الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب عمرة في رمضان
كذا في جميع النسخ ولم يصرح في الترجمة بفضيلة ولا غيرها ولعله أشار إلى ما روي عن عائشة قالت: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة رمضان فأفطر وصمت وقصر وأتممت الحديث أخرجه الدارقطني، وقال: إسناده حسن، وقال صاحب الهدي: إنه غلط لأنه عليه الصلاة والسلام لم يعتمر في رمضان، ويمكن حمله على أن قولها في رمضان متعلق بقولها خرجت، ويكون المراد سفر فتح مكة، فإنه كان في رمضان واعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في تلك السنة، من الجعرانة لكن في ذي القعدة كما مرَّ وقد رواه الدارقطني بإسناد آخر فما قال فيه في رمضان، وقد مرَّ الكلام على هذا الحديث في الذي قبله أعني حديث الدارقطني.
الحديث العاشر
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، يُخْبِرُنَا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لاِمْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ سَمَّاهَا ابْنُ عَبَّاسٍ، فَنَسِيتُ اسْمَهَا:"مَا مَنَعَكِ أَنْ تَحُجِّي مَعَنَا؟. قَالَتْ: كَانَ لَنَا نَاضِحٌ فَرَكِبَهُ أَبُو فُلَانٍ وَابْنُهُ -لِزَوْجِهَا وَابْنِهَا- وَتَرَكَ نَاضِحًا نَنْضَحُ عَلَيْهِ، قَالَ: "فَإِذَا كَانَ رَمَضَانُ اعْتَمِرِي فِيهِ فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ حَجَّةٌ". أَوْ نَحْوًا مِمَّا قَالَ.
قوله: عن عطاء في رواية مسلم عن ابن جريج أخبرني عطاء.
وقوله: سماها ابن عباس فنسيت اسمها القائل نسيت إسمها ابن جريج، بخلاف ما يتبادر إلى الذهن من أن القائل عطاء، وإنما كان كذلك لأن المصنف أخرج الحديث في باب حج النساء الآتي عن حبيب المعلم، عن عطاء، فسماها، ولفظه لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من حجته، قال لأم سنان الأنصارية ما منعك من الحج؟ الحديث، ويحتمل أن عطاء كان ناسيًا لاسمها لما حدث به ابن جريج، وذاكرًا له لما حدث به حبيبا، وقد وقع شبيه بهذه القصة لأم معقل، أخرجه النسائي عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث عن امرأة من بني أسد يقال لها أم معقل قالت: أردت الحج فاعتل بعيري فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "اعتمري في شهر رمضان فإن عمرة في رمضان تعدل حجة" وقد اختلف في إسناده فرواه مالك عن أبي بكر بن عبد الرحمن قال: جاءت امرأة فذكره مرسلًا، وأبهمها ورواه النسائي عن أبي معقل ورواه أبو داود عن أم معقل قالت: لما حج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، وكان لنا جمل فجعله أبو
معقل في سبيل الله وأصابنا مرض فهلك أبو معقل، فلما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من حجته جئت فقال: ما منعك أن تحجي معنا فذكرت ذلك له فقال: "فهلا حججت عليه فإن الحج من سبيل الله فأما إذا فاتك فاعتمري في رمضان فإنها كحجة" ووقعت لأم طليق قصة مثل هذه أخرجها أبو علي ابن السكن، وابن منده في "الصحابة" والدولابي، في "الكنى" عن طلق بن حبيب أن أبا طليق حدثه أن امرأته قالت له وله جمل وناقة، .. أعطني جملك أحج عليه قال: جملي حبيس في سبيل الله قالت: إنه من سبيل الله أن أحج عليه. فذكر الحديث وفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقت أم طليق وفيه ما يعدل الحج قال: عمرة في رمضان وزعم ابن عبد البر أن أم معقل هي أم طليق لها كنيتان وفيه نظر لأن أبا معقل مات في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبا طليق عاش حتى سمع منه طلق بن حبيب، وهو من صغار التابعين، فدل على تغاير المرأتين، ويدل عليه تغاير السياقين، ويأتي في السند تعريف من وجد تعريفه من المذكورين أو بيان محل تعريفه.
وقوله: أن تحجي في رواية كريمة والأصيلي أن تحجين بإثبات النون على إهمال أن وهي لغة.
وقوله ناضح بضاد معجمة ثم مهملة أي: بعير.
قال ابن بطال: الناضح البعير أو الثور أو الحمار الذي يستسقى عليه لكن المراد به هنا البعير لتصريحه في رواية بكر بن عبد الله المزني عن ابن عباس في رواية أبي داود بكونه جملًا، وفي رواية حبيب المذكورة وكان لنا ناضحان وهي أبين وفي رواية مسلم من طريق حبيب كانا لأبي فلان زوجها.
وقوله: وابنه يأتي ما قيل فيه في السند.
وقوله: ننضح عليه بكسر الضاد وفي الفرع بفتح الضاد.
وقوله: فإذا كان رمضان بالرفع على أن كان تامة وفي رواية الكشميهني فإذا كان في رمضان.
وقوله: "فإن عمرة في رمضان حجة" وفي رواية مسلم "فإن عمرة فيه تعدل حجة" ولعل هذا هو السبب، في قول المصنف: أو نحوًا مما قال: وقال المظهري:
في قوله: "تعدل حجة" أي: تقابل وتماثل في الثواب لأن الثواب يفضل بفضيلة الوقت وقال الطيبي: هذا من باب المبالغة وإلحاق الناقص بالكامل ترغيبًا وبعثا عليه وإلَاّ كيف يعدل ثواب العمرة ثواب الحج، وقال ابن خزيمة: في هذا الحديث أن الشيء يشبه الشيء ويجعل عدله إذا أشبهه في بعض المعاني لا جميعها لأن العمرة لا تقضي فرض الحج ولا النذر،
وقال ابن بطال: فيه دليل على أن الحج الذي ندبها إليه كان تطوعًا لإجماع الأمة على أن العمرة لا تجزىء عن حجة الفريضة وتعقبه ابن المنير بأن الحجة المذكورة هي حجة الوداع، قال: وكانت أول حجة أقيمت في الإِسلام فرضًا؛ لأن حج أبي بكر رضي الله تعالى عنه كان إنذار قال: فعلى هذا يستحيل أن تكون تلك المرأة كانت قامت بوظيفة الحج بعد؛ لأن أول حج لم تحضره هي ولم يأت زمان حج ثان عند قوله عليه الصلاة والسلام لها ذلك وما جاء الحج الثاني إلَاّ والرسول صلى الله عليه وسلم قد توفي فإنما أراد عليه الصلاة والسلام أن يستحثها على استدراك ما فاتها من البدار، ولاسيما الحج معه عليه الصلاة والسلام لأن فيه مزية على غيره، وتعقبه في الفتح فقال: وما قاله: غير مسلم إذ لا مانع أن تكون قد حجت مع أبي بكر فسقط عنها الفرض بذلك، لكنه بني على أن الحج إنما فرض في السنة العاشرة حتى يسلم مما يرد على مذهبه من القول بأن الحج على الفور، وعلى ما قاله ابن خزيمة فلا يحتاج إلى شيء مما بحث ابن بطال فالحاصل أنه أعلمها أن العمرة في رمضان تعدل الحج في الثواب لا أنها تقوم مقامها في إسقاط الفرض للإجماع على أن الاعتمار لا يجزىء عن حج الفرض، ونقل الترمذي، عن إسحاق بن راهويه، أن معنى الحديث نظير ما جاء أن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن، وقال ابن العربي: حديث العمرة هذا صحيح، وهو فضل من الله ونعمة، فقد أدركت العمرة منزلة الحج بانضمام رمضان إليه وقال ابن الجوزي: فيه أن ثواب العمل يزيد بزيادة شرف الوقت، كما يزيد بحضور القلب، وبخلوص القلب، وقال غيره: يحتمل أن يكون المراد عمرة فريضة في رمضان، كحجة فريضة، وعمرة نافلة، في رمضان كحجة نافلة، وقال ابن التين.
قوله: كحجة يحتمل أن يكون على بابه ويحتمل أن يكون لبركة رمضان ويحتمل أن يكون مخصوص بهذه المرأة وفي رواية أحمد بن منيع في مسنده عن سعيد بن جبير ولا نعلم هذا إلا لهذه المرأة وعند أبي داود عن أم معقل في آخر حديثها عن يوسف بن عبد الله بن سلام قال: فكانت تقول: الحج حجة والعمرة عمرة، وقد قال: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فما أدري إليَّ خاصة، تعني أو للناس عامة.
والظاهر حمله على العموم والسبب في التوقف استشكال ظاهره، وقد صح جوابه، وقد قال: بعضهم لما ثبت أن عُمَرَه عليه الصلاة والسلام كانت كلها في ذي القعدة، وقع تردد لبعض أهل العلم في أن أفضل أوقات العمرة أشهر الحج، أو رمضان ففي رمضان ما مرَّ مما يدل على الأفضلية، لكن فعله عليه الصلاة والسلام لما لم يقع إلَاّ في أشهر الحج كان ظاهرًا أنه أفضل إذ لم يكن الله تعالى يختار لنبيه إلَاّ ما هو الأفضل، أو أن رمضان أفضل لتنصيصه عليه الصلاة والسلام على ذلك لاقترانه بأمر يخصه كاشتغاله بعبادات أخرى في رمضان تبتلًا وأن لا يشق على أمته، فإنه لو اعتمر فيه لخرجوا معه ولقد كان بهم رؤوفًا رحيمًا، وقد أخبر