المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترهيب من عدم توقير الحديث وهجر من يعرض عنه والغضب لله في ذلك - قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث

[جمال الدين القاسمي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمات:

- ‌خطبة الكتاب:

- ‌الباب الأول: في التنويه بشأن الحديث وفيه مطالب

- ‌ شرف علم الحديث:

- ‌ فضل راوي الحديث:

- ‌ الأمر النبوي برواية الحديث وإسماعه:

- ‌ حث السلف على الحديث:

- ‌ إجلال الحديث وتعظيمه والرهبة من الزيغ عنه:

- ‌ فضل المحامي عن الحديث والمحيي للسنة:

- ‌ أجر المتمسك بالسنة إذا اتبعت الأهواء وأوثرت الدنيا:

- ‌ بيان أن الوقيعة في أهل الأثر من علامات أهل البدع:

- ‌ ما روي أن الحديث من الوحي:

- ‌ أيادي المحدثين البيضاء على الأمة وشكر مساعيهم:

- ‌الباب الثاني: في معنى الحديث وفيه مباحث

- ‌ماهية الحديث والخبر والأثر

- ‌ بيان الحديث القدسي:

- ‌ ذكر أول من دون الحديث:

- ‌ بيان أكثر الصحابة حديثا وفتوى:

- ‌ ذكر صدور التابعين في الحديث وألفتيا:

- ‌الباب الثالث: في بيان علم الحديث؛ وفيه مسائل

- ‌ ماهية علم الحديث؛ رواية ودراية وموضوعه وغايته:

- ‌ المقصود من علم الحديث:

- ‌ حد المسند والمحدث والحافظ:

- ‌الباب الرابع: في معرفة أنواع الحديث وفيه مقاصد

- ‌ بيان المجموع من أنواعه:

- ‌ بيان الصحيح:

- ‌بيان الصحيح لذاته والصحيح لغيره

- ‌ تفاوت رتب الصحيح:

- ‌ أثبت البلاد في الحديث الصحيح في عهد السلف:

- ‌ أقسام الصحيح:

- ‌ معنى قولهم أصح شيء في الباب كذا:

- ‌ أول من دون الصحيح:

- ‌ بيان أن الصحيح لم يستوعب في مصنف:

- ‌ بيان أن الأصول الخمسة لم يفتها من الصحيح إلا اليسير:

- ‌ ذكر من صنف في أصح الأحاديث:

- ‌بيان الثمرات المجتناة من شجرة الحديث المباركة

- ‌ بيان الحديث الحسن ذكر ماهيته:

- ‌ بيان الحسن لذاته ولغيره:

- ‌ ترقي الحسن لذاته إلى الصحيح بتعدد طرقه:

- ‌ بيان أول من شهر الحسن:

- ‌ معنى قول الترمذي: "حسن صحيح

- ‌ الجواب عن جمع الترمذي بين الحسن والغرابة على اصطلاحه:

- ‌ مناقشة الترمذي في بعض ما يصححه أو يحسنه:

- ‌ بيان أن الحسن على مراتب:

- ‌ بيان كون الحسن حجة في الأحكام:

- ‌ قبول زيادة راوي الصحيح والحسن:

- ‌بيان ألقاب للحديث تشمل الصحيح والحسن وهي الجيد والقوى والصالح والمعروف والمحفوظ والمجود والثابت والمقبول

- ‌ بيان الضعيف ماهية الضعيف وأقسامه:

- ‌ تفاوت الضعيف:

- ‌ بحث الضعيف إذا تعددت طرقه:

- ‌ذكر قول مسلم رحمه الله إن السراوى عن الضعفاء غاش آثم جاهل

- ‌ تشنيع الإمام مسلم على رواة الأحاديث الضعيفة والمنكرة وقذفهم بها إلى العوام، وإيجابه رواية ما عرفت صحة مخارجه:

- ‌ تحذير الإمام مسلم من روايات القصاص والصالحين:

- ‌ ذكر المذاهب في الأخذ بالضعيف واعتماد العمل به في الفضائل:

- ‌ الجواب عن رواية بعض كبار الأئمة عن الضعفاء:

- ‌ ما شرطه المحققون لقبول الضعيف:

- ‌تزييف درع الموسوسين في المتفق على ضعفه

- ‌ ترجيح الضعيف على رأي الرجال:

- ‌ بحث الدواني في الضعيف:

- ‌ مسائل تتعلق بالضعيف:

- ‌ ذكر أنواع تشترك في الصحيح والحسن والضعيف:

- ‌ ذكر أنواع تختص بالضعيف:

- ‌ ذكر مناقشة الفريق الأول لما ذكره أهل المذهب الثاني:

- ‌ ذكر المذهب الثالث في المرسل ممن اعتدل في شأنه وفصل فيه:

- ‌ بيان أكثر من تُروى عنهم المراسيل والموازنة بينهم:

- ‌ ذكر مرسل الصحابة:

- ‌ مراتب المرسل:

- ‌ بحث قول الصحابي من السنة كذا وقوله أمرنا بكذا ونهينا عن كذا:

- ‌ الكلام على الخبر المتواتر وخبر الآحاد:

- ‌ بيان أن خبر الواحد الثقة حجة يلزم به العمل:

- ‌ الكلام على الحديث الموضوع وفيه مباحث:

- ‌الباب الخامس: في الجرح والتعديل وفيه مسائل

- ‌ بيان طبقات السلف في ذلك:

- ‌ بيان أن جرح الضعفاء من النصيحة:

- ‌ بحث تعارض الجرح والتعديل:

- ‌ بيان أن تجريح بعض رجال الصحيحين لا يعبأ به:

- ‌ الناقلون المبدعون:

- ‌ الناقلون المجهولون:

- ‌ قول الراوي حدثني الثقة أو من لا يتهم هل هو تعديل له

- ‌ما وقع في الصحيحين وغيرهما من نحو: اين فلان، أو ولد فلان

- ‌ قولهم: عن فلان أو فلان وهما عدلان

- ‌ من لم يذكر في الصحيحين أو أحدهما لا يلزم منه جرحه:

- ‌ اقتصار البخاري على رواية من روايات إشارة إلى نقد في غيرها:

- ‌ ترك رواية البخاري لحديث لا يوهنه:

- ‌ بيان أن من روى له حديث في الصحيح لا يلزم صحة جميع حديثه:

- ‌ما كان من روى المناكير ضعيف

- ‌ متى يترك حديث المتكلم فيه:

- ‌ جواز ذكر الراوي بلقبه الذي يكرهه للتعريف وأنه ليس بغيبة له:

- ‌ الاعتماد في جرح الرواة وتعديلهم على الكتب المصنفة في ذلك:

- ‌ بيان عدالة الصحابة أجمعين:

- ‌بيان معنى الصحابي

- ‌ تفاضل الصحابة:

- ‌الباب السادس: في الإسناد؛ وفيه مباحث

- ‌ فضل الإسناد:

- ‌ معنى السند والإسناد والمسند والمتن:

- ‌ أقسام تحمل الحديث:

- ‌بحث وحيز في الإجازة، ومعنى قولهم: أجزت له كذا بشرطه

- ‌ أقدم إجازة عثرت عليها:

- ‌ هل قول المحدث حدثنا وأخبرنا وأنبأنا بمعنى واحد أم لا

- ‌ قول المحدث وبه قال حدثنا:

- ‌ الرمز بـ: "ثنا" و"نا" و"أنا" و"ح

- ‌ عادة المحدثين في قراءة الإسناد:

- ‌ الإتيان بصيغة الجزم في الحديث الصحيح والحسن دون الضعيف:

- ‌ متى يقول الراوي "أو كما قال

- ‌السر في تفرقة البخارى بين قوله: حديثا فلان، وقال لى فلان

- ‌ سر قولهم في خلال ذكر الرجال: يعني ابن فلان أو هو ابن فلان:

- ‌ قولهم: دخل حديث بعضهم في بعض:

- ‌ قولهم: "أصح شيء في الباب كذا

- ‌ قولهم: "وفي الباب عن فلان

- ‌ أكثر ما وجد من رواية التابعين بعضهم عن بعض:

- ‌ هل يشترط في رواية الأحاديث السند أم لا:

- ‌ فوائد الأسانيد المجموعة في الأثبات:

- ‌ ثمرة رواية الكتب بالأسانيد في الأعصار المتأخرة:

- ‌ بيان أن تحمل الأخبار على الكيفيات المعروفة من ملح العلم لا من صلبه وكذا استخراج الحديث من طرق كثيرة:

- ‌ توسع الحفاظ رحمهم الله تعالى في طبقات السماع:

- ‌ بيان الفرق بين المخرج "اسم فاعل" والمخرج "اسم مكان

- ‌ سر ذكر الصحابي في الأثر ومخرجه من المحدثين:

- ‌الباب السابع: في أحوال الرواية؛ وفيه مباحث:

- ‌ رواية الحديث بالمعنى:

- ‌ جواز رواية بعض الحديث بشروطه:

- ‌ سر تكرار الحديث في الجوامع والسنن والمسانيد:

- ‌5- ذكر الخلاف في الاستشهاد بالحديث على اللغة والنحو وكذلك بكلام الصحابة وآل البيت رضي الله عنهم:

- ‌الباب الثامن: في‌‌ آداب المحدثوطالب الحديث وغير ذلك؛ وفيه مسائل

- ‌ آداب المحدث

- ‌ آداب طالب الحديث:

- ‌ ما يفتقر إليه المحدث:

- ‌ما يستحب للمحدث عند التحديث

- ‌ بيان طرق درس الحديث:

- ‌ أمثلة من لا تقبل روايته ومنهم من يحدث لا من أصل مصحح:

- ‌ الأدب عند ذكره تعالى وذكر رسوله والصحابة والتابعين:

- ‌ الاهتمام بتجويد الحديث:

- ‌الباب التاسع: في كتب الحديث؛ وفيه فوائد

- ‌ بيان طبقات كتب الحديث:

- ‌ بيان الرموز لكتب الحديث على طريقة الحافظ ابن حجر في التدريب:

- ‌ بيان الرموز لكتب الحديث على طريقة السيوطي في الجامع الكبير والجامع الصغير:

- ‌بيان ما اشتمل على الصحيح فقظ أو مع غيره من هذه الكتب المرموز بها

- ‌ الرجوع إلى الأصول الصحيحة

- ‌ إذا كان عند العالم الصحيحان:

- ‌ هل يجوز الاحتجاج في الأحكام بجميع ما في هذه الكتب من غير توقف أم لا? وهل تعذر التصحيح في الأزمان المتأخرة أم لا

- ‌ الاهتمام بمطالعة كتب الحديث:

- ‌ ذكر أرباب الهمة الجليلة في قراءتهم كتب الحديث في أيام قليلة:

- ‌ قراءة البخاري لنازلة الوباء:

- ‌الباب العاشر: في فقه الحديث

- ‌ بيان أقسام ما دون في علم الحديث:

- ‌ بيان كيفية تلقي الأمة الشرع من النبي صلى الله عليه وسلم:

- ‌ بيان أن السنة حجة على جميع الأمة وليس عمل أحد حجة عليها:

- ‌ العمل بالحديث بحسب ما بدا لصاحب الفهم المستقيم:

- ‌ لزوم الإفتاء بلفظ النص مهما أمكن:

- ‌ حرمة الإفتاء بضد لفظ النص:

- ‌ رد ما خالف النص أو الإجماع:

- ‌ تشنيع المتقدمين على من يقول العمل على الفقه لا على الحديث:

- ‌ رد الإمام السندي الحنفي رحمه الله على من يقول ليس لمثلنا أن يفهم الحديث:

- ‌ رد الإمام السندي رحمه الله أيضًا على من يقرأ كتب الحديث لا للعمل:

- ‌ التحذير من التعسف في رد الأحاديث إلى المذاهب:

- ‌الترهيب من عدم توقير الحديث وهجر من يعرض عنه والغضب لله في ذلك

- ‌ما ينفى من قول أحد عند قول النبى صلى الله عليه وسلم

- ‌ ما يقوله من بلغه حديث كان يعتقد خلافه:

- ‌ما روى عن السلف في الرجوع إلى حديث

- ‌ حق الأدب فيما لم تدرك حقيقة من الأخبار النبوية:

- ‌ بيان إمرار السلف الأحاديث على ظاهرها:

- ‌ قاعدة الإمام الشافعي رحمه الله في مختلف الحديث:

- ‌ فذلكة وجوه الترجيح بين ما ظاهره التعارض:

- ‌ بحث الناسخ والمنسوخ:

- ‌بحث التحيل على إسقاط حكم أو قلبه

- ‌ بيان أسباب اختلاف الصحابة والتابعين في الفروع:

- ‌ بيان أسباب اختلاف مذاهب الفقهاء:

- ‌ بيان الفرق بين أهل الحديث وأصحاب الرأي:

- ‌ بيان حال الناس في الصدر الأول وبعده:

- ‌ فتوى الإمام تقي الدين أبي العباس فيمن تفقه على مذهب:

- ‌ بيان معرفة الحق بالدليل:

- ‌ بيان أن معرفة الشيء ببرهانه طريقة القرآن الكريم:

- ‌ بيان أن من المصالح هذه المذاهب المدونة وفوائد مهمة من أصل التخريج على كلام الفقهاء وغير ذلك:

- ‌ بيان وجوب موالاة الأئمة المجتهدين وأنه إذا وجد لواحد منهم قول صح الحديث بخلافة فلا بد له من عذر في تركة وبيان العذر:

- ‌الخاتمة في فوائد متنوعة يضطر إليها الأثري:

- ‌ سبيل الترقي في علوم الدين:

- ‌ قاعدة المحققين في مسائل الدين وعلماء الفرق:

- ‌ وصية الغزالي في معاملة المتعصب:

- ‌ بيان من يسلم من الأغلاط:

- ‌تتمة في مقصدين:

- ‌فهرس:

الفصل: ‌الترهيب من عدم توقير الحديث وهجر من يعرض عنه والغضب لله في ذلك

عنهم أن أقوالهم وحي يجب اتباعه لحرموا على أصحابهم مخالفتهم، ولما ساغ لأصحابهم أن يفتوا بخلافهم في شيء، ولما كان أحدهم يقول القول ثم يفتي بخلافه فيروي عنه في المسألة القولان والثلاثة وأكثر من ذلك فالرأي والاجتهاد أحسن أحواله أن يسوغ اتباعه، والحكم المنزل لا يحل لمسلم أن يخالفه، ولا يخرج عنه وأما الحكم المبدل، وهو الحكم بغير ما أنزل الله عز وجل فلا يحل تنفيذه، ولا العمل به ولا يسوغ اتباعه وصاحبه بين الكفر والفسوق والظلم". ا. هـ.

وقال الإمام البخاري رحمه الله تعالى في جزء رفع اليدين قال وكيع: من طلب الحديث كما هو فهو صاحب سنة، ومن طلب الحديث ليقوى هواه فهو صاحب بدعة قال: يعني أن الإنسان ينبغي أن يلغي رأيه لحديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث يثبت الحديث، ولا يعلل بعلل لا تصح ليقوى هواه، وقد ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم:"لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به" وقد قال معمر: "أهل العلم كان الأول فالأول أعلم، وهؤلاء الآخر فالآخر عندهم أعلم" وروى البخاري رحمه الله تعالى أيضًا في جزء القراءة خلف الإمام عن ابن عباس ومجاهد أنهما قالا: ليس أحد بعد النبي إلا يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي. ا. هـ.

ص: 294

‌الترهيب من عدم توقير الحديث وهجر من يعرض عنه والغضب لله في ذلك

12-

الترهيب من عدم توفير الحديث وهجر من يعرض عنه والغضب لله في ذلك:

قال الإمام الحافظ أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي رحمه الله تعالى في سننه: باب تعجيل عقوبة من بلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث فلم يعظمه ولم يوقره: أخبرنا عبد الله بن صالح حدثني الليث حدثني ابن عجلان عن العجلان عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بينما رجل يتبختر في بردين خسف الله به الأرض، فهو يتجلل فيها إلى يوم القيامة"! فقال له فتي قد سماه وهو في حلة له يا أبا هريرة! أهكذا كان يمشي ذلك الفتي الذي خسف به؟ ثم ضرب بيده فعثر عثرة كاد يتكسر فيها فقال أبو هريرة للمنخرين وللفم: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ} .

ص: 294

أخبرنا محمد بن حميد حدثنا هارون -هو ابن المغيرة- عن عمر بن أبي قيس، عن الزبير بن عدي عن خراش بن جبير، قال: رأيت في المسجد فتى يخذف1 فقال له شيخ: لا تخذف فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الخذف فغفل الفتي، فظن أن الشيخ لا يفطن له فخذف فقال له الشيخ: أحدثك أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن الخذف ثم تخذف، والله لا أشهد لك جنازة، ولا أعودك في مرض، ولا أكملك أبدًا، فقلت لصاحب لي يقال له مهاجر: انطلق إلى خراش فاسأله، فأتاه فسأله عنه، فحدثه.

أخبرنا سفيان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن مغفل قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخذف وقال: "إنها لا تصطاد صيدًا ولا تنكي عدوًّا، ولكنها تكسر السن، وتفقأ العين" فرفع رجل بينه وبين سعيد قرابة شيئا من الأرض فقال: هذه، وما تكون هذه؟ فقال سعيد: ألا أراني أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تهاون به! لا أكلمك أبدًا.

أخبرنا عبد الله بن يزيد حدثنا كهمس بن الحسن، عن عبد الله بن بريده قال: رأى عبد الله بن مغفل رجلا من أصحابه يخذف، فقال: لا تخذف! فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن الخذف، وكان يكرهه وإنه لا ينكأ به عدو ولا يصاد به صيد، ولكنه قد يفقأ العين ويكسر السن ثم رآه بعد ذلك يخذف فقال له: ألم أخبرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهى عنه ثم أراك تخذف، والله لا أكلمك أبدًا!

أخبرنا مروان بن محمد، حدثنا إسماعيل بن بشر، عن قتادة قال: حدث ابن سيرين رجلًا يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال رجل: قال فلان وفلان كذا وكذا، فقال ابن سيرين: أحدثك عن النبي صلى الله عليه وسلم وتقول: قال فلان وفلان كذا وكذا لا أكلمك أبدًا!.

أخبرنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن الزهري عن سالم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أستأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها". قال فلان بن عبد الله

1 الخذف: هو رميك حصاة أو نواة تأخذها بين سبابتيك وترمي بها "النهاية".

ص: 295

إذن والله وأمنعها، فأقبل عليه ابن عمر فشتمه شتمة لم أره شتمها أحدًا قبله، ثم قال: أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول: إذن والله أمنعها؟

أخبرنا محمد بن حميد حدثنا هارون بن المغيرة، عن معروف عن أبي المخارق، قال: ذكر عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن درهمين بدرهم، قال فلان: ما أرى بهذا بأسًا يدًا بيد فقال عبادة: أقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم وتقول: لا أرى به بأسًا والله لا يظلني وإياك سقف أبدًا.

أخبرنا محمد بن يزيد الرفاعي حدثنا أبو عامر العقدي، عن زمعة عن سلمة بن وهرام عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تطرقوا النساء ليلًا"، قال: وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلًا فانساق رجلان إلى أهليهما، وكلاهما وجد مع امرأته رجلًا.

أخبرنا أبو المغيرة، حدثنا الأوزاعي، عن عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي، عن سعيد بن المسيب، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر، نزل المعرش ثم قال:"لا تطرقوا النساء ليلًا" فخرج رجلان ممن سمع مقالته فطرقا أهلهما فوجد كل واحد منهما مع إمراته رجلا!

أخبرنا أبو المغيرة، حدثنا الأوزاعي، عن عبد الرحمن بن حرملة قال: جاء رجل إلى سعيد بن المسيب يودعه بحج أو عمرة فقال له: لا تبرح حتى تصلي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يخرج بعد النداء من المسجد، إلا منافق، إلا رجل أخرجته حاجة، وهو يريد الرجعة إلى المسجد" فقال: إن أصحابي بالحرة قال: فخرج قال: فلم يزل سعيد يولع بذكره حتى أخبر أنه وقع من راحلته فانكسرت فخذه. ا. هـ.

وروى مسلم حديث سالم عن ابن عمر المتقدم ورواه الإمام أحمد وزاد: "فما كلمه عبد الله حتى مات".

قال الطيبي رحمه الله شارح المشكاة: "عجبت ممن يتسمى بالسني، إذا سمع من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وله رأي رجح رأيه عليها وأي فرق بينه وبين

ص: 296

المبتدع؟ أما سمع: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به" 1؟ وها هو ابن عمر وهو من أكابر الصحابة وفقهائها كيف غضب لله ورسوله وهجر فلذة كبده لتلك الهنة عبرة لأولي الألباب. ا. هـ.

وقال النووي في شرح مسلم عند الكلام على حديث عبد الله بن مغفل الذي تقدم: "فيه جواز هجران أهل البدع والفسوق، وأنه يجوز هجرانهم دائمًا فالنهي عنه فوق ثلاثة أيام إنما هي في هجر لحظ نفسه ومعايش الدنيا، وأما هجر أهل البدع فيجوز على الدوام كما يدل عليه هذا مع نظائر له كحديث كعب بن مالك قال السيوطي: "وقد ألفت مؤلفًا سميته: "الزجر بالهجر" لأني كثير الملازمة لهذه السنة". ا. هـ.

وقال الشعراني قدس سره: "سمع الإمام أحمد بن أبي إسحاق السبيعي يقول إلى متى حديث: "اشتغلوا بالعلم"2 فقال له الإمام أحمد: "قم يا كافر لا تدخل علينا أنت بعد اليوم ثم إنه التفت إلى أصحابه، وقال: ما قلت أبدًا لأحد من الناس لا تدخل داري غير هذا الفاسق". ا. هـ. فانظر يا أخي كيف وقع من الإمام هذا الزجر العظيم لمن قال إلى متى حديث: "اشتغلوا بالعلم" فكانوا رضي الله عنهم لا يتجرأ أحد منهم أن يخرج عن السنة قيد شبر بل بلغنا أن مغنيًا كان يغني للخليفة فقيل له: إن مالك بن أنس يقول بتحريم الغناء فقال المغني: وهل لمالك وأمثاله أن يحرم في دين ابن عبد المطلب والله يا أمير المؤمنين ما كان التحريم لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بوحي من ربه عز وجل، وقد قال تعالى: {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} 3 لم يقل: "بما رأيت يا محمد" فلو كان الدين بالرأي لكان رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحتاج إلى وحي وكان الحق تعالى أمره أن يعمل به بل عاتبه الله تعالى حين حرم على نفسه ما حرم في قصة مارية وقال4: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَك} الآية. ا. هـ.

1 راجع تخريج هذا الحديث في ص54، من هذا الكتاب.

2 لم نره بهذا اللفظ، وأحاديث الترغيب في طلب العلم كثيرة.

3 سورة النساء، الآية:104.

4 سورة التحريم، الآية:1.

ص: 297

وقال قدس الله سره أيضًا: "كان الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه يقول: إياكم وآراء الرجال. ودخل عليه مرة رجل من أهل الكوفة والحديث يقرأ عنده فقال الرجل: دعونا من هذه الأحاديث! فزجره الإمام أشد الزجر وقال له: لولا السنة ما فهم أحد منا القرآن ثم قال للرجل: ما تقول في لحم القرد وابن دليله من القرآن؟ فأفحم الرجل. فقال للإمام: فما تقول أنت فيه؟ فقال: ليس هو من بهيمة الأنغام. فانظر يا أخي إلى مناضلة الإمام عن السنة وزجره من عرض له بترك النظر في أحاديثها فكيف ينبغي لأحد أن ينسب الإمام إلى القول في دين الله بالرأي الذي لا يشهد له ظاهر كتاب ولا سنة وكان رضي الله عنه يقول عليكم بآثار من سلف، وإياكم ورأي الرجال وإن زخرفوه بالقول فإن الأمر ينجلي حين ينجلي، وأنتم على صراط مستقيم، وكان يقول: إياكم والبدع والتبدع والتنطع وعليكم بالأمر الأول العتيق، ودخل شخص الكوفة بكتاب: "دانيال" فكاد أبو حنيفة أن يقتله، وقال له أكتاب ثَمَّ غير القرآن والحديث، وقيل له مرة: ما تقول فيما أحدثه الناس من الكلام في العرض والجوهر والجسم، فقال: هذه مقالات الفلاسفة فعليكم بالآثار وطريقة السلف وإياكم وكل محدث فإنه بدعة، وقيل له مرة: قد ترك الناس العمل بالحديث، وأقبلوا على سماعه فقال رضي الله عنه: نفس سماعهم للحديث عمل به، وكان يقول: لم تزل الناس في صلاح ما دام فيهم من يطلب الحديث فإذا طلبوا العلم بلا حديث فسدوا، وكان رضي الله عنه يقول: قاتل الله عمرو بن عبيد فإنه فتح للناس باب الخوض في الكلام فيما لا يعنيهم، وكان يقول: لا ينبغي لأحد أن يقول قولًا حتى يعلم أن شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم تقبله" انتهى ملخصًا.

ص: 298