المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث الرابع والخمسون - كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري - جـ ١٤

[محمد الخضر الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌أبواب العمرة

- ‌باب وجوب العمرة وفضلها

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب من اعتمر قبل الحج

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله سبعة:

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله تسعة

- ‌باب عمرة في رمضان

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب العمرة ليلة الحصبة

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب عمرة التنعيم

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الإعتمار بعد الحج بغير هدي

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب أجر العمرة على قدر النصب

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب المعتمر إذا طاف طواف العمرة، ثم خرج هل يجزئه من طواف الوداع

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله أربعة

- ‌باب يفعل بالعمرة ما يفعل بالحج

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله خمسة

- ‌باب متى يحل المعتمر

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب ما يقول إذا رجع من الحج أو العمرة أو الغزو

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب استقبال الحاج القادمين والثلاثة على الدابة

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب القدوم بالغداة

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الدخول بالعشي

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب لا يطرق أهله إذا بلغ المدينة

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب من أسرع ناقته إذا بلغ المدينة

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله أربعة

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب قول الله تعالى: {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا}

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب السفر قطعة من العذاب

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب المسافر إذا جدَّ به السير يعجل إلى أهله

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌خاتمة

- ‌أبواب المحصر، وجزاء الصيد

- ‌باب إذا أحصر المعتمر

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله سبعة:

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب الإحصار في الحج

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله ستة:

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب النحر قبل الحلق في الحصر

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب من قال ليس على المحصر بدل

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب قوله تعالى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب قول الله عز وجل {أَوْ صَدَقَةٍ} وهي إطعام ستة مساكين

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الإطعام في الفدية نصف صاع

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب النسك بشاة

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب قول الله عز وجل {فَلَا رَفَثَ}

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب قول الله عز وجل {وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب جزاء الصيد ونحره

- ‌باب إذا صاد الحلال فأهدي للمحرم الصيد أكله

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب إذا رأى المحرمون صيدًا فضحكوا ففطن الحلال

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب لا يعين المحرم الحل الذي قتل الصيد

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب لا يشر المحرم إلى الصيد لكي يصطاده الحلال

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب إذا أهدي للمحرم حمارًا وحشيًا حيًا لم يقبل

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب ما يقتل المحرم من الدواب

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌رجاله ستة

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب لا يعضد شجر الحرم

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب لا ينفر صيد الحرم

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب لا يحل القتال بمكة

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب الحجامة للمحرم

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب تزويج المحرم

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب الاغتسال للمحرم

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌باب لبس الخفين للمحرم إذا لم يجد النعلين

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌‌‌رجاله خمسة:

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌باب إذا لم يجد الإزار فليلبس السراويل

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب لبس السلاح للمحرم

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب دخول الحرم ومكة بغير إحرام

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الأربعون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب إذا أحرم جاهلاً وعليه قميص

- ‌الحديث الحادي والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب المحرم يموت بعرفة

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثالث والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب سنة المحرم إذا مات

- ‌الحديث الرابع والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الحج والنذور عن الميت والرجل يحج عن المرأة

- ‌الحديث الخامس والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الحج عمن لا يستطيع الثبوت على الراحلة

- ‌الحديث السادس والأربعون

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌باب حج المرأة عن الرجل

- ‌الحديث السابع والأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب حج الصبيان

- ‌الحديث الثامن والأربعون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث التاسع والأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث الخمسون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب حج النساء

- ‌الحديث الثاني والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثالث والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الرابع والخمسون

- ‌‌‌رجاله خمسة:

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس والخمسون

- ‌ورجاله أربعة:

- ‌الحديث السادس والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب من نذر المشي إلى الكعبة

- ‌الحديث السابع والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن والخمسون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع والخمسون

- ‌خاتمة:

- ‌فضائل المدينة

- ‌باب حرم المدينة

- ‌الحديث الأول

- ‌‌‌رجاله أربعة:

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب فضل المدينة وأنها تنفي الناس

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب المدينة طابة

- ‌الحديث السادس

- ‌‌‌رجاله خمسة:

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب لابتي المدينة

- ‌الحديث السابع

- ‌باب من رغب عن المدينة

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الإيمان يأرز إلى المدينة

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إثم من كاد أهل المدينة

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب آطام المدينة

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب لا يدخل الدجال المدينة

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب المدينة تنفي الخبث

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب كراهية النبي صلى الله عليه وسلم أن تعرى المدينة

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب

- ‌الحديث الثاني والعشرين

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌ورجاله خمسة:

- ‌خاتمة

- ‌تنويه من الناشر

- ‌خاتمة

الفصل: ‌الحديث الرابع والخمسون

ثم وقف بعضهن عند ظاهر النهي كما مرَّ، وقال البيهقي: في حديث عائشة هذا دليل على أن المراد بحديث أبي واقد وجوب الحج مرة واحدة، كالرجال لا المنع من الزيادة، وفيه دليل على أن الأمر بالقرار في البيوت ليس على سبيل الوجوب، واستدل بحديث عائشة هذا على جواز حج المرأة مع من تثق به، ولو لم يكن زوجًا ولا محرمًا كما يأتي في الذي يليه.

‌رجاله خمسة:

قد مرّوا: مرَّ مسدد في السادس من الإيمان، ومرَّ عبد الواحد بن زياد في التاسع والعشرين منه، ومرَّ حبيب بن أبي عمرة وعائشة بنت طلحة في الثامن من الحج، ومرت أم المؤمنين عائشة في الثاني من بدء الوحي.

‌الحديث الرابع والخمسون

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ إِلَاّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلَاّ وَمَعَهَا مَحْرَمٌ". فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا، وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ؟ فَقَالَ:"اخْرُجْ مَعَهَا".

قوله: "عن أبي معبد" كذا رواه عبد الرزاق، عن ابن جريج، وابن عيينة كلاهما عن عمرو، عن أبي معبد به، ولعمرو بهذا الإسناد حديث آخر أخرجه عبد الرزاق وغيره، عن ابن عيينة، عن عكرمة قال: جاء رجل إلى المدينة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أين نزلت؟ " قال: على فلانة قال: "أغلقت عليها بابك؟ " مرتين، "لا تحجن امرأة إلا ومعها ذو محرم" ورواه عبد الرزاق أيضًا عن ابن جريج، عن عمرو، أخبرني عكرمة أو أبو معبد، عن ابن عباس، والمحفوظ في هذا مرسل عكرمة، وفي الآخر رواية أبي معبد، عن ابن عباس.

وقوله: "لا تسافر المرأة" كذا أطلق السفر وقيده في حديث أبي سعيد الآتي في الباب، فقال: مسيرة يومين، ومرَّ في الصلاة حديث أبي هريرة مقيدًا بمسيرة يوم وليلة، وعنه روايات أخر، وحديث ابن عمر مقيدًا بثلاثة أيام، وعنه روايات أخر، وقد مرَّ وجه الجمع بين الروايات عند حديث ابن عمر في باب في كم يقصر الصلاة من أبواب السفر، ومرَّ هناك ذكر مذاهب الأئمة في اشتراط المحرم في الحج، ومرَّ هناك أن الحنفية شرط المحرم عندهم في وجوب الحج على المرأة؛ إذا كان السفر إلى مكة ثلاثة أيام بلياليها، ومرَّ احتجاجهم هناك، واحتجوا أيضًا بأن المنع المقيد بالثلاث متحقق، وما عداه مشكوك فيه فيؤخذ بالمتيقن، ونوقض بأن الرواية المطلقة شاملة لكل سفر فينبغي الأخذ بها، وطرح ما عداها فإنه مشكوك فيه، ومن قواعد الحنفية: تقديم الخبر العام على الخامس، وترك حمل المطلق على المقيد، وقد خالفوا ذلك هنا، والاختلاف إنما وقع في الأحاديث التي وقع فيها التقييد، بخلاف حديث الباب،

ص: 190

فإنه لم يختلف على ابن عباس فيه، وتمسك أحمد بعموم الحديث فقال: إذا لم نجد زوجًا أو محرمًا لا يجب عليها الحج، هذا هو المشهور عنه، وعنه رواية أخرى كقول مالك وهو تخصيص الحديث بغير سفر الفريضة، قالوا: وهو مخصوص بالإجماع، قال البغوي: لم يختلفوا في أنه ليس للمرأة السفر في غير الفرض إلا مع زوج، أو محرم إلا كافرة أسلمت في دار الحرب، أو أسيرة تخلصت، وزاد غيره: أو امرأة انقطعت من الرفقة، فوجدها رجل مأمون، فإنه يجوز له أن يصحبها حتى يبلغها الرفقة، قالوا: وإذا كان عمومه مخصوصًا بالاتفاق فليخص منه حجة الفريضة، وأجاب صاحب المغني بأنه سفر الضرورة، فلا يقاس عليه حالة الاختيار، ولأنها تدفع ضررًا متيقنًا بتحمل ضرر متوهم، ولا كذلك السفر للحج، وقد روى الدارقطني وصححه أبو عوانة حديث الباب عن ابن جريج عن عمرو بن دينار بلفظ:"لا تحجن امرأة إلا ومعها ذو محرم" فنص في نفس الحديث على منع الحج، فكيف يخص من بقية الأسفار؟ وقد مرَّ عند حديث ابن عمر في السفر تفصيل مذهب مالك والشافعي في سفر المرأة إلى الحج، وقد مرَّ هناك عن الشافعية أن السفر الواجب من الحج والعمرة يجوز للمرأة أن تسافر إليه وحدها، إذا كان الطريق آمنًا، وأغرب القفال فطرده في الأسفار كلها، واستحسنه الروياني قال: إلا أنه خلاف النص، قال في الفتح: وهو يعكر على نفي الاختلاف الذي نقله البغوي آنفًا، واختلفوا هل المحرم وما ذكر معه شرط في وجوب الحج عليها، أو شرط في التمكن، فلا يمنع الوجوب والاستقرار في الذمة؟! وعبارة أبي الطيب الطبري منهم: الشرائط التي يجب بها الحج على الرجل يجب بها على المرأة، فإذا أرادت أن تؤديه فلا يجوز لها إلا مع محرم أو زوج، أو مع نسوة ثقات، ومن الأدلة على جواز سفر المرأة مع النسوة الثقات إذا أمن الطريق أول أحاديث الباب، لاتفاق عمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف ونساء النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، وعدم نكير أحد من الصحابة عليهن في ذلك، ومن أبى ذلك من أمهات المؤمنين فإنما أباه من جهة خاصة كما مرَّ، لا من جهة توقف السفر على المحرم، ولعل هذا هو النكتة في إيراد البخاري الحديثين -أحدهما عقب الآخر- ولم يختلفوا أن النساء كلهن في ذلك سواء، إلا ما نقل عن أبي الوليد الباجي أنه خصه بغير العجوز التي لا تشتهى، وكأنه نقله من الخلاف المشهور في شهود المرأة صلاة الجماعة، قال ابن دقيق العيد: الذي قاله الباجي تخصيص للعموم بالنظر إلى المعنى، يعني مع مراعاة الأمر الأغلب، وتعقبوه بأن لكل ساقطة لاقطة، والمتعقب راعى الأمر النادر، وهو الاحتياط، وقد احتج له بحديث عديّ بن حاتم مرفوعًا:"يوشك أن تخرج الظعينة من الحيرة، تؤم البيت لا زوج معها" الحديث.

وهو في البخاري وتعقب بأنه يدل على وجود ذلك لا على جوازه، وأجيب بأنه خبر في سياق المدح، ورفع منار الإِسلام فيحمل على الجواز، وأجيب عن الباجي بأن هذه الساقطة

ص: 191

ما لها لاقطة، ولو وجد خرجت عن فرض المسئلة؛ لأنها تكون حينئذ مشتهاة في الجملة، وليس الكلام فيها وإنما الكلام فيمن لا تشتهى أصلًا، ورأسًا، ولا يسلم أن من بهذه المثابة مظنة الطمع، والميل إليها بوجه، قال في المجموع: والخنثى المشكل يشترط في حقه من المحرم ما يشترط في المرأة، ولم يشترطوا في الزوج والمحرم كونهما ثقتين وهو في الزوج واضح، وأما في المحرم فسببه أن الوازع الطبيعي أقوى من الشرعي، واستثنى أحمد ممن حرمت على التأبيد مسلمة لها أب كتابي فقال: لا يكون محرمًا لها لأنه لا يؤمن أن يفتنها عن دينها إذا خلا بها، وقد مرَّ قريبًا أنهم اختلفوا هل المحرم شرط في وجوب الحج عليها أو شرط في التمكن؟ إلى آخر ما مرَّ، والذين ذهبوا إلى الأول استدلوا بهذا الحديث؛ فإن سفرها للحج من جملة الأسفار الداخلة تحت الحديث، فتمتنع إلا مع المحرم، والذين قالوا بالثاني جوزوا سفرها مع رفقة مأمونة إلى الحج، كما مرَّ مستوفىً في أبواب السفر، وهو مذهب الشافعية والمالكية، والأول مذهب الحنفية والحنابلة، قال ابن دقيق العيد: هذه المسئلة تتعلق بالعامين إذا تعارضا؛ فإن قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} عامٌّ في الرجال والنساء، فمقتضاه أن الاستطاعة على السفر إذا وجدت وجب الحج على الجميع.

وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تسافر المرأة إلا مع محرم" عامٌّ في كل سفر، فيدخل فيه الحج فمن أخرجه عنه خص الحديث بعموم الآية، ومن أدخله فيه خص الآية بعموم الحديث، فيحتاج إلى الترجيح من خارج، وقد رجح المذهب الثاني بعموم قوله عليه الصلاة والسلام:"لا تمنعوا إماء الله مساجد الله" وليس ذلك بجيد، لكونه عامًا في المساجد، فيخرج عنه المسجد الذي يحتاج إلى السفر بحديث النهي، ومن المستظرف أن المشهور من مذهب من لم يشترط المحرم أن الحج على التراخي، ومن مذهب من يشترطه أن الحج على الفور، وكان المناسب لهذا قول هذا وبالعكس، قلت: مشهور مذهب مالك أن الحج على الفور وهو لا يشترط المحرم.

وقوله: "إلا مع ذي محرم" أي: فيحمل ولم يصرح بالزوج، وقد جاء في حديث أبي سعيد في هذا الباب بلفظ:"ليس معها زوجها أو ذو محرم منها" وقد مرَّ ضابط المحرم عند العلماء في باب كم تقصر الصلاة، ومن قال: إن عبد المرأة محرم لها وصرح المرعشي وابن أبي الصيف بأن عبدها الأمين كالمحرم، يحتاج إلى أن يزيد في الضابط ما يدخله، وقد روى سعيد بن منصور عن ابن عمر مرفوعًا:"سفر المرأة مع عبدها ضيعة"، لكن في إسناده ضعف وقد احتج به أحمد وغيره، وينبغي لمن أجاز ذلك أن يقيده بما إذا كانا في قافلة، بخلاف ما إذا كانا وحدهما، فلا، لهذا الحديث، وفي آخر حديث ابن عباس ما يشعر بأن الزوج يدخل في مسمى المحرم، فإنه لما استثنى المحرم فقال القائل: ان امرأتي حاجّة، فكأنه

ص: 192

فهم إدخال الزوج في المحرم، ولم يرد عليه ما فهمه بل قال له:"اخرج معها" واستثنى بعض العلماء -وهو مالك- ابن الزوج فكره السفر معه لغلبة الفساد في الناس بعد العصر الأول، ولأن كثيرًا من الناس لا ينزل زوجة الأب في النفرة عنها منزلة محارم النسب، والمرأة فتنة إلا فيما جبل الله النفوس عليه من النفرة عن محارم النسب، قال ابن دقيق العيد: هذه الكراهة عن مالك إن كانت للتحريم ففيه بعد لمخالفة الحديث؛ فإن الحديث عام وإن كانت للتنزيه فهو أقرب، ولكن يتوقف على أن لفظ:"لا يحل" هل يتناول المكروه الكراهة التنزيهية.

وقوله: "ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم" فيه منع الخلوة بالأجنبية، وهو إجماع، لكن اختلفوا هل يقوم غير المحرم مقامه في هذا كالنسوة الثقات؟ والصحيح الجواز لضعف التهمة به، وقال القفال: لابد من المحرم، وكذا في النسوة الثقات في سفر الحج لابد من أن يكون مع إحداهن محرم، ويؤيده نص الشافعي أنه لا يجوز للرجل أن يصلي بنساء مفردات إلا أن تكون إحداهن محرمًا له، قلت: ومذهب مالك كراهة إِمامة الأجنبي الأجنبيات، وللواحدة أشد كراهة.

وقوله: "فقال رجل: يا رسول الله! إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا" قال في الفتح: لم أقف على اسم الرجل ولا امرأته، ولا على تعيين الغزوة المذكورة، وسيأتي في الجهاد بلفظ:"إني اكتتبت في غزوة كذا" أي: كتبت نفسي في أسماء من عين لتلك الغزوة، قال ابن المنير: الظاهر أن ذلك كان في حجة الوداع، فيؤخذ منه أن الحج على التراخي، إذ لو كان على الفور لما تأخر الرجل مع رفقته الذين عينوا في تلك الغزوة، كذا قال، وليس ما ذكره بلازم لاحتمال أن يكونوا قد حجوا قبل ذلك مع من حج في سنة تسع مع أبي بكر الصديق، أو أن الجهاد قد تعين على المذكورين بتعيين الإِمام، كما لو نزل عدو بقوم فإنه يتعين عليهم الجهاد، ويتأخر الحج اتفاقًا.

وقوله: "اخرج معها" أخذ بظاهره بعض أهل العلم، فأوجب على الزوج السفر مع الزوجة إذا لم يكن لها غيره، وبه قال أحمد، وهو وجه للشافعية، والمشهور أنه لا يلزمه، كالولي في الحج عن المريض، فلو امتنع إِلا بأجرة لزمها لأنه من سبيلها، فصار في حقها كالمؤنة، واستدل به على أنه ليس للزوج منع زوجته من حج الفرض، وبه قال أحمد، وهو وجه للشافعية، والأصح عندهم أن له منعها لكون الحج على التراخي، وأما ما رواه الدارقطني عن ابن عمر مرفوعًا في امرأة لها الزوج، ولها مال، ولا يأذن لها في الحج فليس لها أن تنطلق إلا بإذن زوجها، فأجيب عنه بأنه محمول على حج التطوع عملًا بالحديثين، ونقل ابن المنذر الإجماع على أن للرجل منع زوجته من الخروج في الأسفار كلها، وإنما اختلفوا فيما كان واجبًا، استنبط منه ابن حزم جواز سفر المرأة بغير زوج، ولا محرم، بكونه عليه الصلاة والسلام لم يأمر بردها، ولا عاب سفرها، وتعقب بأنه لو لم يكن ذلك شرطًا لما أمر زوجها بالسفر

ص: 193