المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب المدينة طابة أي: من أسمائها، إذ ليس في الحديث أنها - كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري - جـ ١٤

[محمد الخضر الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌أبواب العمرة

- ‌باب وجوب العمرة وفضلها

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب من اعتمر قبل الحج

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله سبعة:

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله تسعة

- ‌باب عمرة في رمضان

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب العمرة ليلة الحصبة

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب عمرة التنعيم

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الإعتمار بعد الحج بغير هدي

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب أجر العمرة على قدر النصب

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب المعتمر إذا طاف طواف العمرة، ثم خرج هل يجزئه من طواف الوداع

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله أربعة

- ‌باب يفعل بالعمرة ما يفعل بالحج

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله خمسة

- ‌باب متى يحل المعتمر

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب ما يقول إذا رجع من الحج أو العمرة أو الغزو

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب استقبال الحاج القادمين والثلاثة على الدابة

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب القدوم بالغداة

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الدخول بالعشي

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب لا يطرق أهله إذا بلغ المدينة

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب من أسرع ناقته إذا بلغ المدينة

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله أربعة

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب قول الله تعالى: {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا}

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب السفر قطعة من العذاب

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب المسافر إذا جدَّ به السير يعجل إلى أهله

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌خاتمة

- ‌أبواب المحصر، وجزاء الصيد

- ‌باب إذا أحصر المعتمر

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله سبعة:

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب الإحصار في الحج

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله ستة:

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب النحر قبل الحلق في الحصر

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب من قال ليس على المحصر بدل

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب قوله تعالى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب قول الله عز وجل {أَوْ صَدَقَةٍ} وهي إطعام ستة مساكين

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الإطعام في الفدية نصف صاع

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب النسك بشاة

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب قول الله عز وجل {فَلَا رَفَثَ}

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب قول الله عز وجل {وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب جزاء الصيد ونحره

- ‌باب إذا صاد الحلال فأهدي للمحرم الصيد أكله

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب إذا رأى المحرمون صيدًا فضحكوا ففطن الحلال

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب لا يعين المحرم الحل الذي قتل الصيد

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب لا يشر المحرم إلى الصيد لكي يصطاده الحلال

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب إذا أهدي للمحرم حمارًا وحشيًا حيًا لم يقبل

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب ما يقتل المحرم من الدواب

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌رجاله ستة

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب لا يعضد شجر الحرم

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب لا ينفر صيد الحرم

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب لا يحل القتال بمكة

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب الحجامة للمحرم

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب تزويج المحرم

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب الاغتسال للمحرم

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌باب لبس الخفين للمحرم إذا لم يجد النعلين

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌‌‌رجاله خمسة:

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌باب إذا لم يجد الإزار فليلبس السراويل

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب لبس السلاح للمحرم

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب دخول الحرم ومكة بغير إحرام

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الأربعون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب إذا أحرم جاهلاً وعليه قميص

- ‌الحديث الحادي والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب المحرم يموت بعرفة

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثالث والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب سنة المحرم إذا مات

- ‌الحديث الرابع والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الحج والنذور عن الميت والرجل يحج عن المرأة

- ‌الحديث الخامس والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الحج عمن لا يستطيع الثبوت على الراحلة

- ‌الحديث السادس والأربعون

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌باب حج المرأة عن الرجل

- ‌الحديث السابع والأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب حج الصبيان

- ‌الحديث الثامن والأربعون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث التاسع والأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث الخمسون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب حج النساء

- ‌الحديث الثاني والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثالث والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الرابع والخمسون

- ‌‌‌رجاله خمسة:

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس والخمسون

- ‌ورجاله أربعة:

- ‌الحديث السادس والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب من نذر المشي إلى الكعبة

- ‌الحديث السابع والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن والخمسون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع والخمسون

- ‌خاتمة:

- ‌فضائل المدينة

- ‌باب حرم المدينة

- ‌الحديث الأول

- ‌‌‌رجاله أربعة:

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب فضل المدينة وأنها تنفي الناس

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب المدينة طابة

- ‌الحديث السادس

- ‌‌‌رجاله خمسة:

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب لابتي المدينة

- ‌الحديث السابع

- ‌باب من رغب عن المدينة

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الإيمان يأرز إلى المدينة

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إثم من كاد أهل المدينة

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب آطام المدينة

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب لا يدخل الدجال المدينة

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب المدينة تنفي الخبث

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب كراهية النبي صلى الله عليه وسلم أن تعرى المدينة

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب

- ‌الحديث الثاني والعشرين

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌ورجاله خمسة:

- ‌خاتمة

- ‌تنويه من الناشر

- ‌خاتمة

الفصل: ‌ ‌باب المدينة طابة أي: من أسمائها، إذ ليس في الحديث أنها

‌باب المدينة طابة

أي: من أسمائها، إذ ليس في الحديث أنها لا تسمى بغير ذلك.

‌الحديث السادس

حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ رضي الله عنه: أَقْبَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ تَبُوكَ حَتَّى أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ: "هَذِهِ طَابَةُ".

هذا طرف من حديث أبي حميد الساعدي الماضي مطولًا، في أواخر الزكاة في باب خرص التمر، ومرَّ الكلام عليه هناك مستوفى، وفي بعض طرقه: طابة، وفي بعضها: طيبة؛ وطيبة كهيبة، وطيبة كصيبة، وطائب ككاتب، فهذه الثلاثة مع طابة كشامة أخوات لفظًا ومعنى، مختلفات صيغة. ومبني، وروى مسلم عن جابر بن سمرة مرفوعًا:"إن الله سمى المدينة طابة" ورواه أبو داود الطيالسي في "مسنده"، عن شعبة، عن سماك بلفظ:"كانوا يسمون المدينة يثرب فسماها النبي صلى الله عليه وسلم طابة"، وأخرجه أبو عوانة، والطاب والطيب لغتان بمعنى، واشتقاقهما من الشيء الطيب، وقيل: لطهارة تربتها، أو لطهارتها من الشرك، وحلول الطيب عليه الصلاة والسلام بها، وقيل: لطيبها لساكنها، وقيل: من طيب العيش بها، وقال بعض أهل اللغة: وفي طيب ترابها وهوائها دليل شاهد على صحة هذه التسمية؛ لأن من أقام بها يجد من تربتها، وحيطانها رائحة طيبة، لا تكاد توجد في غيرها، وقال الحافظ: أمر المدينة في طيب ترابها وهوائها يجده من أقام بها، ويجد لطيبها أقوى رائحة، ويتضاعف طيبها فيها عن غيرها من البلاد، وكذلك العود وسائر أنواع الطيب، ولله در الإشبيلي حيث قال: لتربة المدينة نفحة ليس كما عهد من الطيب، بل هو عجيب من الأعاجيب، ولها أسماء كثيرة، وكثرة الأسماء تدل على شرف المسمى، منها: ما رواه عمر بن شبة في أخبار المدينة من رواية زيد بن أسلم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "للمدينة عشرة أسماء، هي: المدينة، وطابة، وطيبة، والمطيبة، والمسكينة، والدار، وجابرة، ومجبورة، ومنيرة، ويثرب"، وعن محمد بن أبي يحيى قال: لم أزل أسمع أن للمدينة عشرة أسماء هي: المدينة، وطيبة، وطابة، والمطيبة، والمسكينة، والمدرى، والجابرة، والمجبورة، والمحببة، المحبوبة، وزاد الزبير في أخبار المدينة عن ابن أبي يحيى:"والقاصمة" وعن أبي سهل بن مالك، عن كعب الأحبار قال نجد في كتاب الله

ص: 216

الذي أنزل على موسى أن الله قال للمدينة: يا طيبة، ويا طابة، ويا مسكينة! لا تقبلي الكنوز، أرفع أجاجيرك على القرى، وروى الزبير عن عبد الله بن جعفر قال: سمى الله المدينة: الدار والإيمان، ومن أسمائها بيت الرسول صلى الله عليه وسلم قال تعالى:{كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ} أي: من المدينة لاختصاصها به؛ اختصاص البيت بساكنه، والحرم لتحريمها كما مرَّ، والحبيبة؛ لحبه عليه الصلاة والسلام لها، ودعائه به، وحرم الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأنه الذي حرمها، وللطبراني بسند رجاله ثقات: حَرَمُ إبراهيمَ مكةٌ، وحرمي المدينةُ. وحسنة، قال الله تعالى:{لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً} أي: مباءة حسنة وهي المدينة، ودار الأبرار، ودار الأخيار لأنها دار المختار، والمهاجرين والأنصار، وتنفي شرارها، ومن أقام بها منهم فليست له في الحقيقة بدار، وربما نقل منها بعد الأقبار، ودار السنة، ودار السلامة، ودار الفتح، ودار الهجرة؛ فمنها فتح سائر الأمصار، وإليها هجرة المختار، ومنها انتشرت السنة في الأقطار، والشافية؛ لحديث ترابها شفاء من كل داء، وذكر ابن مسدي الاستشفاء بتعليق أسمائها على المحموم، وقبة الإِسلام: لحديث: "المدينة قبة الإِسلام"، والمؤمنة؛ لتصديقها به حقيقة بخلقه، فيها قابلية ذلك كما في تسبيح الحصى، أو مجازًا لاتصاف أهلها وانتشاره منها، وفي خبر: والذي نفسي بيده إن تربتها لمؤمنة، وفي آخر: إنها لمكتوبة في التوراة مؤمنة، والمباركة؛ لأن الله تعالى بارك فيها بدعائه عليه الصلاة والسلام وحلوله فيها، والمختارة؛ لأن الله تعالى اختارها للمختار من خلقه، والمحفوظة؛ لحفظها من الطاعون والدجال وغيرهما، ومدخل صدق، والمرزوقة أي: مرزوق أهلها، والمسكينة كما مرَّ عن التوراة والمسكنة الخضوع والخشوع خلقه الله فيها، أو هي مسكن الخاشعين -أسال الله العظيم بوجاهة وجهه الوجيهة ونبيه النبيه عليه الصلاة والسلام أن يجعلني من ساكنيها المقربين حيًّا وميتًا؛ إنه جابر المنكسرين، وواصل المنقطعين- ومنها المقدسة؛ لتنزهها عن الشرك وكونها تنفي الذنوب، وأكالة القرى لغلبتها الجميع فضلًا، وتسلطها عليها، وافتتاحها بأيدي أهلها فغنموها وأكلوها، وروى الزبير في أخبار المدينة عبد العزيز الدراوردي أنه قال: بلغني أن للمدينة في التورية أربعين اسمًا، وذكر الشامي في "سيرته": لها نحو مائة اسم، وها أنا أذكر بعضًا مما لم يذكر فيما مرَّ فمنها: البحيرة كرغيفة، فالبحر الاتساع وهي بمتسع من الأرض، والبلاط كسحاب إذ هو الحجارة المفروشة، وذلك كثير فيها، والبلد قال الله تعالى:{لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَد} قيل: مكة، وقيل: المدينة، وتندد -بالمثناة الفوقية، والنون، والدالين المهملتين- كجعفر، ويروى ياء بدل التاء من الند الطيب المعروف أو من الند التل المرتفع، والجبارة، وجبار كخدام لجبرها الكسير وإغنائها الفقير، وجزيرة العرب لقول بعضهم: إنها المراد في حديث: "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب" والجُنة بضم الجيم وهي الوقاية والخيرة بالتخفيف والتشديد، وذات الحجر بضم الحاء وفتح الجيم لاشتمالها عليها، وذات

ص: 217

الحِرار بكسر الحاء وبراءين مهملتين لكثرة الحجارة السود بها، والسلقة بالقاف وبفتح اللام وكسرها وسكونها لاتساعها وتباعد جبالها، وطباطب بكسر المهملة أي: القطعة المستطيلة من الأرض، والقاصمة لأنها لا يدخلها الطاعون، ولا الدجال، ومن أرادها بسوء أذابه الله.

والعذراء بالعين المهملة والذال المعجمة لصعوبتها على الأعداء، والعراء لعدم ارتفاع أبنيتها، والعروض كصبور لانخفاض مواضع فيها، والغراء من الغرة لاشتهارها على سائر البلاد، والفاضحة لأنها تفضح من أضمر فيها سوءًا، والقاصمة لقصمها كل جبار، والمحبورة من الحبور وهو السرور، والمحروسة، والمحفوظة لأنها محفوفة بالملائكة، والمرحومة لأنها تتنزل فيها الرحمات، والمرزوقة أي: المرزوق أهلها أو أنها لا يخرج عنه أحد إلا أبدلها الله خيرًا منه، أظن أن هذا خاص بمن خرج منها كراهية لها، لا من خرج منها لعذر، والمسجد الأقصى ومضجع الرسول صلى الله عليه وسلم والناجية لنجاتها بحوزها أشرف الخلق، ونبلاء بفتح النون وسكون الموحدة والمد من النبل، وهو الفضل، والبارَّة، والبرَّة، وهما من قولك امرأة بارَّة، والبحرة، والبحيرة بالتصغير وتندر، ويندر بالدال والراء المهملتين، وجبار كخدام، ودار الإيمان، وذات النخل، وسيدة البلدان، وظبابا، إما بكسر المهملة أو بفتح المعجمة الأول بمعنى القطعة المستطيلة، والثاني من ظبب أو ظبظب إذا حم لأنها كانت لا يدخلها أحد إلا حم، وغلبة بالتحريك من الغلب وهو الظهور على الشيء، وقرية الأنصار، وقرية الرسول عليه الصلاة والسلام، وقلب الإيمان، ومُبَوءُ الحلال والحرام، ومبين الحلال والحرام، والمحبة بضم الميم وبالحاء المهملة وبتشديد الموحدة، والمحرمة، ومدينة الرسول، والمسلمة المؤمنة، والمقرّ بالقاف من القرار "يجيب" والمكتان، والمكينة، لتمكنها في المكانة والمنزلة عند الله، ومهاجر الرسول صلى الله عليه وسلم، والموفية بتشديد الفاء من التوفية ويجوز تخفيفها إذ الإيفاء والتوفية بمعنى، والنحر بفتح النون وسكون الحاء سميت به إما لشدة حرها، وإما لإطلاق النحر على الأصل والهذراء بالذال المعجمة لشدة حرها يقال: يوم هاذر أي: شديد الحر، أو بالمهملة من هدر الحمام إذا صوت، وأثرب كمسجد، وأرض الله، وأرض الهجرة، وأكالة البلدان، ومجنة، وقدسية.

هذا ما وقفت عليه من أسمائها وأسأل الله تعالى بحرمة من سكنها حيًّا وميتًا سيد البشر صلى الله عليه وسلم وبحرمة من سكنها من أصحابه عليهم رضوان الله وتابعيهم وتابعي تابعيهم إلى يوم الدين أن يختم لي ولمن معي بالسكنى فيها على أتم حال، وأبركه وأطهره، وبالموت فيها على الإيمان، والدفن في البقيع آمين يا أرحم الراحمين، يا مجيب دعاء المضطرين يا من يجيب المضطر إذا دعاه.

ص: 218