الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا تحزنْ: لأنَّ الحزَنَ كالريحِ الهوْجاءِ تُفسدُ الهواءَ، وتُبعثرُ الماءَ، وتغيِّرُ السماءَ، وتكسرُ الورودَ اليانعة في الحديقةِ الغنَّاءِ.
لا تحزنْ: لأنَّ المحزون كالنهرِ الأحمقِ ينحدرُ من البحرِ ويصبُّ في البحرِ، وكالتي نقضتْ غزلها من بعدِ قوةٍ أنكاثاً، وكالنافِخِ في قربةٍ مثقوبةٍ، والكاتبِ بإصبعهِ على الماءِ.
لا تحزنْ: فإنَّ عمركَ الحقيقيَّ سعادتُك وراحةُ بالِك، فلا تُنفقْ أيامكَ في الحزْنِ، وتبذِّرْ لياليَك في الهمِّ، وتوزِّع ساعاتِك على الغمومِ ولا تسرفْ في إضاعةِ حياتِك، فإنَّ الله لا يحبُّ المسرفين.
لفرح بتوبة الله عليك
ألا يشرحُ صدركَ، ويزيلُ همَّك وغمَّك، ويجلبُ سعادتك قولُ ربِّك جلَّ في علاه:{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} ؟ فخاطَبَهُمْ بـ «يا عبادي» تأليفاً لقلوبِهِمْ، وتأنيساً لأرواحِهِمْ، وخصَّ الذين أسرفُوا، لأنهمُ المكثرون من الذنوبِ والخطايا فكيف بغيرِهم؟! ونهاهْم عنِ القنوطِ واليأسِ من المغفرةِ وأخبر أنه يغفرُ الذنوب كلَّها لمنْ تاب، كبيرها وصغيرَها، دقيقها وجليلَها. ثم وصفَ نفسه بالضمائرِ المؤكدةِ، و «الـ» التعريفِ التي تقتضي كمال الصفةِ، فقال:{إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} .
ألا تسعدُ وتفرحُ بقولِهِ جلَّ في علاه: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَاّ اللهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} ؟!
وقولِهِ جلَّ في علاه: {وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَّحِيماً} ؟!
وقولِهِ عزَّ من قائلٍ: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللهَ تَوَّاباً رَّحِيماً} ؟!
وقولِهِ تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى} ؟!
ولما قَتَلَ موسى عليه السلام نفساً قال: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ} .
وقال عن داودَ بعدما تاب وأناب: {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} .
سبحانَهُ ما أرحَمهُ وأكرمَهُ!! حتى إنه عرض رحمته ومغفرته لمنْ قالَ يلبتثليثِ، فقال عنهم:{لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَاّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {73} أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} .
ويقولُ صلى الله عليه وسلم فيما صحَّ عنهُ: ((يقولُ اللهُ تبارك وتعالى: يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني إلا غفرْتُ لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم، لوْ بلغتْ ذنوبُك عَنَانَ السماءِ، ثمَّ استغفرتني غفرتُ لك ولا أُبالي، يا ابن آدم، لو أتيتني بقُرابِ الأرضِ خطايا ثم لقيتني لا تشركُ بي شيئاً، لأتيتُك بقرابِها مغفرةً)) .
وفي الصحيح عنهُ صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إنَّ الله يبسُطُ يدهُ بالليلِ ليتوبَ مسيءُ النهارِ، ويبسُطُ يدهُ بالنهار ليتوب مسيءُ الليلِ، حتى تطلعَ الشمسُ من مغربِها)) .
وفي الحديث القدسيِّ: ((يا عبادي، إنكمْ تُذنبون بالليلِ والنهارِ، وأنا أغفرُ الذنوبَ جميعاً، فاستغفروني أغفرْ لكم)) .
وفي الحديثِ الصحيحِ: ((والذي نفسي بيدهِ، لو لمْ تذنبُوا لذهبَ اللهُ بكمْ ولجاءَ بقومٍ آخرين يذنبون، فيستغفرون الله، فيغفرُ لهم)) .
وفي حديثٍ صحيحٍ: ((والذي نفسي بيدهِ لو لمْ تذنبوا لَخِفْتُ عليكم ما هو أشدُّ من الذنبِ، وهو العُجْبُ)) .
وفي الحديثِ الصحيح: ((كلُّكمْ خطَّاءٌ، وخيرُ الخطَّائين التوابون)) .
وصحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قالَ: ((للهُ أفرحُ بتوبةِ عبدِه من أحدكم كان على راحلتِهِ، عليها طعامُهُ وشرابه، فضلَّت منهُ في الصحراء، فبحث عنها حتى أيِسَ، فنام ثم استيقظ فإذا هي عند رأسِه، فقال: اللهمَّ أنت عبدي، وأنا ربُّكَ. أخطأ من شَّدةِ الفرحِ)) .