المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وأحيانًا تقتضي الموسيقى القرآنية حذف حرف غير مسبوق بجازم، للمفاجأة - التصوير القرآني للقيم الخلقية والتشريعية

[علي علي صبح]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة:

- ‌الفصل الأول: معالم التصوير القرآني

- ‌القرآن: المعجزة الخالدة

- ‌وجوه الإعجاز

- ‌حقيقة التصوير القرآني

- ‌الأدب القرآني:

- ‌الجلال والحلاوة والجمال

- ‌قضية الجمال:

- ‌قضية الحلاوة:

- ‌قضية الجلال:

- ‌الإعجاز في التصوير القرآني

- ‌مدخل

- ‌من التصوير القرآني:

- ‌تلاحم الموسيقى والمعاني والقيم:

- ‌إبداع في تصوير النوم المعجزة:

- ‌الكهف إبداع بياني وجغرافي:

- ‌التكييف الرباني لأهل الكهف:

- ‌كلب أهل الكهف:

- ‌عدد أهل الكهف:

- ‌وَازْدَادُوا تِسْعًا:

- ‌تقديم السمع…على البصر:

- ‌الموسيقى التصويرية لطلب العلم:

- ‌الأمة الواحدة:

- ‌بين فظاعة اليهود…ورقة النصارى:

- ‌بلاغة التعبير عن الندمّ:

- ‌غضبة السماء والأرض:

- ‌حتى ينسى يعقوب:

- ‌التصوير القرآني لنماذج النفاق:

- ‌صفقات النفاق وصفاقة المنافق:

- ‌طموح المنافق شعاع يبدِّده الظلام:

- ‌آمال المنافق صواعق:

- ‌أخطر صور النفاق ذلاقة اللسان وحلاوة الحديث

- ‌الأمل الكاذب:

- ‌التصوير القرآني لفريضة الحج

- ‌من وحي المناسك في الحج:

- ‌الفصل الثاني: التصوير القرآني لتعاقب الليل والنهار

- ‌مدخل

- ‌تقديم الليل على النهار أكثر من مسين مرة

- ‌تقديم النهار على الليل في أربع مرات:

- ‌الإعجاز في خلق الليل والنهار:

- ‌الإعجاز في التصوير القرآني لليل والنهار:

- ‌الفصل الثالث: التصوير القرآني للصوم والصيام

- ‌بين الصوم والصيام في القرآن والسنة الشريفة

- ‌معنى الصوم والصيام في اللغة

- ‌الصوم والصيام في اصطلاح الشريعة الإسلامية:

- ‌الفرق بين المعنى اللغوي والاصطلاح الإسلامي:

- ‌مبنى الصوم والصيام:

- ‌الصيام والصوم في القرآن الكريم

- ‌مدخل

- ‌آيات الصيام:

- ‌البناء الجسدي:

- ‌ البناء الأخلاقي:

- ‌أدب التعبير عن المباح:

- ‌أنوار الإمساك والإفطار:

- ‌الفصل الرابع: تربية النشء ومراحله في التصوير القرآني والسنة الشريفة

- ‌أدب الطفولة بين القرآن الكريم والسنة الشريفة

- ‌أدب الرحمة بالطفل عبادة وسلوك تربوي:

- ‌تلاوة الأطفال للقرآن وسماعه تأديب وتربية وتعليم:

- ‌وصية الرسول صلى الله عليه وسلم للغلام عبد الله بن عباس:

- ‌وصية لقمان لابنه:

- ‌أدب الإسلام في استئذان الأطفال:

- ‌أدب القصة القرآنية والنبوية للأطفال:

- ‌المنهج الإسلامي في تربية النشء ومراحله

- ‌مدخل

- ‌مرحلة العدم أثناء الخطبة الزوجية:

- ‌بعد الزواج مباشرة:

- ‌أثناء الحمل وهو جنين حتى الولادة:

- ‌حق الرضاعة والغذاء:

- ‌في الأسبوع الأول من الولادة:

- ‌الرضاعة:

- ‌الحضانة:

- ‌التربية والتعليم

- ‌مرحلة الشباب والمراهقة والرجولة

- ‌مدخل

- ‌أولًا: مرحلة النضج:

- ‌ثانيًا: مرحلة الرجولة:

- ‌في مرحلتي الكهولة والشيخوخة

- ‌الفصل الخامس: العقود والمعاملات في التصوير القرآني والسنة الشريفة

- ‌سمات الاقتصاد الإسلامي في العقود والمعاملات

- ‌الاقتصاد الإسلامي تشريع إلهي:

- ‌العبادات وأثرها في بناء القيم الاجتماعية والاقتصادية:

- ‌التصوير القرآني للأعمال الحرفية

- ‌التصوير القرآني لحرفة الزراعة:

- ‌التصوير القرآني لحرفة الرعي والصيد:

- ‌التصوير القرآني لحرفة الصناعة:

- ‌التصوير القرآني لحرفة التجارة:

- ‌الأخلاق الإسلامية ودورها في الإنتاج والعمل:

- ‌منهج الشريعة الإسلامية في محرمات العقود والمعاملات:

- ‌القيم الإسلامية في العقود:

- ‌الفهارس:

الفصل: وأحيانًا تقتضي الموسيقى القرآنية حذف حرف غير مسبوق بجازم، للمفاجأة

وأحيانًا تقتضي الموسيقى القرآنية حذف حرف غير مسبوق بجازم، للمفاجأة والسرعة إلى تحقيق الغاية من الرحلة، وهو اكتشاف الأستاذ ليتلقى العلم على يديه، فحذفت الياء من الفعل:"نبغي" في قوله تعالى: {قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} [الكهف: 64] ، للإيقاع القرآني السريع المعجز في التصوير.

ص: 75

‌الأمة الواحدة:

قال الله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ، وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ} [الأنبياء: 92، 93] .

الإعجاز في التصوير القرآني في الآيتين الكريمتين، جاء متنوعًا في مقوماته وعناصره التي تضفي عليه الجلال، فقد جاءت الصورة القرآنية الأولى على طريق الخطاب المباشر، فقد خاطب الله عز وجل أمته بقوله:"أمتكم -ربكم- فاعبدون"، أي: أنتم، ثم انتقل من الخطاب إلى أسلوب الغيبة في الصورة القرآنية الثانية في قوله تعالى:{وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ -بَيْنَهُمْ- رَاجِعُونَ} ، أي: هم.

والأسرار البلاغية في هذا التصوير القرآني يعود إلى أمة الإسلام حين تتوحد، وتعتصم بكتاب الله عز وجل، تكون قريبة من الرحمن تسعد بالشهود في حضرته، وتشرف بمخاطبته لهم فيكلمهم، ويتلقى منهم مباشرة، فينظر إليهم، ويتمتعون برؤيته بالبصيرة لا الباصرة، ولا يغيبون عنه سبحانه، فهم في مقام التكريم، لأنهم راشدون مصلحون في قوة وعزة، لترابطهم في أمة واحدة كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وغير ذلك مما تفيده بلاغة الخطاب بأنتم، وقيمه الخلقية السامية.

ص: 75

وما أروع التقابل بين المعاني والقيم السامية في الصورة القرآنية الأولى، وبين التنفير والإنكار لنقائض هذه المعاني والقيم في الصورة الثانية، التي تصور تمزق الأمة وتقطع أوصالها في قوله تعالى:{وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ} ، وكذلك التقابل بين الإيقاع القرآني في موسيقى الصورة الأولى الهادئة الرقيقة المناسبة كانسياب الماء العذب البارد، وبينه في موسيقى الصورة الثانية العنيفة الشديدة الهادرة المدمرة بالتقطيع والتمزق، لأن الله تعالى ينصرف عن الأمة الممزقة، فيغيبون عن ساحة مشاهدته وحضرته، ولا يستحقون منه النظر ولا الخطاب لانصرافهم عن منهج القرآن وتفرقهم عن سبيله، فينصرف الله عنهم ولا يخاطبهم، لأنهم غائبون عنه بعيدون عن رحمته وحضرته، وهذا هو الإعجاز في الانصراف عن الخطاب إلى الغيبة.

وما أروع التصوير القرآني لتمزق الأمة وتقطعها إربًا إربًا، ليذهب كل فريق بجزء بعد أن كانوا كيانًا واحدًا وجسدًا قويًّا، وذلك في التعبير بصيغة "تقطعوا" لتدل من حيث معناها اللغوي على التمزُّق والضعف والذلة وعظيم البلاء، وللتنفير من الخلاف والدعوة إلى التضامن والوحدة، وتدل أيضًا من حيث المبنى والإيقاع بين أصوات حروفها على عنف الموسيقى القرآنية الصاخبة والمدمرة، مما يبث الخوف والرهبة من هذه الكارثة، وبحث على الترغيب في وحدة الأمة والاعتصام بكتاب الله تعالى، ثم يأتي التذييل في الصورة القرآنية الثالثة:{كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُون} ، للتهديد لهم باستحقاق العقاب الشديد، لأن الله تعالى لا يرضى لهم الضعف والهوان، ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين، لتكون كما أراد الله عز وجل خير أمة أخرجت للناس.

ص: 76