الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيجعلك في أمرٍ مريجٍ، ونصيحتي لك ولنفسي أن تقوم بأعمالٍ مثمرةٍ بدلاً من هذا الاسترخاءِ القاتلِ لأنهُ وأدٌ خفيٌّ، وانتحارٌ بكبسولٍ مسكِّنٍ.
إن الفراغً أشبهُ بالتعذيب البطيءِ الذي يمارسُ في سجونِ الصينِ بوضعِ السجينِ تحت أنبوبٍ يقطُرُ كلَّ دقيقةٍ قطرةً، وفي فتراتِ انتظارِ هذه القطراتِ يُصابُ السجينُ بالجنونِ.
الراحةُ غفلةٌ، والفراغُ لِصٌّ محترِفٌ، وعقلك هو فريسةٌ ممزَّقةٌ لهذه الحروبِ الوهميَّة.
إذاً قم الآن صلِّ أو اقرأ، أو سبِّحْ، أو طالعْ، أو اكتبْ، أو رتِّب مكتبك، أو أصلح بيتك، أو انفعْ غيرك حتى تقضي على الفراغِ، وإني لك من الناصحينْ.
اذبحْ الفراغ بسكينِ العملِ، ويضمن لك أطباءُ العالم 50% من السعادة مقابل هذا الإجراءِ الطارئِ فحسب، انظر إلى الفلاحين والخبازين والبنائين يغردون بالأناشيد كالعصافيرِ في سعادةٍ وراحةٍ وأنت على فراشك تمسحُ دموعك وتضطرُب لأنك ملدوغٌ.
لا تكن إمعة
لا تتقمص شخصية غيرك ولا تذُب في الآخرين. إن هذا هو العذاب الدائم، وكثيرٌ هم الذين ينسون أنفسهم وأصواتِهم وحركاتِهم، وكلامَهم،
ومواهبهم، وظروفهم، لينصْهرُوا في شخصيِّات الآخرين، فإذا التكلّفُ والصَّلفُ، والاحتراقُ، والإعدامُ للكيان وللذَّات.
من آدم إلى آخر الخليقة لم يتفق اثنانِ في صورةٍ واحدةٍ، فلماذا يتفقون في المواهبِ والأخلاق.
أنت شيءٌ آخرُ لم يسبق لك في التاريخِ مثيلٌ ولن يأتي مثُلك في الدنيا شبيه.
أنت مختلف تماماً عن زيد وعمرو فلا تحشرْ نفسك في سرداب التقليد والمحاكاة والذوبان.
انطلق على هيئتك وسجيَّتك {قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ} ، {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ} عشْ كما خلقت لا تغير صوتك، لا تبدل نبرتك، لا تخالف مشيتك، هذب نفسك بالوحي، ولكن لا تلغِ وجودك وتقتل استقلالك.
أنت لك طعم خاص ولون خاص ونريدك أنت بلونك هذا وطعمك هذا؛ لأنك خلقت هكذا وعرفناك هكذا ((لا يكن أحدكم إمَّعة)) .
إنَّ الناس في طبائعهمْ أشبهُ بعالمِ الأشجارِ: حلوٌ وحامضٌ، وطويلٌ وقصيرٌ، وهكذا فليكونوا. فإن كنت كالموزِ فلا تتحولْ إلى سفرجل؛ لأن جمالك وقيمتك أن تكون موزاً، إن اختلاف ألوانِنا وألسنتِنا ومواهبِنا وقدراتِنا آيةٌ منْ آياتِ الباري فلا تجحد آياته.