الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن سبب قتله السب، واستدل به عياض وغيره من المالكية على قتل من آذى النبي صلى الله عليه وسلم أو تنقصه، ولا تقبل له توبة لأن ابن خطل كان يقول الشعر يهجو به النبي صلى الله عليه وسلم، ويأمر جاريتيه بأن تغنيا به، وقالت الشافعية: لا دلالة في ذلك أصلًا لأنه إنما قتل ولم يستتب للكفر والزيادة فيه بالأذى مع ما اجتمع فيه من موجبات القتل، ولأنه أتخذ الأذى ديدنًا فلم يتحتم أن سبب قتله الذم فلا يقاس عليه من فرط منه فرطة وقلنا بكفره بها وتاب ورجع إلى الإِسلام فالفرق واضح واستدل به على جواز قتل الأسير صبرًا لأن القدرة على ابن خطل صيرته كالأسير في يد الإِمام، وهو مخير فيه بين القتل وغيره، لكن قال الخطابي: إنه عليه الصلاة والسلام قتله بما جناه في الإِسلام، وقال ابن عبد البر: قتله قودًا من دم المسلم الذي غدر به وقتله ثم ارتد كما مرَّ، وكما يأتي في تعريفه في السند واستدل به على جواز قتل الأسير من غير أن يعرض عليه الإِسلام، ترجم بذلك أبو داود، وفيه مشروعية لبس المغفر وغيره من آلات السلاح حال الخوف من العدو، وأنه لا ينافي التوكل وقد تقدم في باب متى يحل للمعتمر من أبواب العمرة، في حديث عبد الله بن أبي أوفى أعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما دخل مكة طاف وطفنا معه، ومعه من يستره من أهل مكة أن يرميه أحد، الحديث وإنما احتاج إلى ذلك لأنه كان حينئذ محرمًا فخشي الصحابة أن يرميه بعض سفهاء المشركين بشيء يؤذيه فكانوا حوله يسترون رأسه ويحفظونه من ذلك، وفيه جواز رفع أخبار أهل الفساد إلى ولاة الأمر، ولا يكون ذلك من الغيبة المحرمة ولا النميمة.
رجاله أربعة:
قد مرّوا: مرَّ عبد الله بن يوسف ومالك في الثاني من بدء الوحي، وابن شهاب في الثالث منه ومرَّ أنس في السادس من الإيمان.
أخرجه البخاري أيضًا في اللباس والجهاد والمغازي؛ ومسلم في المناسك وأبو داود في الجهاد؛ والترمذي فيه، وفي الشمائل والنسائي في الحج والسير وابن ماجه في الجهاد وفي الحديث لفظ جاءه رجل فقال:"إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة" الرجل الجهم قال في الفتح إنه لم يقف على اسمه إلا أنه يحتمل أن يكن هو الذي قتله، والصحيح أن الذي قتله هو أبو برزة الأسلمي لما رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح، أنه هو الذي قتله، وقد مرَّ أبو برزة في الثامن عشر من مواقيت الصلاة، وقيل إن الذي قتله هو الزبير بن العوام، وجزم بذلك الدارقطني والحاكم، وقد مرَّ الزبير في الثامن والأربعين من العلم، وفي حديث البزار أن الذي قتله سعيد بن حريث بن عمرو بن عثمان بن عبد الله بن مخزوم المخزومي، ممن أسلم قبل الفتح، قال الواقدي: وشهدها وكان أسن من أخيه عمرو بن حريث، روى عنه ابن ماجه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من باع دارًا أو عقارًا ولم يجعل ثمنها في مثلها لم يبارك له فيه"، له ثلاثة أحاديث روى ابن ماجه له حديثًا واحدًا، روى عنه عبد الملك بن عمير.
وقيل: إن الذي قتله سعيد بن ذؤيب وذكر ذلك في حديث أخرجه أبو داود، والنسائي وابن أبي شيبة، والدارقطني، والحاكم عن سعد بن أبي وقاص قال: لما كان يوم الفتح أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة أنفس عكرمة بن أبي جهل، وعبد الله بن خطل، ومقيس بن صبابة، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، فأما ابن خطل فقتل، وهو متعلق بأستار الكعبة استبق إليه سعيد بن ذؤيب وعمار بن ياسر، فكان سعيد بن ذؤيب أشب الرجلين فقتله. الحديث، وابن خطل المأمور بقتله في الحديث الصحيح، أن اسمه عبد الله بن خطل؛ واسم خطل عبد مناف من بني تيم بن فهر بن غالب وإنما أمر بقتله لأنه كان مسلمًا، فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقًا، وبعث معه رجلًا من الأنصار، وكان معه مولى يخدمه، وكان مسلمًا فنزل منزلًا فأمر المولى أن يذبح تيسًا، ويصنع له طعامًا، فنام، واستيقظ ولم يصنع له شيئًا، فعدى عليه فقتله، ثم ارتد مشركًا وكانت له قينتان، تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروى الفاكهاني وكذا قال أبو عمرو: لأنه كان أسلم وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقًا، وبعث معه رجلًا من الأنصار، وأمر عليهم الأنصاري فلما كان ببعض الطريق وثب على الأنصاري فقتله، وذهب بماله، وقال: صاحب التلويح روينا في مجالس الجوهري أنه كان يكتب الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم إذا "نزل غفور رحيم" يكتب "رحيم غفور" وإذا نزل "سميع عليم" لم يكتب "عليم سميع" ذكره بإسناد إلى الضحاك عن النزال بن صبرة عن علي رضي الله تعالى عنه، وفي التوضيح وكان يقال لابن خطل ذا القلبين، وفيه نزل قوله تعالى:{مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} وفي رواية يونس عن ابن إسحاق لما قتل ابن خطل قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يقتل قرشي صبرًا بعد هذا اليوم، وقيل: قال: هذا في غيره وهو الأكثر.
ثم قال المصنف: