الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأحد الحادية عشرة من شهر ربيع الأول سنة اثنتين وعشرين وستمائة، وقلت: اللهم أرني الليلة نبيك محمدًا صلى الله عليه وسلم في المنام وإنك تعلم اشتياقي إليه، فرأيت بعد هجعة من الليل، كأني والنبي صلى الله عليه وسلم في مشربة، ونفر من أصحابنا أسفل منا عند درج المشربة، فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تقول في ميت رماه البحر أحلال؟ فقال وهو مبتسم إليَّ "نعم" فقلت وأنا أشير إلى من بأسفل الدرج: فقل لأصحابي فإنهم لا يصدقوني، فقال:"لقد شتمتني وعابوني! " فقلت: كيف يا رسول الله؟ فقال كلامًا ليس يحضرني لفظه وإنما معناه: "عرضت قولي على من لا يقلبه"؛ ثم أقبل عليهم يلومهم ويعظهم فقلت صبيحة تلك الليلة: وأنا أعوذ بالله من أن أعرض حديثه بعد ليلتي هذه إلا على الذين يحكمونه فيما شجر بينهم ثم لا يجدون في أنفسهم حرجًا مما قضى ويسلموا تسليمًا. ا. هـ.
وسيأتي إن شاء الله تعالى في الباب العاشر في فقه الحديث مزيد لهذا بحوله سبحانه وقوته.
6-
فضل المحامي عن الحديث والمحيي للسنة:
عن عمرو بن عوف رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال بن الحرث يومًا: "اعلم يا بلال" قال: "ما أعلم يا رسول الله؟ " قال: "إن من أحيا سنة من سنتي أميتت بعدي، كان له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا ومن ابتدع بدعة ضلالة لا يرضاها الله ورسوله كان عليه مثل آثام من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزار الناس شيئًا". رواه ابن ماجه والترمذي وحسنه قال الحافظ المنذري: "وللحديث شواهد".
وعن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحب سنتي فقد أحبني، ومن أحبني كان معي في الجنة". رواه الترمذي
قال الإمام السيد محمد بن المرتضى اليماني رحمه الله تعالى في مقدمة كتابه: "إيثار الحق على
الخلق"1 ما نصه: "المحامي عن السنة، الذاب عن حماها كالمجاهد في سبيل الله تعالى يعد للجهاد ما استطاع من الآلات والعدة والقوة، كما قال الله سبحانه {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّة} 2 وقد ثبت في الصحيح أن جبريل عليه السلام كان مع حسان بن ثابت يؤيده ما نافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أشعاره، فكذلك مع ذب عن دينه وسنته من بعده إيمانًا به وحبًّا ونصحًا له ورجاء أن يكون من الخلف الصالح الذين قال فيهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم3:"يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين" والجهاد باللسان أحد أنواع الجهاد سبله وفي الحديث4: "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر" وقد أحسن من قال في هذا المعنى شعرًا:
جاهدت فيك بقولي يوم يختصم الـ
…
أبطال إذ فات سيفي يوم يمتصع5
عن اللسان لوصال إلى طرق
…
في الحق لا تهتديها الذبل السرع
ثم قال: "ولا ينبغي أن سنتوحش الظافر بالحق من كثرة المخالفين له، كما لا يستوحش الزاهد من كثرة الراغبين، ولا المتقى من كثرة العاصين ولا الذاكر من كثرة الغافلين ينبغي منه أن يستعظم المنة باختصاصة بذلك مع كثرة الجاهلين له الغافلين عنه، وليوطن نفسه على ذلك فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وسلم- أنه قال: "عن هذا الدين بدأ غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء! " رواه مسلم في الصحيح من حديث أبي هريرة ورواه الترمذي من حديث ابن مسعود وقال: "هذا حديث حسن صحيح" ورواه ابن ماجه وعبد الله بن أحمد من حديث أنس وروى البخاري نحوه بغير لفظه من حديث ابن عمر وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه أفضل السلام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "طلب الحق غربة" رواه الحافظ الأنصاري في أول كتابه: "منازل السائرين إلى الله" من حديث جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن جده وقال: "هذا حديث غريب، لم اكتبه عاليًا إلا من رواية علان، ولذلك شواهد قوية عن تسعة من الصحابة ذكرها البيهقي في:"مجمع الزوائد" فنسأل الله أن يرحم غربتنا في الحق، ويهدي ضالنا ولا يردنا عن أبواب رجائه، ودعائه وطلبه محرومين إنه مجيب الداعين، وهادي المهتدين وأرحم الراحمين.
1 ص20.
2 سورة الأنفال، آية:61.
3 رواه الديلمي في مسند الفردوس.
4 رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي من حديث أبي سعيد الخدري، ورواه غيرهم من غيره. بلفظ آخر أيضًا.
5 يمتصع: يضرب.