الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
43-
مراتب المرسل:
قال السخاوي في فتح المغيث: "المرسل مراتب، أعلاها ما أرسله صحابي ثبت سماعه، ثم صحابي له رؤية فقط ولم يثبت سماعه ثم المخضرم، ثم المتقن كسعيد بن المسيب، ويليها من كل يتحرى في شيوخه، كالشعبي ومجاهد، ودونها مراسيل من كان يأخذ عن كل أحد، كالحسن. وأما مراسيل صفار التابعين كقتادة، والزهري وحميد الطويل فإن غالب رواية هؤلاء عن التابعين.
44-
بحث قول الصحابي من السنة كذا وقوله أمرنا بكذا ونهينا عن كذا:
اعلم أن قول الصحابي: "من السنة كذا، أو أمرنا بكذا، أو نهينا عن كذا" وما أشبهه، كله مرفوع على الصحيح الذي قاله الجمهور؛ لأن مطلق ذلك ينصرف بظاهره إلى من له الأمر والنهي، ومن يجب اتباع سنته وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم واحتمال أن يكون الآمر غيره، وأن يريد سنة غيره بعيد، وإن كنا لا ننكر أن إطلاق ذلك يصدق مع الواسطة، ولكن العادة أن من له رئيس معظم فقال: أمرنا بكذا فإنما يريد أمر رئيسه ولا يفهم عنه إلا ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو عظيم الصحابة، ومرجعهم والمشار إليه في أقوالهم، وأفعالهم فتصرف إطلاقاتهم إليه وما قيل:"إن الفاعل إذا حذف احتمل النبي صلى الله عليه وسلم وغيره فلا نثبت شرعًا بالشك" فجوابه أن ظاهر الحال صارف للنبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم تقريره.
وكذلك السنة، أصلها في اللغة: الطريقة، ومنه سنن الطريق الذي يمشى فيه، غير أنها في عُرف الاستعمال صارت موضوعة لطريقته عليه السلام في الشريعة. كذا قاله القرافي في التنقيح، ومما يؤيد أن ذلك في حكم الرفع في السنة ما رواه البخاري في صحيحة في حديث ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه في قصته مع الحجاج حين قال له:"إن كنت تريد السنة فهجر بالصلاة" قال ابن شهاب: "فقلت لسالم:
أفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ " فقال: وهل يعنون بذلك إلا سنته صلى الله عليه وسلم!. فنقل سالم -وهو أحد الفقهاء السبعة من أهل المدينة، وأحد الحفاظ من التابعين عن الصحابة- أنهم إذا أطلقوا السنة لا يريدون بذلك إلا سنة النبي صلى الله عليه وسلم. ومما يؤيد الرفع في: "كنا نؤمر" ما رواه الشيخان عن أبي موسى في قصة استئذانه على عمر؛ ولفظ البخاري: "عن أبي موسى قال استأذنت على عمر؛ ثلاثا فلم يؤذن لي وكأنه كان مشغولا فرجعت ففرغ عمر فقال: ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس؟ إيذنوا له! قيل: قد رجع فدعاني فقلت: "كنا نؤمر بذلك" فقال: "تأتيني على ذلك بالبينة؟ " فانطلقت إلى مجلس الأنصار، فسألتهم فقالوا: لا يشهد لك على هذا إلا أصغرنا أبو سعيد الخدري، فذهبت بأبي سعيد الخدري فذهبت بأبي سعيد الخدري فقال عمر:"أخفي عليَّ هذا من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ألهاني الصفق بالأسواق" -يعنى الخروج إلى التجارية- زاد مالك في الموطأ: "فقال عمر لأبي موسى: أما إني لم أتهمك، ولكن خشيت أن يتقول الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم" قال الشراح: "وحينئذ فلا دلالة في طلبه البينة على أنه لا يحتج بخبر الواحد بل أراد سد الباب خوفا من غير أبي موسى أن يختلق كذبا على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الرغبة والرهبة" وقالوا في بالحديث: "إن قول الصحابي "كنا نؤمر بكذا" له حكم الرفع".
قال الحافظ في شرح النخبة: "وأما قول بعضهم: إن كان مرفوعًا، فلم لا يقولون فيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فجوابه أنهم تركوا الجزم بذلك تورعًا واحتياطًا ومن هذا قول أبي قلابة عن أنس: "من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعا". أخرجاه قال أبو قلابة: "لو شئت لقلت إن أنسًا رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم" أي لو قلت، لم أكذب لأن قوله: "من السنة" هذا معناه لكن إيراده بالصيغة التي ذكرها الصحابي أولى". ا. هـ.
أقول قوله: "تورعًا واحتياطًا" هذا يظهر في بعض الوجوه ومنه ما ذكره،