الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زرابيُّها مبثوثةٌ، تمَّ سروَرها، عظُم حبورُها، فاح عرْفُها، عظُم وصْفُها، منتهى الأماني فيها، فأين عقولُنا لا تفكرْ؟! ما لنا لا نتدبَّرْ؟!
إذا كان المصيرُ إلى هذه الدارِ؛ فلتخفَّ المصائبُ على المصابين، ولتَقَرَّ عيونْ المنكوبين، ولتفرح قلوبُ المعدمين.
فيها أيها المسحوقون بالفقرِ، المنهكون بالفاقةِ، المبتلون بالمصائب، اعملوا صالحاً؛ لتسكنوا جنة اللهِ وتجاوروهُ تقدستْ أسماؤُه {سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} .
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً}
العدلُ مطْلَبٌ عقليٌّ وشرعيٌّ، لا غُلُوَّ ولا جفاءٌ، لا إفراطٌ ولا تفريطٌ، ومنْ أراد السعادة فعليهِ أنْ يضبطَ عواطفهُ، واندفاعاتِهِ، وليكنْ عادلاً في رضاهُ وغضبِهِ، وسرورِهِ وحُزْنِهِ؛ لأن الشَّطَطَ والمبالغةَ في التعامل مع الأحداثِ ظلمٌ للنفسِ، وما أحْسنَ الوسطيّةَ، فإنَّ الشرع نزل بالميزان والحياةُ قامتْ على القِسط، ومنْ أتعبِ الناسِ منْ طاوعَ هواه، واستسلم لعواطفِهِِ وميولاتِه، حينها تتضخّمُ عنده الحوادثُ، وتظِلمُ لديه الزوايا، وتقومُ في قلبِه معاركُ ضاربةٌ من الأحقادِ والدخائلِ والضغائنِ، لأنه يعيشُ في أوهامٍ وخيالاتٍ، حتى إن بعضهمْ يتصوّرُ أنَّ الجميع ضِدَّهُ، وأنَّ الآخرينَ
يحبكون مؤامرةً لإبادتهِ، وتُمْلِي عليه وساوسُه أنَّ الدنيا له بالمرصادِ فلذلك يعيشُ في سحبٍ سودٍ من الخوفِ والهّمِ والغّمِ.
إن الإرجافُ ممنوعٌ شرعاً، رخيصٌ طبعاً، ولا يمارسُه إلَاّ أناسٌ مفلسون من القيمِ الحيَّةِ والمبادئِ الربانيَّةِ {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ} .
أجلِسْ قلبَكَ على كرسيّه، فأكثرُ ما يخافُ لا يكونُ، ولك قبْلَ وقوع ما تخافُ وقوعه أن تقدِّرَ أسوأ الاحتمالاتِ، ثم توطِّن نفسكِ على تقبُّل هذا الأسوأ، حينها تنجو من التكهُّناتِ الجائرةِ التي تمزّقُ القلب قبلَ أنْ يَقَعَ الحَدَثُ فَيَبْقَى.
فيا أيُّها العاقلُ النَّابهُ: أعطِ كلَّ شيء حجمَهُ، ولا تضخِّم الأحداث والمواقفَ والقضايا، بل اقتصدْ واعدلْ والبغضِ في الحديث:((أحبب حبيبَك هوْناً ما، فعسى أن يكون بغيضَكَ يوماً ما، وأبغض بغيضك هوْناً ما، فعسى أن يكون حبيبكَ يوماً ما)) {عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} .
إنَّ كثيراً من التخويفات والأراجيف لا حقيقة لها.