المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(724) باب فضل من يموت له ولد فيحتسبه - فتح المنعم شرح صحيح مسلم - جـ ١٠

[موسى شاهين لاشين]

فهرس الكتاب

- ‌(689) باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها

- ‌(690) باب تحريم التحاسد والتباغض والتدابر والظن والتحسس والتجسس والتنافس والتناجش والهجر فوق ثلاثة أيام

- ‌(691) باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه وماله

- ‌(692) باب النهي عن الشحناء

- ‌(693) باب فضل الحب في الله تعالى

- ‌(694) باب فضل عيادة المريض

- ‌(695) باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن أو نحو ذلك حتى الشوكة يشاكها

- ‌(696) باب تحريم الظلم

- ‌(697) باب نصر الأخ ظالما أو مظلوما

- ‌(698) باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتوادهم

- ‌(699) باب النهي عن السباب

- ‌(700) باب استحباب العفو والتواضع

- ‌(701) باب تحريم الغيبة

- ‌(702) باب من ستر الله عليه في الدنيا فإن الله يستر عليه في الآخرة

- ‌(703) باب مدارة من يتقي فحشه

- ‌(704) باب فضل الرفق

- ‌(705) باب النهي عن لعن الدواب وغيرها

- ‌(706) باب من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه وليس أهلا لذلك كان له زكاة وأجر ورحمة

- ‌(707) باب ذم ذي الوجهين وتحريم فعله

- ‌(708) باب تحريم الكذب وبيان ما يباح منه

- ‌(709) باب تحريم النميمة

- ‌(710) باب قبح الكذب وحسن الصدق وفضله

- ‌(711) باب فضل من يملك نفسه عند الغضب وبأي شيء يذهب الغضب وخلق الإنسان خلقا لا يتمالك

- ‌(712) باب النهي عن ضرب الوجه

- ‌(713) باب الوعيد الشديد لمن عذب الناس بغير حق

- ‌(714) باب أمر من مر بسلاح في مسجد أو سوق أو غيرهما من المواضع الجامعة للناس أن يمسك بنصالها والنهي عن الإشارة بالسلاح إلى مسلم

- ‌(715) باب فضل إزالة الأذى عن الطريق

- ‌(716) باب تحريم تعذيب الهرة ونحوها من الحيوان الذي لا يؤذي

- ‌(717) باب تحريم الكبر

- ‌(718) باب النهي عن تقنيط الإنسان من رحمة الله تعالى وفضل الضعفاء والخاملين والنهي عن قول هلك الناس

- ‌(719) باب الوصية بالجار والإحسان إليه

- ‌(720) باب استحباب طلاقة الوجه

- ‌(721) باب استحباب الشفاعة فيما ليس بحرام

- ‌(722) باب استحباب مجالسة الصالحين ومجانبة قرناء السوء

- ‌(723) باب فضل الإحسان إلى البنات

- ‌(724) باب فضل من يموت له ولد فيحتسبه

- ‌(725) باب إذا أحب الله عبدا أمر جبريل فأحبه وأحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض

- ‌(726) باب الأرواح جنود مجندة

- ‌(727) باب المرء مع من أحب

- ‌(728) باب إذا أثنى على الصالح فهي بشرى ولا تضره

- ‌كتاب القدر

- ‌(729) باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته

- ‌(730) باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام

- ‌(731) باب تصريف الله القلوب كيف شاء

- ‌(732) باب كل شيء بقدر

- ‌(733) باب قدر على ابن آدم حظه من الزنى وغيره

- ‌(734) باب معنى كل مولود يولد على الفطرة وحكم موتى أطفال الكفار، وأطفال المسلمين

- ‌(735) باب بيان أن الآجال والأرزاق وغيرها لا تزيد ولا تنقص عما سبق به القدر

- ‌(736) باب الإيمان بالقدر والإذعان له

- ‌كتاب العلم

- ‌(737) باب النهي عن اتباع متشابه القرآن والتحذير من متبعيه والنهي عن الاختلاف في القرآن

- ‌(738) باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان

- ‌(739) باب من سن سنة حسنة أو سيئة ومن دعا إلى هدى أو ضلالة

- ‌كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار

- ‌(740) باب الحث على ذكر الله تعالى

- ‌(741) باب في أسماء الله تعالى وفضل من أحصاها

- ‌(742) باب العزم في الدعاء ولا يقل إن شئت

- ‌(743) باب كراهة تمني الموت لضر نزل به

- ‌(744) باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه

- ‌(745) باب فضل الذكر والدعاء والتقرب إلى الله وحسن الظن به

- ‌(746) باب كراهة الدعاء بتعجيل العقوبة في الدنيا

- ‌(747) باب فضل مجالس الذكر

- ‌(748) باب فضل الدعاء باللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار

- ‌(749) باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء

- ‌(750) باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر

- ‌(751) باب استحباب الاستغفار والاستكثار منه والتوبة

- ‌(752) باب استحباب خفض الصوت بالذكر إلا في المواضع التي ورد الشرع برفعه فيها كالتلبية وغيرها واستحباب الإكثار من قول لا حول ولا قوة إلا بالله

- ‌(753) باب في الدعوات والتعوذ

- ‌كتاب الرقاق

- ‌(754) باب أكثر أهل الجنة الفقراء وأكثر أهل النار النساء وبيان الفتنة بالنساء

- ‌(755) باب قصة أصحاب الغار الثلاثة والتوسل بصالح الأعمال

- ‌كتاب التوبة

- ‌(756) باب في الحض على التوبة والفرح بها وسقوط الذنوب بالاستغفار

- ‌(757) باب فضل دوام الذكر والفكر في أمور الآخرة والمراقبة وجواز ترك ذلك في بعض الأوقات والاشتغال بالدنيا

- ‌(758) باب سعة رحمة الله وأنها تغلب غضبه

- ‌(759) باب قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت الذنوب والتوبة

- ‌(760) باب غيرة الله تعالى وتحريم الفواحش

- ‌(761) باب قوله تعالى {إن الحسنات يذهبن السيئات} [هود 114]

- ‌(762) باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله

- ‌(763) باب سعة رحمة الله تعالى على المؤمنين وفداء كل مسلم بكافر من النار

- ‌(764) باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه

- ‌(765) باب في حديث الإفك وقبول توبة القاذف وبراءة حرم النبي صلى الله عليه وسلم من الريبة

- ‌كتاب صفات المنافقين وأحكامهم

- ‌(766) باب صفات المنافقين وأحكامهم

- ‌كتاب صفة القيامة والجنة والنار

- ‌(767) باب من صفات القيامة

- ‌(768) باب ابتداء الخلق وخلق آدم عليه السلام

- ‌(769) باب صفة الأرض يوم القيامة ونزل أهل الجنة

- ‌(770) باب سؤال اليهود النبي صلى الله عليه وسلم عن الروح وقوله تعالى {ويسألونك عن الروح}

- ‌(771) باب في مواقف للكفار والرد عليهم الذي قال لأوتين مالا وولدا - وإن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى - الدخان - انشقاق القمر - ادعاء الند والولد

- ‌باب الدخان

- ‌باب انشقاق القمر

- ‌باب لا أحد أصبر على أذى من الله عز وجل

- ‌(772) باب طلب الكافر الفداء بملء الأرض ذهبا

- ‌(773) باب جزاء المؤمن بحسناته في الدنيا والآخرة وتعجيل جزاء حسنات الكافر في الدنيا

- ‌(774) باب مثل المؤمن كالزرع ومثل المنافق والكافر كالأرزة

- ‌(775) باب مثل المؤمن مثل النخلة

- ‌(776) باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس وأن مع كل إنسان قرينا

- ‌(777) باب لن يدخل أحدا عمله الجنة

- ‌(778) باب الإكثار من الطاعة والاجتهاد في العبادة

- ‌(779) باب الاقتصاد في الموعظة

- ‌كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها

- ‌(780) باب صفة نعيمها وأهلها

- ‌(781) باب جهنم أعاذنا الله منها وصفتها وأهلها

- ‌(782) باب فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة

- ‌(783) باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار وعرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه وإثبات عذاب القبر والتعوذ منه

- ‌(784) باب إثبات الحساب

- ‌(785) باب الأمر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت

- ‌كتاب الفتن وأشراط الساعة

- ‌(786) باب اقتراب الفتن وفتح ردم يأجوج ومأجوج والجيش الذي يخسف به وتواجه المسلمين بسيفيهما وبعض أشراط الساعة

- ‌(787) باب ذكر ابن صياد

- ‌(788) باب ذكر الدجال

- ‌(789) باب قصة الجساسة والدجال

- ‌(790) باب فضل العبادة في آخر الزمان

- ‌(791) باب قرب الساعة وما بين النفختين

- ‌كتاب الزهد

- ‌(792) باب هوان الدنيا والزهد فيها والتحذير من الاغترار بها

- ‌(793) باب النهي عن الدخول على أهل الحجر إلا من يدخل باكيا

- ‌(794) باب فضل الإحسان إلى الأرملة والمسكين واليتيم

- ‌(795) باب فضل بناء المساجد

- ‌(796) باب فضل الإنفاق على المسكين وابن السبيل

- ‌(797) باب تحريم الرياء

- ‌(798) باب حفظ اللسان

- ‌(799) باب عقوبة من يأمر بالمعروف ولا يفعله وينهى عن المنكر ويفعله

- ‌(800) باب النهي عن هتك الإنسان ستر نفسه

- ‌(801) باب تشميت العاطس وكراهة التثاؤب

- ‌(802) باب في أحاديث متفرقة

- ‌(803) باب النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط وخيف منه الفتنة على الممدوح

- ‌(804) باب التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم

- ‌(805) باب قصة أصحاب الأخدود والساحر والراهب والغلام

- ‌(806) باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر

- ‌(807) باب في حديث الهجرة ويقال له حديث الرحل

- ‌كتاب التفسير

- ‌(808) باب كتاب التفسير

الفصل: ‌(724) باب فضل من يموت له ولد فيحتسبه

(724) باب فضل من يموت له ولد فيحتسبه

5825 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم"

5826 -

وفي رواية عن الزهري بإسناد مالك وبمعنى حديثه إلا أن في حديث سفيان "فيلج النار إلا تحلة القسم".

5827 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لنسوة من الأنصار لا يموت لإحداكن ثلاثة من الولد فتحتسبه إلا دخلت الجنة" فقالت امرأة منهن أو اثنين يا رسول الله قال "أو اثنين"

5828 -

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوما نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله قال "اجتمعن يوم كذا وكذا" فاجتمعن فأتاهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمهن مما علمه الله ثم قال "ما منكن من امرأة تقدم بين يديها من ولدها ثلاثة إلا كانوا لها حجابا من النار" فقالت امرأة واثنين واثنين واثنين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "واثنين واثنين واثنين".

5829 -

وفي رواية عن أبي هريرة رضي الله عنه قال "ثلاثة لم يبلغوا الحنث".

5830 -

عن أبي حسان قال قلت لأبي هريرة إنه قد مات لي ابنان فما أنت

ص: 134

محدثي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث تطيب به أنفسنا عن موتانا قال قال نعم "صغارهم دعاميص الجنة يتلقى أحدهم أباه أو قال أبويه فيأخذ بثوبه أو قال بيده كما آخذ أنا بصنفة ثوبك هذا فلا يتناهى أو قال فلا ينتهي حتى يدخله الله وأباه الجنة".

5831 -

وفي رواية عن التيمي بهذا الإسناد وقال فهل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا تطيب به أنفسنا عن موتانا قال نعم

5832 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال أتت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم بصبي لها فقالت يا نبي الله ادع الله له فلقد دفنت ثلاثة قال "دفنت ثلاثة" قالت نعم قال "لقد احتظرت بحظار شديد من النار" قال عمر من بينهم عن جده وقال الباقون عن طلق ولم يذكروا الجد.

5833 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بابن لها فقالت يا رسول الله إنه يشتكي وإني أخاف عليه قد دفنت ثلاثة قال "لقد احتظرت بحظار شديد من النار" قال زهير عن طلق ولم يذكر الكنية.

-[المعنى العام]-

يقول الله تعالى {وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} [البقرة 155 - 157] وكلما عظمت المصيبة عظم الصبر المطلوب لها وكلما عظم الصبر والاحتساب كلما عظم الأجر

ومن أعظم المصائب موت الأطفال وبخاصة في بداية الحياة الزوجية في الوقت الذي يتشوف فيه الوالدان إلى الأولاد وفي الوقت الذي يكون الأولاد فيه هم سعادة الأبوين

وإذا كان الإسلام يدعوا الآباء إلى الرحمة والعطف وحب الأبناء فمن حق الآباء وقد تعلقوا بأطفالهم أن يتألموا لفقد من أحبوه وتعلقوا به ومن حقهم أن يواسيهم الإسلام ويضمد جروحهم

ص: 135

ومن واجب العلماء أن يطيبوا نفوسهم في وقت محنتهم وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه في مناسبة موت بعض أطفالهم ما من مسلم يموت له ثلاثة من الأولاد ذكورا أو إناثا قبل أن يبلغوا الحلم إلا حرم الله عليه النار وأدخله الجنة ورغب الصحابة في زيادة الفضل فقال أحدهم واثنان يا رسول الله قال واثنان ويتأسف السائل بعد انفضاض المجلس على أنه لم يقل وواحد وهو يظن أنه لو قال ذلك لأجيب ووسعته رحمة الله تعالى ولم يكتف صلى الله عليه وسلم بإخبار الرجال بهذه البشرى مع أنه يعلم أنهم سيخبرون بها نساءهم بل خاطب بها النساء في اليوم الذي حدده لوعظهن تقديرا لعواطفهن وشدة حزنهن وعدم تملكهن لمشاعرهن أخبرهن بالثلاثة ليطلب شمول هذا الفضل للاثنين كما فعل الرجال ففعلن وسألن وأجبن بما أجيب به الرجال

وهذا أبو هريرة يسأله مكلوم بفقد ابنه أن يواسيه بما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فقد الأولاد فيجيبه بأن الأطفال الذين يموتون ينتظرون آباءهم يوم القيامة فإذا رأوهم أخذ الواحد منهم بثوب أبيه وأمه يمسك به لا يتركه ويسأل الله أن يشفعه فيهما ويغفر لهما ذنوبهما ويدخلهما معه الجنة فيرحم الله الآباء برحمته للأبناء ويقول لهم خذوا بأيديهم إلى الجنة فقد غفرت لهم برحمتي لكم فيأخذون بأيدي آبائهم إلى الجنة

-[المباحث العربية]-

(لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد) الظاهر أنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك للرجال مرة وللنساء مرة ففي الرواية الثانية أنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك لنسوة من الأنصار وزاد فيها "فتحتسبه" والاحتساب هنا الصبر والرضا بقضاء الله مع رجاء فضله قال الحافظ ابن حجر وقد عرف من القواعد الشرعية أن الثواب لا يترتب إلا على النية فلا بد من قيد الاحتساب والأحاديث المطلقة محمولة على المقيدة وقال بعضهم يقال في البالغ احتسب ويقال في الصغير افترط لكن قد يستعمل كل مكان الآخر وذكر ابن دريد وغيره احتسب فلان بكذا أي طلب أجرا عند الله وهذا أعم من أن يكون لكبير أو صغير

ولفظ "ولد" يتناول الواحد فصاعدا ويشمل الذكر والأنثى وهل يدخل فيه أولاد الأولاد محل نظر وفي البخاري "ما من الناس من مسلم يتوفى له ثلاث" بحذف التاء من "ثلاثة" وهو جائز لكون المميز محذوفا وقيد "مسلم" و"مسلمين" للاحتراز عن الكافر

وزاد في ملحق الرواية الثالثة "لم يبلغوا الحنث" بكسر الحاء وسكون النون وضبط بفتح الحاء والنون والمحفوظ الأول والمعنى لم يبلغوا الحلم فتكتب عليهم الآثام والحنث في الأصل الإثم والذنب قال تعالى {وكانوا يصرون على الحنث العظيم} [الواقعة 46] وقيل المراد بلغ زمانا يؤاخذ فيه بيمينه إذا حنث قال الراغب عبر بالحنث عن البلوغ لأن الصبي قد يثاب وخص الصغير بذلك لأن الشفقة عليه أعظم والحب له أشد والرحمة له أوفر

ص: 136

وعلى هذا فالقيد للاحتراز عمن مات له ثلاثة بالغون وسيأتي مزيد بحثه في فقه الحديث

(فتمسه النار إلا تحلة القسم) وفي ملحق الرواية "فيلج النار إلا تحلة القسم" وفي الرواية الثالثة "إلا كانوا لها حجابا من النار" وفي الرواية الثانية "إلا دخلت الجنة" وهي محمولة على دخول الجنة بدون دخول النار أي دخول الجنة لأول وهلة فمن المسلمين من يدخل الجنة بعد النار والمراد بالولوج الورود وهو عام يخفف بموت الأولاد بشروطه

وقوله "فتمسه النار" وقوله "فيلج النار" بنصب الفعل لأن المضارع ينصب بعد النفي بتقدير "أن" لكن حكى الطيبي أن شرطه أن يكون بين ما قبل الفاء وما بعدها سببية ولا سببية هنا إذ لا يجوز أن يكون موت الأولاد ولا عدمه سببا لولوج الأب والأم النار قال وإنما الفاء بمعنى الواو التي للجمع وتقديره لا يجتمع لمسلم موت ثلاثة من ولده وولوجه النار قال لا محيد عن ذلك إن كانت الرواية بالنصب وأقره على هذا جماعة قال وإن كانت الرواية بالرفع فمعناه لا يوجد ولوج النار عقب موت الأولاد إلا مقدارا يسيرا اهـ

قال الحافظ ابن حجر ووقع في البخاري في الأيمان والنذور بلفظ "لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد تمسه النار إلا تحلة القسم" فقوله "تمسه" بالرفع جزما

و"تحلة القسم" بفتح التاء وكسر الحاء وتشديد اللام أي ما ينحل به القسم وهو اليمين وهو مصدر حلل اليمين أي كفرها يقال حلل تحليلا وتحلة وتحلا بغير هاء والثالث شاذ وقال أهل اللغة يقال فعلة تحلة القسم أي قدر ما حللت به قسمي ويميني ولم أبالغ وقال الخطابي حللت القسم تحلة أي أبررتها

وقال القرطبي اختلف في هذا القسم والمراد منه فقيل هو معين وقيل هو غير معين فالجمهور على الأول وقيل لم يعن به قسم بعينه وإنما معناه التقليل لأمر ورودها وهذا اللفظ يستعمل في هذا وقيل الاستثناء بمعنى الواو أي لا تمسه النار قليلا ولا كثيرا ولا تحلة القسم

وقال بعضهم المراد به قوله تعالى {وإن منكم إلا واردها} [مريم 71] قال الخطابي معناه لا يدخل النار ليعاقب بها ولكنه يدخلها مجتازا ولا يكون ذلك الجواز إلا مقدار ما يحلل به الرجل يمينه ويدل على ذلك ما وقع عند عبد الرزاق بلفظ "إلا تحلة القسم يعني الورود" وعند سعيد بن منصور "ثم قرأ سفيان {وإن منكم إلا واردها} وعند الطبراني "من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث لم يرد النار إلا عابر سبيل" يعني الجواز على الصراط وأخرج الطبراني مثله مرفوعا "من حرس وراء المسلمين في سبيل الله متطوعا لم ير النار بعينه إلا تحلة القسم فإن الله عز وجل قال {وإن منكم إلا واردها}

واختلف في موضع القسم من الآية فقيل هو مقدر أي والله ما منكم إلا واردها وقيل معطوف على القسم الماضي في قوله تعالى {فوربك لنسألنهم أجمعين} أي وربك ما منكم إلا واردها وقيل هو مستفاد من قوله تعالى {حتما مقضيا} أي قسما واجبا وقال الطيبي يحتمل أن يكون المراد

ص: 137

بالقسم ما دل على القطع والبت من السياق فإن قوله تعالى {كان على ربك} تذييل وتقرير لقوله {وإن منكم إلا واردها} فهذا بمنزلة القسم بل أبلغ لمجيء الاستثناء بالنفي والإثبات قال الحافظ ابن حجر واختلف السلف في المراد بالورود في الآية فقيل هو الدخول روى أحمد والنسائي والحاكم من حديث جابر مرفوعا "الورود الدخول لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها فتكون على المؤمنين بردا وسلاما" وروى الترمذي عن عبد الله بن مسعود قال "يردونها أو يلجونها ثم يصدرون عنها بأعمالهم" وقيل المراد بالورود المرور عليها وزاد الطبري من طريق كعب الأحبار "يستوون كلهم على متنها ثم ينادى مناد أمسكي أصحابك ودعي أصحابي فيخرج المؤمنون ندية أبدانهم" قال الحافظ ابن حجر وهذان القولان أصح ما ورد في ذلك ولا تنافي بينهما لأن من عبر بالدخول تجوز به عن المرور لأن المار عليها فوق الصراط في معنى من دخلها لكن تختلف أحوال المارة باختلاف أعمالهم فأعلاهم درجة من يمر كلمح البرق كما سيأتي في الرقاق إن شاء الله تعالى

ومن الأقوال الضعيفة قول من قال الورود مختص بالكفار ومن قال معنى الورود الدنو منها ومن قال معناه الإشراف عليها ومن قال معنى ورودها ما يصيب المؤمن من الحمى

(قال لنسوة من الأنصار) في الرواية الثالثة "جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوما نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله قال اجتمعن يوم كذا وكذا فاجتمعن فأتاهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمهن مما علمه الله ثم قال ما منكن من امرأة تقدم بين يديها من ولدها ثلاثة إلا كانوا لها حجابا من النار فقالت امرأة واثنين واثنين واثنين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم واثنين واثنين واثنين" وفي رواية "واثنتين" بزيادة تاء وهو منصوب بالعطف على "ثلاثة" ويسمى العطف التلقيني وكأنها فهمت الحصر وطمعت في الفضل قيل هي أم سليم الأنصارية والدة أنس رواه الطبراني ووقع لأم مبشر الأنصارية أيضا السؤال عن ذلك أخرجه الطبراني أيضا وأم أيمن أيضا ممن سأل وعائشة أيضا وأم هانئ أيضا سألت عن ذلك ويحتمل أن يكون كل منهن سأل عن ذلك في ذلك المجلس فتكون المتكلمة واحدة والأخريات قلن في أنفسهن ووافقن السائلة قال الحافظ ابن حجر وأما تعدد القصة ففيه بعد لأنه صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الاثنين بعد الثلاثة أجاب بأن الاثنين كذلك فالظاهر أنه كان أوحى إليه في ذلك في الحال

نعم في حديث جابر أنه ممن سأل عن ذلك وروى أن عمر سأل أيضا قال الحافظ وهذا لا بعد في تعدده لأن خطاب النساء بذلك لا يستلزم علم الرجال به

(صغارهم دعاميص الجنة) بفتح الدال والعين وكسر الميم وأحدهم دعموص بضم الدال أي صغار أهلها وأصل الدعموص دويبة تكون في الماء لا تفارقه فوجه الشبه عدم المفارقة

(يتلقى أحدهم أباه أو قال أبويه فيأخذ بثوبه أو قال بيده كما آخذ أنا بصنفة ثوبك هذا) صنفة الثوب بفتح الصاد وكسر النون طرفه ويقال لها صنيفة الثوب أي وأخذ أبو هريرة بثوب أبي حسان وأمسكه بشدة لا يدعه

ص: 138

(فلا يتناهى أو قال فلا ينتهي حتى يدخله الله وأباه الجنة) أي فلا يتركه أي لا يكون نهاية لإمساكه إياه حتى يقبل الله شفاعة الصغير فيدخل الله الصغير وأباه الجنة

(أتت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم بصبي لها فقالت يا نبي الله ادع الله له فلقد دفنت ثلاثة) أي وأخشى عليه أن يكون رابعهم وهو مريض وفي الرواية السادسة "فقالت يا رسول الله إنه يشتكي وإني أخاف عليه قد دفنت ثلاثة" قيل إنها رجاء الأسلمية

(قال دفنت ثلاثة) بحذف أداة الاستفهام

(لقد احتظرت بحظار شديد من النار) أي لقد امتنعت من النار بمانع وثيق وأصل الحظر المنع وأصل الحظار بكسر الحاء وفتحها ما يجعل حول البستان وغيره من قضبان وغيرها كالحائط أو السور

-[فقه الحديث]-

-[يؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم]-

1 -

فضل من مات له ولد فاحتسبه وأحاديث الباب قيدت الولد بثلاثة أو اثنين لكن الطبراني في الأوسط أخرج عن جابر بن سمرة مرفوعا "من دفن ثلاثة فصبر عليهم واحتسب وجبت له الجنة فقالت أم أيمن أو اثنين فقال أو اثنين فقالت وواحد فسكت ثم قال وواحد"

وعن ابن مسعود مرفوعا "من قدم ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث كانوا له حصنا حصينا من النار قال أبو ذر قدمت اثنين قال واثنين قال أبي بن كعب قدمت واحدا قال وواحد" أخرجه الترمذي وقال غريب وعنده عن ابن عباس رفعه "من كان له فرطان من أمتي أدخله الله الجنة فقالت عائشة فمن كان له فرط قال ومن كان له فرط" قال الحافظ ابن حجر وليس في شيء من هذه الطرق ما يصلح للاحتجاج قال وأصح ما ورد في ذلك ما أخرجه البخاري عن أبي هريرة مرفوعا "يقول الله عز وجل ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة" وهذا يدخل فيه الواحد فما فوقه اهـ

أقول واستحقاق الجنة ودخولها لا يستلزم عدم مس النار وأحاديثنا في الحجب عن النار فليس فيما استند إليه الحافظ دليل على المدعى وهو الواحد نعم لوالديه أجر كبير لكن غير الموعود به هنا فالثابت أن الموعود بعدم المس للنار هو من قدم اثنين فأكثر

2 -

أخذ بعضهم من ملحق الرواية الثالثة من قوله "لم يبلغوا الحنث" أن من مات له أولاد كبار لا يستحق هذا الجزاء وإن كان في فقد الولد أجر في الجملة وبهذا صرح كثير من العلماء وفرقوا بين البالغ وغيره بأنه يتصور من البالغ العقوق المقتضى لعدم الرحمة بخلاف الصغير فإنه لا يصدر منه ذلك إذ ليس بمخاطب وقال الزبير بن المنير بل يدخل الكبير أيضا في ذلك بطريق

ص: 139

الفحوي لأنه إذا ثبت ذلك في الطفل الذي هو عبء على أبويه فكيف لا يثبت في الكبير الذي بلغ من السعي ووصل له منه النفع وتوجه إليه الخطاب بالحقوق اهـ

وعندي أن هذا القيد ليس للاحتراز وإنما ذكر لما أن الصغير موضع الرحمة والشفقة وقوة الأسى غالبا فمدار الحكم شدة التعلق والحب ليكون الصبر في الفقد كبيرا والاحتساب قويا والتسليم عظيما وحيثما وجدت هذه العلة في الكبير أو الصغير كان هذا الأجر الموعود به وحيثما لم توجد من الطفل أو من الأبوين لا يكون هذا الأجر وإن ثبت له أجر آخر

وقول الحافظ ابن حجر ويقوي الأول قوله في بقية الحديث الذي رواه البخاري "بفضل رحمته إياهم" لأن الرحمة للصغار أكثر لعدم حصول الإثم هذا القول لا يؤيده قول ابن التين إن الضمير في "رحمته" للأب أي لكونه كان يرحمهم في الدنيا فيجازى بالرحمة في الآخرة وهذا يتمشى مع توجيهنا للحديث والله أعلم

3 -

قال الحافظ ابن حجر وهل يلتحق بالصغار عند من قصر الحديث عليهم من بلغ مجنونا مثلا واستمر على ذلك فمات فيه نظر لأن كونهم لا إثم عليهم يقتضي الإلحاق وكون الامتحان بهم يخف بموتهم يقتضي عدمه ولم يقع التقييد في طرق الحديث بشدة الحب ولا عدمه وكان القياس يقتضي ذلك لما يوجد من كراهة بعض الناس لمولده وتبرمه منه ولا سيما من كان ضيق الحال لكن لما كان الولد مظنة المحبة والشفقة نيط به الحكم وإن تخلف في بعض الأفراد

4 -

قال ابن التين تبعا لعياض قول السائلة "واثنان" يدل على أن مفهوم العدد ليس بحجة لأن الصحابية من أهل اللسان ولم تعتبره إذ لو اعتبرته لانتفى الحكم عندها عما عدا الثلاثة لكنها جوزت ذلك فسألته قال الحافظ ابن حجر والظاهر أنها اعتبرت مفهوم العدد إذ لو لم تعتبره لم تسأل والتحقيق أن دلالة مفهوم العدد ليست يقينية وإنما هي محتملة ومن ثم وقع السؤال عن ذلك

5 -

أخذ بعضهم بذكر الثلاثة أن الأربعة فما فوقهم لا يحصل بهم الأجر المذكور سواء ماتوا دفعة واحدة أو ماتوا واحدا بعد الآخر فالثلاثة تعظم بهم المصيبة وأما ما زاد عليها فقد يخف أمر المصيبة لأنها تصير كالعادة كما قيل روعت بالبين حتى ما أراع له قاله القرطبي

قال الحافظ ابن حجر وهو جحود شديد فإن من مات له أربعة فقد مات له ثلاثة ضرورة لأنهم إن ماتوا دفعة واحدة فقد مات له ثلاثة وزيادة ولا خفاء بأن المصيبة بذلك أشد وإن ماتوا واحدا بعد واحد فإن الأجر يحصل له عند موت الثلاثة بمقتضى وعد الصادق فيلزم على قول القرطبي أنه إن مات له الرابع يرتفع عند ذلك الأجر مع تجدد المصيبة وكفى بهذا فسادا والحق أن تناول الحديث الأربعة فما فوقها من باب أولى وأحرى ويؤيد هذا أنهم لم يسألوا عن الأربعة ولا ما فوقها لأنه كالمعلوم عندهم إذ المصيبة إذا كثرت كان الأجر أعظم اهـ وهو كلام حسن

ص: 140

6 -

أخذ بعضهم من إقراره صلى الله عليه وسلم جزاء الاثنين التسوية في الحكم بين الثلاثة والاثنين وهو محمول على أنه أوحى إليه بذلك في الحال ولا بعد أن ينزل عليه الوحي في أسرع من طرفة عين ويحتمل أن يكون كان العلم عنده بذلك حاصلا لكنه أشفق عليهم أن يتكلوا لأن موت الاثنين غالبا أكثر من موت الثلاثة اهـ

أقول والتسوية بين الاثنين والثلاثة في هذا الحكم لا يستلزم عدم زيادة الثلاثة على الاثنين في الأجر والله أعلم

7 -

واستدل بقوله "ما من مسلم" على أن من مات له أولاد في الكفر ثم أسلم لا يحصل له ذلك ويؤيد ذلك ما أخرجه أحمد والطبراني عن أبي ثعلبة الأشجعي قال "قلت يا رسول الله مات لي ولدان قال من مات له ولدان في الإسلام أدخله الله الجنة" وما أخرجه أحمد عن رجاء الأسلمية قالت "جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ادع الله لي في ابن لي بالبركة فإنه قد توفي لي ثلاثة فقال أمنذ أسلمت قالت نعم

" فذكر الحديث

8 -

استدل بعضهم بقوله "ثلاثة من الولد" أن ذلك خاص بالولد الحقيقي ولا يدخل فيه أولاد الأولاد ويؤيده رواية النسائي "من صلبه" قال الحافظ ابن حجر والظاهر أن أولاد أولاد الصلب يدخلون وفي التقييد بكونهم "من صلبه" ما يدل على إخراج أولاد البنات

9 -

أخذ القاضي عياض من قوله "تحلة القسم" أن من حلف أن لا يفعل كذا ثم فعل منه شيئا يسيرا مهما قل برت يمينه خلافا لمالك

10 -

وفي هذه الأحاديث أن أولاد المسلمين في الجنة لأنه يبعد أن الله يغفر للآباء بفضل رحمته للأبناء ولا يرحم الأبناء قاله المهلب قال الحافظ ابن حجر وكون أولاد المسلمين في الجنة قاله الجمهور وتوقفت طائفة قليلة

والله أعلم.

ص: 141