الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الحج والنذور عن الميت والرجل يحج عن المرأة
كذا ثبت للأكثر بلفظ الجمع، وفي رواية النسائي بالإفراد.
وقوله: "والرجل يحج عن المرأة" يعني أن حديث الباب يستدل به على الحكمين، وفيه على الحكم الثاني نظر لأن لفظ الحديث أن امرأة سألت عن نذر كان على أبيها، فكان حق الترجمة أن يقول والمرأة تحج عن الرجل، وأجاب ابن بطال بأن النبي صلى الله عليه وسلم خاطب المرأة بخطاب دخل فيه الرجال والنساء، وهو قوله:"اقضوا الله" ولا خلاف في جواز حج الرجل عن المرأة والمرأة عن الرجل، إلا الحسن بن صالح، والذي يظهر أن البخاري أشار بالترجمة إلى رواية شعبة عن أبي بشر في هذا الحدث، فإنه قال فيها: أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أختي نذرت أن تحج، الحديث، وفيه فاقض الله، فهو أحق بالقضاء. أخرجه المصنف في كتاب النذور وكذا أخرجه أحمد والنسائي.
الحديث الخامس والأربعون
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ، فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. حُجِّي عَنْهَا، أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَةً؟ اقْضُوا اللَّهَ، فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ.
قوله: "أن مرأة من جهينة" قال: في الفتح لم أقف على اسمها ولا على اسم أمها، لكن روى ابن وهب عن عثمان بن عطاء الخرساني عن أبيه أن غايثة أو غاثيه أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي ماتت وعليها نذر أن تمشي إلى الكعبة فقال: "اقضي عنها" أخرجه ابن منده في حرف الغين المعجمة، من الصحابيات، وتردد هل هي بتقديم المثناة التحتية على المثلثة أو بالعكس؟ وجزم ابن طاهر في المبهمات أنه اسم الجهنية المذكورة في حديث الباب، وقد روى النسائي وابن خزيمة وأحمد، عن موسى بن سلمة الهذلي، عن ابن عباس قال: أمرت امرأة سنان بن عبد الله الجهني أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أمها توفيت ولم تحج الحديث، لفظ أحمد ووقع عند النسائي سنان بن سلمة، والأول أصح وهذا لا يفسر به المبهم في حديث الباب؛ لأن المرأة سألت بنفسها وفي هذا أن زوجها سأل لها ويمكن الجمع بأن يكون نسبة
السؤال إليها مجازية وإنما الذي تولى لها السؤال زوجها، وغايته أنه في هذه الرواية لم يصرح بأن الحجة المسؤول عنها كانت نذرًا وأما ما روى ابن ماجه عن ابن عباس عن سنان بن عبد الله الجهني أن عمته حدثته أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي توفيت وعليها مشي إلى الكعبة نذر الحديث، فإن كان محفوظًا حمل على واقعتين، بأن تكون امرأته سألت على لسانه عن حجة أمها المفروضة وبأن تكون عمته سألت بنفسها عن حجة أمها المنذورة، ويفسر من في حديث الباب بأنها عمة سنان واسمها غاثية كما مرَّ ولم تسم المرأة، ولا العمة ولا أم واحدة منهما.
وقوله: "إن أمي نذرت أن تحج" كذا رواه أبو بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وسيأتي في النذور بلفظ أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: إن أختي نذرت أن تحج وإنها ماتت، فإن كان محفوظًا احتمل أن يكون كل من الأخ سأل عن أخته والبنت سألت عن أمها وسيأتي في الصيام عن سعيد بلفظ قالت امرأة: إن أمي ماتت وعليها صوم شهر، وسيأتي إن شاء الله تعالى بسط القول فيه هناك وزعم بعض المخالفين أنه اضطراب يعل به الحديث، وليس كما قال: فإنه محمول على أن المرأة سألت عن كل من الصوم والحج، ويدل عليه ما رواه مسلم عن بريدة أن امرأة قالت: يا رسول الله إني تصدقت على أمي بجارية وإنها ماتت قال: "وجب أجرك، وردها عليك الميراث" قالت: إنه كان عليها صوم شهر أفأصوم عنها؟ قال: "صومي عنها" قالت: إنها لم تحج أفأحج عنها؟ قال: "حجي عنها" وللسؤال عن قصة الحج من حديث ابن عباس أصل آخر، أخرجه النسائي عن سليمان بن يسار عنه، وله شاهد عن أنس عند البزار والطبراني، والدارقطني واستدل به على صحة نذر الحج ممن لم يحج، فإذا حج أجزأه عن حجة الإِسلام عند الجمهور، وعليه الحج عن النذور وقيل يجزىء عن النذر، ثم يحج حجة الإِسلام وقيل يجزىء عنهما.
وقوله: "قال: نعم حجي عنها" في رواية موسى بن سلمة أفيجزىء عنها أن أحج عنها؟ قال: نعم.
وقوله: "أكنت قاضيته" كذا للأكثر بضمير يعود على الدين، وللكشميهني قاضية بوزن فاعلة على حذف المفعول، وفي الحديث مشروعية القياس وضرب المثل ليكون أوضح وأوقع في نفس السامع وأقرب إلى سرعة فهمه، وفيه تشبيه ما اختلف فيه، وأشكل بما اتفق عليه، وفيه أنه يستحب للمفتي التنبيه على وجه الدليل إذا ترتبت على ذلك مصلحة، وهو أطيب لنفس المستفتي وأدعى لإذعانه، وفيه أن وفاء الدين المالي عن الميت كان معلومًا عندهم مقررًا، ولهذا حسن الإلحاق به وفيه إجزاء الحج عن الميت وفيه اختلاف وقد مرَّ ما فيه مستوفى عند الحديث الأول من الحج، وفي قوله:"فالله أحق بالوفاء" دليل على أنه مقدم على دين الآدمي، ومرَّ ما فيه من الخلاف عند الحديث المذكور، قال الطيبي: في الحديث