الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3-
الأمر النبوي برواية الحديث وإسماعه:
روي الإمام أحمد والبخاري والترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب عليَّ متعمدا فليتبوأ مقعدة من النار".
وروى الطبراني عن أبي قرصافة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "حدثوا عني بما تسمعون، ولا تقولوا إلا حقا، ومن كذب عليَّ بني له بيت في جهنم يرتع فيه".
وروى الإمام أحمد، والبخاري في الأدب عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"علموا، ويسروا، ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا، وإذا غضب أحدكم فليسكت! ".
وروى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تعلموا الفرائض القرآن وعلموا الناس، فإني مقبوض".
قال العارف الشعراني قدس سره في العهود الكبرى1: "وفي كتابة الحديث وإسماعه للناس فوائد عظيمة منها: عدم اندراس أدلة الشريعة، فإن الناس لو جهلوا الأدلة جملة -والعياذ بالله تعالى- لربما عجزوا عن نصرة شريعتهم عند خصمهم، وقولهم: "إنا وجدنا آباءنا على ذلك" لا يكفي. وماذا يضر الفقيه أن يكون محدثا يعرف أدلة كل باب من أبواب الفقه. ومنها: تجديد الصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل حديث. وكذلك تجديد الترضي والترحم على الصحابة والتابعين من الرواة إلى وقتنا هذا ومنها: وهو أعظمها فائدة الفوز بدعائه لمن بلغ كلامه إلى أمته في قوله: "نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها" ودعاؤه مقبول بلاشك إلا ما استثني كعدم إجابته في أن الله تعالى لا يجعل بأس أمته فيما بينهم كما ورد". انتهى.
1 ص32 "على هامش لطائف المنن والأخلاق" القاهرة المطبعة العامرة 311هـ.
4-
حث السلف على الحديث:
قال الشعراني قدس سره في مقدمة ميزانه1: كان الأعمش رضي الله عنه يقول: "عليكم بملازمة السنة وعلموها للأطفال، فإنهم يحفظون على الناس دينهم إذا جاء وقتهم". وكان وكيع رحمه الله تعالى يقول: "عليكم باتباع الأئمة المجتهدين والمحدثين فإنهم يكتبون ما لهم وما عليهم بخلاف أهل الأهواء والرأي فإنهم لا يكتبون قط ما عليهم".
وكان الشعبي وعبد الرحمن بن مهدي يزجران كل من رأياه يتدين بالرأي وينشدان:
دين النبي محمد أخبار
…
نعم المطية للفتي الآثار
1 ص62، 63.
لا ترغبن عن الحديث وأهله
…
فالرأي ليل والحديث نهار
وكان مجاهد يقول لأصحابه: "لا تكتبوا عني كل ما أفتيت به، وإنما يُكتب الحديث ولعل كل شيء أفتيتكم به اليوم أرجع عنه غدًا". وكان أبو عاصم رحمه الله تعالى يقول: "إذا تبحر الرجل في الحديث، كان الناس عنده كالبقر". وكان الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه يقول: "إياكم والقول في دين الله تعالى بالرأي؛ وعليكم باتباع السنة فمن خرج عنها ضل". ودخل عليه مرة رجل من أهل الكوفة والحديث يقرأ عنده فقال الرجل: "دعونا من هذه الأحاديث! " فزجره الإمام أشد الزجر، وقال له:"لولا السنة ما فهم أحد منا القرآن". وقيل له مرة: "قد ترك الناس العمل بالحديث واقبلوا على سماعه" فقال رضي الله عنه: "نفس سماعهم للحديث عمل به". وكان رضي الله عنه يقول: "لم تزل الناس في صلاح ما دام فيهم من يطلب الحديث فإذا طلبوا العلم بلا حديث فسدوا". وكان يقول: "لا ينبغي لأحد أن يقول قولًا حتى يعلم أن شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم تقبله". وكان الإمام مالك رضي الله عنه يقول: إياكم ورأى الرجال إلا إن أجمعوا عليه: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} 1 وما جاء عن نبيكم، وإن لم تفهموا المعنى فسلموا لعلمائكم، ولا تجادلوهم فإن الجدال في الدين من بقايا النفاق. وروى الحاكم والبيهقي عن الإمام الشافعي رضي الله عنه أنه كان يقول:" إذا صح الحديث فهو مذهبي" قال ابن حزم: "أي صح عنده أو عند غيره من الأئمة" وفي رواية أخرى: "إذا رأيتم كلامي يخالف كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعملوا بكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم واضربوا بكلامي الحائط" وقال مرة للربيع: "يا أبا أسحق، لا تقلدني في كل ما أقول، وانظر في ذلك لنفسك فإنه دين". وكان رضي الله عنه إذا توقف في حديث يقول: "لو صح ذلك لقلنا به". وكان يقول: "إذا ثبت عن النبي -بأبي هو وأمي- شيء لم يحل تركه لشيء أبدًا" وروى البيهقي عن الإمام أحمد رضي الله عنه أنه كان إذا سئل عن مسألة يقول: "أولأحد كلام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ " وكان يتبرأ كثيرًا من رأي الرجال ويقول: "لا ترى أحدًا ينظر في كتب الرأي غالبًا إلا وفي قلبه دخل"2 وكان ولده عبد الله يقول: "سألت الإمام أحمد عن الرجل
1 سورة الأعراف، آية 2.
2 الدخل -بفتحتين- الفساد.