الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بيان ما اشتمل على الصحيح فقظ أو مع غيره من هذه الكتب المرموز بها
…
4-
بيان ما اشتمل على الصحيح فقط أو مع غيره من هذه الكتب المرموز بها:
قال الحافظ السيوطي في مقدمة جمع الجوامع ما نصه: "جميع ما في الكتب الخمسة: خ، م، حب، ك، ض، صحيح، فالعزو إليها معلم بالصحة، سوى ما في: "المستدرك" من المتعقب، فأنبه عليه؛ وكذا ما في: "موطأ مالك" وصحيح ابن خزيمة وأبي عوانة وابن السكن والمنتقى لابن الجاورد والمستخرجات، فالعزو إليها معلم بالصحة أيضًا، وفي د ما سكت عليه فهو صالح وما بين ضعفه نقلت عنه؛ وفي ت. ن. هـ. ط. حم. عم. عب. ص. ش. ع. طب. طس. قط. حل. هب. هق. صحيح وحسن، وضعيف فأبينه غالبا؛ وكل ما كان في مسند أحمد فهو مقبول، فإن الضعيف الذي فيه يقرب من الحسن؛ وكل ما عزى إلى عق عد خط كر أو للحكيم الترمذي في: "نوادر الأصول" أو للحاكم في تاريخه أو لابن الجارود في تاريخه، أو للديلمي في مسند الفردوس فهو ضعيف فيستغنى بالعزو إليها أو إلى بعضها عن بيان ضعفه، وإذا أطلقت العزو إلى ابن جرير فهو في تهذيب الآثار فإن كان في تفسيره أو في تاريخه بينته". ا. هـ.
وقد بسط الكلام في ذلك صاحب "الأجوبة الفاضلة" في السؤال الثاني ونصه:
هل كل ما في هذه الكتب الضخام، كالسنن الأربعة، وتصانيف البيهقي، وتصانيف الدارقطني، والحاكم، وابن أبي شيبة وغيرها من الكتب المشتهرة من الأحاديث المجموعة، صحيح لذاته أو لغيره، أو حسن لذاته أو لغيره أم لا؟
الجواب:
ليس كل ما في هذه الكتب وأمثالها صحيحًا أو حسنًا، بل هي مشتملة على الأخبار الصحيحة والحسنة والضعيفة والموضوعة؛ أما كتب السنن فذكر ابن الصلاح والعراقي وغيرهما أن فيها غير الحسن من الصحيح، والضعيف، وذكر النووي أن في السنن الصحيح والحسن والضعيف والمنكر، ومن ها هنا اعترضوا على تسمية صاحب المصابيح أحاديث
السنن بالحسان، بأنه اصطلاح لا يعرف عند أهل الفن؛ وذكر العراقي أنه قد تساهل من أطلق الصحيح على كتب السنن، كأبي طاهر السلفي حيث قال في الكتب الخمسة: اتفق على صحتها علماء المشرق والمغرب؛ وكالحاكم حيث أطلق على جامع الترمذي "الجامع الصحيح"، وكذلك الخطيب أطلق عليه اسم الصحيح، وذكر الذهبي في "أعلام سير النبلاء" أن أعلى ما في كتاب أبي داود من الثابت، ما أخرجه الشيخان وذلك نحو شطر الكتاب ثم يليه، ما أخرجه أحد الشيخين ورغب عنه الآخر ثم يليه ما رغبا عنه، وكان إسناده جيدًا سالمًا من علة وشذوذ ثم يليه ما كان إسناده صالحًا، وقبله العلماء لمجيئه من وجهين لينين فصاعدًا ثم يليه ما ضعف إسناده لنقص حفظ راويه فمثل هذا يسكت عنه أبو داود غالبًا ثم يليه ما كان بين الضعف من جهة رواته فهذا لا يسكت عنه بل يوهنه غالبًا، وقد يسكت عنه بحسب شهرته ونكارته، وذكر أيضًا قال أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق الجامع -أي جامع الترمذي- على أربعة أقسام قسم مقطوع بصحته، وقسم على شرط أبي داود والنسائي، وقسم أبان عن علته، وقسم رابع أبان عنه فقال ما أخرجت في كتابي هذا إلا حديثًا عمل به بعض الفقهاء سوى حديث:"فإن شرب في الرابعة فاقتلوه" 1 وحديث: "جمع بين الظهر والعصر بالمدينة من غير خوف ولا سفر"2 وذكر أيضًا قد كان ابن ماجه حافظًا صدوقًا واسع العلم وإنما غض من رتبة سننه ما في الكتاب من المناكير، وقليل من الموضوعات.
وقال ابن الصلاح في مقدمته: "كتاب أبي عيسى الترمذي أصل في معرفة الحديث الحسن". وقال أيضًا: "ومن مظانه سنن أبي داود روينا عنه أنه قال ذكرت فيه الصحيح وما يشبهه ويقاربه وروينا عنه أيضًا ما معناه إنه يذكر في كل باب أصح ما يعرفه في ذلك الباب وقال: ما كان في كتابي من حديث فيه وهن شديد بينته، وما لم أذكر فيه شيئًا فهو صالح، وبعضها أصح من بعض. قلت: فعلى هذا ما وجدناه في كتابه مذكورًا
1 أخرجه الجماعة من حديث أبي هريرة وغيره.
2 الشيخان وأصحاب السنن من حديث ابن عباس بألفاظ مختلفة.
مطلقًا، وليس في واحد من الصحيحين ولا نص على صحته أحد ممن ميز بين الصحيح والحسن جزمنا بأنه من الحسن عند أبي داود وقد يكون في ذلك ما ليس بحسن عند غيره.
وقال أيضًا: حكى أبو عبد الله بن منده الحافظ أنه سمع محمد بن سعد البارودي بمصر يقول: كان من مذهب النسائي أن يخرج عن كل من لم يجمع على تركه قال ابن منده، وكذلك أبو داود يأخذ مأخذه، ويخرج الإسناد الضعيف إذا لم يجد في الباب غيره لأنه أقوى عنده من رأي الرجال وذكر السيوطي في:"ديباجة زهر الربى على المجتبى" قال الحافظ أبو الفضل بن طاهر في شروح الأئمة كتاب أبي داود والنسائي ينقسم على ثلاثة أقسام الأول: الصحيح المخرج في الصحيحين؛ الثاني: صحيح على شرطهما؛ وقد حكى عبد الله بن منده أن شرطهما إخراج أحاديث أقوام لم يجمع على تركهم إذا صح الحديث باتصال الإسناد من غير قطع، ولا إرسال فيكون هذا القسم من الصحيح إلا أنه طريق لا يكون طريق ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما بل طريقه ما ترك البخاري ومسلم من الصحيح، القسم الثالث: أحاديث أخرجاها من غير قطع عنهما بصحتها، وقد أبانا عليها بما يفهمه أهل الطريق، وذكر أيضًا قال الأمام أبو عبد الله بن رشيد كتاب النسائي أبدع الكتب المصنفة في السنن وأحسنها ترصيفًا وكأن كتابه بين جامع البخاري ومسلم مع حظ كثير من بيان العلل، وبالجملة فهو أقل الكتب بعد الصحيحين حديثًا ضعيفًا، ورجلًا مجروحًا ويقاربه كتاب أبي جارود وكتاب الترمذي، ومقابله من الطرف الآخر كتاب ابن ماجه فإنه تفرد فيه بإخراج أحاديث عن رجال متهمين بالكذب وسرقة الأحاديث، وبعض تلك الأحاديث لا تعرف إلا من جهتهم، وأما ما حكاه ابن طاهر عن أبي زر عن الرازي أنه نظر فيه فقال: لعله لا يكون فيه تمام ثلاثين حديثًا مما فيه ضعف فهي حكاية لا تصح لانقطاع سندها، وإن كانت صحيحة فلعله أراد ما فيه من الأحاديث الساقطة إلى الغاية. وذكر أيضًا: ذكر بعضهم أن النسائي لما صنف السنن الكبرى أهداه إلى أمير الرملة فقال له الأمير: أكل ما في هذا صحيح قال لا! قال: فجرد الصحيح،
فصنف: "المجتبى" وهو بالباء الموحدة. وقال الزركشي في تخريج أحاديث الرافعي: ويقال بالنون أيضًا. وقال السيوطي في التدريب: قال شيخ الإسلام -يعني الحافظ ابن حجر- مسند الدارمي ليس دون السنن في الرتبة، بل لو ضم إلى الخمسة لكان أولي من ابن ماجه، فإنه أمثل منه بكثير. وقال العراقي: اشتهر تسميته بالمسند كما سمى البخاري كتابه بالمسند، لكون أحاديثه مسندة إلا أن فيه المرسل والمقطع والمقطوع كثيرًا، على أنهم ذكروا في ترجمة الدارمي أن له الجامع والمسند والتفسير وغير ذلك؛ فلعل الموجود الآن هو الجامع والمسند قد فقد.
وأما تصانيف الدارقطني فقال العيني في: "البناية شرح الهداية" في بحث قراءة الفاتحة في حقه: "من أين له تضعيف أبي حنيفة وهو مستحق التضعيف، وقد روى في مسنده أحاديث سقيمة ومعلولة ومنكرة وغريبة وموضوعة". ا. هـ. وقال أيضًا في بحث جهر البسملة: "الدارقطني كتابه مملوء من الأحاديث الضعيفة والشاذة والمعللة، وكم فيه من حديث لا يوجد في غيره وحكى أنه لما دخل مصر سأله بعض أهلها تصنيف شيء في الجهر بالبسملة فصنف فيه جزءًا فأتاه بعض المالكية فأقسم عليه أن يخبره بالصحيح من ذلك فقال كل ما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الجهر فليس بصحيح وأما عن الصحابة فمنه صحيح، ومنه ضعيف". ا. هـ.
وأما تصانيف البيهقي: فهي أيضًا مشتملة على الأحاديث الضعيفة، وكذا تصانيف الخطيب فإنه قد تجاوز عن حد التحامل واحتج بالأحاديث الموضوعة صرح به العيني في البناية في بحث البسملة.
وأما تصانيف الحاكم: فقال الزيلعي في تخريج أحاديث الهداية: "قال ابن دحية في كتابه: "العلم"؛ المشهور: يجب على أهل الحديث أن يتحفظوا من قول الحاكم، فإنه كثير الغلط ظاهر السقط، وقد غفل عن ذلك كثير من جاء بعده وقلده في ذلك". ا. هـ.
وقال العيني في "البناية": "قد عرف تساهله وتصحيحه للأحاديث الضعيفة، بل الموضوعة". ا. هـ.
وقال السيوطي في رسالة التعقبات على ابن الجوزي: قال شيخ الإسلام ابن حجر: تساهله وتساهل الحاكم في المستدرك أعدم النفع بكتابهما إذ ما حدث فيهما إلا ويمكن أنه مما وقع فيه التساهل فلذلك وجب على الناقد الاعتناء بما ينقله منهما من غير تقليد لهما". ا. هـ.
وفي طبقات الشافعية لتقي الدين شهبة: قال الذهبي في المستدرك جملة وافرة على شرطهما، وجملة وافرة على شرط أحدهما، ومجموع ذلك نحو نصف الكتاب وفيه نحو الربع مما صح سنده، وفيه بعض الشيء معلل وما بقى مناكير وواهيات لا تصح وفي ذلك بعض الموضوعات قد أعلمت عليها لما أختصرته". ا. هـ.
وفي مقدمة ابن الصلاح: "هو -أي الحاكم- واسع الخطو في شرط الصحيح متساهل في القضاء به. فما حكم بصحته ولم نجد ذلك لغيره من الأئمة إن لم يكن من قبيل الصحيح فهو من قبيل الحسن يحتج به ويعمل إلا أن تظهر فيه علة توجب ضعفه". ا. هـ.
وتبعه النووي حيث قال في التقريب: "فما صححه ولم نجد فيه لغيره تصحيحًا ولا تضعيفًا حكمنا بأنه حسن إلا أن يظهر فيه علة توجب ضعفه" قال السيوطي في التدريب: "قوله فما صححه احتراز مما وجد في الكتاب ولم يصرح بتصحيحه فلا يعتمد عليه". ا. هـ. لكن تعقب ابن الصلاح البدر بن جماعة فقال في مختصره: الصواب أن يتتبع، ويحكم عليه بما يليق من الحسن أو الصحة أو الضعف وتبعه في هذا التعقب شراح الألفية العراقي والأنصاري والسخاوي، وقالوا: إنما قال ابن الصلاح ما قال بناء على رأيه، أنه ليس لأحد أن يصحح في هذه الأعصار حديثًا وذكر ابن الصلاح أن صحيح ابن حبان يقاربه -أي مستدرك الحاكم- في التساهل لكن نقل العراقي عن الحازمي أنه قال: ابن حبان أمكن في الحديث من الحاكم. ا. هـ.
وقال السيوطي في التدريب: "قيل ما ذكر من تساهل ابن حبان ليس بصحيح، غايته
أن يسمي الحسن صحيحًا، فإن كان نسبته إلى التساهل باعتبار وجد أن الحسن في كتابه فهي مشاحة في الاصطلاح، وإن كان باعتبار خفة شروطه، فإنه يخرج في الصحيح ما كان راويه ثقة غير مدلس سمع من شيخه، وسمع منه الآخذ عنه ولا يكون هناك إرسال ولا انقطاع، وإذا لم يكن في الراوي جرح ولا تعديل كان كل من شيخه والراوي عنه ثقة ولم يأت بحديث منكر فهو عنده ثقة، وفي كتاب الثقات له كثير ممن هذا حاله ولأجل هذا ربما اعترض عليه في جعله ثقة من لم يعرف حاله فلا اعتراض عليه فإنه لا مشاحة في ذلك، وهذا دون شرط الحاكم، فالحاصل أن ابن حبان وفي بالتزام شروطه، ولم يوف الحاكم". ا. هـ.
ومما يدل على كون ابن حبان أشد تحريًا من الحاكم ما نقله السيوطي في: "اللآلئ المصنوعة" عن تخريج أحاديث الرافعي للزركشي أن تصحيح الضياء المقدسي صاحب المختارة أعلى مرتبة من تصحيح الحاكم، وأنه قريب من تصحيح الترمذي، وابن حبان. ا. هـ. وذكر النووي في شرح المهذب اتفق الحفاظ على أن البيهقي أيضًا أشد تحريًا من الحاكم. ا. هـ. وذكر ابن الصلاح كتب المسانيد غير ملتحقة بالكتب الخمسة التي هي الصحيحان وسنن أبي داود وسنن النسائي وجامع الترمذي وما جرى مجراها في الاحتجاج بها، والركون إلى ما هو فيها كمسند أبي داود الطيالسي ومسند عبيد الله بن موسى ومسند أحمد ومسند إسحاق بن رهويه ومسند عبد بن حميد ومسند الدارمي ومسند أبي يعلى الموصلي ومسند الحسن بن سفيان ومسند البراز وأشباهها، فهذه عادتهم فيها أن يخرجوا في مسند كل صحابي ما رووه من حديثه غير متقيدين بأن يكون حديثًا محتجًا به. ا. هـ. وفي التدريب: "صرح الخطيب وغيره بأن الموطأ مقدم على كل كتاب من الجوامع والمسانيد فعلى هذا هو بعد صحيح الحاكم وأما ابن حزم فقال: أولى الكتب الصحيحان ثم صحيح سعيد بن السكن والمتقى لابن الجارود وقاسم بن أصبغ، ثم بعد هذه الكتب كتاب أبي داود وكتاب النسائي ومصنف قاسم بن أصبغ ومصنف الطحاوي ومسانيد أحمد والبزار وابني أبي شيبة أبي بكر وعثمان،
وابن راهويه، والطيالسي، والحسن بن سفين، وابن سنجر، وعلي بن المديني، وما جرى مجراها التي أفردت بكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ما كان فيه الصحيح فهو أجل، مثل مصنف عبد الرزاق، ومصنف ابن أبي شيبة، وبقي بن مخلد، وكتاب محمد بن نصر المروزي، وابن المنذر، ثم مصنف حماد بن مسلمة، وسعيد بن منصور، ووكيع وموطأ مالك، وموطأ ابن أبي ذئب، وموطأ ابن وهب، ومسائل ابن حنبل، وفقه أبي ثور. انتهى ملخصًا.
ثم نقل السيوطي عنه أنه قال: في الموطأ نيف وسبعون حديثًا، وقد ترك مالك نفسه العمل بها، وفيها أحاديث ضعيفة. ونقل الذهبي في سير النبلاء عن ابن حزم نحو ما مر، وقال: ما أنصف ابن حزم، بل رتبة الموطأ أن يذكر تلو الصحيحين مع سنن أبي داود، لكنه تأدب وقدم المسندات النبوية الصرفة وما ذكر سن ابن ماجه، ولا جامع أبي عيسى، فإنه ما رآهما، ولا دخلا إلى الأندلس إلا بعد موته. ا. هـ.
وذكر الزرقاني في شرح الموطأ عن السيوطي أن الموطأ صحيح كله على شرط مالك.
وقال الذهبي في سير النبلاء: فيه -أي مسند أحمد- جملة من الأحاديث الضعيفة مما يسوغ نقلها، ولا يجب الاحتجاج بها، وفيه أحاديث معدودة شبيهة الموضوعة، لكنها قطرة في بحر. ا. هـ.
وقال ابن تيمية في منهاج السنة: "صنف أحمد كتابا في فضائل الصحابة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم، وقد روى في هذا الكتاب ما ليس في مسنده، وليس كل ما رواه أحمد في المسند وغيره يكون حجة عنده، بل يروى ما رواه أهل العلم، وشرطه في المسند أن لا يروى عن المعروف بالكذب عنده، وإن كان في ذلك ما هو ضعيف، وشرطه في المسند أمثل من شرط أبي داود في سننه. وأما في كتب الفضائل فروى ما سمعه من شيوخه سواء كان صحيحًا أو ضعيفًا، فإنه لم يقصد أن لا يروى في ذلك إلا ما ثبت عنده، ثم زاد ابنه عبد الله على مسند أحمد زيادات، وزاد أبو بكر القطيعي زيادات. وفي زيادات القطيعي أحاديث كثيرة موضوعة، فظن ذلك الجهال أنه من رواية أحمد، رواها أحمد في المسند، وهذا خطأ قبيح. ا. هـ.
وخالفه العراقي وادعى أن في مسند أحمد موضوعات وصنف جزءا مستقلًّا وقال فيه بعد الحمد والصلاة: "قد سألتني بعض أصحابنا من مقلدي الإمام أبي عبد الله أحمد بن حنبل في سنة خمسين وسبعمائة، أو بعدها بيسير، أن أفرد له ما وقع في مسند الإمام أحمد من الأحاديث التي قيل فيها إنها موضوعة، فذكرت له أن الذي في المسند من هذا النوع أحاديث ذوات عدد ليست بالكثيرة، ولم يتفق لي جمعها، فلما قرأت المسند سنة ستين وسبعمائة على الشيخ المسند علاء الدين أبي الحسن علي بن أحمد بن محمد بن صالح الدمشقي وقع في أثناء السماع كلام: هل في المسند أحاديث ضعيفة أو كله صحيح؟ فقلت: إن فيه أحاديث ضعيفة كثيرة، وإن فيه أحاديث يسيرة موضوعة فبلغني بعد ذلك أن بعض ما ينتمي إلى مذهب أحمد أنكر هذا إنكارا شديدًا. ونقل عن الشيخ ابن تيمية الذي وقع فيه من هذا هو من زيادات القطيعي، لا من رواية أحمد، ولا من رواية ابنه، فحرضنى قول هذا القائل على أن جمعت في هذه الأوراق ما وقع في المسند من رواية أحمد، ومن رواية ابنه مما قال فيه بعض أئمة هذا الشأن إنه موضوع" انتهى ملخصًا. ثم أورد تسعة أحاديث من المسند، ونقل عن ابن الجوزي وغيره الحكم بوضعها، ورده في بعضها، ثم قام لرده الحافظ ابن حجر فصنف "القول المسدد في الذب عن مسند أحمد" قال فيه بعد الحمد والصلاة: فقد رأيت أن أذكر في هذه الأوراق ما حضرني من الكلام على الأحاديث التي زعم أهل الحديث أنها موضوعة وهي في مسند أحمد
…
إلخ ونقل فيه جزء شيخه العراقي حرفًا حرفًا، وأجاب عنه حديثًا حديثًا، ثم أورد عدة أحاديث أخر من المسند حكم عليها ابن الجوزي بالوضع مما لم يذكره العراقي ونفى وضعها بالبراهين الساطعة والحجج القاطعة.
وفي التدريب: "قيل: وإسحاق يورد أمثل ما ورد عن ذلك الصحابي فيما ذكره أبو زرعة والرازي عنه، قال العراقي: ولا يلزم من ذلك أن يكون جميع ما فيه صحيحًا، بل هو أمثل بالنسبة لما تركه، وفيه الضعيف". ا. هـ. وفيه أيضًا: "قيل: ومسند البزار يبين فيه الصحيح من غيره. قال العراقي: ولم يفعل ذلك إلا قليلًا إلا أنه يتكلم في تفرد بعض رواة الحديث ومتابعة غيره". ا. هـ.
وفي منهاج السنة لابن تيميه: "ما ينقله الثعلبي في تفسيره: لقد أجمع أهل العلم بالحديث أنه يروي طائفة من الأحاديث الموضوعة كالحديث الذي يرويه في أول كل سورة وأمثال ذلك ولهذا يقولون: هو كحاطب ليل. وهكذا الواحدي تلميذه، وأمثالهما من المفسرين، ينقلون الصحيح والضعيف ولهذا لما كان البغوي عالمًا بالحديث أعلم به من الثعلبي والواحدي، وكان تفسيره مختصر تفسير الثعلبي لم يذكر في تفسيره شيئًا من الأحاديث الموضوعة التي يرويها الثعلبي، ولا ذكر تفاسير أهل البدع التي يذكرها الثعلبي مع أن الثعلب فيه خير ودين لكنه لا خبر له في الصحيح والسقيم من الأحاديث، وأما أهل العلم الكبار أصحاب التفسير مثل تفسير محمد بن جرير الطبري وبقي بن مخلد وابن أبي حاتم وأبي بكر بن المنذر وأمثالهم فلم يذكروا فيها مثل هذه الموضوعات دع من هو أعلم منهم مثل تفسير أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه بل ولا يذكر مثل هذا عبد بن حميد ولا عبد الرزاق مع أن عبد الرزاق كان يميل إلى التشيع ويروي كثيرًا من فضائل علي رضي الله عنه وإن كانت ضعيفة وقد أجمع أهل العلم بالحديث على أنه لا يجوز الاستدلال بمجرد خبر يرويه الواحد من جنس الثعلب والنقاش والواحدي وأمثال هؤلاء المفسرين لكثره ما يروونه من الحديث ويكون ضعيفًا بل موضوعا". ا. هـ. وفي موضع آخر منه قد روى أبو نعيم في الحلية في أول فضائل الصحابة، وفي كتاب مناقب أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أحاديث بعضها صحيحة وبعضها ضعيفه بل منكرة، وكان رجلا عالما بالحديث لكن هو وأمثاله يروون ما في الباب لأن يعرف أنه قد روى كالمفسر الذي ينقل أقوال الناس في التفسير والفقيه الذي يذكر الأقوال في الفقه، وإن كان كثير من ذلك لا يعتقد صحته بل يعتقد ضعفه لأنه يقول إنما نقلت ما ذكر غيري فالعهدة على القائل لا على الناقل. ا. هـ. وفي موضع آخر منه:"إن أبا نعيم روى كثيرًا من الأحاديث التي هي ضعيفه بل موضوعة، باتفاق علماء الحديث، وأهل السنة والشيعة وهو وإن كان حافظا ثقة كثير الحديث واسع الرواية لكن روى كما هو عادة المحدثين يروون ما في الباب لأجل المعرفة بذلك، وإن كان لا يحتج من ذلك إلا ببعضه". ا. هـ.
وفي موضع آخر منه: "الثعلبي يروي ما وجد، صحيحا كان أو سقيما، وإن كان غالب الأحاديث التي في تفسيره صحيحة، ففيه ما هو كذب موضوع". وفي موضع آخر منه: "كتاب الفردوس للديلمي فيه موضوعات كثيرة، أجمع أهل العلم على أن مجرد كونه رواه لا يدل على صحة الحديث". ا. هـ. وفي موضع آخر: "النسائي صنف خصائص علي، وذكر فيه عدة أحاديث كثيرة في فضائل علي كثير منها ضعيف"، وفي موضع آخر منه:"من الناس من قصد رواية كل ما روي في الباب من غير تمييز بين صحيح وضعيف كما فعله أبو نعيم وكذلك غيره ممن صنف في الفضائل مثل ما جمعه أبو الفتح بن أبي الفوارس وأبو علي الأهوازي وغيرهما في فضائل معاوية، وكذلك ما جمعه أبو القاسم بن عساكر في تاريخه في فضائل علي وغيره، وهذه عبارات العلماء قد أفادت وجود المنكرات والمضعفات في الكتب المدونة وأمثالها كثيرة لا تخفى على الناظر في الكتب المشتهرة، ولعل المتدبر يعلم مما نقلنا أن ما ارتكز في أذهان بعض العوام أن كل حديث في السنن محتج به غير معتد به وكذا ما ارتكز في أذهان البعض أن كل حديث في السنن محتج به غير معتد به. وكذا ما ارتكز في أذهان البعض أن كل حديث في غير الكتب الستة أو السبعة ضعيف غير محتج به". ا. هـ.