الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
احرصْ على العملِ الذي ترتاحُ لهُ
يقولُ ابن تيمية: «ابتدأني مرضٌ، فقال لي الطبيبُ: إنَّ مطالعتك وكلامك في العلمِ يزيدُ المرض. فقلت له: لا أصبرُ على ذلك، لا أصبرُ على ذلك، وأنا أحاكمُك إلى علمِك، أليستِ النَّفسُ إذا فرجتْ وسُرَّتْ قويتِ الطَّبيعةُ، فَدَفعتِ المرض؟ فقال: بلى. فقلتُ له: فإن نفسي تُسرُّ بالعلمِ، فتقوى به الطبيعةُ، فأجدُ راحةً. فقال: هذا خارجٌ عن علاجِنا» {لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} .
لعلَّ عَتْبَك محمودٌ عواقبُهُ
…
فربَّما صحتِ الأجسامُ بالعِللِ
كُلاً نُمِدُّ هؤلاءِ وهؤلاء
ما أحوجنا إلى المثابرةِ واستثمارِ الوقت، ومسابقةِ الأنفاسِ بالعملِ الصالحِ النافعِ المفيدِ، إننا سوف نسعدُ يوم نقدِّم للآخرين نفعاً ووعياً وخدمة وثقافةً وحضارةً، وسوف نسعدُ إذا علمْنا أننا لم نأتِ إلى الحياةِ سُدّى، ولم نُخْلقْ عَبَثاً، ولم نُوجدْ لعِباً.
يوم تصفَّحتُ «الأعلام» للزركليِّ فوجدتُ تراجم شرقيين وغربيين، ساسةً وعلماء، وحكماء وأدباء وأطباء، يجمعهم أنهم نابغون مؤثِّرون لامعون، ووجدتُ في سِيرهم جميعاً سنة اللهِ في خلقِه، ووعد اللهِ في عبادِه، وهي أن من أحسن من أجل الدنيا وُفّي نصيبه من الدنيا، من الذيوعِ والشهرةِ والانتشارِ، وما يلحقُ ذلك من مالِ ومنصبٍ وإتحافٍ، ومن أحسن للآخرةِ
وجدها هنا وهناك، من النفعِ والقبولِ والرضا والأجرِ والمثوبةِ:{كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُوراً} .
ووجدتُ في الكتابِ أيضاً أن هؤلاءِ العباقرةِ الذين قدَّموا للبشرية نفعاً ونتاجاً ولم يعملُوا للآخرة - وأخصُّ منهم غيْر المؤمنين باللهِ ولقائِه - وجدتُهم أسعدوا الناس أكثر من أنفسِهم، وأفرحوا أرواح الآخرين أكثر من أرواحهِم، فإذا بعضُهم ينتحرُ، وبعضهم يثورُ من واقعِه ويغضبُ من حياتِهِ، وآخرون منهم يعيشون بؤساً وضنْكاً.
وسألتُ نفسي: ما هي الفائدةُ إذا سعد بي قومٌ وشقيت أنا، وانتفع بي ملأٌ وحُرمِت أنا؟!
ووجدتُ أنَّ الله أعطى كلَّ أحدٍ من هؤلاءِ البارزين ما أراد، تحقيقاً لوعدِه، فجمْعٌ منهم حصل على جائزةِ نوبل، لأنه أرادها وسعى لها، ومنهم من تبوَّأ الصدارة في الشهرةِ، لأنه بحث عنها وشغف بها، ومنهم من وَجَدَ المال، لأنه هام به وأجبَّه، ومنهم عبادُ اللهِ الصالحون، حصلُوا على ثوابِ الدنيا وحسنِ ثوابِ الآخرةِ - إنْ شاء اللهُ -، يبتغون فضلاً من اللهِ ورِضْواناً.
إنَّ من المعادلات الصحيحة المقبولة: أن المغمور السعيد الواثق من منهجِه وطريقِه، أنعمُ حظّاً من اللامعِ الشهيرِ الشقيِّ بمبادئِه وفكرِهِ.
إنَّ راعي الإبلِ المسلمِ في جزيرةِ العربِ أسعدُ حالاً بإسلامِه من «تولوستوي» الكاتب الروائي الشهيرِ، لأن الأول قضى حياته مطمئناً راضياً