الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن أخلاق الإسلام أيضًا عدم التلاعب بالأسعار في العقود والمعاملات لكي تسير وفق قانون "العرض والطلب"، بلا تدخل من التجار لرفع الأسعار طمعًا واستغلالًا، بل ينبغي أن يكون السعر نابعًا من واقع وجود السلعة حسب كثرتها أو ندرتها، وحين غلا السعر قالوا: يا رسول الله سعِّر لنا، قال:"إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق، وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة في دم ولا مال""حديث صحيح"، وهذا هو معنى أن يقوم الناس بالعدل والقسط، فقال الله تعالى:{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} .
القيم الإسلامية في العقود:
نظمت الشريعة الإسلامية الفقه في المعاملات والعقود، فوضعت له منهجًا عامًا، يسلكه الأفراد في معاملاتهم المختلفة لبناء أخلاقهم من خلال قضاء حاجاتهم وتحقيق أغراضهم، وهذا المنهج الإسلامي في بناء الأخلاق اقتضى أن يكون الأساس في عقود المعاملات هي مصالح المجتمع، ومقاصد الأفراد، فالمصالح والمقاصد هي التي تحدِّد ما يتطلبه كالشأن في العبادات، فالصلاة تحتاج في وقتها وهيئتها إلى توقيف من الشريعة، على العكس في السلعة التي يحتاجها الفرد، كالثلاثة أو المولدات، فلم ترد بهيئتها أو طريقة استعمالها في الشريعة، وإنما حاجة الإنسان، إلينا، ومصلحته فيها هي التي أتاحت له هذه السلعة، بما يستلزمه عصره ومجتمعه، بعد أن أخذت مادتها وصناعتها حكم الإباحة والتملك من الشريعة الإسلامية، لأن الأصل في العادات والمعاملات
العفو والإباحة، ولا حظر على شيء منها إلا ما نصَّ الشرع بتحريمه، ومن هنا يستنكر الله عز وجل على الشركاء الذين شرعوا لغيرهم ما لم يأذن به الله، قال تعالى:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21] ، وجعل ذلك افتراء يستحقون عليه العذاب، قال تعالى:{وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [الأنعام: 138] .
وفي هذا يقول ابن تيمية: "وهذه قاعدة عظيمة نافعة، وإذا كان كذلك فنقول: البيع والهبة والإجارة وغيرها من العادات التي يحتاج الناس إليها في معاشهم كالأكل والشرب واللباس، فإن الشريعة قد جاءت في هذه العادات، التي يحتاج الناس إليها في معاشهم كالأكل والشرب والباس، فحرمت منها ما فيه فساد وأوجبت ما لا بد منه، وكرهت ما لا ينبغي، واستحبت ما فيه مصلحة راجحة في أنواع هذه ومقاديرها وصفاتها"1، وهذا المنهج الإسلامي في بناء الأخلاق اقتضى أيضًا أن تنعقد العقود بأي لفظ يدل على المقصود في المعاملات، وبذلك يتنزَّه الإسلام عن الشكلية والمظهرية، فلئلا يشترط صيغة معينة بلغة معينة كالبيع والشراء، ولا يلزم فيه لفظ "بعت واشتريت" باللغة العربية، بل يكفي في ذلك أي لفظ عربي أو غير عربي، يدل على الإيجاب والقبول، وكذلك الأمر في عقد التجارة، فقد جاز استعمال لفظ "التراضي" في البيع، قال تعالى:{إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29] ، وصح لفظ "طيب" النفس في التبرع، قال تعالى:{فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا} [النساء: 4] ، وهكذا في
1 فتاوي ابن تيمية: 19/ 18.
الشركات والمضاربات والزراعة والقرض والسلم، يقول ابن تيمية:"فكل ما عدَّه الناس بيعًا وإجارة فهو بيع وإجارة، وإن اختلف اصطلاح الناس في الألفاظ والأفعال، انعقد العقد عند كل قوم بما يفهمونه بينهم من الصيغ والأفعال، وليس لذلك حدّ مستمر لا في الشرع ولا في اللغة، بل يتنوع اصطلاح الناس كما تتنوع لغاتهم"1.
وهذا المنهج الإسلامي في بناء الأخلاق أوقف إنجاز العقود على رضا المتعاقدين، وقد وفَّرت الشريعة لتحقيقه وسائل الصون والحماية، فاشترط في المتعاقدين أن يكون أهلًا للتكليف، وأن يترك فرصة الخيار والمراجعة لهما بجميع صوره، من خيار الغبن، أو خيار الشرط، او خيار المجلس، أو خيار الرؤية، ولذلك أوصى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الذي يخدع في المعاملات والعقود بأن يقول عند بيعه وشرائه "لا خلابة" أي: لا خديعة، وهذا الرضا لا بد أن يعبر عنه بالإرادة الصادقة من غير إكراه ولا خوف، وعلى أي صورة لفظية تفصح عنه، وهذا المنهج الإسلامي في بناء الأخلاق أوجب أيضًا توثيق العقود، حفاظًا على الحقوق، وتنصيبًا للعدل بين الناس، فلا يتنازع الناس عند الغفلة والنسيان، ولا يتغابنوا عند الخطأ، وليقيموا بالتوثيق العدل وقت الاختلاف والتخاصم، وجعلت الشريعة العقد موثقًا بشهادة رجلين، حتى إذا ضل أحدهما، أو غفل أو نسي، ذكَّره الاخر، أو موثقًا برجل وامرأتين إن لم يكونا رجلين، حتى إذا ضلَّت المرأتان، أو نسيتا، أو غفلتا، أو تجاهلتا، ذكرهما الرجل، أو بالعكس، ولا يصح اقتصار الشهادة في توثيق العقود على أربع نساء، لأن النسيان والتواطؤ على
1 فتاوي ابن تيمية: 29/ 7.
الضلال يخضعهن، بسب غلبة العاطفة على تصرفاتهنَّ في الحياة غالبًا وقد نزلت أكبر آية في القرآن الكريم لتوثيق العقود في الدين للدلالة على خطورة المعاملات، وفداحة التنازع فيها، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة: 282] .
وهذا المنهج الإسلامي في بناء الأخلاق يقتضي أيضًا تحقيق العدل لا الظلم بين المتعاقدين، فلا يحلُّ مال مسلم إلا عن طيب نفسه، بأن تكون طائعة راضية غير مكرهة أو مخدوعة، فقد نهى الإسلام عن المعاملات، التي قامت على أكل المال بالباطل، كالربا والميسر والغش وبيع الغرر، وستر العيب، وغيرها مما ينطوي على الظلم، قال ابن تيمية: "فمن العدل ما هو ظاهر يعرفه كل أحد بعقله، كوجوب تسليم الثمن
على المشتري، وتسليم المبيع على البائع للمشتري، وتحريم تطفيف المكيال والميزان، ووجوب الصدق والبيان، وتحريم الكذب والخيانة، وأن جزاء القرض الوفاء والحمد"1، وهذا المنهج الإسلامي في بناء الأخلاق يقتضي أيضًا الفضائل والقضاء على الرذائل، بأن تقوم المعاملات على تزكية الإنسان بالآداب الكريمة والأخلاق الفاضلة، وعلى المحافظة على الشعائر والقيم الإسلامية النبيلة، وإلا اهتزَّ نظام المجتمع، وتدمرت حياة الفرد، لفقدان الثقة، وغروب الأمن والطمأنينة، فتستعر المعاملات بالرشوة، والاختلاس والغش، ولذلك وصف الله عباده المؤمنين في تجارتهم وبيعهم ومعاملاتهم بقوله تعالى:{رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ، لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [النور: 37-38] .
ولذلك نهى الإسلام عن عقود ومعاملات قامت على المفاسد، منها: النهي عن بيع العنب لمن يستعمله خمرًا، وعن السلاح للأعداء واللصوص، وعن الإيجار لدور الملاهي والبغاء، قال صلى الله عليه وسلم:"من حبس العنب أيام القطاف حتى يبيعه ممن يتخذه خمرًا فقد تقحم النار على بصيرة" 2، ونهى أيضًا عن بيع أخيه، لأنه يعقب في النفس الشحناء والحقد والبغضاء، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:"نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضرة لباه، ولا تناجشوا ولا يبع الرجل على بيع أخيه ولا يخطب على خطبته"، ونهى عن البيع إذا نُودي للصلاة،
1 فتاوى ابن تيمية: 28/ 284.
2 سبيل السلام: 3/ 29.
وخاصة لصلاة الجمعة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة: 9] ، وهذا المنهج الإسلامي في بناء الأخلاق يقضي أيضًا ألا تتم المعاملات والعقود إلا بعد تحديد الأثمان، وضبط الموازين والمكاييل، دفعًا للتنازع بين المتعاقدين، وتثبيتًا للثقة بين الناس في تبادل المنافع، فحرم بيع الغرر، وبيع الجنين في بطن أمه، وبيع اللبن في الضرع، أو السمك في الماء، للجهل بالعوضين أو بأحدهما، كما حرم الله تطفيف الكيل والميزان، وبخس السلع، قال تعالى:{أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ، وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ، وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} [الشعراء: 181-183] ، ولهذه الأهمية نشأت في الفقه الإسلامي وظيفة "المحتسب" لمراقبة الأسواق.
وهذا المنهج الإسلامي في بناء الأخلاق يقتضي أيضًا في المعاملات الإحسان، والصدق القائم على الوضوح والبيان، لا على الغش، وكتمان العيب، والتدليس، والخيانة، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"البيعان بالخيار مالم يتفرقا، فإن صدقا وبينا، بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا، مُحقت بركة بيعهما""رواه البخاري"، وكتب الرسول صلى الله عليه وسلم للعداء بن خالد:"هذا ما اشترى محمد رسول الله من العداء بن خالد، بيع المسلم من المسلم لا داء ولا خبئة ولا غائلة""رواه البخاري: فتح الباري"، ويحضّ على السماحة في المعاملة، لأنها دليل الأخلاق الفاضلة الكريمة والآداب الإسلامية النبية، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رحم الله رجلًا سمحًا إذا باع وإذا اشترى وإذا
قضى واقتضى" "فتح الباري: 5/ 11"، وينهي الإسلام عن كثرة الحلف وترويج السلعة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الخلف منفقة السلعة مسحقة للبركة"، ونهى الإسلام عن المطل والتسويف فهما ظلم وظلمات، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مطل الغني ظلم وإذا أتبع أحدكم على ملئ فليتبع" "فتح الباري 5/ 371".
بهذا المنهج الإسلامي القويم في بناء خلق المسلم من خلال سائر العقود والمعاملات تتكون الغاية من شريعة الإسلام، حيث جاء لتحقيق هذا الهدف وهو "البناء الخلقي"، تارة عن طريق العبادات، وتارة عن طريق المعاملات والعقود، وتارة عن غيرها مما جاءت به الشريعة الإسلامية، فكلها عند الله سواء، لا فرق بين العبادات والمعاملات في تقديس الله وعبادته، لأن امتثال أمر الله ونهيه، وصهر الأعمال بالنية الخالصة لوجه الله تعالى، تحول العقود والمعاملات، وأي عمل دنيوي ومادي إلى عبادة يُثاب عليها المرء عند الله، لأنها تُضفي على هذا العمل لباس التقوى، وتضفي عليه طابعًا روحيًّا، جاء في الحديث أن بعض الصحابة -رضوان الله عليهم- رأى شابًّا قويًّا يسرع إلى عمله، فقال بعضهم:"لو كان هذا في سبيل الله" فرد عليه النبي: "لا تقولوا هذا، فإنه إن كان خرج يسعى على ولد له صغارًا فهو في سبيل الله، وإذا كان يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان يسعى على نفسه فهو في سبيل الله، وإن كان يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان"، كما أن المعاملات والعقود عبادة، لأن لها هدفًا ساميًا نبيلًا، وهو بناء حضارة الدنيا، امتثالًا لأمر الله، واستجابة لخلافته في الأرض، حتى يسعد الفرد، وتسعد البشرية جمعاء، اعتقادًا منه بمسئوليته أمام ربه
عن ذلك، ومحاسبته له، قال تعالى:{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7-8] .
وكذلك العقود والمعاملات تتم من خلال مراقبة ذاتية داخلية تخشى الله وتتقيه في كل عقد ومعاملة، فالله يراه ويطّلع عليه، ولا يخشى أحدًا ولا سلطانًا ولا قانونًا إلا تبعًا وتاليًا للمراقبة الذاتية، لأن المؤمن على يقين بأن الله يراه، وإن لم تكن عينه تراه، فقلبه مشدود بربه، الذي لا تأخذه سنة ولا نوم {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: 255] ، وهذا المنهج هو خلق القرآن الكريم، الذي سمَّا به النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى:{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم} ، وقول عائشة رضي الله عنه حينما سُئلت عن خلقه فأجابت:"كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم".