الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم
-؟
الحديث الرابع
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ جَالِسٌ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ، وَإِذَا نَاسٌ يُصَلُّونَ فِي الْمَسْجِدِ صَلَاةَ الضُّحَى. قَالَ: فَسَأَلْنَاهُ عَنْ صَلَاتِهِمْ. فَقَالَ: بِدْعَةٌ. ثُمَّ قَالَ لَهُ: كَمِ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: أَرْبَعً إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ، فَكَرِهْنَا أَنْ نَرُدَّ عَلَيْهِ. قَالَ: وَسَمِعْنَا اسْتِنَانَ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحُجْرَةِ، فَقَالَ عُرْوَةُ: يَا أُمَّاهُ، يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ. أَلَا تَسْمَعِينَ مَا يَقُولُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. قَالَتْ: مَا يَقُولُ؟ قَالَ: يَقُولُ: "إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرَاتٍ إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ". قَالَتْ: "يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا اعْتَمَرَ عُمْرَةً إِلَاّ وَهُوَ شَاهِدُهُ، وَمَا اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ قَطُّ".
قوله: "المسجد" يعني مسجد المدينة النبوية.
وقوله: "جالس إلى حجرة عائشة" في رواية مفضل عند أحمد فإذا ابن عمر مستند إلى حجرة عائشة.
وقوله: "فإذا أناس" في رواية الكشميهني، فإذ ناس بغير ألف.
وقوله: "فقال: بدعة"، مرَّ الكلام عليه في باب صلاة الضحى في السفر من أبواب التطوع.
وقوله: "ثم قال له" يعني عروة، وصرح به مسلم في روايته عن إسحاق بن راهويه.
وقوله: قال: أربع كذا للأكثر ولأبي ذر، قال: أربعًا أي: اعتمر أربعًا قال ابن مالك: الأكثر في جواب الاستفهام مطابقة اللفظ والمعنى، وقد يكتفى بالمعنى فمن الأول قوله تعالى:{قَالَ هِيَ عَصَايَ} في جواب: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى} . ومن الثاني قوله عليه الصلاة والسلام: "أربعين يومًا" جوابًا لقول السائل: كم يلبث في الأرض؟ فاضمر يلبث ونصب به أربعين، ولو قصد تكميل المطابقة لقال: أربعون؛ لأن الاسم المستفهم في موضع الرفع، فظهر بهذا أن النصب والرفع جائزان في مثل قوله: أربع إلا أن النصب أقيس، وأكثر
نظائرًا، قال: ويجوز أن يكون أربعُ كُتِبَ، بغير ألف على لغة ربيعة في الوقف بالسكون على المنصوب المنون.
وقوله: "إحداهن في رجب" كذا في رواية منصور عن مجاهد، وخالفه أبو إسحاق، فرواه عن مجاهد عن ابن عمر، قال: اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم مرتين فبلغ ذلك عائشة، فقالت:"اعتمر أربع عمر" أخرجه أحمد وأبو داود فاختلفا، جعل منصور الاختلاف في شهر العمرة وأبو إسحاق الاختلاف في عدد الإعتمار، ويمكن تعدد السؤال بأن يكون ابن عمر سئل أولًا عن العدد، فأجاب فردت عليه عائشة، فرجع إليها فسئل مرة ثانية فأجاب بموافقتها، ثم سئل عن الشهر، فأجاب بما في ظنه وقد أخرج أحمد عن مجاهد قال: سأل عروة بن الزبير ابن عمر: في أي شهر اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: في رجب.
وقوله: "فكرهنا أن نرد عليه" زاد إسحاق في روايته: ونكذبه.
وقوله: "يا أماه" كذا للأكثر بالألف، وسكون الهاء، ولأبي ذر: يا أمه بسكون الهاء أيضًا، وحذف الألف، وقول عروة لهذا بالمعنى الأخص لأنها خالته، بالمعنى الأعم لكونها أم المؤمنين.
وقوله: "يرحم الله أبا عبد الرحمن" هو عبد الله بن عمر، ذكرته بكنيته تعظيمًا له ودعت له إشارة أنه نسي.
وقوله: "إلا هو شاهده"، أي: حاضر معه قالت ذلك مبالغة في نسبته إلى النسيان، ولم تنكر عائشة على ابن عمر إلا قوله: إحداهن في رجب.
وقوله: "وما اعتمر في رجب قط" زاد عطاء عن عروة عند مسلم في آخره قال: وابن عمر يسمع فما قال: لا ولا نعم، سكت، قال النووي: سكوت ابن عمر على إنكار عائشة يدل على أنه كان اشتبه عليه أو نسي أو شك، وبهذا يجاب عما استشكل من تقديم قول عائشة النافي على قول ابن عمر المثبت، وهو خلاف القاعدة المقررة، وقد روى يونس بن بكير في زيادات المغازي، وعبد الرزاق جميعًا عن مجاهد، عن أبي هريرة، قال:"اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عمر في ذي القعدة" وهذا موافق لحديث ابن عمر وعائشة، وزاد عليه تعيين الشهر، لكن روى سعيد بن منصور عن هشام عن أبيه عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم "اعتمر ثلاث عمر، عمرتين في ذي القعدة، وعمرة في شوال" إسناده قوي وقد رواه مالك، عن هشام، عن أبيه مرسلًا، لكن قولها: في شوال مخالف لقول غيرها في ذي القعدة، ويجمع بينهما، بأن يكون ذلك وقع في آخر شوال، وأول ذي القعدة، ويؤيده ما رواه ابن ماجه بإسناد صحيح، عن مجاهد، عن عائشة، "لم يعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في ذي القعدة".