المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(734) باب معنى كل مولود يولد على الفطرة وحكم موتى أطفال الكفار، وأطفال المسلمين - فتح المنعم شرح صحيح مسلم - جـ ١٠

[موسى شاهين لاشين]

فهرس الكتاب

- ‌(689) باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها

- ‌(690) باب تحريم التحاسد والتباغض والتدابر والظن والتحسس والتجسس والتنافس والتناجش والهجر فوق ثلاثة أيام

- ‌(691) باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه وماله

- ‌(692) باب النهي عن الشحناء

- ‌(693) باب فضل الحب في الله تعالى

- ‌(694) باب فضل عيادة المريض

- ‌(695) باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن أو نحو ذلك حتى الشوكة يشاكها

- ‌(696) باب تحريم الظلم

- ‌(697) باب نصر الأخ ظالما أو مظلوما

- ‌(698) باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتوادهم

- ‌(699) باب النهي عن السباب

- ‌(700) باب استحباب العفو والتواضع

- ‌(701) باب تحريم الغيبة

- ‌(702) باب من ستر الله عليه في الدنيا فإن الله يستر عليه في الآخرة

- ‌(703) باب مدارة من يتقي فحشه

- ‌(704) باب فضل الرفق

- ‌(705) باب النهي عن لعن الدواب وغيرها

- ‌(706) باب من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه وليس أهلا لذلك كان له زكاة وأجر ورحمة

- ‌(707) باب ذم ذي الوجهين وتحريم فعله

- ‌(708) باب تحريم الكذب وبيان ما يباح منه

- ‌(709) باب تحريم النميمة

- ‌(710) باب قبح الكذب وحسن الصدق وفضله

- ‌(711) باب فضل من يملك نفسه عند الغضب وبأي شيء يذهب الغضب وخلق الإنسان خلقا لا يتمالك

- ‌(712) باب النهي عن ضرب الوجه

- ‌(713) باب الوعيد الشديد لمن عذب الناس بغير حق

- ‌(714) باب أمر من مر بسلاح في مسجد أو سوق أو غيرهما من المواضع الجامعة للناس أن يمسك بنصالها والنهي عن الإشارة بالسلاح إلى مسلم

- ‌(715) باب فضل إزالة الأذى عن الطريق

- ‌(716) باب تحريم تعذيب الهرة ونحوها من الحيوان الذي لا يؤذي

- ‌(717) باب تحريم الكبر

- ‌(718) باب النهي عن تقنيط الإنسان من رحمة الله تعالى وفضل الضعفاء والخاملين والنهي عن قول هلك الناس

- ‌(719) باب الوصية بالجار والإحسان إليه

- ‌(720) باب استحباب طلاقة الوجه

- ‌(721) باب استحباب الشفاعة فيما ليس بحرام

- ‌(722) باب استحباب مجالسة الصالحين ومجانبة قرناء السوء

- ‌(723) باب فضل الإحسان إلى البنات

- ‌(724) باب فضل من يموت له ولد فيحتسبه

- ‌(725) باب إذا أحب الله عبدا أمر جبريل فأحبه وأحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض

- ‌(726) باب الأرواح جنود مجندة

- ‌(727) باب المرء مع من أحب

- ‌(728) باب إذا أثنى على الصالح فهي بشرى ولا تضره

- ‌كتاب القدر

- ‌(729) باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته

- ‌(730) باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام

- ‌(731) باب تصريف الله القلوب كيف شاء

- ‌(732) باب كل شيء بقدر

- ‌(733) باب قدر على ابن آدم حظه من الزنى وغيره

- ‌(734) باب معنى كل مولود يولد على الفطرة وحكم موتى أطفال الكفار، وأطفال المسلمين

- ‌(735) باب بيان أن الآجال والأرزاق وغيرها لا تزيد ولا تنقص عما سبق به القدر

- ‌(736) باب الإيمان بالقدر والإذعان له

- ‌كتاب العلم

- ‌(737) باب النهي عن اتباع متشابه القرآن والتحذير من متبعيه والنهي عن الاختلاف في القرآن

- ‌(738) باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان

- ‌(739) باب من سن سنة حسنة أو سيئة ومن دعا إلى هدى أو ضلالة

- ‌كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار

- ‌(740) باب الحث على ذكر الله تعالى

- ‌(741) باب في أسماء الله تعالى وفضل من أحصاها

- ‌(742) باب العزم في الدعاء ولا يقل إن شئت

- ‌(743) باب كراهة تمني الموت لضر نزل به

- ‌(744) باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه

- ‌(745) باب فضل الذكر والدعاء والتقرب إلى الله وحسن الظن به

- ‌(746) باب كراهة الدعاء بتعجيل العقوبة في الدنيا

- ‌(747) باب فضل مجالس الذكر

- ‌(748) باب فضل الدعاء باللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار

- ‌(749) باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء

- ‌(750) باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر

- ‌(751) باب استحباب الاستغفار والاستكثار منه والتوبة

- ‌(752) باب استحباب خفض الصوت بالذكر إلا في المواضع التي ورد الشرع برفعه فيها كالتلبية وغيرها واستحباب الإكثار من قول لا حول ولا قوة إلا بالله

- ‌(753) باب في الدعوات والتعوذ

- ‌كتاب الرقاق

- ‌(754) باب أكثر أهل الجنة الفقراء وأكثر أهل النار النساء وبيان الفتنة بالنساء

- ‌(755) باب قصة أصحاب الغار الثلاثة والتوسل بصالح الأعمال

- ‌كتاب التوبة

- ‌(756) باب في الحض على التوبة والفرح بها وسقوط الذنوب بالاستغفار

- ‌(757) باب فضل دوام الذكر والفكر في أمور الآخرة والمراقبة وجواز ترك ذلك في بعض الأوقات والاشتغال بالدنيا

- ‌(758) باب سعة رحمة الله وأنها تغلب غضبه

- ‌(759) باب قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت الذنوب والتوبة

- ‌(760) باب غيرة الله تعالى وتحريم الفواحش

- ‌(761) باب قوله تعالى {إن الحسنات يذهبن السيئات} [هود 114]

- ‌(762) باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله

- ‌(763) باب سعة رحمة الله تعالى على المؤمنين وفداء كل مسلم بكافر من النار

- ‌(764) باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه

- ‌(765) باب في حديث الإفك وقبول توبة القاذف وبراءة حرم النبي صلى الله عليه وسلم من الريبة

- ‌كتاب صفات المنافقين وأحكامهم

- ‌(766) باب صفات المنافقين وأحكامهم

- ‌كتاب صفة القيامة والجنة والنار

- ‌(767) باب من صفات القيامة

- ‌(768) باب ابتداء الخلق وخلق آدم عليه السلام

- ‌(769) باب صفة الأرض يوم القيامة ونزل أهل الجنة

- ‌(770) باب سؤال اليهود النبي صلى الله عليه وسلم عن الروح وقوله تعالى {ويسألونك عن الروح}

- ‌(771) باب في مواقف للكفار والرد عليهم الذي قال لأوتين مالا وولدا - وإن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى - الدخان - انشقاق القمر - ادعاء الند والولد

- ‌باب الدخان

- ‌باب انشقاق القمر

- ‌باب لا أحد أصبر على أذى من الله عز وجل

- ‌(772) باب طلب الكافر الفداء بملء الأرض ذهبا

- ‌(773) باب جزاء المؤمن بحسناته في الدنيا والآخرة وتعجيل جزاء حسنات الكافر في الدنيا

- ‌(774) باب مثل المؤمن كالزرع ومثل المنافق والكافر كالأرزة

- ‌(775) باب مثل المؤمن مثل النخلة

- ‌(776) باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس وأن مع كل إنسان قرينا

- ‌(777) باب لن يدخل أحدا عمله الجنة

- ‌(778) باب الإكثار من الطاعة والاجتهاد في العبادة

- ‌(779) باب الاقتصاد في الموعظة

- ‌كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها

- ‌(780) باب صفة نعيمها وأهلها

- ‌(781) باب جهنم أعاذنا الله منها وصفتها وأهلها

- ‌(782) باب فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة

- ‌(783) باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار وعرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه وإثبات عذاب القبر والتعوذ منه

- ‌(784) باب إثبات الحساب

- ‌(785) باب الأمر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت

- ‌كتاب الفتن وأشراط الساعة

- ‌(786) باب اقتراب الفتن وفتح ردم يأجوج ومأجوج والجيش الذي يخسف به وتواجه المسلمين بسيفيهما وبعض أشراط الساعة

- ‌(787) باب ذكر ابن صياد

- ‌(788) باب ذكر الدجال

- ‌(789) باب قصة الجساسة والدجال

- ‌(790) باب فضل العبادة في آخر الزمان

- ‌(791) باب قرب الساعة وما بين النفختين

- ‌كتاب الزهد

- ‌(792) باب هوان الدنيا والزهد فيها والتحذير من الاغترار بها

- ‌(793) باب النهي عن الدخول على أهل الحجر إلا من يدخل باكيا

- ‌(794) باب فضل الإحسان إلى الأرملة والمسكين واليتيم

- ‌(795) باب فضل بناء المساجد

- ‌(796) باب فضل الإنفاق على المسكين وابن السبيل

- ‌(797) باب تحريم الرياء

- ‌(798) باب حفظ اللسان

- ‌(799) باب عقوبة من يأمر بالمعروف ولا يفعله وينهى عن المنكر ويفعله

- ‌(800) باب النهي عن هتك الإنسان ستر نفسه

- ‌(801) باب تشميت العاطس وكراهة التثاؤب

- ‌(802) باب في أحاديث متفرقة

- ‌(803) باب النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط وخيف منه الفتنة على الممدوح

- ‌(804) باب التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم

- ‌(805) باب قصة أصحاب الأخدود والساحر والراهب والغلام

- ‌(806) باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر

- ‌(807) باب في حديث الهجرة ويقال له حديث الرحل

- ‌كتاب التفسير

- ‌(808) باب كتاب التفسير

الفصل: ‌(734) باب معنى كل مولود يولد على الفطرة وحكم موتى أطفال الكفار، وأطفال المسلمين

(734) باب معنى كل مولود يولد على الفطرة وحكم موتى أطفال الكفار، وأطفال المسلمين

5875 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنه كان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مولود إلا يولد على الفطرة. فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه. كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء؟ " ثم يقولا أبو هريرة: واقرءوا إن شئتم {فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله} [الروم: 30].

5876 -

وفي رواية عن الزهري؛ بهذا الإسناد. وقال: "كما تنتج البهيمة بهيمة". ولم يذكر: جمعاء.

5877 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مولود إلا يولد على الفطرة". ثم يقول اقرءوا {فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم} [الروم: 30].

5878 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويشركانه". فقال رجل: يا رسول الله! أرأيت لو مات قبل ذلك؟ قال: "الله أعلم بما كانوا عاملين".

5879 -

وفي رواية عن الأعمش، بهذا الإسناد في حديث ابن نمير:"ما من مولود يولد إلا وهو على الملة". وفي رواية أبي بكر، عن أبي معاوية "إلا على هذه الملة، حتى يبين عنه لسانه" وفي رواية أبي كريب عن أبي معاوية: "ليس من مولود يولد إلا على هذه الفطرة حتى يعبر عنه لسانه".

5880 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث منها:

ص: 184

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يولد يولد على هذه الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه كما تنتجون الإبل فهل تجدون فيها جدعاء؟ حتى تكونوا أنتم تجدعونها" قالوا: يا رسول الله! أفرأيت من يموت صغيرا؟ قال: "الله أعلم بما كانوا عاملين".

5881 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كل إنسان تلده أمه على الفطرة وأبواه بعد يهودانه وينصرانه ويمجسانه فإن كانا مسلمين فمسلم كل إنسان تلده أمه يلكزه الشيطان في حضنيه إلا مريم وابنها"

5882 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أولاد المشركين فقال "الله أعلم بما كانوا عاملين"

5883 -

وفي رواية عن الزهري بإسناد يونس وابن أبي ذئب مثل حديثهما غير أن في حديث شعيب ومعقل سئل عن ذراري المشركين.

5884 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أطفال المشركين من يموت منهم صغيرا فقال "الله أعلم بما كانوا عاملين".

5885 -

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أطفال المشركين قال "الله أعلم بما كانوا عاملين إذ خلقهم".

5886 -

عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا ولو عاش لأرهق أبويه طغيانا وكفرا".

5887 -

عن عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين قالت توفي صبي

ص: 185

فقلت طوبى له عصفور من عصافير الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أو لا تدرين أن الله خلق الجنة وخلق النار فخلق لهذه أهلا ولهذه أهلا".

5888 -

عن عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين قالت دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنازة صبي من الأنصار فقلت يا رسول الله طوبى لهذا عصفور من عصافير الجنة لم يعمل السوء ولم يدركه قال "أو غير ذلك يا عائشة إن الله خلق للجنة أهلا خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم وخلق للنار أهلا خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم"

-[المعنى العام]-

أحاديث كتابة الرزق والأجل والعمل والشقاء والسعادة والإنسان في بطن أمه تثير في النفس سؤالا لا بد منه وهو فما ذنب الكافر؟ وما مآل من يموت قبل البلوغ؟ وتأتي هذه الأحاديث لتجيب عن هذا التساؤل بأن الكتابة مبنية على سبق العلم الإلهي الذي لا يتخلف وقد خلق الله بني آدم كلهم على استعداد نفسي لقبول الإسلام وطبيعة صالحة لأن تكون شقية أو سعيدة فإذا خرج الطفل من بطن أمه بين أبوين مسلمين عمقا فيه هذه العقيدة وأكدا فيه هذه الصلاحية أما إذا خرج من بطن أمه بين أبوين كافرين صبغاه صبغة غير الصبغة التي طبع عليها وحولا هما والبيئة من إخوة وأصدقاء هذه الصفحة البيضاء الطاهرة النقية إلى تعاريج وخطوط غير مستقيمة خبيثة كدرة فكل مولود من بني آدم يولد على فطرة الإسلام وأبواه هما اللذان يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه أو يشركانه تماما كبقية المخلوقات تخرج من بطون أمهاتها سليمة الآذان فيشق أذنها أصحابها

أما من يموت قبل البلوغ من أولاد المسلمين فهم في الجنة ومن يموت قبل البلوغ من أبناء الكفار فهم في مشيئة الله إن شاء عذبهم باستجابتهم لآبائهم فترة ما بين التمييز والبلوغ وإن شاء عفا عنهم حيث لم يصلوا إلى سن التكليف وإن شاء عاقب بعضهم على أساس ما علم عنهم لو أنهم عاشوا ونعم بعضهم على أساس أنهم لو عاشوا لأحسنوا والله أعلم بما كانوا سيفعلون بعد بلوغهم وتكليفهم فغلام الخضر عليه السلام لو عاش لأرهق أبويه طغيانا وكفرا

-[المباحث العربية]-

(ما من مولود إلا يولد على الفطرة) وفي ملحق الرواية الثالثة "ما من مولود يولد إلا وهو

ص: 186

على الملة" وفي ملحقها الثاني "ليس من مولود يولد إلا على هذه الفطرة" وفي الرواية الرابعة "من يولد يولد على هذه الفطرة" والمراد ما من مولود يولد من بني آدم وصرح به في الرواية الخامسة ولفظها "كل إنسان تلده أمه على الفطرة" وفي رواية عن أبي هريرة "كل بني آدم يولد على الفطرة" وفي الرواية الثالثة "ما من مولود إلا يلد على الفطرة" قال النووي هكذا هو في جميع النسخ "يلد" بضم الياء وكسر اللام فعل ماض على وزن "ضرب" مبني للمجهول حكاه القاضي عن رواية السمرقندي قال وهو صحيح على إبدال الواو ياء لانضمامها وأصله ولد بضم الواو وكسر اللام قال وقد ذكر الهجري في نوادره يقال ولد ويلد بمعنى اهـ

وزاد في ملحق الرواية الثالثة "حتى يعبر عنه لسانه" تعبير مسئولية وتكليف أي حتى يبلغ وفي المراد بالفطرة أقوال كثيرة نذكرها هنا باختصار ونفصلها في فقه الحديث

قيل المراد منها الإسلام وهو قول الأكثرين وقيل العهد الذي أخذه الله على ذرية آدم في عالم الذر {ألست بربكم قالوا بلى} [الأعراف 172] فالمراد الربوبية وقيل المآل في علم الله من شقاوة أو سعادة وقيل المعرفة وقيل الخلقة القابلة للتشكل وقيل اللام للعهد والمراد فطرة أبويه ودينهما

(فأبواه يهودنه وينصرانه ويمجسانه) وفي الرواية الثالثة "ويشركانه" بدل "ويمجسانه" بضم الياء وفتح الشين وكسر الراء المشددة والواو بمعنى "أو" والفاء إما للتعقيب أو السببية أو في جزاء شرط مقدر أي إذا تقرر ذلك فمن تغير كان بسبب أبويه إما بتعليمهما إياه أو بترغيبهما فيه وخص الأبوين بالذكر مع أن التغيير قد يكون من غيرهما لأنه الغالب

واستشكل على هذا التركيب بأنه يقتضي أن كل مولود يقع له التهويد وغيره مما ذكر مع أن البعض يستمر مسلما ولا يقع له تهويد أو تنصير والجواب أن في التركيب قيدا ملاحظا أي فإذا حصل له تهويد أو تنصير فأبواه

فالمقصود من التركيب إفادة أن الكفر إذا حصل ليس من ذات المولود ولا من مقتضى طبعه فإذا وقع كان بسبب خارجي فإن سلم من ذلك السبب استمر على الحق

(كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء)"تنتج" بضم التاء الأولى وفتح الثانية بينهما نون ساكنة مبني للمجهول و"البهيمة" مرفوع نائب فاعل و"بهيمة" بالنصب حال و"جمعاء" صفة "بهيمة" أي مجتمعة الأعضاء لم يذهب من بدنها شيء يقال نتج الله الناقة بفتح التاء ينتجها بفتح الياء وكسر التاء أي يولدها فهو ناتج والناقة منتوجة وبناء الفعل للمجهول يقال نتجت الناقة تنتج الناقة وهذه روايتنا وفي الرواية الرابعة "كما تنتجون الإبل فهل تجدون فيها جدعاء؟ حتى تكونوا أنتم تجدعونها؟ " فتنتجون بفتح التاء الأولى وكسر الثانية أي تولدونها والجدعاء مقطوعة الأذن ومعنى "هل تحسون" من الإحساس والمراد به العلم بالشيء والاستفهام إنكاري بمعنى النفي أي لا تجدون فيها جدعا يريد أنها تولد لا جدع فيها وإنما يجدعها

ص: 187

أهلها بعد ذلك وفي رواية للبخاري "كمثل البهيمة تنتج البهيمة" فالبهيمة الثانية بالنصب على المفعولية وقوله "كما تنتج" تشبيه لتهويد المولود بعد فطرته وسلامته بقطع أذن الناقة بعد ولادتها كاملة الأعضاء سليمتها قال الطيبي قوله "كما" حال من الضمير المنصوب في "يهودانه" أي يهودان المولود بعد أن خلق على الفطرة شبيها بالبهيمة التي جدعت بعد أن خلقت سليمة أو هو صفة لمصدر محذوف أي يغيرانه تغييرا مثل تغييرهم البهيمة السليمة وقد تنازعت الأفعال الثلاثة [يهودانه وينصرانه ويمجسانه]"كما" على التقديرين اهـ

ثم يقول اقرءوا {فطرة الله .. } هذا صريح في أن هذه الجملة من كلام أبي هريرة مدرجة في الحديث خلافا لرواية من طريق يونس أوهمت أنها من الحديث المرفوع

(فقال رجل يا رسول الله أرأيت لو مات قبل ذلك؟ ) أي قبل أن يهوداه أو ينصراه أو يمجساه أي قبل أن يتحمل مسئولية ذلك أي قبل البلوغ وفي الرواية الرابعة "أفرأيت من يموت صغيرا"؟ أي أخبرنا عمن يموت من أبناء اليهود والنصارى والمجوس صغيرا قبل البلوغ وفي الرواية السادسة "سئل عن أولاد المشركين" أي إذا ماتوا قبل البلوغ وفي ملحقها "سئل عن ذراري المشركين" وفي الرواية السابعة "سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أطفال المشركين من يموت منهم صغيرا" أي قبل البلوغ

(الله أعلم بما كانوا عاملين) أي لو أبقاهم فلا نحكم عليهم بشيء أي هو سبحانه وتعالى يعلم ماذا كانوا سيفعلون لو عاشوا لما بعد البلوغ كما قال {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه} [الأنعام 28] ولكنه مع ذلك لا يجازيهم على ما كانوا سيفعلونه لأن العبد لا يجازى بما لم يعمل

وفي الرواية الثامنة "الله أعلم بما كانوا عاملين إذ خلقهم"

وسيأتي الكلام عنهم في فقه الحديث

(كل إنسان تلده أمه يلكزه الشيطان في حضنيه إلا مريم وابنها) قال النووي هكذا هو في جميع النسخ "في حضنيه" بحاء مكسورة ثم ضاد ثم نون ثم ياء تثنية "حضن" وهو الجنب وقيل الخاصرة قال القاضي ورواه ابن ماهان خصييه بالخاء والصاد وهو الأنثيان قال القاضي وأظن هذا وهما بدليل قوله "إلا مريم وابنها" اهـ

واللكز الضرب بمجموع الكف يقال لكزه بفتح الكاف يلكزه بضمها لكزا بسكونها

(إن الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا ولو عاش لأرهق أبويه طغيانا وكفرا)"الخضر" بفتح الخاء وكسر الضاد وقد سبق الكلام عنه في آخر كتاب الفضائل

ص: 188

-[فقه الحديث]-

يتعرض الحديث لقضيتين أساسيتين

الأولى تفصيل القول في الفطرة التي فطر الله الناس عليها

الثانية مصير من مات من المسلمين أو الكافرين قبل البلوغ

أما عن القضية الأولى فأشهر الأقوال أن المراد بالفطرة الإسلام قال ابن عبد البر وهو المعروف عند عامة السلف وأجمع أهل العلم بالتأويل على أن المراد بقوله تعالى {فطرة الله التي فطر الناس عليها} [الروم 30] الإسلام واحتجوا بقول أبي هريرة في روايتنا الأولى "اقرءوا إن شئتم {فطرة الله التي فطر الناس عليها} وبحديث "إني خلقت عبادي حنفاء كلهم" وفي رواية "حنفاء مسلمين" ورجحه بعض المتأخرين بقوله تعالى {فطرة الله} لأنها إضافة مدح وقد أمر الله نبيه بلزومها بقوله {فأقم وجهك للدين حنيفا} فعلم أنها الإسلام

ودلل الطيبي على أن المراد بها الإسلام بأن التعريف في "ما من مولود يولد إلا على الفطرة" إشارة إلى معهود وهو قوله {فطرة الله التي فطر الناس عليها} وبأن بعض الروايات جاءت بلفظ الملة بدل الفطرة [ملحق روايتنا الثالثة] وجاء القرآن الكريم بلفظ "الدين" في قوله {فأقم وجهك للدين حنيفا} والدين هو عين الملة قال تعالى {دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا} [الأنعام 161]

ومعنى أنه يولد على الإسلام أنه يولد متمكنا من الهدى في أصل الجبلة والتهيؤ لقبول الدين فلو ترك المرء بدون مؤثرات خارجية لاستمر على لزوم الإسلام ولم يفارقه إلى غيره لأن حسن هذا الدين ثابت في النفوس وإنما يعدل عنه لآفة من الآفات البشرية كالترغيب عنه إلى غيره والتقليد قال القرطبي في المفهم المعنى أن الله خلق قلوب بني آدم مؤهلة لقبول الحق كما خلق أعينهم وأسماعهم قابلة للمرئيات والمسموعات فما دامت باقية على ذلك القبول وعلى تلك الأهلية أدركت الحق ودين الإسلام هو الدين الحق وقد دل على هذا المعنى بقية الحديث حيث قال "كما تنتج البهيمة" يعني أن البهيمة تلد الولد كامل الخلقة فلو ترك كذلك كان بريئا من العيب لكنهم تصرفوا فيه بقطع أذنه مثلا فخرج عن الأصل

وقال ابن القيم ليس المراد بقوله "يولد على الفطرة" أنه خرج من بطن أمه يعلم الدين لأن الله تعالى يقول {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا} [النحل 78] ولكن المراد أن فطرته مقتضية لمعرفة دين الإسلام ومحبته فنفس الفطرة تستلزم الإقرار والمحبة وليس المراد مجرد قبول الفطرة لذلك لأنه لا يتغير بتهويد الأبوين مثلا بحيث يخرجان الفطرة عن القبول وإنما المراد أن كل مولود يولد على إقراره بالربوبية فلو خلى وعدم المعارض لم يعدل عن ذلك إلى غيره كما أنه يولد على محبة ما يلائم بدنه من ارتضاع اللبن حتى يصرفه عنه الصارف ومن هنا شبهت الفطرة باللبن اهـ

ص: 189

وليس معنى أنه يولد على الإسلام أن تجري عليه أحكام المسلم لو لم يهوده أبواه بأن مات أبواه اليهوديان قبل ولادته مثلا كما روي هذا عن الإمام أحمد حيث قال ابن القيم جاء عن أحمد أجوبة كثيرة يحتج فيها بهذا الحديث على أن الطفل إنما يحكم بكفره بأبويه فإذا لم يكن بين أبوين كافرين فهو مسلم اهـ

القول الثاني في المراد بالفطرة هنا أنها ما يصير إليه من الشقاوة أو السعادة فمن علم الله أنه يصير مسلما ولد على الإسلام ومن علم أنه يصير كافرا ولد على الكفر وتعقب أنه لو كان كذلك لم يكن لقوله "فأبواه يهودانه

إلخ" معنى لأنهما فعلا به ما هو الفطرة التي ولد عليها فينافي التمثيل بحال البهيمة

القول الثالث أن المراد بها هنا العهد الذي أخذه الله على الذرية فقالوا جميعا بلى أما أهل السعادة فقالوها طوعا وأما أهل الشقاوة فقالوها كرها فكل مولود يولد على ما أقر عليه في الميثاق فإن كان طوعا ولد على الإسلام وإن كان قد قالها كرها ولد على الكفر وتعقب بأنه يحتاج إلى نقل صحيح فإنه لا يعرف هذا التفصيل عند أخذ الميثاق إلا عن السدي ولم يسنده وكأنه أخذه من الإسرائيليات

القول الرابع أن المراد بالفطرة هنا الخلقة غير المطبوعة على شيء الصالحة للسعادة والشقاوة أي يولد سالما لا يعرف كفرا ولا إيمانا ثم يعتقد إذا بلغ التكليف ورجحه ابن عبد البر وقال إنه يطابق التمثيل بالبهيمة وتعقب بأن لو كان كذلك لم يقتصر في أحوال التبديل على ملل الكفر [يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه] دون ملة الإسلام ولم يكن لاستشهاد أبي هريرة بالآية معنى

القول الخامس أن المراد بها فطرة أبويه وهو متعقب بما تعقب به ما قبله

قال ابن القيم والقدرية كانوا يحتجون بهذا الحديث على أن الكفر والمعصية ليسا بقضاء الله بل بما ابتدأ الناس إحداثه والجواب أن معنى "فأبواه يهودانه" محمول على أن ذلك يقع بتقدير الله تعالى

أما عن القضية الثانية أولاد المسلمين وأولاد الكافرين فالجمهور على أن أولاد المسلمين في الجنة قالوا لأنهم سبب في حجب آبائهم عن النار كما سبق في باب "من مات له ولد فاحتسب" ومن كان سببا في حجب النار عن أبويه فأولى به أن يحجب النار عن نفسه لأنه أصل الرحمة وسببها قال النووي أجمع من يعتد به من علماء المسلمين على أن من مات من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنة وتوقف بعضهم في مآلهم لحديث عائشة روايتنا العاشرة والحادية عشرة قال والجواب عنه أنه لعله نهاها عن المسارعة إلى القطع من غير دليل أو قال ذلك قبل أن يعلم أن أطفال المسلمين في الجنة اهـ

وقال المازري الخلاف في غير أولاد الأنبياء اهـ وفيه نظر فأولاد الأنبياء ينطبق عليهم ما ينطبق على غيرهم وقد كان بعض أولاد الأنبياء كافرا كابن نوح أما من ثبت دخوله الجنة منهم

ص: 190

كقوله صلى الله عليه وسلم عن ولده إبراهيم عليه السلام "إن له مرضعا في الجنة" فبالنص لا بالقاعدة والله أعلم

أما أولاد الكفار فروايتنا السادسة والسابعة وفيها "الله أعلم بما كانوا عاملين" ظاهرهما التوقف قال الحافظ ابن حجر واختلف العلماء قديما وحديثا في هذه المسألة على أقوال

أحدها: أنهم في مشيئة الله تعالى وهو منقول عن الحمادين وابن المبارك وإسحاق ونقله البيهقي في الاعتقاد عن الشافعي في حق أولاد الكفار خاصة قال ابن عبد البر وهو مقتضى صنيع مالك وليس عنده في هذه المسألة شيء منصوص إلا أن أصحابه صرحوا بأن أطفال المسلمين في الجنة وأطفال الكفار خاصة في المشيئة

ثانيها: أنهم تبع لآبائهم فأولاد المسلمين في الجنة وأولاد الكفار في النار حكاه ابن حزم عن الأزارقة من الخوارج واحتجوا بقوله تعالى {رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا} [نوح 26] وتعقب بأن المراد قوم نوح خاصة وإنما دعا بذلك لما أوحى الله إليه {أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن} [هود 36] وأما حديث "هم من آبائهم أو منهم" فذاك ورد في حكم الحربي وروى أحمد من حديث عائشة "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يدركوا الأعمال قال ربك أعلم بما كانوا عاملين لو شئت أسمعتك تضاغيهم في النار" قال الحافظ ابن حجر وهو حديث ضعيف جدا لأن في إسناده أبا عقيل مولى بهية وهو متروك اهـ

ثالثها: أنهم يكونون في برزخ بين الجنة والنار لأنهم لم يعملوا حسنات يدخلون بها الجنة ولا سيئات يدخلون بها النار

رابعها: أنهم يكونون خدم أهل الجنة وفيه حديث ضعيف أخرجه الطيالسي وأبو يعلى والطبراني والبزار

خامسها: أنهم يصيرون ترابا

سادسها: أنهم يمتحنون في الآخرة بأن ترفع لهم نار فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما ومن أبى عذب وتعقب بأن الآخرة ليست دار تكليف فلا عمل فيها ولا ابتلاء

سابعها: أنهم في الجنة قال النووي وهو المذهب الصحيح المختار الذي صار إليه المحققون لقوله تعالى {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} [الإسراء 15] وإذا كان لا يعذب العاقل لكونه لم تبلغه الدعوة فلأن لا يعذب غير العاقل من باب أولى

والله أعلم

ص: 191