرع قال أحدهما الإبل وقال الآخر البقر فشك إسحاق

(فأعطي ناقة عشراء فقال بارك الله لك فيها) الناقة العشراء بضم العين

ص: 576

وفتح الشين الحامل القريبة الولادة أي أعطي الذي تمنى الإبل وفي رواية البخاري "يبارك لك فيها"

(فأتى الأقرع فقال أي شيء أحب إليك قال شعر حسن ويذهب عني هذا الذي قد قذرني الناس

) قوله "ويذهب عني

تصريح باللازم لتأكيد المطلب

(فأي المال أحب إليك قال البقر فأعطي بقرة حاملا) أي حبلى ولم يؤنث لأنه وصف خاص بالإناث

(وأتى الأعمى

فأعطي شاة والدا) أي ذات ولد أي حاملا وقيل وضعت ولدها وهو معها

(فأنتج هذان) قال النووي هكذا الرواية "فأنتج" رباعي بضم الهمزة وهي لغة قليلة الاستعمال والمشهور "نتج" بضم النون ثلاثي وممن حكى اللغتين الأخفش ومعناه توالي الولادة وهي النتج والإنتاج اهـ والإشارة "هذان" لصاحب الإبل وصاحب البقر

(وولد هذا) بفتح الواو وتشديد اللام المفتوحة والإشارة لصاحب الغنم والناتج للإبل والمولد للغنم أي القائم على توليدها كالقابلة بالنسبة للنساء

ويلاحظ في الثلاثة وصف الفقر والمسكنة في حالتهم الأولى وإن لم يذكر أخذا من المقام

(ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته) الأولى أي في صورة أبرص

(فقال رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال بعيرا أتبلغ عليه في سفري)"الحبال" بكسر الحاء وفتح الباء مخففة جمع حبل أي الأسباب التي أقطعها في طلب الرزق وقيل العقبات وقيل الحبل هو المستطيل من الرمل ولبعض رواة مسلم "الحيل" بالياء بدل الباء جمع حيلة أي لم يبق لي حيلة ولبعض رواة البخاري "الجبال" بالجيم وهو تصحيف ومعنى "أتبلغ عليه" وفي رواية "به" من البلغة وهي الكفاية والمعنى أتوصل به إلى مرادي

(فقال الحقوق كثيرة) أي مطالب الحياة كثيرة يضيق عنها ما ترى من مال فلا أستطيع إجابة طلبك

(إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر) أي أنا كبير وغني عن أب كبير وغني عن جد كذلك "وكابرا" منصوب على الحالية ولم يتعرض في جوابه للبرص لأنه غير المطلوب

(إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت) فعل "صيرك" لفظه خبر ومعناه دعاء وقيل

ص: 577

هو خبر لفظا ومعنى معبر فيه عن المضارع بالماضي لتحقق الوقوع على احتمال أن الملك كان عالما بالنتيجة من الله تعالى

(رجل مسكين وابن سبيل

) أي قال له مثل ما قال للآخرين وزيادة "ابن سبيل" هنا ليست زيادة فمعناها حاصل في كلامه لأخويه

(فوالله لا أجهدك اليوم شيئا أخذته لله) بفتح التاء للمخاطب قال النووي هكذا هو في رواية الجمهور "أجهدك" بالجيم والهاء أي لا أشق عليك برد شيء تأخذه أو تطلبه من مالي والجهد المشقة وفي رواية للبخاري "لا أحمدك" أي لا أحمدك على ترك شيء تحتاج إليه من مالي فلم تأخذه فالحمد المنفي ليس على الأخذ بل على عدم الأخذ ففي الكلام مضاف محذوف كقول الشاعر

وليس على طول الحياة تندم

إذ مراده وليس على عدم طول الحياة تندم قال القاضي عياض لم يتضح هذا المعنى لبعض الناس فقال لعله "لا أمنعك" وهذا تكلف اهـ ويحتمل أن قوله "أحمدك" بتشديد الميم أي لا أطلب حمدك وشكرك ولا أمتن عليك

(فإنما ابتليتم) بضم التاء الأولى مبني للمجهول أي اختبرتم والخطاب للثلاثة

(فقد رضي عنك وسخط على صاحبيك) بضم الراء وكسر الضاد مبني للمجهول وكذا "سخط"

(وكان سعد بن أبي وقاص في إبله فجاءه ابنه عمر فلما رآه سعد قال أعوذ بالله من شر هذا الراكب) أي لما رأى سعد ابنه من بعيد راكبا مسرعا دخل في قلبه أن هذا الراكب جاء بشر فاستعاذ بالله من شره وكان إلهامه صحيحا فقد جاء ابنه يطلب منه السعي وراء الأضواء وزهرة الدنيا وهو لا يريدها

(أنزلت في إبلك وغنمك وتركت الناس يتنازعون الملك بينهم) الاستفهام إنكاري توبيخي أي لا ينبغي ولا يليق أن تفعل ذلك وهو أحد الستة الذين رشحهم عمر رضي الله عنه للخلافة بعده وقال فيه إن وليها سعد فذاك وإلا فليستعن به الوالي وهو من السابقين إلى الإسلام قيل كان سابع ستة وكان مسدد الرمية مجاب الدعوة أحد الفرسان الشجعان من قريش الذين كانوا يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم في مغازيه وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راض عنهم وهو الذي تولى قتال فارس وفتح الله على يديه القادسية وغيرها وولاه عمر الكوفة ثم عزله وكانت هذه المقولة بين ابنه وبينه بعد مقتل عثمان وكان سعد ممن قعد عن الفتنة ولزم بيته وأمر أهله ألا يخبروه بشيء من أخبار الناس حتى تجتمع الأمة على إمام وظن معاوية أن سعدا بذلك

ص: 578

يتخلى عن علي رضي الله عنه وأنه يمكن أن يضمه إليه فكتب إليه يدعوه إلى عونه على المطالبة بدم عثمان فأجابه سعد

معاوي داءك الداء العياء

وليس لما تجيء به دواء

أيدعوني أبو حسن علي

فلم أردد عليه ما يشاء

وقلت له أعطني سيفا بصيرا

تميز به العداوة والولاء

فإن الشر أصغره كثير

وإن الظهر تثقله الدماء

أتطمع في الذي أعطى عليا

على ما قد طمعت به العفاء

ليوم منه خير منك حيا

وميتا أنت للمرء الفداء

فأما أمر عثمان فدعه

فإن الرأي أذهبه البلاء

مات رضي الله عنه في قصره بالعقيق على عشرة أميال من المدينة وحمل إلى المدينة فدفن بها بالبقيع سنة خمس وخمسين وله من العمر بضع وسبعون على المشهور روى أنه لما حضره الموت دعا بجبة خلق من صوف فقال كفنوني فيها فإني لقيت المشركين فيها يوم بدر وكنت أخبؤها لهذا رضي الله عنه وأرضاه

(فضرب سعد في صدره فقال اسكت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي) قال النووي المراد بالغني غني النفس هذا هو الغني المحبوب لقوله صلى الله عليه وسلم "ولكن الغني غني النفس" وأشار القاضي إلى أن المراد الغني بالمال وأما "الخفي" فبالخاء هذا هو الموجود في النسخ والمعروف في الروايات وذكر القاضي أن بعض رواة مسلم رواه بالحاء ومعناه بالخاء الخامل المنقطع إلى العبادة وللاشتغال بأمور نفسه وهو مراقب ربه ومعناه بالحاء الوصول للرحم اللطيف بهم وبغيرهم من الضعفاء والمناسب للمقام رواية الخاء

(إني لأول رجل من العرب رمى بسهم في سبيل الله) وذلك في سرية عبيدة بن الحارث وكان معه يومئذ المقداد بن عمرو وعتبة بن غزوان ويروى أن سعدا قال في ذلك شعرا

ألا هل جا رسول الله أني

حميت صحابتي بصدور نبلي

أذود بها عدوهم ذيادا

بكل حزونة وبكل سهل

فما يعتد رام من معد

بسهم مع رسول الله قبلي

(ولقد كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لنا طعام نأكله إلا ورق الحبلة وهذا السمر حتى إن أحدنا ليضع كما تضع الشاة)"الحبلة" بضم الحاء وسكون الباء و"السمر" بفتح

ص: 579

السين وضم الميم نوعان من شجر البادية قيل الحبلة شجر العضاء قال ابن العربي شجر يشبه اللوبية وفي ملحق الرواية "حتى إن كان أحدنا ليضع كما تضع العنز ما يخلطه بشيء" أي يتبرز بفضلات ورق الأشجار برازا غير مخلوط بأصناف الطعام

(ثم أصبحت بنو أسد تعزرني على الدين لقد خبت إذا وضل عملي) قالوا المراد ببني أسد بنو الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى قالوا ومعنى "تعزرني" بضم التاء وفتح العين وكسر الزاي المشددة أي تعلمني وتقومني ومنه تعزير السلطان وهو تقويمه بالتأديب وقال بعضهم معناه اللوم والعتب وقيل معناه توبخني على التقصير في الدين يستكثر أن يكون من السابقين إلى الإسلام ويقدمه آخرون في الدين ولعله يشير بذلك إلى الشكوى التي قدمها فيه أهل الكوفة إلى عمر بن الخطاب يقولون عنه إنه لا يحسن يصلي والتنوين في "إذا" في قوله "لقد خبت إذا" عوض عن المضاف إليه والتقدير لقد خبت إذا كنت سيئ الدين

(فإن الدنيا قد آذنت بصرم) بضم الصاد وسكون الراء أي انقطاع وذهاب و"آذنت" بهمزة ممدودة وفتح الذال أي أعلمت

(وولت حذاء)"ولت" بفتح الواو وتشديد اللام المفتوحة من ولى يولي بمعنى ذهب و"حذاء" بفتح الحاء ثم ذال مشددة بعدها ألف ممدودة أي مسرعة الانقطاع

(ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء يتصابها صاحبها)"الصبابة" بضم الصاد النقية اليسيرة من الشراب تبقى في أسفل الإناء وقوله "يتصابها" أي يشربها

(لا يدرك لها قعرا) قعر كل شيء أسفله

(وليأتين عليها يوم وهو كظيظ من الزحام) أي ممتلئ

(ما لنا طعام إلا ورق الشجر حتى قرحت أشداقنا) أي صارت فيها قروح وجراح من خشونة الورق وحرارته

(فالتقطت بردة فشققتها بيني وبين سعد بن مالك فاتزرت بنصفها واتزر سعد بنصفها فما أصبح اليوم منا أحد إلا أصبح أميرا على مصر من الأمصار) يقارن بين حالة الفقر والضنك التي كانوا فيها وبين حالة العز والسيادة التي صاروا فيها وسعد بن مالك هو سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بضم العين وسكون التاء وفتح الباء و"غزوان" بفتح الغين وسكون الزاي من السابقين الأولين هاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة كان رفيقا للمقداد شهد المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح الفتوح واختط البصرة قدم على عمر رضي الله عنهما يستعفيه من الإمارة فأبى فرجع فمات في الطريق سنة سبع عشرة وهو ابن سبع وخمسين على الصحيح

وفي ملحق الرواية الثالثة عشرة "وكان أميرا على البصرة"

ص: 580

(وإنها لم تكن نبوة قط إلا تناسخت) أي إلا أزيلت ومحيت وحل محلها شيء آخر

(حتى يكون آخر عاقبتها ملكا) وقد كان وتحولت الخلافة إلى ملك

(فستخبرون) بفتح التاء وسكون الخاء وضم الباء أي ستختبرون الأمراء وتختبرون بهم وترون منهم ما يذكركم أحوالنا وما كنا عليه من إصلاح

(ألم أكرمك وأسود له) أي أجعلك سيدا والاستفهام للتقرير

(وأذرك ترأس وتربع)"أذرك" بفتح الهمزة والذال وسكون الراء من يذر ذر أي يدع دع و"ترأس" بفتح التاء وسكون الراء وفتح الهمزة بعدها سين ومعناه رئيس القوم وكبيرهم وأما "تربع" فبفتح التاء والباء بينهما راء ساكنة معناه تأخذ المرباع الذي كانت ملوك الجاهلية تأخذه من الغنيمة وهو ربعها يقال ربعتهم أي أخذت ربع أموالهم ومعناه ألم أجعلك رئيسا مطاعا وقال القاضي عندي أن معناه تركتك مستريحا لا تحتاج إلى مشقة وتعب من قولهم أربع على نفسك أي أرفق بها وفي رواية "ترتع" بتاءين ومعناه تنعم وقيل تأكل وقيل تلهو وقيل تعيش في سعة

(فيقول ههنا إذا) معناه قف ههنا حتى تشهد عليك جوارحك

(فيقال لأركانه انطقي) أي فيقال لجوارحه انطقي

(فعنكن كنت أناضل) أي أدافع وأجادل

(اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا) وفي الرواية الثامنة عشرة "اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا" وفي ملحقها "كفافا" قيل المعنى اجعل رزقهم كفاية من غير إسراف وقيل "قوتا" أي كفافا أي سد الرمق

(ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم منذ قدم المدينة من طعام بر ثلاث ليال تباعا حتى قبض) في الرواية العشرين "ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام تباعا من خبز بر حتى مضى لسبيله" وفي الرواية الواحدة والعشرين "ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم من خبز شعير يومين متتابعين حتى قبض" وفي الرواية الثالثة والعشرين "من خبز البر ثلاثا" وفي الرابعة والعشرين "يومين من خبز بر إلا وأحدهما تمر" وفي الرواية الثامنة والعشرين "ما شبع من خبز وزيت في يوم واحد مرتين" وعند ابن سعد "كانت تأتي عليه أربعة أشهر ما يشبع من خبز البر" وفي رواية "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير في اليوم الواحد غداء وعشاء" وعند ابن سعد "ما شبع من غداء أو عشاء حتى لقى الله"

(إن كنا آل محمد صلى الله عليه وسلم لنمكث شهرا ما نستوقد بنار إن هو إلا التمر والماء) وفي ملحق الرواية "إن كنا لنمكث" و"إن" مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الحال والشأن محذوف

ص: 581

والجملة بعدها خبرها والتقدير إنه كنا

وزاد في هذا الملحق "إلا أن يأتينا اللحيم" وفي الرواية السابعة والعشرين "إن كنا لننظر إلى الهلال ثم الهلال ثم الهلال ثلاثة أهلة في شهرين وما أوقد في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار قال لها عروة ابن أختها يا خالة ما كان يعيشكم قالت الأسودان التمر والماء إلا أنه قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار وكانت لهم منائح فكانوا يرسلون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من ألبانها فيسقيناه""ما كان يعيشكم" بضم الياء وفتح العين وكسر الياء المشددة قال النووي وفي بعض النسخ المعتمدة "فما كان يقيتكم" وفي الرواية الثالثة والثلاثين "لقد رأيت نبيكم صلى الله عليه وسلم وما يجد من الدقل" بفتح الدال والقاف هو تمر ردئ "ما يملأ به بطنه" زاد في ملحق الرواية "وما ترضون دون ألوان التمر والزبد" وفي الرواية الرابعة والثلاثين "لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يظل اليوم يلتوي ما يجد دقلا يملأ به بطنه"

(توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في رفي من شيء يأكله ذو كبد إلا شطر شعير في رف لي فأكلت منه حتى طال علي فكلته ففنى) الرف بفتح الراء تجويف في حائط أو خشبة توضع على جانبي حائط ليوضع عليها الشيء والشطر هنا معناه شيء من شعير وقيل معناه نصف وسق و"ذو كبد" يشمل جميع الحيوان و"فكلته" بكسر الكاف

-[فقه الحديث]-

-[يؤخذ من الأحاديث]-

1 -

من الرواية الأولى مواساة أهل البلاء بأن الدنيا سجن المؤمن

2 -

ومن الرواية الثانية أدب التابعين مع المتبوع والإحاطة به من جانبيه

3 -

هوان الدنيا على الله وتحقير شأنها بالنسبة للآخرة ونعيمها

4 -

وجواز تمثيلها بالشيء الحقير والميت النتن

5 -

ومن الرواية الثالثة الحث على التصدق بالمال ومحاولة استخدامه للآخرة

6 -

ومن الرواية الخامسة أنه لا ينفع الميت إلا عمله

7 -

ومن الرواية السادسة خشيته صلى الله عليه وسلم على أمته من فتنة المال

8 -

وهو علم من أعلام النبوة وقد وقع

9 -

وفيها إشارة إلى أن مضرة الفقر دون مضرة الغنى لأن مضرة الفقر دنيوية ومضرة الغنى دينية غالبا

10 -

وقد يستدل به على أن الفقر أفضل من الغنى

ص: 582

11 -

وفيها الاعتبار والتبصير بالأمم السابقة

12 -

ومن الرواية الثامنة والتاسعة فضيلة النظر إلى من هو فوقه في الدين والنظر إلى من هو دونه في الدنيا

13 -

والحث على شكر نعمة الله وعدم ازدرائها

14 -

ومن الرواية العاشرة من قول الملك "رجل مسكين" استخدام المعاريض وضرب الأمثال ليتيقظ المخاطب

15 -

وفيها جواز ذكر ما وقع لمن مضى ليتعظ به من سمعه ولا يكون ذلك غيبة فيهم

16 -

والتحذير من كفران النعم

17 -

والترغيب في شكرها والاعتراف بها وحمد الله عليها

18 -

وفيها فضل الصدقة

19 -

والحث على الرفق بالضعفاء وإكرامهم وتبليغهم مآربهم

20 -

والزجر عن البخل لأنه حمل صاحبه على الكذب وعلى جحد نعمة الله تعالى

21 -

وفي الرواية الحادية عشرة منقبة لسعد بن أبي وقاص

22 -

والزهد في الإمارة والمناصب

23 -

وفضيلة الخامل المنقطع للعبادة المشتغل بأمور نفسه

24 -

قال النووي وفيها حجة لمن يقول الاعتزال أفضل من الاختلاط وفي المسألة خلاف

25 -

وفيها جواز مدح الإنسان نفسه عند الحاجة إذا أمن العجب

قال ابن الجوزي فإن قيل كيف ساغ لسعد أن يمدح نفسه ومن شأن المؤمن ترك ذلك لثبوت النهي عنه فالجواب أن ذلك ساغ له لما عيره الجهال بأنه لا يحسن الصلاة فاضطر إلى ذكر فضله

26 -

وفيها بيان ما كانوا عليه من الزهد في الدنيا والتقلل منها والزهد والصبر في طاعة الله على المشاق الشديدة

27 -

ومن الرواية الثالثة عشرة ما كانت عليه حالتهم في أول الأمر من شدة الحال وخشونة العيش والجهد ثم إنهم اتسعت عليهم الدنيا بالفتوحات وولوا الولايات

28 -

ومن الرواية التاسعة عشرة وما بعدها ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الزهد في الدنيا قال الطبري استشكل بعض الناس كون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يطوون الأيام جوعا مع ما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع لأهله قوت سنة وأنه قسم بين أربعة أنفس ألف بعير

ص: 583

مما أفاء الله عليه وأنه ساق في عمرته مائة بدنة فنحرها وأطعمها المساكين وأنه أمر لأعرابي بقطيع غنم وغير ذلك مع من كان معه من أصحاب الأموال كأبي بكر وعمر وعثمان وطلحة وغيرهم قال والجواب أن ذلك كان منهم في حالة دون حالة لا لعوز وضيق بل تارة للإيثار وتارة لكراهة الشبع ثم قال وما نفاه مطلقا فيه نظر لما تقدم من الأحاديث اهـ

قال الحافظ ابن حجر والحق أن الكثير منهم كانوا في حال ضيق قبل الهجرة حيث كانوا بمكة ثم لما هاجروا إلى المدينة كان أكثرهم كذلك فواساهم الأنصار بالمنازل والمنائح فلما فتحت لهم النضير وما بعدها ردوا عليهم منائحهم نعم كان النبي صلى الله عليه وسلم يختار ذلك مع إمكان التوسع والتبسط في الدنيا له كما أخرج الترمذي من حديث أبي أمامة "عرض على ربي ليجعل لي بطحاء مكة ذهبا فقلت لا يا رب ولكن أشبع يوما وأجوع يوما فإذا جعت تضرعت إليك وإذا شبعت شكرتك"

29 -

ومن الرواية السادسة والعشرين قال ابن بطال فيه أن الطعام المكيل يكون فناؤه معلوما للعلم بكيله وأن الطعام غير المكيل فيه البركة لأنه غير معلوم مقداره قال الحافظ ابن حجر في تعميمه كل الطعام بذلك نظر والذي يظهر أنه كان من الخصوصية لعائشة ببركة النبي صلى الله عليه وسلم ونحوه ما وقع في عكة المرأة قال القرطبي سبب رفع النماء عند الكيل الالتفات بعين الحرص مع معاينة إدرار نعم الله ومواهب كراماته وكثرة بركاته والغفلة عن الشكر عليها والثقة بالذي وهبها والميل إلى الأسباب المعتادة عند مشاهدة خرق العادة

30 -

ويستفاد منها أن من رزق شيئا أو أكرم بكرامة أو لطف به في أمر ما فالمتعين عليه موالاة الشكر وإضافة المنة لله تعالى

والله أعلم.

ص: 584