الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب لا يعين المحرم الحل الذي قتل الصيد
أي: بفعل ولا قول، قيل: أراد بهذه الترجمة الرد على من فرق من أهل الرأي بين الإعانة التي لا يتم إلَاّ بها فتحرم، وبين الإعائة التي يتم الصيد بدونها فلا تحرم.
الحديث السابع عشر
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ سَمِعَ أَبَا قَتَادَةَ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْقَاحَةِ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى ثَلَاثٍ (ح)، وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْقَاحَةِ، وَمِنَّا الْمُحْرِمُ، وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ، فَرَأَيْتُ أَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا فَنَظَرْتُ، فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ يَعْنِى وَقَعَ سَوْطُهُ فَقَالُوا: لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، إِنَّا مُحْرِمُونَ. فَتَنَاوَلْتُهُ فَأَخَذْتُهُ، ثُمَّ أَتَيْتُ الْحِمَارَ مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ، فَعَقَرْتُهُ، فَأَتَيْتُ بِهِ أَصْحَابِي، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كُلُوا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَأْكُلُوا. فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ أَمَامَنَا، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ:"كُلُوهُ حَلَالٌ". قَالَ لَنَا عَمْرٌو: اذْهَبُوا إِلَى صَالِحٍ فَسَلُوهُ عَنْ هَذَا وَغَيْرِهِ، وَقَدِمَ عَلَيْنَا هَاهُنَا.
قوله: "بالقاحة" بالقاف والمهملة: واد على نحو ميل من السقاية إلى جهة المدينة، ويقال لواديها: وادي العباديد، وقد بين المصنف في الطريق الأولى أنها من المدينة على ثلاث، أي: ثلاث مراحل قال عياض: رواه الناس بالقاف إلا القابسي فضبطوه عنه بالفاء، وهو تصحيف، وعند الجوزقي عن سفيان: بالصفاح بدل القاحة، والصفاح بكسر المهملة بعدها فاء وآخره مهملة، وهو تصحيف فإن الصفاح موضع بالروحاء، وبين السقيا والروحاء مسافة طويلة، وقد تقدم أن الروحاء هو المكان الذي ذهب أبو قتادة وأصحابه منه إلى جهة البحر ثم التقوا بالقاحة، وبها وقع له الصيد المذكور وكأنه تأخر هو ورفقته للراحة أو غيرها، وتقدمهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى السقيا حتى لحقوه.
وقوله: "وحدثنا عليّ بن عبد الله"، هكذا حول المصنف الإِسناد إلى رواية عليّ للتصريح فيه عن سفيان بقوله: حدثنا صالح بن كيسان، وقد ساق المتن على لفظ علي خاصة، وهذه عادة المصنف غالبًا إذا تحول إلى إسناد ساق المتن على لفظ الثاني.
وقوله: "عن أبي محمد" هو نافع مولى أبي قتادة ويأتي تعريفه في السند قريبًا.
وقوله: "فيتراءون" يتفاعلون من الرؤية.
وقوله: "يعني وقع سوطه فقالوا لا نعينك" كذا وقع، ورواه أبو عوانة عن عليّ بن المديني بلفظ:"فإذا حمار وحش فركبت فرسي وأخذت الرمح والسوط فسقط في السوط فقلت ناولوني، فقالوا ليس نعينك عليه بشيء إنا محرمون" وفي قولهم إنا محرمون دلالة على أنهم كانوا قد علموا أنه يحرم على المحرم الإعانة على قتل الصيد.
وقوله: "فتناولته بشيء فأخذته" وبهذا يندفع أشكال من قال: التناول: هو الأخذ، فما فائدة فأخذته؟ أو معناه: تكلفت التناول فأخذته.
وقوله: "من وراء أكمة" بفتحات: هي التل من حجر واحد، وقد تقدم الكلام عليها في الاستسقاء.
وقوله: "فقال بعضهم كلوا" قد تقدم من عدة أوجه أنهم أكلوا، والظاهر أنهم أكلوا أول ما أتاهم به ثم طرأ عليهم الشك كما في لفظ عثمان بن موهب في الباب الذي يليه:"فأكلنا من لحمها ثم قلنا أناكل من لحم صيد ونحن محرمون؟ " وأصرح من ذلك رواية أبي حازم في الهبة بلفظ: "ثم جئت به فوقعوا فيه يأكلون ثم أنهم شكوا في أكلهم إياه وهم حرم" وفي حديث أبي سعيد: "فجعلوا يشوون ثم قالوا رسول الله بين أظهرنا" وكان تقدمهم فلحقوه فسألوه.
وقوله: "وهو أمامنا" بفتح أوله.
وقوله: "كلوه حلال" كذا وقع بحذف المبتدأ، وبين ذلك أبو عوانة فقال:"كلوه فهو حلال" وفي رواية مسلم فقال: "هو حلال فكلوه".
وقوله: سابقًا "فعقرته" أي: قتلته وأصله ضرب قوائم البعير أو الشاة بالسيف، وهو قائم فتوسع فيه فاستعمل في مطلق القتل والإهلاك، وفيه أن عقر الصيد: ذكاته.
وقوله: "قال: لنا عمرو إذهبوا" الخ. عمرو هو ابن دينار وصرح به أبو عوانة في روايته، والقائل سفيان، والغرض بذلك تأكيد ضبطه له وسماعه له من صالح بن كيسان وأراد بقوله "قال: لنا عمرو إذهبوا" إلى آخره كيفية تحمله له من صالح وأنه بدلالة عمرو.
وقوله: "هاهنا" يعني مكة، والحاصل أن صالح بن كيسان كان مدنيا فقدم مكة فدل عمرو بن دينار أصحابه عليه ليسمعوا منه، وما حدث سفيان به عليًا إلا بعد موت صالح وعمرو بمدة طويلة.