الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب لا يشر المحرم إلى الصيد لكي يصطاده الحلال
أشار المصنف إلى تحريم ذلك ولم يتعرض لوجوب الجزاء، وهي مسألة خلاف فاتفقوا كما تقدم على تحريم الإشارة إلى الصيد ليصطاد، وعلى سائر وجوه الدلالات على المحرم لكن قيده أبو حنيفة بما إذا لم يمكن الاصطياد بدونها، واختلفوا في وجوب الجزاء على المحرم، إذا دل الحلال على الصيد بإشارة أو غيرها أو أعان عليه، فقال الكوفيون وأحمد وإسحاق: يضمن المحرم ذلك، وقال مالك والشافعي: لا ضمان عليه، كما لو دل الحلال حلالًا على قتل صيد في الحرم، قالوا ولا حجة في حديث الباب لأن السؤال عن الإعانة والإشارة إنما وقع ليبين لهم هل يحل لهم أكله أو لا ولم يتعرض لذكر الجزاء الموفق بأنه قول علي وابن عباس، ولا نعلم لهما مخالفًا من الصحابة، وأجيب بأنه اختلف فيه على ابن عباس وفي ثبوته عن علي نظر، ولأن القاتل انفرد بقتله باختباره مع انفصال الدالِّ عنه فصار كمن دل محرمًا أو صائمًا على امرأة وطئها فإنه يأثم بالدلالة، ولا تلزمه كفارة ولا يفطر بذلك.
الحديث الثامن عشر
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ هُوَ ابْنُ مَوْهَبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ حَاجًّا، فَخَرَجُوا مَعَهُ فَصَرَفَ طَائِفَةً مِنْهُمْ، فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ فَقَالَ:"خُذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ حَتَّى نَلْتَقِيَ". فَأَخَذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا أَحْرَمُوا كُلُّهُمْ إِلَاّ أَبُو قَتَادَةَ لَمْ يُحْرِمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَسِيرُونَ إِذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ، فَحَمَلَ أَبُو قَتَادَةَ عَلَى الْحُمُرِ، فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا، فَنَزَلُوا فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهَا، وَقَالُوا: أَنَأْكُلُ لَحْمَ صَيْدٍ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ؟ فَحَمَلْنَا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِ الأَتَانِ، فَلَمَّا أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا أَحْرَمْنَا وَقَدْ كَانَ أَبُو قَتَادَةَ لَمْ يُحْرِمْ، فَرَأَيْنَا حُمُرَ وَحْشٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ، فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا، فَنَزَلْنَا فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهَا ثُمَّ قُلْنَا أَنَأْكُلُ لَحْمَ صَيْدٍ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ فَحَمَلْنَا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا. قَالَ:"مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا، أَوْ أَشَارَ إِلَيْهَا". قَالُوا: لَا. قَالَ: "فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا".
قوله: "خرج حاجًّا" قد مرَّ ما قيل فيه في الرواية الأولى "انطلق أبي عام الحديبية".
وقوله: "إلا أبا قتادة كذا للكشميهني ولغيره إلَاّ أبو قتادة بالرفع ووقع بالنصب عند مسلم وغيره، من هذا الوجه قال ابن مالك: حق المستثنى بإلَّا من كلام تام موجب أن ينصب مفردًا
كان أو مكملًا معناه بما بعده، فالمفرد نحو قوله تعالى:{الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} والمكمل نحو {إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (59) إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ} ولا يعرف أكثر المتأخرين من البصريين في هذا النوع إلَاّ النصب، وقد أغفلوا وروده مرفوعًا بالابتداء مع ثبوت الخبر وجمع حذفه، فمن أمثلة الثابت الخبر قول أبي قتادة:"أحرموا كلهم إلَاّ أبو قتادة لم يحرم"، فإلَّا بمعنى لكن وأبو قتادة مبتدأ ولم يحرم خبره، ونظيره قوله تعالى:{وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ} فإنه لا يصح أن يجعل امرأتك بدلًا من أحد لأنها لم تسر معهم فيتضمنها ضمير المخاطبين، وتكلف بعضهم بأنه وإن لم يسر بها لكنها شعرت بالعذاب فتبعتهم ثم التفتت فهلكت، قال: وهذا على تقدير صحته لا يوجب دخولها في المخاطبين ومن أمثلة المحذوف الخبر قوله عليه الصلاة والسلام: "كل أمتي معافى إلَاّ المجاهرون" أي: لكن المجاهرون بالمعاصي لا يعافون، ومن كتاب الله تعالى قوله تعالى:{فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} أي: لكن قليل منهم لم يشربوا، قال: وللكوفيين في هذا الثاني مذهب آخر وهو أن يجعلوا إلَاّ حرف عطفٍ وما بعدها معطوف على ما قبلها، وفي نسبة الكلام المذكور لابن أبي قتادة نظر، فإن سياق الحديث ظاهر في أن قوله: قول أبي قتادة حيث قال: إن أباه أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حاجًّا فخرجوا معه فصرف طائفة منهم فيهم أبو قتادة إلى أن قال: أحرموا كلهم إلَاّ أبو قتادة. وقول أبي قتادة: فيهم أبو قتادة من باب التجريد وكذا قوله: إلَاّ أبو قتادة ولا حاجة إلى جعله من قول ابنه لا يستلزم أن يكون الحديث مرسلًا، ومن توجيه الرواية المذكورة، وهي قوله:"إلَاّ أبو قتادة" أن يكون على مذهب من يقول: عليّ بن أبو طالب يعني على حكاية لفظ "أبي طالب".
وقوله: "فحمل أبو قتادة على الحمر فعقر منها أتانًا" في هذا السياق زيادة على جميع الروايات لأنها متفقة على أفراد الحمار بالرؤية وأفادت هذه الرواية أنه من جملة الحمر وأن المقتول كان أتانًا أي: انثى، فعلى هذا في إطلاق الحمار عليها تجوز.
وقوله: "فحملنا ما بقي من لحم الأتان" في رواية أبي حازم: الآتية للمصنف في الهبة: "فرحنا، وخبأت العضد معي وفيه معكم منه شيء فناولته العضد فأكلها حتى تعرقها" وله في الجهاد قال: "معنا رجله فأخذها فأكلها" وفي رواية المطلب "قد رفعنا لك الذراع فأكل منها".
وقوله: "قال: أمنكم أحد أمره أن يحمل أو أشار إليها قالوا لا" وفي رواية مسلم: "هل منكم أحد أمره أو أشار إليه بشيء؟ " وله من طريق شعبة عن عثمان: "هل أشرتم أو أعنتم أو اصطدتم"، ولأبي عوانة من هذا الوجه:"أشرتم أو اصطدتم أو قتلتم".
وقوله: "قال: فكلوا ما بقي من لحمها"، صيغة الأمر هنا للإباحة لا للوجوب لأنها وقعت
جوابًا عن سؤالهم عن الجواز لا عن الوجوب فوقعت الصيغة على مقتضى السؤال، ولم يذكر في هذه الرواية أنه عليه الصلاة والسلام أكل من لحمها، وذكره في روايتي أبي حازم كما مرَّ، ولم يذكر ذلك أحد من الرواة عن عبد الله ابن أبي قتادة غيره، ووافقه صالح بن كيسان، عند أحمد وأبي داود الطيالسي، وأبي عوانة، ولفظه:"فقال كلوا وأطعموني" وكذا لم يذكرها أحد من الرواة عن أبي قتادة نفسه إلَاّ المطلب عن سعيد بن منصور، وتفرد معمر عن يحيى بن أبي كثير بزيادة مضادة لروايتي أبي حازم كما أخرجه إسحاق وابن خزيمة والدارقطني من طريقه، وقال في آخره فذكرت شأنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقلت:"إنما اصطدته لك، فأمر أصحابه فأكلوه ولم يأكل منه حين أخبرته أني اصطدته له" قال ابن خزيمة، والنيسابوري، والدارقطني: تفرد بهذه الزيادة معمر، قال ابن خزيمة: إن كانت هذه الزيادة محفوظة أحتمل أن يكون عليه الصلاة والسلام أكل من لحم ذلك الحمار قبل أن يعلمه أبو قتادة أنه اصطاده من أجله، فلما أعلمه امتنع، وفيه نظر لأنه لو كان حرامًا ما أقر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم على الأكل منه إلى أن أعلمه أبو قتادة بأنه صاده لأجله، ويحتمل أن يكون ذلك لبيان الجواز فإن الذي يحرم على المحرم إنما هو الذي يعلم أنه صيد من أجله، وأما إذا أتي بلحم لا يدري الحم صيد أو لا فحمله على أصل الإباحة فأكل منه لم يكن ذلك حرامًا على الأكل، وفيه وقفة فإن الروايات المتقدمة ظاهرة في أن الذي تأخر هو العضد، وأنه صلى الله عليه وسلم أكلها حتى تعرقها أي لم يبق منها إلَاّ العظم، وعند البخاري في الهبة: حتى نفدها أي فرغها، فأي شيء يبقى منها حينئذ حتى يأمر أصحابه بأكله، لكن رواية أبي محمد الآتية في الصيد "أبقي معكم شيء منه قلت: نعم قال: كلوا فهو طعمة أطعمكموها الله" فأشعر بأنه بقي منها غير العضد وفي هذا الحديث من الفوائد جواز أكل المحرم لحم الصيد إذا لم تكن منه دلالة، ولا إشارة، وفي أكله له اختلاف، فمذهب مالك والشافعي أنه ممنوع إن صاده أو صيد لأجله سواء كان بإذنه أو بغير إذنه، لحديث جابر مرفوعًا: "لحم الصيد لكم في الإحرام حلال، ما لم تصيدوه أو يصاد لكم" رواه أبو داود والترمذي والنسائي، وعبارة الشيخ خليل في "مختصره": وما صاده محرم أو صيد له ميتة، قال شراحة: أي: فلا يأكله حلال ولا حرام وجاء عن مالك تفصيل آخر بين ما صيد للمحرم قبل إحرامه يجوز له الأكل منه، أو بعد إحرامه فلا، وقال عليَّ وابن عباس وابن عمر والليث والثوري وإسحاق بتحريم أكل المحرم من لحم الصيد مطلقًا، واستدلوا بحديث الصعب بن جثامة حيث قال في: "إنا لم نرده عليك إلَاّ أنا حرم"، وزاد النسائي: "لا نأكل الصيد"، وفي رواية ابن عباس: "لولا أنَّا محرمون لقبلناه منك"، قالوا: لأنه اقتصر في التعليل على كونه محرمًا، فدلَّ على أنه سبب الإمتناع خاصة، وبما أخرجه أبو داود وغيره عن عليّ أنَّه قال لناس من أشجح: أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى له رجل حمار وحش، وهو محرم، فأبى أن يأكله؟ قالوا: نعم، لكن يعارض هذا الظاهر ما أخرجه مسلم عن طلحة أنه أهدي له لحم طير، وهو محرم فوقف عن أكله، وقال: أكلناه مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم، وحديث أبي قتادة هذا، وحديث عمير بن سلمة: أن البهزي أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم ظبيًا وهو محرم، فأمر أبا بكر رضي الله تعالى عنه أن يقسم بين الرفاق. أخرجه مالك وأصحاب "السنن"، وصححه ابن خزيمة وغيره.
وبالجواز مطلقًا قال الكوفيون ومنهم: أبو حنيفة، وطائفة من السلف، وجمع الجمهور بين ما اختلف من ذلك بأن أحاديث القبول محمولة على ما يصيده الحلال لنفسه ثم يهدي منه للمحرم، وأحاديث الرد محمولة على ما صاده الحلال لأجل المحرم، قالوا: والسبب في الاقتصار على الإحرام عند الاعتذار للصعب أن الصيد لا يحرم على المرء إذا صيد له، إلا إذا كان محرمًا، فبين الشرط الأصلي، وسكت عما عداه فلم يدل على نفسه، وقد بينه في الأحاديث الأخر ويؤيد هذا الجمع حديث جابر المتقدم، وبين العلتين جميعًا في حديث النسائي المتقدم:"إنا حرم لا نأكل الصيد"، وعن عثمان التفصيل بين ما يصاد لأجله من المحرمين، فيمتنع عليه ولا يمتنع على محرِم آخر، وقال ابن المنير: حديث الصعب يشكل على مالك لأنه يقول: ما صيد من أجل المحرم يحرم على المحرم وعلى غير المحرم. فيمكن أن يقال: قوله: "فرده عليه" لا يستلزم أنه أباح له أكله، بل يجوز أن يكون أمره بإرساله إن كان حيًّا، وطرحه إن كان مذبوحا، فإن السكوت عن الحكم لا يدل على الحكم بضده، وتعقب بأنه وقت البيان، فلو لم يجز له الانتفاع به لم يرده عليه أصلًا، إذ لا اختصاص له به، وقال المرادوي من الحنابلة في كتاب "الانتصاف" له: يحرم ما صيد لأجله على الصحيح من المذهب، نقله الجماعة عن أحمد وعليه الأصحاب، قال: وفي "الانتصار" احتمال بجواز أكل ما صيد لأجله، وقال صاحب "الهداية" من الحنفية: ولا بأس أن يأكل المحرم صيدًا اصطاده حلال وذبحه إذا لم يدله المحرم عليه، ولا أمره بصيده، واستدلوا بما روي أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم تذاكروا لحم الصيد في حق المحرم، فقال عليه الصلاة والسلام:"لا بأس به"، وقالوا: إن اللام في قوله: "لحم الصيد لكم" في حديث جابر المتقدم، لام تمليك فيحمل على أن يهدي إليه الصيد دون اللحم، أو يصاد بأمره، قال في "فتح القدير": أما إذا اصطاد الحلال للمحرم صيدًا بأمره فاختلف فيه عندنا؛ فذكر الطحاوي تحريمه على المحرم، وقال الجرجاني: لا يحرم، واستدلت الحنفية على جواز أكل المحرم ما صيد لأجله بأن الصحابة لما سألوا النبي صلى الله عليه وسلم لم يجب بحله لهم، حتى سألهم عن موانع الحل أكانت موجودة أم لا؟ فقال عليه الصلاة والسلام:"أمنكم أحد أمره أن يحمل عليها، أو أشار إليها؟ " قالوا: لا، قال:"فكلوا إذن" فلو كان من الموانع أن يصطاد لهم، لنظمه في سلك ما يسأل عنه منها في التفحص عن الموانع ليجيب بالحكم عند خلوه عنها، وهذا المعنى كالصريح في نفي كون الاصطياد للمحرم مانعًا، فيعارض حديث جابر ويقدم عليه لقوة ثبوته، إذ هو في "الصحيحين" وغيرهما من الكتب الستة، بل في حديث جابر:
لحم الصيد إلخ انقطاع لأن المطلب بن حنطب لم يسمع من جابر عند غير واحد، وكذا في رجاله من فيه لين.
وفي حديث أبي قتادة أيضًا أن تمني المحرم أن يقع الحلال الصيد ليأكل منه لا يقدح في إحرامه، وأن الحلال إذا صاد لنفسه جاز للمحرم الأكل من صيده، وهذا يقوي من حمل الصيد في قوله تعالى:{وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ} على الإصطياد وفيه الاستيهاب من الأصدقاء، وقبول الهدية منهم، وقال عياض: عندي أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب من أبى قتادة ذلك، تطبيبًا لقلب من أكل منه، بيانًا للجواز بالقول والفعل، لإزالة الشبهة التي حصلت لهم.
وفيه تسمية الفرس، وألحق المصنف به الحمار، فترجم له في الجهاد، وقال ابن العربي: قالوا: يجوز التسمية لما لا يعقل، وإن كان لا يتفطن له، ولا يجيب إذا نودي، مع أن بعض الحيوانات ربما أدمن على ذلك بحيث يصير يميز اسمه إذا دعي.
وفيه إمساك نصيب الرفيق الغائب ممن يتعين احترامه، أو ترجى بركته، أو يتوقع منه ظهور حكم تلك المسألة بخصوصها.
وفيه تفريق الإِمام أصحابه للمصلحة، واستعمال الطليعة في الغزو، وتبليغ السلام عن قرب وبعد، وليس فيه دليل على جواز ترك رد السلام ممن بلغه؛ لأنه يحتمل أن يكون وقع وليس في الخبر ما ينفيه.
وفيه أن عقر الصيد ذكاته، وجواز الاجتهاد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن العربي: هو اجتهاد بقرب النبي صلى الله عليه وسلم لا في حضرته.
وفيه العمل بما أدى إليه الاجتهاد ولو تضاد المجتهدان، ولا يعاب واحد منهما على ذلك، لقوله:"فلم يعب ذلك علينا" وكان الآكل تمسك بأصل الإباحة، والممتنع نظر إلى الأمر الطارىء.
وفيه الرجوع إلى النص عند تعارض الأدلة، وركض الفرس في الاصطياد، والتصيد في الأماكن الوعرة، والاستعانة بالفارس، وحمل الزاد في السفر، والرفق بالأصحاب والرفقاء في السفر، واستعمال الكناية في الفعل كما تستعمل في القول لأنهم استعملوا الضحك في موضع الإشارة لما اعتقدوه من أن الإشارة لا تحل.
وفيه جواز سوق الفرس للحاجة، والرفق به مع ذلك لقوله:"وأسير شاوًا"، ونزول المسافر وقت القائلة.
وفيه ذكر الحكم مع الحكمة في قوله: "إنما هي طعمة أطعمكموها الله" ولا يجوز للمحرم قتل الصيد إلَاّ إن صال عليه فقتله دفعًا، فيجوز ولا ضمان عليه.