المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المحتويات الافتتاحية: من أهداف الحج توحيد كلمة المسلمين على الحق سماحة الشيخ - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٢٩

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌ثانيا: أدلة تحريم الاعتداء على أموال الناس:

- ‌ثالثا: تعريف الحيازة:

- ‌رابعا: موضوع البحث:

- ‌خامسا: ذكر آراء الفقهاء في إثبات الملكية بالتقادم

- ‌تمهيد:

- ‌النقول عن المذهب الحنفي:

- ‌تمهيد:

- ‌ أنواع مرور الزمن:

- ‌ الدعاوى الممنوع استماعها:

- ‌ السنة التي تعتبر في مرور الزمن:

- ‌ تفسير كلمة (لا إله إلا الله محمد رسول الله)

- ‌ حقيقة الإسلام

- ‌ مفهوم العبودية في الإسلام

- ‌معنى نقص العقل والدين عند النساء

- ‌حكم الأخطاء التي ارتكبت قبل الهداية

- ‌تربية ثلاث بنات

- ‌ معنى الإحسان إلى البنات

- ‌تبادل الزيارات بين المسلمات وغير المسلمات

- ‌مصرف المؤلفة قلوبهم

- ‌الوقاية من الجريمة في التشريع الجنائي الإسلامي

- ‌الجريمة:

- ‌الجناية:

- ‌ الطرق الوقائية

- ‌الرقابة الذاتية:

- ‌رقابة الفرد:

- ‌رقابة الأسرة:

- ‌رقابة المجتمع:

- ‌الطريقة الزجرية:

- ‌ حكمة العقوبات المفروضة في الإسلام

- ‌أولا: الإيمان بالله تعالى:

- ‌ثانيا: الإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وسلم وأنه خاتم الأنبياء والمرسلين:

- ‌ثالثا: الإيمان بعموم الشريعة الإسلامية وشمولها وصلاحيتها لكل زمان ومكان

- ‌رابعا: الإيمان بكمال الشريعة الإسلامية ومرونتها وصلاحها للخلود إلى يوم القيامة

- ‌خامسا: الإيمان بأن الشريعة الإسلامية ناسخة لجميع الشرائع السابقة

- ‌حاجة الناس إلى شرع الله تعالى

- ‌النسخ في القرآن الكريم

- ‌مقدمة:

- ‌الفصل الأولالنسخ لغة واصطلاحا

- ‌الفصل الثانيالفرق بين النسخ والتخصيص

- ‌الفصل الثالثشروط النسخ

- ‌الفصل الرابعالآراء في حكم النسخ ومناقشتها

- ‌شبهات المنكرين للجواز العقلي وإبطالها

- ‌شبهات المنكرين للنسخ سمعا

- ‌ شبهة العنانية والشمعونية:

- ‌ شبهة النصارى:

- ‌ شبهة العيسوية:

- ‌ شبهة أبي مسلم:

- ‌الفصل الخامستفسير تحليلي للآيات الدالة على النسخ في القرآن الكريم

- ‌الفصل السادسما يقع فيه النسخ في القرآن

- ‌الفصل السابعأنواع النسخ في القرآن

- ‌آراء العلماء في أنواع النسخ

- ‌الفصل الثامنأمثلة للنسخ وما قيل إنه نسخ وليس بنسخ

- ‌خاتمة البحث

- ‌تقديم

- ‌نحو مجتمع أفضل:من هنا يجب أن نبدأ

- ‌تربية الطفل قبل ولادته:

- ‌تصنيف الطلاب شرط أساسي للنجاح:

- ‌الابتعاث وأثره في وجودنا:

- ‌ الراجفة تتبعها الرادفة

- ‌عبرة من القافقاس:

- ‌الوافدون وما أدراك ما الوافدون:

- ‌الإعلام بين الهدم والبناء:

- ‌مع غواة الغناء والموسيقى:

- ‌في صيدلية الإسلام علاج كل داء:

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌ ‌المحتويات الافتتاحية: من أهداف الحج توحيد كلمة المسلمين على الحق سماحة الشيخ

‌المحتويات

الافتتاحية:

من أهداف الحج توحيد كلمة المسلمين على الحق سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز 7

موضوع العدد:

التقادم في مسألة وضع اليد "الجزء الأول" اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 19

الفتاوى:

فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 67

فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز 99

ص: 4

البحوث:

مصرف المؤلفة قلوبهم الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع 111

الوقاية من الجريمة في التشريع الجنائي الإسلامي الدكتور محمد بن سعد الشويعر 125

حتمية تطبيق شرع الله في الأرض الدكتور / صالح بن غانم السدلان 169

النسخ في القرآن الكريم الشيخ عبد الله بن حمد الشبانة 207

مخطوطة "الجواب الفاصل بتمييز الحق من الباطل" تحقيق: الدكتور عواد بن عبد الله بن محمد المعتق 279

نحو مجتمع أفضل الشيخ / محمد المجذوب 315

من قرارات المجامع الفقهية 331

بيان بطلان ما يعتقده بعض الناس سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز 345

بيان هيئة كبار العلماء في تأييد ما اتخذه ولي الأمر من إجراءات لحماية المملكة 349

ص: 5

صفحة فارغة

ص: 6

الافتتاحية

من أهداف الحج توحيد كلمة المسلمين على الحق

الحمد لله الذي جعل البيت مثابة للناس وأمنا، وجعله مباركا وهدى للعالمين، وأمر عبده ورسوله وخليله إبراهيم إمام الحنفاء ووالد الأنبياء من بعد أن يوجه الناس، ويؤذن فيهم بالحج بعد ما بوأ له مكان البيت؛ ليأتوا إليه من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين، الذي بعث رسله، وأنزل كتبه؛ لإقامة الحجة وبيان أنه سبحانه هو الواحد الأحد المستحق أن يعبد، والمستحق لأن يجتمع العباد على طاعته واتباع شريعته وترك ما خالف ذلك، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وخليله الذي أرسله سبحانه رحمة للعالمين وحجة على العباد أجمعين، بعثه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وأمره أن يبلغ الناس مناسكهم ففعل ذلك قولا وعملا عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم.

ص: 7

لقد حج عليه الصلاة والسلام حجة الوداع وبلغ الناس مناسكهم قولا وعملا، وقال للناس:«خذوا عني مناسككم، فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا (1)» فشرح لهم أعمال الحج وأقوال الحج وجميع مناسكه بقوله وفعله عليه الصلاة والسلام، فقد بلغ الرسالة وأدى الأمانة، وجاهد في الله حق الجهاد حتى أتاه اليقين من ربه عليه الصلاة والسلام، فسار خلفاؤه الراشدون وصحابته المرضيون رضي الله عنهم جميعا على نهجه القويم، وبينوا للناس هذه الرسالة العظيمة بأقوالهم وأعمالهم، ونقلوا إلى الناس أقواله وأعماله عليه الصلاة والسلام بغاية الأمانة والصدق، رضي الله عنهم وأرضاهم وأحسن مثواهم.

وكان أعظم أهداف هذا الحج توحيد كلمة المسلمين على الحق وإرشادهم إليه حتى يستقيموا على دين الله وحتى يعبدوه وحده وحتى ينقادوا لشرعه، فمن أجل ذلك رأيت أن تكون كلمتي في هذا المقام بهذا العنوان (من أهداف الحج توحيد كلمة المسلمين على الحق) وللحج أهداف كثيرة يأتي بيان كثير منها إن شاء الله.

فمعلوم أن الله جل وعلا شرع الحج لعباده وجعله الركن الخامس من أركان الإسلام لحكم كثيرة وأسرار عظيمة ومنافع لا تحصى، وقد أشار الله جل وعلا إلى ذلك في كتابه العظيم حيث يقول جل وعلا:{قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (2){إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} (3){فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} (4).

فبين سبحانه وتعالى أن هذا البيت أول بيت وضع للناس أي في الأرض للعبادة والتقرب إلى الله بما يرضيه، كما ثبت في الصحيحين في حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: «قلت: يا رسول الله أخبرني عن أول مسجد وضع في

(1) سنن النسائي مناسك الحج (3062).

(2)

سورة آل عمران الآية 95

(3)

سورة آل عمران الآية 96

(4)

سورة آل عمران الآية 97

ص: 8

الأرض، قال: المسجد الحرام، قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى، قلت: وكم بينهما؟ قال: أربعون عاما، قلت: ثم أي؟ قال: ثم حيث أدركتك الصلاة فصل فإنه مسجد (1)».

فبين عليه الصلاة والسلام أن أول بيت وضع للناس هو المسجد الحرام، وهو وضع للعبادة والتقرب إلى الله عز وجل كما قال أهل العلم. وهناك بيوت قبله للسكن، ولكن المقصود أنه أول بيت وضع للعبادة والطاعة والتقرب إلى الله عز وجل بما يرضيه من الأقوال والأعمال، ثم بعده المسجد الأقصى بناه حفيد إبراهيم يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام، ثم جدده في آخر الزمان بعد ذلك بمدة طويلة نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام، ثم بعد ذلك كل الأرض مسجد.

ثم جاء مسجد النبي عليه الصلاة والسلام وهو المسجد الثالث في آخر الزمان على يدي نبي الساعة محمد عليه الصلاة والسلام، فبناه بعدما هاجر إلى المدينة هو وأصحابه رضي الله عنهم، وأخبر عليه الصلاة والسلام أنه أفضل المساجد بعد المسجد الحرام، فالمساجد المفضلة ثلاثة: أعظمها وأفضلها المسجد الحرام، ثم مسجد النبي عليه الصلاة والسلام ثم المسجد الأقصى، والصلاة في هذه المساجد مضاعفة، جاء في الحديث الصحيح أنها في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، وجاء في مسجده عليه الصلاة والسلام أن الصلاة في مسجده خير من ألف صلاة فيما سواه، وجاء في المسجد الأقصى أنها بخمسمائة صلاة، وهي المساجد العظيمة المفضلة، وهي مساجد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

وشرع الله جل وعلا الحج لعباده لما في ذلك من المصالح العظيمة، وأخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن الحج مفروض على العباد المكلفين المستطيعين السبيل إليه كما دل عليه كتاب الله عز وجل في قوله سبحانه:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (2).

(1) صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (3366)، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (520)، سنن النسائي المساجد (690)، سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (753)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 156).

(2)

سورة آل عمران الآية 97

ص: 9

وخطب النبي صلى الله عليه وسلم في الناس فقال: «أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج فحجوا، فقيل: يا رسول الله أفي كل عام؟ فقال: الحج مرة فمن زاد فهو تطوع (1)» فهو فرض مرة في العمر فما زاد على ذلك فهو تطوع على الرجال والنساء المكلفين المستطيعين السبيل إليه، ثم هو بعد ذلك تطوع وقربة عظيمة، كما قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم:«العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة (2)» وهذا يعم الفرض والنفل من العمرة والحج، وقال عليه الصلاة والسلام:«من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه (3)» وفي اللفظ الآخر: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه (4)» . وهذا يدل على الفضل العظيم للحج والعمرة وأن العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما وأن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.

فجدير بأهل الإيمان أن يبادروا لحج بيت الله وأن يؤدوا هذا الواجب العظيم أينما كانوا وإذا استطاعوا السبيل إلى ذلك، وأما ما بعد ذلك فهو نافلة وليس بفريضة ولكن فيه فضل عظيم كما في الحديث الصحيح:«قيل يا رسول الله أي العمل أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله، قيل: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قيل: ثم أي؟ قال: حج مبرور (5)» متفق على صحته.

وقد حج عليه الصلاة والسلام حجة الوداع وشرع للناس المناسك بقوله وفعله وخطب بهم في حجة الوداع في يوم عرفة خطبة عظيمة ذكرهم فيها بحقه سبحانه وتوحيده، وأخبرهم فيها أن أمور الجاهلية موضوعة، وأن الربا موضوع، وأن دماء الجاهلية موضوعة، وأوصاهم فيها بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله والاعتصام بهما، وأخبر أنهم لن يضلوا ما اعتصموا بهما، وبين حق الرجل على زوجته وحقها عليه وبين أمورا كثيرة عليه الصلاة والسلام. ثم قال:«وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فجعل يرفع إصبعه إلى السماء، ثم ينكبها إلى الأرض ويقول: اللهم اشهد اللهم اشهد (6)» عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام. ولا شك أنه

(1) صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (7288)، صحيح مسلم الحج (1337)، سنن الترمذي العلم (2679)، سنن النسائي مناسك الحج (2619)، سنن ابن ماجه المقدمة (2)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 508).

(2)

صحيح البخاري الحج (1773)، صحيح مسلم الحج (1349)، سنن الترمذي الحج (933)، سنن النسائي مناسك الحج (2622)، سنن ابن ماجه المناسك (2888)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 246)، موطأ مالك الحج (776)، سنن الدارمي المناسك (1795).

(3)

صحيح البخاري الحج (1521)، صحيح مسلم الحج (1350)، سنن الترمذي الحج (811)، سنن النسائي مناسك الحج (2627)، سنن ابن ماجه المناسك (2889)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 248)، سنن الدارمي المناسك (1796).

(4)

صحيح البخاري الحج (1820)، صحيح مسلم الحج (1350)، سنن الترمذي الحج (811)، سنن النسائي مناسك الحج (2627)، سنن ابن ماجه المناسك (2889)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 410)، سنن الدارمي المناسك (1796).

(5)

صحيح البخاري الإيمان (26)، صحيح مسلم الإيمان (83)، سنن الترمذي فضائل الجهاد (1658)، سنن النسائي مناسك الحج (2624)، سنن الدارمي الجهاد (2393).

(6)

صحيح مسلم كتاب الحج (1218)، سنن أبو داود كتاب المناسك (1905)، سنن ابن ماجه المناسك (3074)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 321)، سنن الدارمي كتاب المناسك (1850).

ص: 10

بلغ الرسالة وأدى الأمانة عليه الصلاة والسلام على خير الوجوه وأكملها ونشهد له بذلك كما شهد له صحابته رضي الله عنهم وأرضاهم.

وقد بين عليه الصلاة والسلام مناسك الحج وأعماله بأقواله وأفعاله، وكان خروجه من المدينة في آخر ذي القعدة من عام عشر محرما بالحج والعمرة قارنا من ذي الحليفة، وساق الهدي عليه الصلاة والسلام وأتى مكة في صبيحة اليوم الرابع من ذي الحجة، ولم يزل يلبي من الميقات من حين أحرم من ذي الحليفة بتلبيته المشهورة: لبيك اللهم لبيك. . لبيك لا شريك لك لبيك. . إن الحمد والنعمة لك والملك. . لا شريك لك، بعدما لبى بالحج والعمرة عليه الصلاة والسلام، وكان قد خير أصحابه في ذي الحليفة بين الأنساك الثلاثة، فمنهم من لبى بالعمرة، ومنهم من لبى بهما، وكان صلى الله عليه وسلم يرفع صوته بالتلبية، وهكذا أصحابه رضي الله عنهم، ولم يزل يلبي حتى وصل إلى بيت الله العتيق وبين للناس ما يقولونه في الأذكار والدعاء في طوافهم وسعيهم في عرفات وفي مزدلفة وفي منى، وبين الله جل وعلا ذلك في كتابه العظيم؛ حيث قال جل وعلا:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ} (1){ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (2) إلى أن قال سبحانه وتعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} (3) الآية.

فالذكر من جملة المنافع المذكورة في قوله تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} (4) الآية وعطفه على المنافع من باب عطف الخاص على العام. وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «إنما جعل الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله (5)» .

(1) سورة البقرة الآية 198

(2)

سورة البقرة الآية 199

(3)

سورة البقرة الآية 203

(4)

سورة الحج الآية 28

(5)

سنن الترمذي الحج (902)، سنن أبو داود المناسك (1888)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 75)، سنن الدارمي المناسك (1853).

ص: 11

وشرع للناس كما جاء في كتاب الله ذكر الله عند الذبح وشرع لهم ذكر الله عند رمي الجمار.

فكل أنواع مناسك الحج ذكر الله عز وجل قولا وعملا، فالحج بأعماله وأقواله كله ذكر الله عز وجل، وكله دعوة إلى توحيده والاستقامة على دينه والثبات على ما بعث به رسوله محمد عليه الصلاة والسلام. فأعظم أهدافه توجيه الناس إلى توحيد الله والإخلاص له والاتباع لرسوله صلى الله عليه وسلم فيما بعث الله به من الحق والهدى في الحج وغيره.

فالتلبية أول ما يأتي به الحاج والمعتمر يقول: لبيك اللهم لبيك. . لبيك لا شريك لك لبيك، يعلن توحيده لله وإخلاصه وأن الله سبحانه لا شريك له، وهكذا في طوافه يذكر الله ويعظمه ويعبده بالطواف وحده، ويسعى فيعبده بالسعي وحده دون كل من سواه، وهكذا بالتحليق والتقصير، وهكذا بذبح الهدايا والضحايا، كل ذلك لله وحده، وهكذا بأذكاره التي يقولها في عرفات وفي مزدلفة وفي منى، كلها ذكر الله وتوحيد له ودعوة إلى الحق وإرشاد للعباد، وأن الواجب عليهم أن يعبدوا الله وحده، وأن يتكاتفوا في ذلك ويتعاونوا، وأن يتواصوا بذلك، وهم يأتون من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم.

وهذه المنافع كثيرة جدا أجملها الله في الآية وفصلها في مواضع كثيرة، منها الطواف وهو عبادة عظيمة ومن أعظم أسباب تكفير الذنوب وحط الخطايا، وهكذا السعي وما فيهما من ذكر الله عز وجل والدعاء، وهكذا ما في عرفات من ذكر الله والدعاء، وما في مزدلفة من ذكر الله والدعاء، وما في ذبح الهدايا من ذكر الله وتكبيره وتعظيمه، وما يقال عند رمي الجمار من تكبير الله عز وجل وتعظيمه، وكل أعمال الحج تذكر بالله وحده وتدعو المسلمين جميعا إلى أن يكونوا جسدا واحدا وبناء واحدا في اتباع الحق والثبات عليه، والدعوة إليه والإخلاص لله سبحانه في جميع الأقوال والأعمال، وهم يتلاقون على هذه الأراضي المباركة يريدون التقرب إلى الله وعبادته سبحانه، وطلب غفرانه وعتقه لهم من النار، ولا شك أن هذا مما يوحد القلوب ويجمعها على طاعة الله والإخلاص له واتباع شريعته وتعظيم أمره ونهيه؛ ولهذا قال عز وجل:{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} (1)

(1) سورة آل عمران الآية 96

ص: 12

فأخبر سبحانه أنه مبارك بما يحصل لزواره والحاجين إليه من الخير العظيم من الطواف والسعي وسائر ما شرعه الله من أعمال الحج والعمرة، وهو مبارك تحط عنده الخطايا، وتضاعف عنده الحسنات وترفع فيه الدرجات، ويرفع الله ذكر أهله المخلصين الصادقين ويغفر لهم ذنوبهم ويدخلهم الجنة فضلا منه وإحسانا إذا أخلصوا له واستقاموا على أمره، وتركوا الرفث والفسوق. كما قال صلى الله عليه وسلم:«من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه (1)» والرفث: هو الجماع قبل التحلل وما يدعو إلى ذلك من قول وعمل مع النساء كله رفث، والفسوق: جميع المعاصي القولية والفعلية يجب على الحاج تركها والحذر منها، وهكذا الجدال يجب تركه إلا في خير، كما قال جل وعلا:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} (2).

الحج كله دعوة إلى طاعة الله ورسوله، دعوة إلى تعظيم الله وذكره، دعوة إلى ترك المعاصي والفسوق، دعوة إلى ترك الجدال الذي يجلب الشحناء والعداوة، ويفرق بين المسلمين. أما الجدال بالتي هي أحسن فهذا مأمور به في كل زمان ومكان كما قال تعالى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (3) وهذا طريق الدعوة في كل زمان ومكان، في البيت العتيق، وغيره يدعو إخوانه بالحكمة وهي العلم: قال الله تعالى، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبالموعظة الحسنة الطيبة اللينة التي ليس فيها عنف ولا إيذاء، ويجادل بالتي هي أحسن عند الحاجة؛ لإزالة الشبهة وإيضاح الحق فيجادل بالتي هي أحسن بالعبارات الحسنة والأساليب الجيدة المفيدة التي تزيل الشبهة وتوجه إلى الحق دون عنف وشدة، فالحجاج في أشد الحاجة إلى الدعوة والتوجيه إلى الخير والإعانة على الحق، فإذا التقى مع إخوانه من سائر أقطار الدنيا وتذاكروا فيما يجب عليهم وما شرع الله لهم، كان ذلك من أعظم الأسباب في توحيد كلمتهم واستقامتهم على دين الله

(1) صحيح البخاري الحج (1521)، صحيح مسلم الحج (1350)، سنن النسائي مناسك الحج (2627)، سنن ابن ماجه المناسك (2889)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 248)، سنن الدارمي المناسك (1796).

(2)

سورة البقرة الآية 197

(3)

سورة النحل الآية 125

ص: 13

وتعارفهم وتعاونهم على البر والتقوى.

فالحج فيه منافع عظيمة، فيه خيرات كثيرة فيه دعوة إلى الله وتعليم وإرشاد وتعارف وتعاون على البر والتقوى بالقول والفعل المعنوي والمادي. هكذا يشرع لجميع الحجاج والعمار أن يكونوا متعاونين على البر والتقوى متناصحين على طاعة الله ورسوله، مجتهدين فيما يقربهم إلى الله متباعدين عن كل ما حرم الله، وأعظم ما أوجب الله توحيده، وإخلاص العبادة له في كل مكان وفي كل زمان ولا سيما في هذه البقعة العظيمة المباركة، فإن من الواجب إخلاص العبادة لله وحده في كل مكان وفي كل زمان، وفي هذا المكان أعظم وأوجب، فيخلص لله عملا وقولا من طواف وسعي ودعاء وغير ذلك، وهكذا بقية الأعمال كلها لله وحده جل وعلا مع الحذر من معاصي الله عز وجل، ومع الحذر من ظلم العباد وإيذائهم بقول وعمل، فالمؤمن يحرص كل الحرص على نفع إخوانه والإحسان إليهم وتوجيههم إلى الخير، وبيان ما قد يجهلون من أمر الله وشرعه مع الحذر من إيذائهم وظلمهم في دمائهم وأموالهم وأعراضهم، فالمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يخذله بل يحب له كل خير ويكره له كل شر أينما كان ولا سيما في بيت الله العتيق وفي حرمه الأمين وفي بلد رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن الله جعل هذا الحرم آمنا، جعله آمنا من كل ما يخافه الناس، فعلى المسلم أن يحرص على أن يكون مع أخيه في غاية من الأمانة ينصحه ويرشده ولا يغشه ولا يخونه ولا يؤذيه لا بقول ولا بعمل، فقد جعل الله هذا الحرم آمنا كما قال تعالى:{وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} (1) وقال جل وعلا: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا} (2) فالمؤمن يحرص كل الحرص على تحقيق هذا الأمن وأن يكون بنفسه حريصا على الإحسان لأخيه وإرشاده إلى ما ينفعه ومساعدته دينا ودنيا على كل ما فيه راحة ضميره وإعانته على أداء

(1) سورة البقرة الآية 125

(2)

سورة القصص الآية 57

ص: 14

المناسك كما أنه يحرص كل الحرص على البعد عن كل ما حرم الله من سائر المعاصي، ومن جملة ذلك إيذاء العباد فإن ذلك من أكبر المحرمات وإذا كان مع حجاج بيت الله الحرام ومع العمار صار الظلم أكثر إثما وأشد عقوبة وأسوأ عاقبة.

فالحج والعمرة نسكان عظيمان من أعظم العبادة التي يترتب عليها خير عظيم ومنافع جمة وعواقب حميدة لسائر المسلمين في سائر أقطار الدنيا، فالصلوات الخمس يجتمع فيها العباد في كل بلد يتعارفون ويتناصحون ويتعاونون على البر والتقوى، لكن الحج يجتمع فيه العالم كله من كل مكان، فإذا كانت الصلوات هي من الخير العظيم لاجتماعهم عليها في أوقات خمسة، فهكذا الحج في كل عام فيه خير عظيم والأمر فيه أوجب وأعظم من جهة دعوة الناس إلى الخير؛ لأنهم يأتون من كل فج عميق، وقد لا تلقى أخاك الذي تراه في الحج بعد ذلك.

وهكذا المرأة عليها أن تحرص وأن تبذل وسعها في إرشاد أخواتها في الله مما علمها الله، فالرجل يرشد لإخوانه وأخواته في الله من حجاج بيت الله الحرام وزوار مسجد رسوله صلى الله عليه وسلم، والمرأة كذلك ترشد لأخواتها وإخوانها في الله مما تعلم من الحجاج والعمار، هكذا يكون الحج وهكذا تكون العمرة فيهما التعاون والتواصي بالحق والتناصح والإرشاد إلى الخير وبذل المعروف وكف الأذى أينما كان الحجاج والعمار، في المسجد الحرام وفي خارج المسجد، في الطواف وفي السعي وفي رمي الجمار وفي غير ذلك، يحرص كل واحد على كل ما ينفع أخاه ويدرأ عنه الأذى في جميع أرجاء البلد الكريم، وفي جميع مشاعر الحج يرجو من الله المثوبة ويحذر مغبة الظلم والأذى لإخوانه المسلمين.

وهذا كله داخل في قوله سبحانه: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} (1) وإنما كان مباركا

(1) سورة آل عمران الآية 96

ص: 15

وهدى للعالمين؛ لما يحصل لقاصديه من الخير العظيم في هذا البيت العتيق من الطواف والسعي والتلبية والأذكار العظيمة، يهتدون بها إلى توحيد الله وطاعته، ويحصل لهم من التعارف والتلاقي والتواصي والتناصح ما يهتدون به إلى الحق؛ ولهذا سمى الله بيته مباركا وهدى للعالمين؛ لما يحصل فيه من البركة والخير العظيم من تلبية وأذكار وطاعة عظيمة، تبصر العباد بربهم وتوحيده وتذكرهم بما يجب عليهم نحوه سبحانه ونحو رسوله عليه الصلاة والسلام، وتذكرهم بما يجب عليهم نحو إخوانهم الحجاج والعمار من تناصح وتعاون وتواص بالحق ومواساة للفقير ونصر للمظلوم وردع للظالم وإعانة على كل وجوه الخير. هكذا ينبغي لحجاج بيت الله الحرام ولعماره أن يوطنوا أنفسهم لهذا الخير العظيم وأن يستعدوا لكل ما ينفع إخوانهم وأن يحرصوا على بذل المعروف وكف الأذى كل واحد مسئول عما حمله الله حسب طاقته كما قال سبحانه وتعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (1).

أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يوفقنا وجميع المسلمين لما فيه رضاه وصلاح عباده وأن يوفق حجاج بيته العتيق وعماره لما فيه صلاحهم ونجاتهم ولما فيه قبول حجهم وقبول عمرتهم، ولكل ما فيه صلاح أمر دينهم ودنياهم، كما أسأله سبحانه أن يرد جميع الحجاج إلى بلادهم سالمين موفقين مسترشدين مستفيدين من حجهم ما يسبب نجاتهم من النار ودخولهم الجنة واستقامتهم على الحق أينما كانوا، كما أسأل الله أن يوفق ولاة أمرنا في هذه البلاد لكل خير ولكل ما يعين الحجاج على أداء مناسكهم على الوجه الذي يرضيه سبحانه، وقد فعلت الدولة وفقها الله الشيء الكثير من المشاريع والأعمال التي تساعد الحجاج على أداء مناسكهم وتؤمنهم في رحاب هذا البيت العتيق، فجزاها الله خيرا وضاعف مثوبتها ولا شك أن الواجب على الحجاج أن يبتعدوا عن كل ما يسبب الأذى والتشويش من

(1) سورة التغابن الآية 16

ص: 16

سائر الأعمال كالمظاهرات والهتافات والدعوات المضلة والمسيرات التي تضايق الحجاج وتؤذيهم إلى غير ذلك من أنواع الأذى التي يجب أن يحذرها الحجاج.

وسبق أن وضحنا الواجب على الحجاج بأن يكون كل واحد منهم حريصا على نفع أخيه وتيسير أدائه مناسكه وألا يؤذيه لا في طريق ولا في غيره. كما أسأله أن يوفق الحكومة وأن يعينها على كل ما فيه نفع الحجيج وتسهيل أداء مناسكهم وأن يبارك في جهودها وأعمالها، وأن يوفق القائمين على شئون الحج لكل ما فيه تيسير أمور الحجيج ولكل ما فيه إعانتهم على أداء مناسكهم على خير حال، كما أسأله عز وجل أن يوفق جميع ولاة أمر المسلمين في كل مكان لما فيه رضاه وأن يصلح قلوبهم وأعمالهم، وأن يصلح لهم البطانة وأن يعينهم على تحكيم شريعة الله في عباد الله، وأن يعيذنا وإياهم من اتباع الهوى ومن مضلات الفتن إنه جل وعلا جواد كريم.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية

والإفتاء والدعوة والإرشاد

ص: 17

صفحة فارغة

ص: 18

التقادم في مسألة وضع اليد

" الجزء الأول "

إعداد اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد. . .

بناء على الخطاب رقم 1994/ 2 وتاريخ 10/ 10 / 1398هـ الموجه من سماحة الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد إلى سماحة رئيس الدورة الثالثة عشرة وأعضاء المجلس بخصوص اقتراح دراسة التقادم في مسألة وضع اليد. وبناء على موافقة المجلس في الدورة الثالثة عشرة على إدراج هذا الموضوع ضمن المسائل التي تبحث في الدورة الرابعة عشرة وأن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء تكتب بحثا في ذلك.

فقد جمعت ما يسر الله في ذلك تحت العناصر الآتية:

1 -

الأسباب الشرعية لنقل الملكية مع الأدلة إجمالا.

2 -

أدلة تحريم الاعتداء على أموال الناس.

3 -

تعريف الحيازة.

4 -

موضوع البحث.

5 -

ذكر آراء الفقهاء في إثبات الملكية بالتقادم وشروط ذلك مع الأدلة والتعليل والمناقشة.

وفيما يلي الكلام عليها بالقدر الذي تيسر وسنختم البحث بملخص مختصر تقريبا للموضوع.

أولا: الأسباب الشرعية لنقل الملكية مع الأدلة إجمالا:

من قواعد الشريعة أن نقل الملكية من المالك الشرعي لا يعتبر إلا إذا كان بسبب من الأسباب الشرعية كالبيع والهبة والوصية والميراث والشفعة

ص: 19

والحيازة والتقادم عند من يقول بذلك على ما سيأتي تفصيله وفيما يلي بيان هذه الأسباب باختصار مع الأدلة:

أ - البيع ومن أدلته قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} (1).

ب - الهبة بلا شرط فإن كانت بشرط عوض فهي بيع وتدخل في عموم السبب الأول، ودليل الهبة قوله صلى الله عليه وسلم:«العائد في هبته كالعائد في قيئه (2)» ، في لفظ:«فإن الذي يعود في صدقته كالكلب يعود في قيئه يقيء ثم يعود فيه (3)» . أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما.

جـ - الوصية ومن أدلتها قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} (4) البقرة 180 ثم أخرج الوارث بقوله صلى الله عليه وسلم «إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث (5)» .

د - الميراث: ومن أدلته قوله صلى الله عليه وسلم: «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر (6)» .

هـ - الشفعة ومن أدلتها حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: «جعل - وفي لفظ قضى - النبي صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة له (7)» أخرجه البخاري وغيره.

والحيازة والتقادم عند من يقول بذلك ومما استدل به لذلك ما روي من قول النبي صلى الله عليه وسلم «من حاز شيئا عشر سنين فهو له» وفي رواية أخرى: «من حاز شيئا على خصمه عشر سنين فهو أحق به (8)» وفي رواية ثالثة: «من حاز شيئا على خصمه عشر سنين فهو أحق به منه (9)» وقد ذكر الفقهاء أسبابا أخرى تركنا ذكرها اختصارا؛ لأن البحث لا يتوقف على ذكرها.

(1) سورة البقرة الآية 275

(2)

صحيح البخاري الهبة وفضلها والتحريض عليها (2621)، صحيح مسلم الهبات (1622)، سنن الترمذي البيوع (1298)، سنن النسائي الرقبى (3710)، سنن أبو داود البيوع (3538)، سنن ابن ماجه الأحكام (2385)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 250).

(3)

صحيح البخاري الهبة وفضلها والتحريض عليها (2589)، صحيح مسلم الهبات (1622)، سنن الترمذي البيوع (1298)، سنن النسائي الهبة (3695)، سنن أبو داود البيوع (3538)، سنن ابن ماجه الأحكام (2385)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 217).

(4)

سورة البقرة الآية 180

(5)

سنن الترمذي الوصايا (2120)، سنن أبو داود البيوع (3565)، سنن ابن ماجه الوصايا (2713).

(6)

صحيح البخاري الفرائض (6737)، صحيح مسلم الفرائض (1615)، سنن الترمذي الفرائض (2098)، سنن أبو داود الفرائض (2898)، سنن ابن ماجه الفرائض (2740)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 292).

(7)

صحيح البخاري الحيل (6976)، صحيح مسلم المساقاة (1608)، سنن الترمذي الأحكام (1370)، سنن النسائي البيوع (4701)، سنن أبو داود البيوع (3514)، سنن ابن ماجه الأحكام (2499)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 399)، سنن الدارمي البيوع (2628).

(8)

شرح الخطاب 6/ 229.

(9)

تبصرة الحكام على هامش فتح العلي المالك / 2/ 362 و 363.

ص: 20