الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاستغفارُ يفتحُ الأقفال
يقول ابنُ تيمية: إنَّ المسألة لتغلقُ عليَّ، فأستغفرُ الله ألف مرةٍ أو أكثر أو أقلَّ، فيفتحُها اللهُ عليَّ.
{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً} .
إنَّ منْ أسبابِ راحةِ البالِ، استغفار ذي الجلال.
رُبَّ ضارةٍ نافعةٌ، وكلُ قضاءٍ خيرٌ حتى المعصيةُ بشرطِها.
فقدْ ورد في المسندِ: ((لا يقضي اللهُ للعبدِ قضاء إلا كان خيراً له)) . قيل لابن تيمية: حتى المعصية؟ قال: نعمْ، إذا كان معها التوبةُ والندمُ، والاستغفارُ والانكسارُ. {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللهَ تَوَّاباً رَّحِيماً}
قال أبو تمامٍ في أيامِ السعودِ وأيامِ النحسِ:
مرَّتْ سنونُ بالسعودِ وبالهنا
…
فكأنَها مِنْ قِصْرِها أيَّامُ
ثمَّ انْثنتْ أيامُ هجرٍ بعدها
…
فكأنها منْ طولِها أعوامُ
ثمَّ انقضت تلك السنونُ وأهلُها
…
فكأنَّها وكأنَّهُمْ أحلامُ
{وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} ، {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} .
عجبتُ لعظماء عَرَفَهُمُ التاريخُ، كانوا يستقبلون المصائب كأنَّها قطراتُ الغيثِ، أو هفيفُ النسيمُ، وعلى رأسِ الجميع سيدُ الخلْقِ محمدٌ صلى الله عليه وسلم، وهو
في الغارِ، يقولُ لصاحبِه:{لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا} . وفي طريقِ الهجرةِ، وهو مطاردٌ مشرَّدٌ يبشِّرُ سراقة بأنه يُسوَّرُ سواريْ كسرى!
بُشرى مِن الغيبِ ألقتْ في فمِ
…
وحْياً وأفضت إلى الدنيا بأسرارِ
الغار
وفي بدر يثبُ في الدرعِ صلى الله عليه وسلم وهو يقولُ: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} .
أنت الشجاعُ إذا لقِيت كتيبةً
…
أدَّبْت في هوْلِ الردى أبطالها
وفي أُحدٍ - بعد القتلِ والجراحِ - يقولُ للصحابةِ: ((صُفُّوا خلفي، لأُثني على ربي)) . إنها هِممٌ نبويَّةٌ تنطحُ الثريَّا، وعزْمٌ نبويٌ يهزُّ الجبال.
قيسُ بنُ عاصم المنْقرِيُّ منْ حلماءِ العربِ، كان مُحتبياً يكلِّم قومهُ بقصةٍ، فأتاه رجلٌ فقال: قُتِل ابنُك الآن، قَتَلَهُ ابنُ فلانة. فما حلَّ حَبْوَتَهُ، ولا أنهى قصّتهُ، حتى انتهى منْ كلامِه، ثم قال: غسِّلوا ابني وكفِّنوه، ثمَّ آذنِوني بالصلاةِ عليه! {وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ} .
وعِكرِمةُ بنُ أبي جهلٍ يُعطى الماء في سكراتِ الموتِ، فيقولُ: أعطوه فلاناً. لحارثِ بنِ هشامِ، فيتناولونه واحداً بعد واحداً، حتى يموتُ الجميعُ.