الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6-
تصور الوصية قيمًا خلقية سامية، يتعامل بها مع المجتمع من حوله، فلا يؤذي مشاعرهم، فيصدر عنه ما يكرهونه، أو يفرق وحدتهم، ويفسد المودَّة بينهم؛ فتنفره من الكبر والخيلاء والإعجاب بالنفس وهتك الحرمات، والخوض في أعراض الناس وتلويث البيئة بالأفعال القبيحة والصور المنفرة والأصوات المزعجة، وذلك في صور يهتزّ لها الوجدان، وينخلع منها القلب، وتتفق مع الفطرة والعقل جميعًا {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} .
7-
تؤكِّد الوصية أن القيم الإنسانية والخلقية تتفق مع فطرة الإنسان في كل عصر، ولكل الأجيال؛ فما أوصى به لقمان في الماضي البعيد أقرَّه الإسلام، ولا زال يقره ويحث عليه في الحياة الدنيا؛ لأنها قيم ثابتة وحية ترتبط بوجود الإنسان وحياته.
أدب الإسلام في استئذان الأطفال:
حث الإسلام على إفشاء السلام، وتبادل التحية بصفة عامة لإشاعة السلام والأمن، ونشر المحبة، والتعاون على البر والتقوى، لا الإثم والعدوان، قال تعالى:{وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86] ، {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ، إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ} [الذاريات: 24-25]، وعن كلدة بن الحنبل رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فدخلت عليه ولم أسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ارجع فقل السلام عليكم أأدخل" رواه أبو داود والترمذي، وكذلك الاستئذان في الدخول على الآخرين، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى
تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ} [النور: 27-28] ، وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما جعل الاستئذان من أجل البصر" رواه البخاري ومسلم، وقال تعالى:{فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} [النور: 61]، وعن أنس رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا بني إذا دخلت بيتك فسلم يكن بركة عليك وعلى أهل بيتك" رواه الترمذي، وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الاستئذان ثلاث، فإن أُذن لك وإلا فارجع" رواه البخاري ومسلم، هكذا حثَّ الإسلام على أدب إفشاء السلام وتبادل التحية بين الناس، مؤكدًا على أن يبدأ به الصغير على الكبير توقيرًا له وعرفانًا بفضل الله عليه.
لكن أدب استئذان الأبناء والأطفال في الدخول على آبائهم وأمهاتهم داخل البيوت، وعلى غيرهم من باب أولى، فقد صوَّره القرآن الكريم تصويرًا بلاغيًّا معجزًا ليحدِّده في أوقات ثلاثة فقط، وما عداها فمجاله مفتوح غير مقيد به في غير ذلك من الأوقات؛ لأن هذه الأوقات الثلاثة يجنح الإنسان فيها إلى عدم المكاشفة، ويميل إلى التكتم والراحة، ويتخفف من ثيابه، ويفضي إلى نفسه بأسرار لا يحب أن يطلع عليها غيره، أو يستغرق في التأمل والتدبر، أو في النوم؛ فيكره أن يزعجه أحد بالدخول ولو كان ابنه؛ ليتجدد نشاطه بعد ذلك، ويعيد إلى الجسد طاقته وحيويته؛ فيباشر أعماله في دأب ونشاط؛ لذلك كان من الواجب على الأطفال أن يتأدبوا بأدب الإسلام، ويتخلقوا بخلق القرآن الكريم والسنة