المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث الثامن عشر - كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري - جـ ١٤

[محمد الخضر الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌أبواب العمرة

- ‌باب وجوب العمرة وفضلها

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب من اعتمر قبل الحج

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله سبعة:

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله تسعة

- ‌باب عمرة في رمضان

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب العمرة ليلة الحصبة

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب عمرة التنعيم

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الإعتمار بعد الحج بغير هدي

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب أجر العمرة على قدر النصب

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب المعتمر إذا طاف طواف العمرة، ثم خرج هل يجزئه من طواف الوداع

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله أربعة

- ‌باب يفعل بالعمرة ما يفعل بالحج

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله خمسة

- ‌باب متى يحل المعتمر

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب ما يقول إذا رجع من الحج أو العمرة أو الغزو

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب استقبال الحاج القادمين والثلاثة على الدابة

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب القدوم بالغداة

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الدخول بالعشي

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب لا يطرق أهله إذا بلغ المدينة

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب من أسرع ناقته إذا بلغ المدينة

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله أربعة

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب قول الله تعالى: {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا}

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب السفر قطعة من العذاب

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب المسافر إذا جدَّ به السير يعجل إلى أهله

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌خاتمة

- ‌أبواب المحصر، وجزاء الصيد

- ‌باب إذا أحصر المعتمر

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله سبعة:

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب الإحصار في الحج

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله ستة:

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب النحر قبل الحلق في الحصر

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب من قال ليس على المحصر بدل

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب قوله تعالى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب قول الله عز وجل {أَوْ صَدَقَةٍ} وهي إطعام ستة مساكين

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الإطعام في الفدية نصف صاع

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب النسك بشاة

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب قول الله عز وجل {فَلَا رَفَثَ}

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب قول الله عز وجل {وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب جزاء الصيد ونحره

- ‌باب إذا صاد الحلال فأهدي للمحرم الصيد أكله

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب إذا رأى المحرمون صيدًا فضحكوا ففطن الحلال

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب لا يعين المحرم الحل الذي قتل الصيد

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب لا يشر المحرم إلى الصيد لكي يصطاده الحلال

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب إذا أهدي للمحرم حمارًا وحشيًا حيًا لم يقبل

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب ما يقتل المحرم من الدواب

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌رجاله ستة

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب لا يعضد شجر الحرم

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب لا ينفر صيد الحرم

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب لا يحل القتال بمكة

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب الحجامة للمحرم

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب تزويج المحرم

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب الاغتسال للمحرم

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌باب لبس الخفين للمحرم إذا لم يجد النعلين

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌‌‌رجاله خمسة:

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌باب إذا لم يجد الإزار فليلبس السراويل

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب لبس السلاح للمحرم

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب دخول الحرم ومكة بغير إحرام

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الأربعون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب إذا أحرم جاهلاً وعليه قميص

- ‌الحديث الحادي والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب المحرم يموت بعرفة

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثالث والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب سنة المحرم إذا مات

- ‌الحديث الرابع والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الحج والنذور عن الميت والرجل يحج عن المرأة

- ‌الحديث الخامس والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الحج عمن لا يستطيع الثبوت على الراحلة

- ‌الحديث السادس والأربعون

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌باب حج المرأة عن الرجل

- ‌الحديث السابع والأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب حج الصبيان

- ‌الحديث الثامن والأربعون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث التاسع والأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث الخمسون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب حج النساء

- ‌الحديث الثاني والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثالث والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الرابع والخمسون

- ‌‌‌رجاله خمسة:

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس والخمسون

- ‌ورجاله أربعة:

- ‌الحديث السادس والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب من نذر المشي إلى الكعبة

- ‌الحديث السابع والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن والخمسون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع والخمسون

- ‌خاتمة:

- ‌فضائل المدينة

- ‌باب حرم المدينة

- ‌الحديث الأول

- ‌‌‌رجاله أربعة:

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب فضل المدينة وأنها تنفي الناس

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب المدينة طابة

- ‌الحديث السادس

- ‌‌‌رجاله خمسة:

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب لابتي المدينة

- ‌الحديث السابع

- ‌باب من رغب عن المدينة

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الإيمان يأرز إلى المدينة

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إثم من كاد أهل المدينة

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب آطام المدينة

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب لا يدخل الدجال المدينة

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب المدينة تنفي الخبث

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب كراهية النبي صلى الله عليه وسلم أن تعرى المدينة

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب

- ‌الحديث الثاني والعشرين

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌ورجاله خمسة:

- ‌خاتمة

- ‌تنويه من الناشر

- ‌خاتمة

الفصل: ‌الحديث الثامن عشر

‌باب لا يشر المحرم إلى الصيد لكي يصطاده الحلال

أشار المصنف إلى تحريم ذلك ولم يتعرض لوجوب الجزاء، وهي مسألة خلاف فاتفقوا كما تقدم على تحريم الإشارة إلى الصيد ليصطاد، وعلى سائر وجوه الدلالات على المحرم لكن قيده أبو حنيفة بما إذا لم يمكن الاصطياد بدونها، واختلفوا في وجوب الجزاء على المحرم، إذا دل الحلال على الصيد بإشارة أو غيرها أو أعان عليه، فقال الكوفيون وأحمد وإسحاق: يضمن المحرم ذلك، وقال مالك والشافعي: لا ضمان عليه، كما لو دل الحلال حلالًا على قتل صيد في الحرم، قالوا ولا حجة في حديث الباب لأن السؤال عن الإعانة والإشارة إنما وقع ليبين لهم هل يحل لهم أكله أو لا ولم يتعرض لذكر الجزاء الموفق بأنه قول علي وابن عباس، ولا نعلم لهما مخالفًا من الصحابة، وأجيب بأنه اختلف فيه على ابن عباس وفي ثبوته عن علي نظر، ولأن القاتل انفرد بقتله باختباره مع انفصال الدالِّ عنه فصار كمن دل محرمًا أو صائمًا على امرأة وطئها فإنه يأثم بالدلالة، ولا تلزمه كفارة ولا يفطر بذلك.

‌الحديث الثامن عشر

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ هُوَ ابْنُ مَوْهَبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ حَاجًّا، فَخَرَجُوا مَعَهُ فَصَرَفَ طَائِفَةً مِنْهُمْ، فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ فَقَالَ:"خُذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ حَتَّى نَلْتَقِيَ". فَأَخَذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا أَحْرَمُوا كُلُّهُمْ إِلَاّ أَبُو قَتَادَةَ لَمْ يُحْرِمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَسِيرُونَ إِذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ، فَحَمَلَ أَبُو قَتَادَةَ عَلَى الْحُمُرِ، فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا، فَنَزَلُوا فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهَا، وَقَالُوا: أَنَأْكُلُ لَحْمَ صَيْدٍ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ؟ فَحَمَلْنَا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِ الأَتَانِ، فَلَمَّا أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا أَحْرَمْنَا وَقَدْ كَانَ أَبُو قَتَادَةَ لَمْ يُحْرِمْ، فَرَأَيْنَا حُمُرَ وَحْشٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ، فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا، فَنَزَلْنَا فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهَا ثُمَّ قُلْنَا أَنَأْكُلُ لَحْمَ صَيْدٍ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ فَحَمَلْنَا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا. قَالَ:"مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا، أَوْ أَشَارَ إِلَيْهَا". قَالُوا: لَا. قَالَ: "فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا".

قوله: "خرج حاجًّا" قد مرَّ ما قيل فيه في الرواية الأولى "انطلق أبي عام الحديبية".

وقوله: "إلا أبا قتادة كذا للكشميهني ولغيره إلَاّ أبو قتادة بالرفع ووقع بالنصب عند مسلم وغيره، من هذا الوجه قال ابن مالك: حق المستثنى بإلَّا من كلام تام موجب أن ينصب مفردًا

ص: 118

كان أو مكملًا معناه بما بعده، فالمفرد نحو قوله تعالى:{الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} والمكمل نحو {إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (59) إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ} ولا يعرف أكثر المتأخرين من البصريين في هذا النوع إلَاّ النصب، وقد أغفلوا وروده مرفوعًا بالابتداء مع ثبوت الخبر وجمع حذفه، فمن أمثلة الثابت الخبر قول أبي قتادة:"أحرموا كلهم إلَاّ أبو قتادة لم يحرم"، فإلَّا بمعنى لكن وأبو قتادة مبتدأ ولم يحرم خبره، ونظيره قوله تعالى:{وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ} فإنه لا يصح أن يجعل امرأتك بدلًا من أحد لأنها لم تسر معهم فيتضمنها ضمير المخاطبين، وتكلف بعضهم بأنه وإن لم يسر بها لكنها شعرت بالعذاب فتبعتهم ثم التفتت فهلكت، قال: وهذا على تقدير صحته لا يوجب دخولها في المخاطبين ومن أمثلة المحذوف الخبر قوله عليه الصلاة والسلام: "كل أمتي معافى إلَاّ المجاهرون" أي: لكن المجاهرون بالمعاصي لا يعافون، ومن كتاب الله تعالى قوله تعالى:{فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} أي: لكن قليل منهم لم يشربوا، قال: وللكوفيين في هذا الثاني مذهب آخر وهو أن يجعلوا إلَاّ حرف عطفٍ وما بعدها معطوف على ما قبلها، وفي نسبة الكلام المذكور لابن أبي قتادة نظر، فإن سياق الحديث ظاهر في أن قوله: قول أبي قتادة حيث قال: إن أباه أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حاجًّا فخرجوا معه فصرف طائفة منهم فيهم أبو قتادة إلى أن قال: أحرموا كلهم إلَاّ أبو قتادة. وقول أبي قتادة: فيهم أبو قتادة من باب التجريد وكذا قوله: إلَاّ أبو قتادة ولا حاجة إلى جعله من قول ابنه لا يستلزم أن يكون الحديث مرسلًا، ومن توجيه الرواية المذكورة، وهي قوله:"إلَاّ أبو قتادة" أن يكون على مذهب من يقول: عليّ بن أبو طالب يعني على حكاية لفظ "أبي طالب".

وقوله: "فحمل أبو قتادة على الحمر فعقر منها أتانًا" في هذا السياق زيادة على جميع الروايات لأنها متفقة على أفراد الحمار بالرؤية وأفادت هذه الرواية أنه من جملة الحمر وأن المقتول كان أتانًا أي: انثى، فعلى هذا في إطلاق الحمار عليها تجوز.

وقوله: "فحملنا ما بقي من لحم الأتان" في رواية أبي حازم: الآتية للمصنف في الهبة: "فرحنا، وخبأت العضد معي وفيه معكم منه شيء فناولته العضد فأكلها حتى تعرقها" وله في الجهاد قال: "معنا رجله فأخذها فأكلها" وفي رواية المطلب "قد رفعنا لك الذراع فأكل منها".

وقوله: "قال: أمنكم أحد أمره أن يحمل أو أشار إليها قالوا لا" وفي رواية مسلم: "هل منكم أحد أمره أو أشار إليه بشيء؟ " وله من طريق شعبة عن عثمان: "هل أشرتم أو أعنتم أو اصطدتم"، ولأبي عوانة من هذا الوجه:"أشرتم أو اصطدتم أو قتلتم".

وقوله: "قال: فكلوا ما بقي من لحمها"، صيغة الأمر هنا للإباحة لا للوجوب لأنها وقعت

ص: 119

جوابًا عن سؤالهم عن الجواز لا عن الوجوب فوقعت الصيغة على مقتضى السؤال، ولم يذكر في هذه الرواية أنه عليه الصلاة والسلام أكل من لحمها، وذكره في روايتي أبي حازم كما مرَّ، ولم يذكر ذلك أحد من الرواة عن عبد الله ابن أبي قتادة غيره، ووافقه صالح بن كيسان، عند أحمد وأبي داود الطيالسي، وأبي عوانة، ولفظه:"فقال كلوا وأطعموني" وكذا لم يذكرها أحد من الرواة عن أبي قتادة نفسه إلَاّ المطلب عن سعيد بن منصور، وتفرد معمر عن يحيى بن أبي كثير بزيادة مضادة لروايتي أبي حازم كما أخرجه إسحاق وابن خزيمة والدارقطني من طريقه، وقال في آخره فذكرت شأنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقلت:"إنما اصطدته لك، فأمر أصحابه فأكلوه ولم يأكل منه حين أخبرته أني اصطدته له" قال ابن خزيمة، والنيسابوري، والدارقطني: تفرد بهذه الزيادة معمر، قال ابن خزيمة: إن كانت هذه الزيادة محفوظة أحتمل أن يكون عليه الصلاة والسلام أكل من لحم ذلك الحمار قبل أن يعلمه أبو قتادة أنه اصطاده من أجله، فلما أعلمه امتنع، وفيه نظر لأنه لو كان حرامًا ما أقر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم على الأكل منه إلى أن أعلمه أبو قتادة بأنه صاده لأجله، ويحتمل أن يكون ذلك لبيان الجواز فإن الذي يحرم على المحرم إنما هو الذي يعلم أنه صيد من أجله، وأما إذا أتي بلحم لا يدري الحم صيد أو لا فحمله على أصل الإباحة فأكل منه لم يكن ذلك حرامًا على الأكل، وفيه وقفة فإن الروايات المتقدمة ظاهرة في أن الذي تأخر هو العضد، وأنه صلى الله عليه وسلم أكلها حتى تعرقها أي لم يبق منها إلَاّ العظم، وعند البخاري في الهبة: حتى نفدها أي فرغها، فأي شيء يبقى منها حينئذ حتى يأمر أصحابه بأكله، لكن رواية أبي محمد الآتية في الصيد "أبقي معكم شيء منه قلت: نعم قال: كلوا فهو طعمة أطعمكموها الله" فأشعر بأنه بقي منها غير العضد وفي هذا الحديث من الفوائد جواز أكل المحرم لحم الصيد إذا لم تكن منه دلالة، ولا إشارة، وفي أكله له اختلاف، فمذهب مالك والشافعي أنه ممنوع إن صاده أو صيد لأجله سواء كان بإذنه أو بغير إذنه، لحديث جابر مرفوعًا: "لحم الصيد لكم في الإحرام حلال، ما لم تصيدوه أو يصاد لكم" رواه أبو داود والترمذي والنسائي، وعبارة الشيخ خليل في "مختصره": وما صاده محرم أو صيد له ميتة، قال شراحة: أي: فلا يأكله حلال ولا حرام وجاء عن مالك تفصيل آخر بين ما صيد للمحرم قبل إحرامه يجوز له الأكل منه، أو بعد إحرامه فلا، وقال عليَّ وابن عباس وابن عمر والليث والثوري وإسحاق بتحريم أكل المحرم من لحم الصيد مطلقًا، واستدلوا بحديث الصعب بن جثامة حيث قال في: "إنا لم نرده عليك إلَاّ أنا حرم"، وزاد النسائي: "لا نأكل الصيد"، وفي رواية ابن عباس: "لولا أنَّا محرمون لقبلناه منك"، قالوا: لأنه اقتصر في التعليل على كونه محرمًا، فدلَّ على أنه سبب الإمتناع خاصة، وبما أخرجه أبو داود وغيره عن عليّ أنَّه قال لناس من أشجح: أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى له رجل حمار وحش، وهو محرم، فأبى أن يأكله؟ قالوا: نعم، لكن يعارض هذا الظاهر ما أخرجه مسلم عن طلحة أنه أهدي له لحم طير، وهو محرم فوقف عن أكله، وقال: أكلناه مع رسول

ص: 120

الله صلى الله عليه وسلم، وحديث أبي قتادة هذا، وحديث عمير بن سلمة: أن البهزي أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم ظبيًا وهو محرم، فأمر أبا بكر رضي الله تعالى عنه أن يقسم بين الرفاق. أخرجه مالك وأصحاب "السنن"، وصححه ابن خزيمة وغيره.

وبالجواز مطلقًا قال الكوفيون ومنهم: أبو حنيفة، وطائفة من السلف، وجمع الجمهور بين ما اختلف من ذلك بأن أحاديث القبول محمولة على ما يصيده الحلال لنفسه ثم يهدي منه للمحرم، وأحاديث الرد محمولة على ما صاده الحلال لأجل المحرم، قالوا: والسبب في الاقتصار على الإحرام عند الاعتذار للصعب أن الصيد لا يحرم على المرء إذا صيد له، إلا إذا كان محرمًا، فبين الشرط الأصلي، وسكت عما عداه فلم يدل على نفسه، وقد بينه في الأحاديث الأخر ويؤيد هذا الجمع حديث جابر المتقدم، وبين العلتين جميعًا في حديث النسائي المتقدم:"إنا حرم لا نأكل الصيد"، وعن عثمان التفصيل بين ما يصاد لأجله من المحرمين، فيمتنع عليه ولا يمتنع على محرِم آخر، وقال ابن المنير: حديث الصعب يشكل على مالك لأنه يقول: ما صيد من أجل المحرم يحرم على المحرم وعلى غير المحرم. فيمكن أن يقال: قوله: "فرده عليه" لا يستلزم أنه أباح له أكله، بل يجوز أن يكون أمره بإرساله إن كان حيًّا، وطرحه إن كان مذبوحا، فإن السكوت عن الحكم لا يدل على الحكم بضده، وتعقب بأنه وقت البيان، فلو لم يجز له الانتفاع به لم يرده عليه أصلًا، إذ لا اختصاص له به، وقال المرادوي من الحنابلة في كتاب "الانتصاف" له: يحرم ما صيد لأجله على الصحيح من المذهب، نقله الجماعة عن أحمد وعليه الأصحاب، قال: وفي "الانتصار" احتمال بجواز أكل ما صيد لأجله، وقال صاحب "الهداية" من الحنفية: ولا بأس أن يأكل المحرم صيدًا اصطاده حلال وذبحه إذا لم يدله المحرم عليه، ولا أمره بصيده، واستدلوا بما روي أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم تذاكروا لحم الصيد في حق المحرم، فقال عليه الصلاة والسلام:"لا بأس به"، وقالوا: إن اللام في قوله: "لحم الصيد لكم" في حديث جابر المتقدم، لام تمليك فيحمل على أن يهدي إليه الصيد دون اللحم، أو يصاد بأمره، قال في "فتح القدير": أما إذا اصطاد الحلال للمحرم صيدًا بأمره فاختلف فيه عندنا؛ فذكر الطحاوي تحريمه على المحرم، وقال الجرجاني: لا يحرم، واستدلت الحنفية على جواز أكل المحرم ما صيد لأجله بأن الصحابة لما سألوا النبي صلى الله عليه وسلم لم يجب بحله لهم، حتى سألهم عن موانع الحل أكانت موجودة أم لا؟ فقال عليه الصلاة والسلام:"أمنكم أحد أمره أن يحمل عليها، أو أشار إليها؟ " قالوا: لا، قال:"فكلوا إذن" فلو كان من الموانع أن يصطاد لهم، لنظمه في سلك ما يسأل عنه منها في التفحص عن الموانع ليجيب بالحكم عند خلوه عنها، وهذا المعنى كالصريح في نفي كون الاصطياد للمحرم مانعًا، فيعارض حديث جابر ويقدم عليه لقوة ثبوته، إذ هو في "الصحيحين" وغيرهما من الكتب الستة، بل في حديث جابر:

ص: 121

لحم الصيد إلخ انقطاع لأن المطلب بن حنطب لم يسمع من جابر عند غير واحد، وكذا في رجاله من فيه لين.

وفي حديث أبي قتادة أيضًا أن تمني المحرم أن يقع الحلال الصيد ليأكل منه لا يقدح في إحرامه، وأن الحلال إذا صاد لنفسه جاز للمحرم الأكل من صيده، وهذا يقوي من حمل الصيد في قوله تعالى:{وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ} على الإصطياد وفيه الاستيهاب من الأصدقاء، وقبول الهدية منهم، وقال عياض: عندي أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب من أبى قتادة ذلك، تطبيبًا لقلب من أكل منه، بيانًا للجواز بالقول والفعل، لإزالة الشبهة التي حصلت لهم.

وفيه تسمية الفرس، وألحق المصنف به الحمار، فترجم له في الجهاد، وقال ابن العربي: قالوا: يجوز التسمية لما لا يعقل، وإن كان لا يتفطن له، ولا يجيب إذا نودي، مع أن بعض الحيوانات ربما أدمن على ذلك بحيث يصير يميز اسمه إذا دعي.

وفيه إمساك نصيب الرفيق الغائب ممن يتعين احترامه، أو ترجى بركته، أو يتوقع منه ظهور حكم تلك المسألة بخصوصها.

وفيه تفريق الإِمام أصحابه للمصلحة، واستعمال الطليعة في الغزو، وتبليغ السلام عن قرب وبعد، وليس فيه دليل على جواز ترك رد السلام ممن بلغه؛ لأنه يحتمل أن يكون وقع وليس في الخبر ما ينفيه.

وفيه أن عقر الصيد ذكاته، وجواز الاجتهاد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن العربي: هو اجتهاد بقرب النبي صلى الله عليه وسلم لا في حضرته.

وفيه العمل بما أدى إليه الاجتهاد ولو تضاد المجتهدان، ولا يعاب واحد منهما على ذلك، لقوله:"فلم يعب ذلك علينا" وكان الآكل تمسك بأصل الإباحة، والممتنع نظر إلى الأمر الطارىء.

وفيه الرجوع إلى النص عند تعارض الأدلة، وركض الفرس في الاصطياد، والتصيد في الأماكن الوعرة، والاستعانة بالفارس، وحمل الزاد في السفر، والرفق بالأصحاب والرفقاء في السفر، واستعمال الكناية في الفعل كما تستعمل في القول لأنهم استعملوا الضحك في موضع الإشارة لما اعتقدوه من أن الإشارة لا تحل.

وفيه جواز سوق الفرس للحاجة، والرفق به مع ذلك لقوله:"وأسير شاوًا"، ونزول المسافر وقت القائلة.

وفيه ذكر الحكم مع الحكمة في قوله: "إنما هي طعمة أطعمكموها الله" ولا يجوز للمحرم قتل الصيد إلَاّ إن صال عليه فقتله دفعًا، فيجوز ولا ضمان عليه.

ص: 122