الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معدودات، مما يعيّن على تحريك الانتباه، وتفتح القلب؛ فيستقرّ مغزاه في القلب والعقل معًا.
6-
بلغ التعبير الأدبي الغاية في تصوير الطاعة لله عز وجل، والالتزام بالمحافظة على حدوده، ومما يستحق عليه الجزاء الأوفى من ربه؛ فيتحقَّق المراد ويطمئنُّ القلب في ثقة وإقدام، وذلك في قوله:"احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك".
7-
أن يغرس في نفوس الأطفال الاعتداد بأنفسهم وعدم التواكل أو الاعتماد على البشر، لأنهم لا يدفعون عن أنفسهم الضرر، ولا يجلبون لأنفسهم النفع، فكيف يكون ذلك لغيرهم، بل يجب الاستعانة بخالق البشر والخلق جميعًا؛ فهو وحده النافع أو الضار، وقد قضى الله عز وجل بذلك منذ الأزل، فقد "رفعت الأقلام وجفَّت الصحف"، وذلك في تصوير أدبي من جوامع الكلم، يتزاحم بالقيم الكثيرة والمعاني الغزيرة على الرغم من الإيجاز في الأسلوب وقلَّة الألفاظ، فلا زالت الوصية تثير كثيرًا من القيم الخلقية والفنية الخالدة في تأديب الأطفال والسموّ بهم.
وصية لقمان لابنه:
ومن وصايا القرآن الكريم التي أعجزت الفصحاء في بلاغتها، وأثرها الإيجابي في تربية الأطفال وتأديبهم بأدب القرآن الكريم، وتجاوبهم مع أخلاقه الخالدة: وصية لقمان لابنه وهو يعظه؛ فهي درس خلقي وأدب رباني، لا زال يعطي لأطفال كل عصر ما يتناسب مع حضارته ومعطياته، ولكل جيل ما يهيئه ويعدُّه إعدادًا قويًّا صالحًا، يتجاوب مع هذه الحضارة وتلك المعطيات الحيَّة؛ بخلود القرآن الكريم،
في هذا التصوير القرآني المعجز في بيان بلاغي أخاذ، يرسي قيمًا خلقية وتشريعية لعلاقة النشء مع ربِّه في قضية التوحيد وعدم الشرك بالله، وعلاقة النشء مع نفسه، وعلاقته مع والديه وأسرته، وعلاقته مع مخلوقات الله، كما توضح علاقة الأب بأبنائه منذ المراحل الأولى في حياته، فهو مسئول عن رعيته يرعاهم، ويرشدهم بأسلوب يفيض رقَّة وعطفًا وحنانًا، ويخاطب به العاطفة والعقل والمشاعر والوجدان؛ في بناء لجسده القوي، وتهذيب للروح الصافية، في توازن واتِّزان بينهما على السواء، وبذلك تصلح الأسرة؛ لتكون خلية حية وقوية في تشكل المجتمع الإسلامي قويًّا عزيز الجانب؛ فيسمو بحضارة الإسلام المتجدّد
في كل عصر ولكل جيل؛ لذلك احتوت الوصية على معالم رئيسة في بناء الطفل، وتكوينه على أسس قوية تجمع بين هذه العلاقات المختلفة:
1-
تصور الوصية قضية التوحيد وإخلاص العقيدة لله وحده لا شريك له؛ فالشرك بالله ظلم عظيم وجرم كبير.
2-
تصور الوصية ما يجب على الأطفال من البر والطاعة في غير معصية للوالدين، ومصاحبتهما بالمعروف، مهما اختلفت أحوالهما وعلاقاتهما عرفانًا بالجميل، وإنصافًا لأصحاب الفضل عليهم.
3-
الحرص على طاعة الله وتوحيده، وطاعة الوالدين والبر بهما في الحياة كلها؛ فلا يهمل ذلك أو يغفل عنه؛ لأنه محاسب على ذلك عندما يرجع إلى ربه، فالله وحده خلقه وأماته وأعاده إليه ليحاسبه على تفريطه وعصيانه.
4-
تصور الوصية مراقبة الله له في كل حين، وإحاطته بكل شيء؛ ليغرس في نفسه منذ المراحل الأولى للطفولة غريزة المراقبة والحضور والخوف، والتدبر، والتفكير العميق، والاهتمام والعزيمة الصادقة، والمتابعة والتواصل، وذلك في تصوير تهتزُّ له العاطفة، ويمتلأ به الوجدان والقلب رهبة ورغبة {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ} .
5-
تنمية القيم الخلقية والعلاقات الاجتماعية التي تحييها وتجدِّدها: أداء الصلاة، ومواصلة الصبر في المعاملة مهما كانت الشدائد والعقبات، والحرص على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ ليؤدِّي الطفل دوره الفاعل في بناء نفسه، ولا يقصر في تقدم مجتمعه ورفعته.