الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تزييف درع الموسوسين في المتفق على ضعفه
…
33-
تزييف ورع الموسوسين في المتفق على ضعفه:
ذكر شارحو صحيح البخاري عند قوله في كتاب البيوع "باب من لم ير الوساوس ونحوها من الشبهات" أن غرض البخاري بيان ورع الموسوسين، كمن يمتنع من أكل الصيد خشية أن يكون الصيد كان لإنسان ثم انفلت منه، وكمن يترك شراء ما يحتاج إليه من مجهول لا يجري أماله حرام أم حلال، وليست هناك علامة تدل على الحرمة، وكمن يترك تناول الشيء لخبر ورد فيه متفق على ضعفه وعدم الاحتجاج به ويكون دليل الإباحة قويًّا وتأويله ممتنع أو مستبعد.
قال الغزالي: "الورع أقسام: ورع الصديقين، وهو ترك ما لا يتناول بغير نية القوة على العبادة؛ وورع المتقين، وهو ترك ما لا شبهة فيه، ولكن يخشى أن يجر إلى الحرام؛ وورع الصالحين، وهو ترك ما يتطرق إليه احتمال التحريم بشرط أن يكون لذلك الاحتمال موقع فإن لم يكن فهو ورع الموسوسين. قال: ووراء ذلك ورع الشهود، وهو ترك ما يسقط الشهادة أعم من أن يكون ذلك المتروك حراما أم لا".
34-
ترجيح الضعيف على رأي الرجال:
نقل السخاوي في فتح المغيث عن الحافظ ابن منده مما سمعه من محمد بن سعد الباوردي: "أن النسائي صاحب السنن لا يقتصر في التخريج عن المتفق على قبولهم، بل يخرج عن كل من يجمع الأئمة على تركه". قال العراقي: "وهو مذهب متسع". قال ابن منده: "وكذلك أبو داود يأخذ مأخذ النسائي، يعني في عدم التقيد بالثقة والتخريج لمن ضعف في الجملة وإن اختلف صنيعهما". وقال السخاوي: "أبو داود يخرج الضعيف إذا لم يجد في الباب غيره، وهو أقوى عنده من رأي الرجال، وهو تابع في ذلك شيخه الإمام أحمد فقد روينا من طريق عبد الله بن أحمد بالإسناد الصحيح إليه قال: سمعت أبي يقول: لا تكاد ترى أحدا ينظر في الرأي إلا وفي قلبه غل والحديث الضعيف أحب إلى من الرأي"
قال: "فسألته عن الرجل يكون ببلد لا يجد فيها إلا صاحب حديث لا يدري صحيحه من سقيمه وصاحب رأي فمن يسأل قال: يسأل صاحب الحديث ولا يسأل صاحب الرأي".
وذكر ابن الجوزي في الموضوعات أنه كان قدم الضعيف على القياس. بل حكى الطوفي عن التقى ابن تيميه أنه قال: اعتبرت مسند أحمد فوجدته موافقًا بشرط أبي داود وزعم ابن حزم أن جميع الحنفية على أن مذهب إمامهم أيضًا: أن ضعيف الحديث أولى عنده من الرأي والقياس. ا. هـ.
ثم رأيت في: "منهاج السنة" للإمام تقي الدين بن تيميه ما نصه: "وأما نحن فقولنا إن الحديث الضعيف خير من الرأي ليس المراد به الضعيف المتروك لكن المراد به الحسن؛ كحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده؛ وحديث إبراهيم الهجري وأمثالهما ممن يحسن الترمذي حديثه أو يصححه. وكأن الحديث في اصطلاح من قبل الترمذي إما صحيح، وإما ضعيف. والضعيف نوعان: ضعيف متروك، وضعيف ليس بمتروك؛ فتكلم أئمة الحديث بذلك الاصطلاح، فجاء من لا يعرف إلا اصطلاح الترمذي، فسمع قول بعض الأئمة: "الحديث الضعيف أحب إليَّ من القياس" فظن أنه يحتج بالحديث الذي يضعفه مثل الترمذي وأخذ يرجح طريقة من يرى أنه اتبع للحديث الصحيح، وهو في ذلك من المتناقضين الذي يرجحون الشيء على ما هو أولى بالرجحان منه إن لم يكن دونه". ا. هـ.