الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(799) باب عقوبة من يأمر بالمعروف ولا يفعله وينهى عن المنكر ويفعله
6507 -
عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال قيل له ألا تدخل على عثمان فتكلمه فقال أترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم والله لقد كلمته فيما بيني وبينه ما دون أن أفتتح أمرا لا أحب أن أكون أول من فتحه ولا أقول لأحد يكون علي أميرا إنه خير الناس بعد ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى فيجتمع إليه أهل النار فيقولون يا فلان ما لك ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فيقول بلى قد كنت آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه".
6508 -
وفي رواية عن أبي وائل قال كنا عند أسامة بن زيد فقال رجل ما يمنعك أن تدخل على عثمان فتكلمه فيما يصنع وساق الحديث بمثله
-[المعنى العام]-
يقول الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} [الصف 2 - 3]
إن القدوة الحسنة العملية أدخل في الوعظ من الكلمة والكلمة الحسنة مع القدوة الحسنة هما الغاية المؤثرة في الوعظ والإرشاد وهما ركنان متكاملان
نعم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب شرعي والعمل بما يأمر به والبعد عما ينهى عنه واجب شرعي فإن قصر في الواجبين عوقب عليهما وإن قصر في أحدهما عوقب على ما قصر فيه وحديثنا فيمن قصر في أحدهما وقد كانت عقوبته فظيعة مخيفة فما بالنا بمن قصر في الأمرين نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة رب العالمين
-[المباحث العربية]-
(قيل لأسامة بن زيد ألا تدخل على عثمان فتكلمه) في ملحق الرواية "كنا عند أسامة بن زيد فقال رجل ما يمنعك أن تدخل على عثمان فتكلمه فيما يصنع" أسامة بن زيد الحبيب بن الحبيب أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم على بعث فيه أبو بكر وعمر قبيل وفاته وأنفذ أبو بكر هذا البعث أول خلافته وكان عمر يجله ويحترمه وله بين الصحابة مكانته من هنا حرصوا على أن يكلم عثمان رضي الله عنه فيما أخذ عليه في أواخر خلافته فحضوا أسامة أن يكلمه
(فقال أترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم)"ترون" بفتح التاء أي أتعلمون وتعتقدون أني لم أكلمه والاستفهام إنكاري توبيخي بمعنى نفي الانبغاء أي لا ينبغي أن تعتقدوا ذلك فإني أكلمه أو كلمته دون أن أسمعكم قال النووي وفي بعض النسخ "إلا سمعكم" والاستثناء مفرغ من عموم الأحوال أي أترون أني لا أكلمه في حال من الأحوال إلا في حال سمعكم وقال وفي بعض النسخ "أسمعكم" بضم الهمزة وكله بمعنى أي أتظنون أني لا أكلمه إلا وأنتم تسمعون
(والله لقد كلمته فيما بيني وبينه ما دون أن أفتتح أمرا لا أحب أن أكون أول من فتحه) الظاهر أن "ما" زائدة والمعنى كلمته دون أن أجاهر بالإنكار على الأمراء في الملأ ودون أن أكون أول من فتح باب الخروج على الحاكم
(ولا أقول لأحد يكون علي أميرا إنه خير الناس) الظاهر أن اللام في "لأحد" بمعنى "عن" أي ولا أقول لكم عن أحد يكون أميرا إنه خير الناس نفاقا وتزلفا أو على أصلها والمعنى ولم أقل له إنه خير الناس فأكون بذلك مخادعا أقول ما لا أعتقد ولكن قلت له ما عندي
(فتندلق أقتاب بطنه) قال النووي "تندلق" بالدال والاندلاق خروج الشيء من مكانه والأقتاب جمع قتبة أو قتب وهي الأمعاء وقال ابن عيينة هي ما استدار في البطن وهي الحوايا والأمعاء
(فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى) أي يدور حولها في النار كما يدور الحمار حول الرحى
(فيقولون يا فلان ما لك) القائلون أصحابه ومن كان يعرفه في الدنيا معرفة سطحية غير واقعية و"ما لك" مبتدأ وخبر والاستفهام حقيقي أو تعجبي أي نتعجب من حالك
-[فقه الحديث]-
1 -
فيه عقوبة من يأمر بالمعروف ولا يفعله ومن ينهى عن المنكر ويفعله
2 -
وفيه أن الناس في الآخرة يعرف بعضهم بعضا
3 -
ويسأل بعضهم بعضا عما أدى بهم إلى النتيجة
4 -
وأن الصدق أسلوب يوم القيامة حتى من هو في النار
5 -
وفيه منقبة ظاهرة لأسامة بن زيد
6 -
وأمره الحاكم بالمعروف ونهيه عن المنكر
7 -
وأدبه مع الأمراء ولطفه بهم ووعظهم سرا وتبليغهم ما يقول الناس فيهم لينكفوا عنه وهذا كله إذا أمكن قال النووي فإن لم يكن الوعظ سرا والإنكار خفية فليفعله علانية لئلا يضيع أصل الحق
والله أعلم.