الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرق بين المعنى اللغوي والاصطلاح الإسلامي:
من خلال التناظر بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي الشرعي، نجد أنهما يشتركان في ترك الشيء، والإمساك، لنؤكد بأن المصطلح الشرعي يعتمد على المعنى اللغوي، ثم ينطلق منه معنى جديدًا، ويضيف إلى وعائه مضمونًا، لم يكن موجودًا في معناه اللغوي الأصلي عند العرب، يستمد روافده من الشريعة الإسلامية.
لذلك نجد أن لفظ الصيام قد اكتسب مضمونًا جديدًا لم يكن له في الجاهلية، فصار بمضمونه الإسلامي لفظًا جديدًا من الألفاظ التي تطورت وتهذبت في ظل الشريعة الإسلامية، مثل: الإيمان والإحسان والصلاة والزكاة وغيرها.
مبنى الصوم والصيام:
صام، أي صَوْم على وزن فعل، وهو فعل لازم أجوف معتلّ الواو، مصدره على وزن فعل "صام صومًا"، مثل: قال قولًا، إلا أن "قال" فعل متعدّ، وقد يكون مصدر صام على وزن فِعَال، صام صيامًا، مثل قام قيامًا، ولم يرد فيه قام قومًا، مثل صوم.
لكن القياس في المصدر الذي يأتي على وزن فعال أن يكون فعله على وزن فاعل، مثل ضارب ضرابًا وقاتل قتالًا، وهذا الفعل ومصدره
يدلَّان معًا على المشاركة والمفاعلة والمجاهدة والمقاومة والتصدِّي والتحدِّي، وغيرها من المعاني التي تتولَّد من المفاعلة، وتتأتَّى من جوانب مختلفة لا من جانب واحد.
وجاء أحد مصدري "صام" على صيغة الفعال والمفاعلة وهو: "صيام" دون "صوم"؛ ليدل على معاني المفاعلة؛ فلفظ الصيام قد احتوى المعاني العامة السابقة بل وأكثر؛ ليستمدَّ مضمونه من روافد التشريع الإسلامي لفريضة الصيام، ولا توجد معاني المفاعلة في مصدر الصوم، وهو المصدر الآخر للفعل صام.
لهذا كان الإعجاز في القرآن الكريم حين صور هذا الركن من الأركان الخمسة، التي بنى عليها الإسلام، وهو صيام رمضان صوره بمصدر "الصيام"، لا بمصدر "ألصوم"؛ ليتسع بمضمونه الحيوي لمعاني المفاعلة والمشاركة والمجاهدة وغيرها؛ فيكون بذلك خير وعاء لغوي للبناء الأخلاقي والبناء الجسدي، وهما الغاية السامية التي يهدف إليها التشريع الإسلامي من فريضة الصيام.
فالتصوير القرآني لهذه الفريضة في شهر رمضان بالصيام، وما يتبعها من فرائض وواجبات، مثل صيام الكفارات هو الإعجاز، الذي تحدَّى به العرب في لغتهم، ليكون البشر دونه بكثير مهما بلغ الدرجة العليا فيما بينهم، فقد انعقد الإجماع قديمًا وحديثًا على أن أفصح العرب بلاغة وقولًا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانقادت له طوعًا جوامع الكلم في حديثه النبوي الشريف؛ لكنه مع الدرجة العليا من البلاغة دون القرآن الكريم، لأن القرآن الكريم دائمًا يتفرَّد بالإعجاز.
فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يعبِّر عن هذه الفريضة بالصوم، فقال:
1-
"بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام" متفق عليه.
2-
"كل عمل ابن آدم له يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به" رواه مسلم.
3-
وفي رواية أخرى: "إلا الصوم وأنا أجزي به، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" متفق عليه.
4-
"الصوم جنة وحصن حصين من النار" رواه أحمد.
تعبير النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الفريضة بالصيام:
1-
عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة غُرَفًا يرى ظهورها من بطونها، وبطونها من ظهورها، قالوا لمن هي يا رسول الله؟ قال: لمن طيب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام" رواه أحمد والبيهقي وغيرهما.
2-
"الصيام جنة أحدكم من النار كجنته من القتال" رواه أحمد.
3-
"من لم يبيّت الصيام قبل الفجر فلا صيام له" رواه الخمسة.
4-
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه فيقول: "قد جاءكم شهر رمضان شهر مبارك، كتب الله عليكم صيامه، فيه تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم" رواه أحمد والنسائي.