الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قراءة العقول
ممَّا يشرح الخاطر ويسُرُّ النَّفْس، القراءةُ والتأمُّلُ في عقولِ الأذكياءِ وأهلِ الفِطنةِ، فإنَّها متعةٌ يسلو بها المُطالعِ لتلك الإشراقاتِ البديعةِ من أولئك الفطناءِ. وسيِّدُ العارفين وخيرةُ العالمين، رسولُنا صلى الله عليه وسلم، ولا يُقاسُ عليهِ بقيّةُ الناسِ، لأنهُ مؤيَّدٌ بالوحْي، مصدَّقٌ بالمعجزاتِ، مبعوثٌ بالآياتِ البيِّناتِ، وهذا فوق ذكاءِ الأذكياء ولمُوع الأدباءِ.
{وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}
قال أبقراطُ: «الإقلالُ من الضَّارّ، خيرٌ من الإكثارِ من النافعِ» . وقال: «استديموا الصِّحَّة بترْكِ التَّكاسُلِ عن التعبِ، وبتركِ الامتلاءِ من الطعامِ والشرابِ» .
وقال الحارثُ: «من سرَّه البقاءُ - ولا بقاء - فليُباكِرِ الغداءَ، وليُعجِّلِ العشاء، ولُخفِّفِ الرِّداء، وليُقلَّ غِشيان النساءِ» .
وقال أفلاطون: «خمسٌ يُذبْن البَدنَ، وربما قَتَلْنَ: قِصَرُ ذاتِ اليدِ، وفراقُ الأحبَّةِ، وتجرُّعُ المغايظِ، وردُّ النُّصح، وضحِكُ ذوي الجهلِ بالعقلاءِ» .
ومن جوامعِ كلماتِ أبقراط قولهُ: «كلُّ كثيرٍ، فهو مُعادٍ للطبيعةِ» .
وقيل لجالينوس: ما لك لا تمرضُ؟ فقال: «لأني لم أجمعْ بين طعاميْنِ رديئينِ، ولم أُدخِل طعاماً على طعامٍ، ولم أحبِسْ في المعدةِ طعاماً تأذَّيتُ منه» .
وأربعةُ أشياء تُمرضُ الجسْم: الكلامُ الكثيرُ، والنومُ الكثيرُ، والأكلُ الكثيرُ، والجماعُ الكثيرُ. فالكلامُ الكثيرُ: يقلِّل مُخَّ الدِّماغِ ويُضعفُه، ويعجِّلُ الشَّيْب. والنومُ الكثيرُ: يصفِّرُ الوجه، ويُعمي القلب، ويُهيِّجُ العين، ويُكسلُ عن العملِ، ويولِّدُ الغليظة، والأدواء العسِرة. والجماعُ الكثيرُ: يَهُدُّ الَبَدنَ، ويُضعفُ القُوى، ويُجفِّفُ رُطُوبات البدنِ، ويُرخي العصبَ، ويُورثُ السُّدَدَ، ويعُمُّ ضررُهُ جميع البدنِ، ونخفضُّ الدِّماغ لكثْرةِ ما يتحلَّلُ منهُ من الرُّوحِ النَّفساني. ولإضعافُهُ أكثر من إضعافِ جميعِ المستفرغاتِ، ويستفرِغ من جوهرِ الرُّوحِ شيئاً كثيراً.
أربعةٌ تهدم البدن: الهمُّ، والحزنُ، والجوعُ، والسَّهرُ.
وأربعة تُفرحُ: النَّظرُ إلى الخُضرةِ، وإلى الماءِ الجاري، والمحبوبِ، والثمارِ.
وأربعة تُظلِم البصر: المشْيُ حافياً، والتَّصبُّحُ والإمساءُ بوجهِ البغيضِ والثقيلِ والعدوُ، وكثْرةُ البُكاءِ، وكثرةًُ النَّظرِ في الخطِّ الدِّقيقِ.
وأربعةٌ تقوِّي الجسم: لُبْسُ الناعمِ، ودخولِ الحمَّامِ المعتدلِ، وأكلُ الطعامِ الحلوِ والدَّسمِ، وشمُّ الروائحِ الطيَّبةِ.
وأربعةٌ تُيبِّس الوجه، وتُذهبُ ماءه وبهجتهُ وطلاقَتَهُ: الكذِبُ، والوقاحةُ، وكثْرةُ السؤالِ عن غيرِ علمٍ، وكثْرةُ الفجورِ.
وأربعةٌ تزيدُ في ماءِ الوجه وبهجتِه: المروءةُ، والوفُاء، والكرمُ، والتقوى.
وأربعةٌ تجلبُ البغضاء والمقْتَ: الكِبْرُ، والحسدُ، والكَذِبُ، والنَّميمةُ.
وأربعةٌ تجلبُ الرزق: قيامُ الليلِ، وكثْرةُ الاستغفارِ بالأسحارِ، وتعاهُدُ الصدقةِ، والذِّكْر أول النهارِ وآخِره.
وأربعةٌ تمنعُ الرزق: نومُ الصُّبحة، وقلِّةُ الصلاةِ، والكسلُ، والخيانةُ.
وأربعةٌ تُضرُّ بالفهمِ والذهنِ: إدمانُ أكْلِ الحامضِ والفواكهِ، والنومُ على القفا، والهمُّ، والغمُّ.
وأربعةٌ تزيدُ في الفهم: فراغُ القلبِ، وقلَّةُ التَّملِّي من الطعام والشرابِ، وحُسْنِ تدبيرِ الغذاءِ بالأشياءِ الحُلوةِ والدَّسِمةِ، وإخراجُ الفضلاتِ المثقِّلةِ للبَدنِ.