الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الصدر الأول من الظلمات إلى النور، فكانوا خير أمة أخرجت للناس وبالتعليم المستمد من فلسفات الأمم المنحلة في العصر العباسي، انحرفت مسيرة الأمة ففقدت الحصانة التي أودعت قبضتها أزمة العالم وبالتعليم الماركسي الشيطاني تدفقت سموم الشيوعية وجيوشها الهمجية على أفغانستان المسلمة، فتكاد تلتهمها كما التهمت أخوات لها من قبل، في بخارى وسمرقند والقوقاس وقازخستان وبقية الأرض المسلمة، لولا فضل من الله ثم روح العزة التي صمدت بوجه الوباء الزاحف بأحدث وسائل الدمار، فردت للعالم الإسلامي النائم يقظته، وذكرته ما نسي من معاني البطولة والجهاد الذي ما تركه قوم إلا ذلوا. .
عبرة من القافقاس:
وفي مأساة الإسلام التي لقيتها قبائل القازاخستان من قبل، بقيادة الإمام محمد شامل على يد القياصرة الروس، دروس أخرى تزيد من معرفتنا لأخطار التعليم حين تتولاه الأيدي الشيطانية فلقد صمدت كتائب هؤلاء المجاهدين لأضعافها من فيالق الصليبية الروسية طوال عشرات السنين، حتى يئست هذه من أي مطمع بالانتصار العسكري على هذا الجيل من أبطال الإسلام، فقرر الروس توجيه اهتمامهم نحو جيل المستقبل فلجئوا إلى المهادنة وتبادل الفريقان الرهائن فكان المسلمون يختارونهم من كبار القادة الروس على حين يأخذ هؤلاء أبناء القادة المسلمين من حدثاء الأسنان فيرسلونهم إلى عاصمتهم / سان بطرسبرغ / حيث يلحقون بمدارس أبناء النبلاء، وما هي سوى سنوات محدودة حتى ظهر تفوق الفكر الصليبي بما لم يخطر في بال قادة الجهاد الإسلامي إذ تمكن عدوهم بالدهاء والمكر وغسل الأدمغة من اكتساب أبنائهم إلى صفهم وإذا هم في نهاية الخط ضباط في الجيش الروسي وفي مقدمتهم / جمال الدين / نجل الإمام محمد شامل، ومعه ابن نائب الإمام / حجي مراد / يقودون كتائب الكفرة لمحاربة آبائهم (1) فيحققون لأوليائهم الجدد ما عجزت عنه موجات جيوشهم على
(1) اقتبسنا هذه الفقرة من مقال نشرته مجلة (الجهاد) الأفغانية في عدد رجب 1406 صـ 23.
مدى القرون. . . وهو التخطيط نفسه الذي ينفذه اليوم غزاة الروس في أفغانستان كما أسلفنا، حيث يأخذون الألوف من أطفال المسلمين لتربيتهم في محاضن الشيوعية، وليعيدوهم فيما بعد قادة للأجيال القادمة من أمتهم التي كفروا بكل مقوماتها. . . ولا نغالي إذا قلنا أيضا: إنه المخطط نفسه الذي تواجهه الشعوب المسلمة في سائر أنحاء العالم الإسلامي عن طريق بعثاتهم التي يدفعون بها إلى مصايد الغرب والشرق، فلا تلبث أن تعود إلى أوطانها إذا عادت؛ لتحتل فيها مراكز التوجيه، ولتقوم بمهمة التدمير لمقومات هذه الشعوب وفق الخطة التي رسمها شياطين الصليبية المتهودة في دهاليز الغرب والشرق.
ومما لا يسع مفكرا تجاهله هو أن حاجة المسلمين إلى علوم الأمم الأخرى هي التي تفرض عليهم الاتجاه إلى الابتعاث للحصول على ما ينقصهم منها وهو واقع لا يقبل المراء، ولكن الذي يريده المخلصون هو الوقوف بهذا الأمر عند أضيق الحدود فلا يتجاوز نطاق الضرورات. . فعلى المسئولين عن مصير شعوبهم أن يحلوا استقدام الخبراء بقدر الحاجة وفي أضيق الحدود من تلك الأمم محل الابتعاث إليها ما أمكنهم ذلك، وعندما تقتضي الحاجة إرسال الطلبة إلى الخارج يجب اختيارهم وتنظيم شئونهم واختيار البعثات من أفاضل الطلاب وتوفير الوسط المأمون لهم في السكن والدراسة وأن يبعث معهم فقيه يساعدهم على الانضباط في حياة إسلامية سليمة لتكون عاقبة هذا التدبير الحكيم عودة البعثات في منجاة من أوبئة الغرب، حيث يحقق كل منهم النجاح المنشود في عمله بعد عودته ثم يكون كل من هؤلاء الناجحين ركنا حيا في بناء النهضة الصحيحة. .
وعلى ضوء هذا النهج الحكيم يحسن بنا أن نتساءل: هل حققنا لمبتعثينا