الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع: تربية النشء ومراحله في التصوير القرآني والسنة الشريفة
أدب الطفولة بين القرآن الكريم والسنة الشريفة
…
الفصل الرابع: تربية النشء ومراحله في التصوير القرآني والسنة الشريفة
أدب الطفولة بين القرآن الكريم والنسة الشريفة
أدب الإسلام للطفل: فطرة وعبادة:
يهذِّب الإسلام الطفل منذ مراحله المبكرة بأدب سام، يوقظ فيه كل حين الفطرة المستقيمة، والخليقة الخالصة النقية، التي تفضل بها الله عز وجل على خلقه في إبداعاته، حين يتلو أو يسمع قوله تعالى:{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم: 30] ، فيسلك المنهج القويم {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى، وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} [الأعلى: 1-3] ، ويميز بين الطيب والخبيث، والهدي والفجور، {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} فألهمها فجورها وتقواها {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 7-10] ، لتختار من النجدين طريق الخير لا طريق الشر {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ، وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ، وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد: 8-10]، فأقرت الروح البشرية بذلك إيمانًا بربها وخالقها منذ الأزل {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} [الأعراف: 172] ، لذلك حثَّ القرآن الكريم في أدبه المعجز العباد على الطريق المستقيم والهدي، والوقاية من الضلال، والعذاب:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: 6] ، كما
حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم في أدب بليغ يتردَّد صداه في جوانب النفس وحنايا الوجدان: "كل مولود يُولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" أخرجه البخاري 410/ 1، ورغب في مخالطة الأخيار، ونهى عن مجالسة الأشرار "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل" رواه أبو داود والترمذي والحاكم، وقال أيضًا:"إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك: إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبًا، ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة" رواه مسلم 4/ 2026، وقال أيضًا:"لا تصاحب إلا مؤمنًا، ولا تأكل إلا مع تقي" رواه أبو داود في 5/ 167، والترمذي برقم 2397؛ لذلك قال تعالى:{وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا} [النساء: 38]، {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 28] ، {فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [النجم: 29] ، {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا، يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا، لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} [الفرقان: 27-29]، ويقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
فلا تصحب أخا الجهل
…
وإياك وإياه
فكم من جاهل أردى
…
حليمًا حين آخاه
يقاس المرء بالمرء
…
إذا ما المرء ماشاه
وللشيء من الشيء
…
مقاييس وأشباه
وللقلب على القلب
…
دليل حين يلقاه1