الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الاغتسال للمحرم
أي ترفها وتنظفا وتطهرا من الجنابة.
قال ابن المنذر: أجمعوا على أن للمحرم أن يغتسل من الجنابة، واختلفوا فيما عدا ذلك، وكان المصنف أشار إلى ما روي عن مالك أنه كره للمحرم أن يغطي رأسه في الماء، وروى في الموطأ عن نافع:"أن ابن عمر كان لا يغسل رأسه وهو محرم إلَاّ من احتلام".
ثم قال: وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: "يدخل المحرم الحمام" وصله البيهقي والدارقطني عن عكرمة عنه، قال:"المحرم يدخل الحمام وينزع ضرسه وإذا انكسر ظفره طرحه ويقول: "أميطوا عنكم الأذى فإن الله لا يصنع بأذاكم شيئًا، وروى البيهقي من وجه آخر عن ابن عباس: أنه دخل حماما بالجحفة وهو محرم وقال: إن الله لا يعبأ بأوساخكم شيئًا. وروى ابن أبي شيبة كراهة ذلك، عن الحسن وعطاء، وقد مرَّ ابن عباس في الخامس من بدء الوحي.
ثم قال: ولم ير ابن عمر وعائشة بالحك بأسا، وقد وصل البيهقي أثر ابن عمر عن أبي مجلز قال: رأيت ابن عمر يحك رأسه وهو محرم ففطنت له، فإذا هو يحك بأطراف أنامله، وأثر عائشة وصله مالك عن علقمة بن أبي علقمة، عن أمه مرجانة قالت: سمعت عائشة تسأل عن المحرم أيحك جسده قالت: نعم وليشدد، وقالت عائشة: لو ربطت يداي ولم أجد إلا أن أحك برجلي لحككت، ومناسبة أثر ابن عمر وعائشة للترجمة بجامع ما بين الغسل والحك من إزالة الأذى.
وابن عمر مرَّ في أول الإيمان قبل ذكر حديث منه، ومرت عائشة في الثاني من بدء الوحي.
الحديث الرابع والثلاثون
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ، وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ اخْتَلَفَا بِالأَبْوَاءِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ:"يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ". وَقَالَ الْمِسْوَرُ: لَا يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ. فَأَرْسَلَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ إِلَى أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ، وَهُوَ
يُسْتَرُ بِثَوْبٍ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا فَقُلْتُ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُنَيْنٍ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ، أَسْأَلُكَ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغْسِلُ رَأْسَهُ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ، فَطَأْطَأَهُ حَتَّى بَدَا لِى رَأْسُهُ، ثُمَّ قَالَ: لإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ اصْبُبْ. فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُهُ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ.
قوله: عن زيد بن أسلم عن وإبراهيم كذا في جميع الموطئات، وأغرب يحيى بن يحيى الأندلسي فأدخل بين زيد وإبراهيم نافعا، قال ابن عبد البر: وذلك معدود من خطئه، وقوله: عن إبراهيم في رواية ابن عيينة عن زيد أخبرني إبراهيم، أخرجه أحمد وإسحاق والحميدي في "مسانيدهم" عنه، وفي رواية ابن جريج عند أحمد عن زيد بن أسلم أن إبراهيم بن عبد الله بن حنين، مولى ابن عباس، أخبره كذا، ويأتي في السند تعريفه.
وقوله: "أن ابن عباس" في رواية ابن جريج عند أبي عوانة، كنت مع ابن عباس والمسور.
وقوله: "بالأبواء" أي: وهما نازلان بها، وفي رواية ابن عيينة بالعرج، وهو بفتح أوله وإسكان ثانيه قرية جامعة قريبة من الأبواء.
وقوله: إلى أبي أيوب زاد ابن جريج، فقال: قل له يقرأ عليك السلام ابن أخيك عبد الله بن عباس ويسألك.
وقوله: "بين القرنين" أي: قرني البعير، وكذا هو لبعض رواه:"الموطأ"، وكذا في رواية ابن عيينة وهما العودان، أي العمودان المنتصبان لأجل عود البركة.
وقوله: "أرسلني إليك ابن عباس يسألك كيف كان" الخ، قال ابن عبد البر الظاهر أن ابن عباس كان عنده في ذلك نص عن النبي صلى الله عليه وسلم، أخذه عن أبي أيوب أو غيره، ولهذا قال عبد الله بن حنين لأبي أيوب: يسألك كيف كان يغسل رأسه؟ ولم يقل هل كان يغسل رأسه؟ على حسب ما وقع فيه اختلاف بين المسور وابن عباس، ويحتمل أن يكون عبد الله بن حنين تصرف في السؤال لفطنته، كأنه لما قال له سله هل يغتسل المحرم أولًا؟ فجاء فوجده يغتسل فهم من ذنك أنه يغتسل، فأحب أن لا يرجع إلا بفائدة فسأله عن كيفية الغسل، وكأنه خص الرأس بالسؤال لأنها موضع الإشك الذي هذه المسألة؛ لأنها محل الشعر الذي يخشى إنتتافه بخلاف بقية البدن، غالبا.
وقوله: (فطأطأه) أي: إزاله عن رأسه. وفي رواية ابن عيينة جمع ثيابه إلى صدره حتى نظرت إليه، وفي رواية ابن جريج حتى رأيت رأسه ووجهه.
وقوله "لانسان" قال: في "الفتح" لم أقف على اسمه، ثم قال أبو أيوب: هكذا رأيته صلى الله عليه وسلم يفعل، زاد ابن عيينة فرجعت إليهما فأخبرتهما، فقال المسور لابن عباس: لا أماريك