الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(739) باب من سن سنة حسنة أو سيئة ومن دعا إلى هدى أو ضلالة
5911 -
عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال جاء ناس من الأعراب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم الصوف فرأى سوء حالهم قد أصابتهم حاجة فحث الناس على الصدقة فأبطئوا عنه حتى رئي ذلك في وجهه قال ثم إن رجلا من الأنصار جاء بصرة من ورق ثم جاء آخر ثم تتابعوا حتى عرف السرور في وجهه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سن في الإسلام سنة حسنة فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أجورهم شيء ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعمل بها بعده كتب عليه مثل وزر من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شيء
5912 -
وفي رواية قال جرير بن عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يسن عبد سنة صالحة يعمل بها بعده" ثم ذكر تمام الحديث.
5913 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا
-[المعنى العام]-
الدال على الخير كفاعله والدال على الشر كفاعله ومن فتح باب خير كان له أجر مثل أجر من عمل به ومن فتح باب شر كان عليه من الوزر مثل وزر من عمل به لأنه سبب ووسيلة في الخير أو
الشر والسبب والوسيلة تعطي حكم الغاية حتى روي أن ابن آدم الذي شرع قتل أخيه وقتل أخاه عليه وزر في كل قتل لبني آدم لأنه أول من قتل فاقتدى به من يقتل وهذه دعوة إلى الناس عامة أن يكونوا مفاتيح خير مغاليق شر وأن ينصحوا بالخير ويعملوا به وأن يحذروا غيرهم من الشر بعد أن يبتعدوا عنه هدانا الله الصراط المستقيم
-[المباحث العربية]-
(جاء ناس من الأعراب إلى رسول لله صلى الله عليه وسلم راغبين في أن يتصدق عليهم وأن يحسن عليهم
(عليهم الصوف) ولباس صوف الغنم رمز في تلك الأيام على الفقر وسوء الحال ولهذا قال
(فرأى سوء حالهم) في الملبس وعلم سوء حالهم بالشكوى
(قد أصابتهم حاجة) بجدب الصحراء وقلة الزرع والضرع
(فحث الناس على الصدقة فأبطئوا عنه حتى رؤي ذلك في وجهه) كان صلى الله عليه وسلم يوري ويعرض ولا يأمر ولا ينهي فربما فهموا عدم العزيمة مع جهد من سمع وضعف حال من وجد
(ثم إن رجلا من الأنصار جاء بصرة من ورق) أي من فضة فكان هذا الرجل فاتحة خير وبداية عطاء وسن لمن يراه أن يعمل مثل ما عمل
(ثم جاء آخر) أي بصرة أيضا
(ثم تتابعوا حتى عرف السرور في وجهه) أي تتابعوا يحملون صدقاتهم وعطاءاتهم
(من سن في الإسلام سنة حسنة فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل بها) قيد "فعمل بها بعده" قيد في مثل الأجر لا في مطلق الأجر والبعدية تشمل العمل بها بعد سنه وفي حياته كما تشمل من عمل بها بعد مماته وأما إذا لم يعمل بها أحد فله أجر أيضا وإن لم يكن مثل التي عملت وكذلك من ابتدع سنة سيئة كان عليه وزر ما سن سواء عمل بها أم لم يعمل بها لكن كلما كثر العاملون بها زاد إثمه ووزره كما قال تعالى {ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم} [النحل 25]
(لا ينقص من أجورهم شيء) رفع لإيهام الاشتراك في أجر واحد وذلك فضل من الله
-[فقه الحديث]-
أخرجه الترمذي من وجه آخر بلفظ من سن سنة خير ومن سن سنة شر وقال مجاهد في قوله تعالى {ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم} [النحل 25] قال حملهم ذنوب أنفسهم وذنوب من أطاعهم ولا يخفف ذلك عمن أطاعهم شيئا وقال المهلب هذا الباب في معنى التحذير من الضلال واجتناب البدع ومحدثات الأمور في الدين والنهي عن مخالفة سبيل المؤمنين
قال الحافظ ابن حجر ووجه التحذير أن الذي يحدث البدعة قد يتهاون بها لخفة أمرها في أول الأمر ولا يشعر بما يترتب عليها من المفسدة وهو أن يلحقه إثم من عمل بها من بعده ولو لم يكن هو عمل بها بل لكونه كان الأصل في إحداثها
والله أعلم.