الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا تحزَنْ: لأنك مسلمٌ آمنتَ باللهِ وبرسلِهِ وملائكتِهِ واليومِ الآجِرِ وبالقضاءِ خيرِهِ وشرِّه، وأولئكَ كفروا بالربِّ وكذَّبوا الرسلَ واختلفوا في الكتابِ، وجَحَدُوا اليومَ الآخرَ، وألحدوا في القضاءِ والقَدَرِ.
لا تحزَنْ: إن أذنبتَ فتُبْ، وإن أسأت فاستغفرْ، وإن أخطأت فأصلِحْ، فالرحمةُ واسعةٌ، والبابُ مفتوحٌ، والغفران جمٌّ، والتوبةُ مقبولةٌ.
لا تحزَنْ: لأنك تُقلقُ أعصابَك، وتهزُّ كيانك وتُتعبُ قلبَك، وتُقضّ مضجعَك، وتُسْهِرْ ليلَك.
قال الشاعر:
وَلَرُبَّ نازلةٍ يضيقُ بها الفتى
…
ذَرْعاً وعندَ اللهِ منها المخرَجُ
ضاقتْ فلمَّا استحكمتْ حلقاتُها
…
فُرِجَتْ وكانَ يظنُّها لا تُفرجُ
ضبْطُ العواطف
تتأجَّجُ العواطفُ وتعصفُ المشاعرُ عند سببين: عند الفرحةِ الغامرةِ، والمصيبةِ الدَّاهمةِ، وفي الحديثِ:((إني نُهِيْتُ عن صوتيْن أحمقيْن فاجريْن: صوتٍ عند نعمةٍ، وصوتٍ عندَ مصيبةٍ)) {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} . ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: ((إنما الصبرِ عند الصدمِة الأولى)) . فمَنِ مَلَكَ مشاعره عندَ الحدَث الجاثم وعند الفرَح الغامرِ، استحقَّ مرتبةَ الثباتِ ومنزلةَ الرسوخِ، ونالَ سعادة الراحةِ، ولذَةَ الانتصارِ على النفسِ، واللهُ
جلَّ في عُلاه وصف الإنسان بأنهُ فرِحٌ فخورٌ، وإذا مسَّه الشرُّ جزوعاً وإذا مسَّهُ الخيرُ منوعاً، إلَاّ المصلِّين. فَهُم على وسطيةٍ في الفرحِ والجزعِ، يشكرونَ في الرخاءِ، ويصبرون في البلاءِ.
إنَّ العواطف الهائجةَ تُتْعِبُ صاحبها أيَّما تَعَبٍ، وتضنيهِ وتؤلمُهَ وتؤرِّقُهُ، فإذا غضب احتدَّ وأزبد، وأرعد وتوعَّد، وثارتْ مكامنُ نفسِهِ، والتهبتْ حُشاشَتُهُ، فيتجاوزُ العَدْلَ، وإن فرحَ طرِبَ وطاشَ، ونسيَ نفسَه في غمرةِ السرورِ وتعدّى قدره، وإذا هَجَرَ أحداً ذمَّه، ونسِي محاسنَهُ، وطمس فضائِلَهُ، وإذا أحبَّ آخر خلع عليه أوسمة التبجيلِ، وأوصله إلى ذورةِ الكمالِ. وفي الأثر:((أحببْ حبيبك هوْناً ما، فعسى أن يكون بغيضك يوماً ما وأبغضْ بغيضك هوناً ما، فعسى أن يكون حبيبك يوماً ما)) . وفي الحديث: ((وأسألك العدل في الغضب والرضا)) .
فمَن ملك عاطفته وحَكَّم عقلَه، ووزنَ الأشياء وجعل لكلِّ شيء قدراً، أبصر الحقَّ، وعَرَفَ الرشدَ، ووقع على الحقيقةِ، {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} .
إنَّ الإسلام جاءَ بميزان القيمَ والأخلاقِ والسلوكِ، مثلما جاء بالمِنْهَجِ السَّويِّ، والشرعِ الرضيِّ، والملّةِ المقدسةِ، {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} ، فالعدلِ، الصدقِ في الأحبارِ، والعدلِ في الأحكامِ والأقوال والأفعالِ والأخلاقِ، {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً} .