المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب قوله تعالى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى - كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري - جـ ١٤

[محمد الخضر الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌أبواب العمرة

- ‌باب وجوب العمرة وفضلها

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب من اعتمر قبل الحج

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله سبعة:

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله تسعة

- ‌باب عمرة في رمضان

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب العمرة ليلة الحصبة

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب عمرة التنعيم

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الإعتمار بعد الحج بغير هدي

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب أجر العمرة على قدر النصب

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب المعتمر إذا طاف طواف العمرة، ثم خرج هل يجزئه من طواف الوداع

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله أربعة

- ‌باب يفعل بالعمرة ما يفعل بالحج

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله خمسة

- ‌باب متى يحل المعتمر

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب ما يقول إذا رجع من الحج أو العمرة أو الغزو

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب استقبال الحاج القادمين والثلاثة على الدابة

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب القدوم بالغداة

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الدخول بالعشي

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب لا يطرق أهله إذا بلغ المدينة

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب من أسرع ناقته إذا بلغ المدينة

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله أربعة

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب قول الله تعالى: {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا}

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب السفر قطعة من العذاب

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب المسافر إذا جدَّ به السير يعجل إلى أهله

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌خاتمة

- ‌أبواب المحصر، وجزاء الصيد

- ‌باب إذا أحصر المعتمر

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله سبعة:

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب الإحصار في الحج

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله ستة:

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب النحر قبل الحلق في الحصر

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب من قال ليس على المحصر بدل

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب قوله تعالى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب قول الله عز وجل {أَوْ صَدَقَةٍ} وهي إطعام ستة مساكين

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الإطعام في الفدية نصف صاع

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب النسك بشاة

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب قول الله عز وجل {فَلَا رَفَثَ}

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب قول الله عز وجل {وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب جزاء الصيد ونحره

- ‌باب إذا صاد الحلال فأهدي للمحرم الصيد أكله

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب إذا رأى المحرمون صيدًا فضحكوا ففطن الحلال

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب لا يعين المحرم الحل الذي قتل الصيد

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب لا يشر المحرم إلى الصيد لكي يصطاده الحلال

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب إذا أهدي للمحرم حمارًا وحشيًا حيًا لم يقبل

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب ما يقتل المحرم من الدواب

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌رجاله ستة

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب لا يعضد شجر الحرم

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب لا ينفر صيد الحرم

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب لا يحل القتال بمكة

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب الحجامة للمحرم

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب تزويج المحرم

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب الاغتسال للمحرم

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌باب لبس الخفين للمحرم إذا لم يجد النعلين

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌‌‌رجاله خمسة:

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌باب إذا لم يجد الإزار فليلبس السراويل

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب لبس السلاح للمحرم

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب دخول الحرم ومكة بغير إحرام

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الأربعون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب إذا أحرم جاهلاً وعليه قميص

- ‌الحديث الحادي والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب المحرم يموت بعرفة

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثالث والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب سنة المحرم إذا مات

- ‌الحديث الرابع والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الحج والنذور عن الميت والرجل يحج عن المرأة

- ‌الحديث الخامس والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الحج عمن لا يستطيع الثبوت على الراحلة

- ‌الحديث السادس والأربعون

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌باب حج المرأة عن الرجل

- ‌الحديث السابع والأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب حج الصبيان

- ‌الحديث الثامن والأربعون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث التاسع والأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث الخمسون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب حج النساء

- ‌الحديث الثاني والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثالث والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الرابع والخمسون

- ‌‌‌رجاله خمسة:

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس والخمسون

- ‌ورجاله أربعة:

- ‌الحديث السادس والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب من نذر المشي إلى الكعبة

- ‌الحديث السابع والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن والخمسون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع والخمسون

- ‌خاتمة:

- ‌فضائل المدينة

- ‌باب حرم المدينة

- ‌الحديث الأول

- ‌‌‌رجاله أربعة:

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب فضل المدينة وأنها تنفي الناس

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب المدينة طابة

- ‌الحديث السادس

- ‌‌‌رجاله خمسة:

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب لابتي المدينة

- ‌الحديث السابع

- ‌باب من رغب عن المدينة

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الإيمان يأرز إلى المدينة

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إثم من كاد أهل المدينة

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب آطام المدينة

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب لا يدخل الدجال المدينة

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب المدينة تنفي الخبث

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب كراهية النبي صلى الله عليه وسلم أن تعرى المدينة

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب

- ‌الحديث الثاني والعشرين

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌ورجاله خمسة:

- ‌خاتمة

- ‌تنويه من الناشر

- ‌خاتمة

الفصل: ‌ ‌باب قوله تعالى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى

‌باب قوله تعالى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}

وهو مخير، فأما الصوم فثلاثة أيام.

أي: باب تفسير قوله تعالى كذا.

وقوله: "مخير" من كلام المصنف استفاده من أو المكررة وقد أشار إلى ذلك في أول باب كفارات الأيمان، فقال: وقد خير النبي صلى الله عليه وسلم كعبًا في الفدية، ويذكر عن ابن عباس وعطاء وعكرمة: ما كان في القرآن أو فصاحبه بالخيار، وأقرب طرق حديث الباب إلى التصريح ما أخرجه أبو داود عن ابن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: إن شئت فانسك نسيكة، وإن شئت فصم ثلاثة أيام، وإن شئت فأطعم" الحديث، وفي رواية مالك في الموطأ بإسناده في آخر الحديث: "أيُّ ذلك فعلت أجزأك" وسيأتي البحث في ذلك.

وقوله: "فأما الصوم" في رواية الكشميهني: "الصيام" والصيام المطلق في الآية مقيد بما ثبت في الحديث بالثلاث قال ابن التين وغيره: جعل الشارع هنا صوم يوم معادلا بصاع، وفي الفطر من رمضان عدل مد، وكذا في الظهار والجماع في رمضان، وفي كفارة اليمين بثلاثة أمداد وثلث، وفي ذلك أقوى دليل على أن القياس لا يدخل في الحدود والتقديرات وقسيم قوله: فأما الصوم محذوف تقديره: وأما الصدقة فهي إطعام ستة مساكين، وقد أفرد ذلك بترجمة.

‌الحديث التاسع

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:"لَعَلَّكَ آذَاكَ هَوَامُّكَ؟ ". قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "احْلِقْ رَأْسَكَ وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوِ انْسُكْ بِشَاةٍ".

في رواية أشهب، عن مالك أن حميد بن قيس حدثه، أخرجها الدارقطني في الموطآت.

وقوله: "عن عبد الرحمن صرح سيف، عن مجاهد بسماعه من عبد الرحمن وبأن كعبًا حدث عبد الرحمن كما في الباب الذي يليه، قال ابن عبد البر في رواية حميد بن قيس هذه: كذا رواه الأكثر عن مالك، ورواه ابن وهب وابن القاسم وابن عفير عن مالك بإسقاط

ص: 87

عبد الرحمن بين مجاهد، وكعب بن عجرة، ولمالك فيه إسنادان آخران في الموطأ أحدهما: عن عبد الكريم الجزري، عن مجاهد، وفي سياقه ما ليس في سياق حميد بن قيس، قال الدارقطني: رواه أصحاب الموطأ عن مالك، عن عبد الكريم، عن عبد الرحمن لم يذكروا مجاهدًا، حتى قال الشافعي: إن مالكا قد وهم، وأجاب ابن عبد البر: بأن ابن القاسم وابن وهب في الموطأ، وتابعهما جماعة عن مالك خارج الموطأ؛ كعبد الرحمن بن مهدي والوليد بن مسلم وإبراهيم بن طهمان، أثبتوا مجاهدًا بينهما، وهذا الجواب لا يرد على الشافعي، وطريق ابن القاسم عند النسائي، وطريق ابن وهب عند الطبري، وطريق ابن مهدي عند أحمد، وسائرها عند الدارقطني في الإسناد الثالث فيه لمالك، عن عطاء الخراساني عن رجل من أهل الكوفة، عن كعب بن عجرة، قال ابن عبد البر: يحتمل أن يكون الرجل عبد الرحمن بن أبي ليلى أو عبد الله بن معقل، ونقل ابن عبد البر عن أحمد بن صالح المصري قال: حديث كعب بن عجرة في الفدية ستة معمول بها، لم يروها أحد من الصحابة غيره، ولا رواها عنه إلَاّ ابن أبي ليلى، وابن معقل قال: وهي سنة أخذها أهل المدينة عن أهل الكوفة، قال الزهري: سألت عنها علماءنا كلهم حتى سعيد بن المسيب فلم يبينوا كم عدد المساكين، وفيما قاله ابن صالح نظر، فقد جاءت هذه السنة من رواية جماعة من الصحابة غير كعب، منهم: عبد الله بن عمرو بن العاص عند الطبري، والطبراني، وأبو هريرة عند سعيد بن منصور، وابن عمر عند الطبري وفضالة الأنصاري عمن لا يتهم من قومه عند الطبري أيضًا.

ورواه عن كعب بن عجرة غير المذكورين: أبو وائل عند النسائي، ومحمد بن كعب القرظي عند ابن ماجه، ويحيى بن جعدة عند أحمد، وعطاء عند الطبري، وقد جاء عن أبي قلابة، والشعبي أيضًا عن كعب، وروايتهما عند أحمد لكن الصواب أن بينهما واسطة، وهو ابن أبي ليلى على الصحيح، وقد أورد البخاري حديث كعب هذا في أربعة أبواب متوالية، وأورده أيضًا في المغازي، والطب، وكفارات الأيمان، من طرق أخرى؛ مدار الجميع على ابن أبي ليلى وابن معقل، فيفيد إطلاق أحمد بن صالح بالصحة فإن بقية الطرق التي ذكرتها لا تخلوا من مقال، إلا طريق أبي وائل، وسأذكر ما في هذه الطرق من فائدة زائدة إن شاء الله تعالى.

وقوله: "إنه قال: "لعلك" في رواية أشهب المقدم ذكرها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له، وفي رواية عبد الكريم أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم-وهو محرم فأذاه القمل، وفي رواية سيف في الباب الذي يليه وقف عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية ورأسي يتهافت قملًا فقال: "أيؤذيك هوامك"؟ قلت: نعم، قال: "فاحلق رأسك" الحديث وفيه: قال فيَّ نزلت هذه الآية {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} زاد في رواية أبي الزبير عن مجاهد عند الطبراني أنه أهل في ذي القعدة، وفي رواية مغيرة، عن مجاهد عند الطبراني: أنه لقيه وهو عند الشجرة وهو

ص: 88

محرم، وفي رواية أيوب عن مجاهد في المغازي: أتى عليّ النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أوقد تحت برمة، والقمل يتناثر على رأسي، زاد في رواية ابن عون، عن مجاهد في الكفارات: فقال: "ادن" فدنوت فقال: "أيؤذيك"؟ وفي رواية ابن بشر عن مجاهد فيه: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية، ونحن محرمون، وقد حصرنا المشركون، وكانت لي وفرة فجعلت الهوام تتساقط على وجهي فقال: أيؤذيك هوام رأسك؟ قلت: نعم، فأنزلت هذه الآية، وفي رواية أبي وائل عن كعب: أحرمت فكثر قمل رأسي فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأتاني وأنا أطبخ قدرًا لأصحابي، وفي رواية ابن أبي نجيح عن مجاهد، بعد بابين: رآه وإنه ليسقط القمل على وجهه فقال: "أيؤذيك هوامك" قال: نعم، فأمره أن يحلق وهم بالحديبية، ولم يبين لهم أنهم يحلون وهم على طمع أن يدخلوا مكة، فأنزل الله الفدية، ولأحمد وسعيد بن منصور في رواية أبي قلابة قلت، حتى ظننت أن كل شعرة من رأسي فيها القمل من أصلها إلى فرعها، زاد سعيد: وكنت حسن الشعر، وأول رواية عبد الله بن معقل بعد باب جلست إلى كعب بن عجرة فسألته عن الفدية؟ فقال: نزلت فيّ خاصة وهي لكم عامة حملت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي، فقال:"ما كنت أرى الوجع بلغ بك ما أرى"، زاد مسلم من هذا الوجه فسألته عن هذه الآية ففدية من صيام الآية، ولأحمد من وجه آخر، وقع القمل في رأسي، ولحيتي حتى حاجبي، وشاربي فبلغ ذلك النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فأرسل إلىّ فدعاني فلما رآني قال:"لقد أصابك بلاء ونحن لا نشعر أدع عليّ الحجام فحلقني"، ولأبي داود عن الحكم بن عتيبة عن ابن أبي ليلى عن كعب أصابتني هوام حتى تخوفت على بصري، وفي رواية أبي وائل عن كعب عند الطبري فحك رأسي بأصبعه فانتثر منه القمل، زاد الطبري عن الحكم "أن هذا لأذى" قلت: شديد يا رسول الله، والجمع بين هذا الاختلاف في قول ابن أبي ليلى عن كعب: أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ به فرآه وفي قول عبد الله بن معقل: أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل إليه فرآه أن يقال مرَّ به أولًا فرآه على تلك الصورة فاستدعي به إليه فخاطبه وحلق رأسه بحضرته فنقل كل واحد منهما ما لم ينقله الآخر، ويوضحه، قوله: في رواية ابن عون السابقة حيث قال: فيها فقال: "ادن فدنوت" فالظاهر أن هذا الاستدناء كان عقب رؤيته إياه إذ مرَّ به وهو يوقد تحت القدر.

وقوله: "لعلك آذاك هوامك؟ قال القرطبي: هذا سؤال عن تحقيق العلة التي يترتب عليها الحكم فلما أخبره بالمشقة التي نالته خفف عنه، والهوام بتشديد الميم، جمع هامة: وهي ما يدب من الأخشاش، والمراد بها: ما يلازم جسد الإنسان غالبًا إذا طال عهده بالتنظيف، وقد عين في كثير من الروايات أنها القمل، واستدل به على أن الفدية مرتبة على قتل القمل، وتعقب بذكر الحلق فالظاهر أن الفدية مرتبة عليه، وهما وجهان عند الشافعية يظهر أثر الخلاف فيما لو حلق ولم يقتل قملًا، قلت: عند المالكية الفدية مترتبة على الحلق، وعلى قتل القمل.

ص: 89

وقوله: "احلق رأسك وصم" قال ابن قدامة: لا نعلم خلافًا في إلحاق الإزالة بالحلق سواء كان بموسى أو مقص، أو نورة أو غير ذلك، وأغرب ابن حزم فأخرج النتف عن ذلك، فقال: يلحق جميع الإزالات بالحلق إلَاّ النتف.

وقوله: "أو أطعم" ليس في هذه الرواية بيان قدر الإطعام وسيأتي البحث فيه بعد باب وهو ظاهر في التخيير بين الصوم، والإطعام، وكذا.

قوله: أو انسك بشاة، وفي رواية الكشميهني شاة بغير موحدة والأول تقديره: تقرب بشاة ولذلك عداه بالباء والثاني تقديره اذبح شاة، والنسك يطلق على العبادة وعلى الذبح المخصوص، وسياق رواية الباب موافق للآية وقد تقدم إن كعبًا قال:"إنها نزلت بهذا السبب، وقد قدمت في أول الباب أن رواية عبد الكريم صريحة في التخيير حيث قال: أي ذلك فعلت أجزا، وكذا رواية أبي داود التي فيها: "أن شئت وإن شئت" ووافقتها رواية ابن أبي نجيح أخرجها مسدد في مسنده، ومن طريقه الطبراني لكن رواية عبد الله بن معقل الآتية بعد باب تقتضي أن التخيير إنما هو بين الصيام والإطعام لمن لم يجد النسك، ولفظه قال: أتجد شاة؟ قال: لا، قال: فصم أو أطعم، ولأبي داود وفي رواية أخرى "أمعك دم؟ قال: فإن شئت فصم" ونحوه للطبراني عن عطاء، عن كعب ووافقهم أبو الزبير عن مجاهد عند الطبراني وزاد بعد.

قوله: "ما أجد هديًا" قال: فأطعم قال: ما أجد، قال: صم، ولهذا قال أبو عوانة: في "صحيحه": فيه دليل على أن من وجد نسكا لا يصوم يعني ولا يطعم، لكن لا يعرف من قال بذلك من العلماء إلا ما رواه الطبري وغيره عن سعيد بن جبير قال: النسك شاة، فإن لم يجد قومت الشاة دراهم، والدراهم طعامًا فتصدق به أو صام، لكل نصف صاع يومًا. أخرجه عن الأعمش عنه قال: فذكرته لإِبراهيم فقال: سمعت علقمة مثله. فحينئذ يحتاج إلى الجمع بين الروايتين، وقد جمع بينهما بأوجه منها ما قال: ابن عبد البر أن فيه الإشارة إلى ترجيح الترتيب لا لإيجابه، ومنها ما قال النووي: ليس المراد أن الصيام أو الإطعام لا يجزىء إلَّا لعادم الهدي بل المراد أنه استخبره هل معه هدي أو لا فإن كان واحده أعلمه أنه غير بينه وبين الصيام والإطعام، وإن لم يجده أعلمه أنه غير بينهما ومحصله أنه لا يلزم من سؤاله عن وجدان الذبح تعيينه لاحتمال أنه لو أعلمه أنه يجده لأخبره بالتخيير بينه وبين الإطعام، والصيام. ومنها ما قال غيرهما: يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم لما أذن له في حلق رأسه بسبب الأذى أفتاه بأن يكفر بالذبح على سبيل الاجتهاد منه صلى الله عليه وسلم أو بوحي غير متلو فلما أعلمه أنه لا يجد نزلت الآية بالتخيير بين الذبح، والصيام، والإطعام فخيره حينئذ بين الصيام والإطعام لعلمه بأنه لا ذبح معه فصام لكونه لم يكن معه ما يطعمه، ويوضح ذلك رواية مسلم في حديث عبد الله بن معقل حيث قال: أتجد شاة؟ قلت: لا، فنزلت هذه الآية ففدية {مِنْ صِيَامٍ

ص: 90