الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(713) باب الوعيد الشديد لمن عذب الناس بغير حق
5791 -
عن هشام بن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال مر بالشام على أناس وقد أقيموا في الشمس وصب على رءوسهم الزيت فقال ما هذا قيل يعذبون في الخراج فقال أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إن الله يعذب الذين يعذبون في الدنيا"
5792 -
عن هشام رضي الله عنه عن أبيه قال مر هشام بن حكيم بن حزام على أناس من الأنباط بالشام قد أقيموا في الشمس فقال ما شأنهم قالوا حبسوا في الجزية فقال هشام أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا"
5793 -
وفي رواية عن هشام بهذا الإسناد وزاد في حديث جرير قال وأميرهم يومئذ عمير بن سعد على فلسطين فدخل عليه فحدثه فأمر بهم فخلوا
5794 -
عن عروة بن الزبير أن هشام بن حكيم وجد رجلا وهو على حمص يشمس ناسا من النبط في أداء الجزية فقال ما هذا إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا"
-[المعنى العام]-
تعذيب الناس بغير حق طغيان وتجبر وصفة لكل عتل غليظ نسى أن فوقه القوي العزيز
وفي المثل إذا حدثتك نفسك بقدرتك على الآخرين فاذكر قدرة الله عليك نعم إن العقاب والجزاء الدنيوي تعذيب ولكنه تعذيب بحق ومشروع إذا كان مناسبا للجريمة شرعا أما إذا زاد عليها أو انحرف في نوعها عما رسمه الدين كان غير حق وكان ظلما يعذب الله صاحبه عليه في الدنيا والآخرة
لقد رأى هشام بن حكيم الصحابي الجليل في حمص بالشام رجالا ربطوا بقيود في الشمس الحارقة وقد غمرت رءوسهم بالزيت ليغلي من حرارة الشمس فتحترق رءوسهم وهذا نوع من
التعذيب لم تعرفه الشريعة الإسلامية فسأل عنهم فقيل له إنهم لم يدفعوا الجزية فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن الله يعذب الذين يعذبون الناس" وذهب إلى الأمير الذي أمر بذلك فوعظه فخلى سبيلهم من الشمس وطبق عليهم قانون الشريعة {فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون} [البقرة 280]
-[المباحث العربية]-
(عن هشام بن حكيم بن حزام قال مر بالشام على أناس) كان الأصل أن يقول مررت ولكنه إن كانت الرواية باللفظ جرد من نفسه شخصا يتحدث عنه ويحتمل أن يكون فاعل "قال" عروة الراوي عن هشام ويصبح التركيب عن عروة [ناقلا عن هشام] قال مر هشام إلخ
وفي الرواية الثانية "على أناس من الأنباط بالشام" والأنباط فلاحو العجم جمع نبط بفتح النون وسكون الباء والمراد من الشام حمص كما هو صريح الرواية الثالثة
(وقد أقيموا في الشمس وصب على رءوسهم الزيت) ليغلي الزيت بحرارة الشمس فتزداد حرارة رءوسهم
(فقال ما هذا قيل يعذبون في الخراج) أي لعدم دفعهم الخراج والجزية وفي الرواية الثانية "فقال ما شأنهم قالوا حبسوا في الجزية" وفي الرواية الثالثة "وجد رجلا وهو على حمص يشمس ناسا من النبط في أداء الجزية فقال ما هذا""يشمس" بضم الياء وفتح الشين وكسر الميم المشددة أي يوقفهم ويحبسهم في حرارة الشمس وقوله "وهو على حمص" أي هذا الرجل له ولاية على حمص رئيس المدينة أو قائد شرطة أما عمير بن سعد فكان الأمير على فلسطين كلها وهو الآمر بحبس الناس على ما يظهر وكان مقيما في "حمص" كما هو ظاهر من ملحق الرواية الثانية ولفظها "وأميرهم يومئذ عمير بن سعد على فلسطين" قال النووي "فلسطين" بكسر الفاء وفتح اللام وهي بلاد بيت المقدس وما حولها
قال النووي "عمير بن سعد" هكذا هو في معظم النسخ بالتصغير وهو ابن سعد بإسكان العين من غير ياء وفي بعضها "عمير بن سعيد" بكسر العين وزيادة ياء قال القاضي الأول هو الموجود لأكثر شيوخنا وفي أكثر النسخ وأكثر الروايات وهو الصواب وهو عمير بن سعد بن عمير الأنصاري الأوسي من بني عمرو بن عوف ولاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه على حمص وجده أبو زيد الأنصاري أحد الذين جمعوا القرآن
(فقال أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله يعذب الذين يعذبون في الدنيا) في الرواية الثانية "إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا" أي يعذبهم في الآخرة أو في الدنيا والآخرة والظاهر أن هشاما ذكر الحديث للحارس وللناس حوله
كما هو ظاهر الرواية الأولى والثانية والثالثة ثم ذكره لعمير بعد أن دخل عليه كما هو ظاهر من ملحق الرواية الثانية
(فأمر بهم فخلوا) الآمر عمير بن سعد قال النووي ضبطوه بالخاء وبالحاء وبالخاء أشهر وأحسن
-[فقه الحديث]-
يؤخذ منه الوعيد الشديد لمن يعذب الناس والمقصود تعذيبهم من غير حق فلا يدخل فيه التعذيب بحق القصاص والحدود والتعزيزات ونحو ذلك
وفي صنيع هشام منقبة له وغيرته على شريعة الإسلام قولا وعملا
وأمره الولاة وغيرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر
وفيه استجابة الولاة لنصيحة العلماء وسرعة تنفيذهم لها
والله أعلم.