الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يتناوم النائم، فيغمض عينيه وهو مستيقظ يسمع من حوله كنوم الذئاب والثعالب، وقد ينام حقًّا وهو مفتوح العينين كما عند بعض الناس في العادة، لكن الضرب على السمع هو المقياس الحقيقي للنوم، يجعل النائم لا يسمع أحدًا مطلقًا، فالنوم الحقيقي يكون بالضرب على المسموعات لا على المرئيات، فكانت هذه الصورة القرآنية مبهرة للعقول، وأكثر إثارة للعواطف القوية، وإحياء للمشاعر الصادقة، وتعميرًا للوجدان المتدفق.
أما كلمة "سنين" تدل على كثرتها، حتى بلغت أكثر من ثلاثمائة سنة، لا "سنوات" التي تدل على ثلاث فأكثر قليلًا، إنه الإعجاز في التصوير القرآني الخالد.
الكهف إبداع بياني وجغرافي:
قال تعالى: {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا} [الكهف: 17] ، هذه الآية الكريمة تصور موقع الكهف على سطح الأرض، وتحدد اتجاه بابه الذي لم يقتصر على الجهات الأربع، وهي الشمال والجنوب والشرق والغرب، بل يضيف أربعة أخرى، وهي الشمال الشرقي والغربي والجنوب الشرقي والغربي، ويظهر ذلك من خلال التصوير القرآني بالحروف والكلمات، وبالصور المتنوعة.
أما دلالة ذلك على موقع الكهف من سطح الأرض فهو الإعجاز لأنه أكثر دقة من حقائق التاريخ، ومن لوحة فنية تبدعها ريشة الفنان
بالألوان والأحجام والأشكال والرسوم والمواقع، وموقعها من خطوط العرض والطول، بل حققت ذلك أكثر عن طريق الحروف والكلمات والصور الحية المتحركة، تجد ذلك في أربع كلمات:"ترى -الشمس- إذا- طلعت"، تصور الشمس الساطعة طول العام لا تغيب أو تحجب بل ترسل أشعتها الضوئية الدافئة من مطلعها إلى مغربها، لأن الرؤية هنا بصرية، جاءت عن طريق العين الباصرة، والتنصيص على الشمس يؤكد ظهورها الدائم، فلا يتطرق احتمال الاختفاء فيما لو جاءت ضميرًا مستترًا أو ظاهرًا أو كنائيًّا.
تأمَّل إيثار "إذا" التي تدل على أزمنة طلوع الشمس، فهي تصور حقيقة يقينيَّة لا تتخلف، تأكدت من الدلالة اللغوية عند علماء اللغة، على العكس من التعبير بـ"إن" التي وضعت للشك، والتقليل والظن، ومن "حين" وهي زمانية، يتطرق إليها الاحتمال والظن للإبهام فيها، لكن "إذا" قاطعة في ظهور الشمس على اليقين والتحقيق.
وتأمل الصورة القرآنية التي تدل على الظهور والإشراق في "طلعت"، أي ظهرت وأشرقت على سبيل الحقيقة، بحيث لا تغيب إلا إذا غربت، وظهور الشمس بهذه الصورة لا يتأتى حول القطب الشمالي ولا الجنوبي، لأنها تغيب شهورًا ليلًا، وتظهر شهورًا نهارًا، كما لايتأتى على خط الاستواء لأنها تختفي في الصيف لكثرة الغمام والأمطار في هذه المواقع، ولا يتأتى ذلك على مدار الجدي، فقد أثبت التاريخ أن الرسالات السماوية لم تظهر في هذه المواقع، ولا يتأتى ذلك إلا على مدار السرطان، فتظل الشمس ساطعة طول العام، كما أثبت التاريخ أن مواقع السرطان غرب مصر خالية من الرسالات، فلم يبق إلا مواقع