الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تغسيل الميت هل ينقض الوضوء
(1)
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم ع. أ. ع. ز
سلمه الله
، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فأشير إلى استفتائك المقيد بإدارة البحوث العلمية والإفتاء برقم 3186 وتاريخ 12\7\1408هـ الذي تسأل فيه عن عدد من الأسئلة.
وأفيدك: أنه سبق أن صدر من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتاوى فيما سألت عنه، فنرفق لك نسخا منها، وفيها الكفاية إن شاء الله.
وبالنسبة لتغسيل الميت، فإنه لا ينقض الوضوء في أصح قولي العلماء، لكن لو مس المغسل عورة الميت فإنه ينقض وضوءه؛ لمس العورة، لا من أجل تغسيل الميت، ولا ينبغي للمغسل مس عورة الميت، بل يغسلها من وراء حائل.
وفق الله الجميع لما فيه رضاه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(1) صدر من مكتب سماحته في 22\8\1408هـ.
نصيحة بالدعوة إلى نشر الإسلام وفضائله في أمريكا، وشرح مسألة تتعلق بمسح المرأة على الخمار وغسل الرأس بعد الجنابة
باب الغسل
نصيحة بالدعوة إلى نشر الإسلام وفضائله
في أمريكا، وشرح مسألة تتعلق بمسح المرأة
على الخمار وغسل الرأس بعد الجنابة (1)
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم الأستاذ ح. ع. ب وفقه الله لما يرضيه،
آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتابكم الكريم المؤرخ بدون، وصل، وصلكم الله بهداه، وسرنا منه علم صحتكم واستمراركم في الطلب والتحصيل لخدمة أمتكم ووطنكم، فالحمد لله على ذلك، نسأل الله لكم التوفيق والنجاح.
ولقد سررنا كثيرا بما ذكرتم من قيامكم بالدعوة إلى نشر الإسلام وبيان فضائله والرد على خصومه، وطلبكم إرسال بعض الدعاة من الجامعة الإسلامية لوجود الكثيرين ممن يتقبلون الإسلام عندما يتبين لهم حقيقته، ويتضح لهم سمو تشريعاته وعدالة نظمه، فالحمد لله أن وفقكم للقيام بهذه المهمة الشريفة والهدف النبيل.
(1) سبق أن نشرت في كتاب سماحته (مجموع فتاوى ومقالات متنوعة) الجزء السادس صـ 235 - 237.
نسأل الله أن يزيدكم من الخير والهدى، وأن ينفع بكم، ويجعلنا وإياكم من الهداة المهتدين، إنه جواد كريم.
أما ما أشرتم إليه من طلب إرسال بعثة إلى أمريكا للدعوة والتبليغ.
فنفيدكم أننا مهتمون بذلك كثيرا، ونحن نقدر لكم هذه البادرة الكريمة، وسوف نرسل إن شاء الله من يقوم بذلك عندما يتيسر من يصلح لهذه المهمة ممن يجيد اللغة الإنجليزية؛ لأن اللغة هي التي تحول كثيرا بيننا وبين ما نريد، حقق الله لنا ولكم كل ما نصبوا إليه من عزة الإسلام وصلاح أمر المسلمين.
وقد أرسلنا بعثات كثيرة إلى أفريقيا بجميع أقطارها للدعوة والإرشاد، وكتابة تقارير عن حالة المسلمين هناك، ودراسة مشاكلهم، والتعرف على الجمعيات الإسلامية، وبذل المساعدات التي يمكن تقديمها لهم، واختيار الطلبة الذين يحسن ابتعاثهم إلى الجامعة الإسلامية بالمدينة، وقد نجحت هذه البعثات بحمد الله نجاحا كبيرا، وحققت خيرا كثيرا نشكر الله على ذلك، ونسأله عز وجل أن يوفقنا وإياكم وسائر المسلمين للفقه في الدين والثبات عليه وبذل الجهود في الدعوة إليه ونشر محاسنه وتعاليمه، وأن يوفق ولاة أمرنا لما فيه صلاح أمر المسلمين وسلامة دينهم وجمع كلمتهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أما ما تضمنه خطابكم من السؤال عن حكم مسح المرأة على الخمار عند غسلها من الجنابة، وأن التزام المرأة الأمريكية بغسل الرأس بعد الجنابة كل مرة قد يقف حجر عثرة
في طريق إسلامها؛ لكونها تتخذ شكلا لرأسها يغيره الماء. إلخ، فقد فهمته.
والجواب: أن المعلوم من الشرع المطهر، ومن كلام أهل العلم أن المسح على الحوائل من خف وعمامة وخمار لا يجوز في الجنابة بالإجماع، إنما يجوز في الوضوء خاصة؛ لحديث صفوان بن عسال رضي الله عنه قال:«أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا مسافرين أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ولكن من غائط وبول ونوم (1) » .
ولا ريب أن الشريعة الإسلامية هي شريعة السماحة والتيسير، ولكن ليس في غسل الرأس من الجنابة حرج شديد؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما سألته أم سلمة عن الغسل من الجنابة والحيض قائلة: يا رسول الله، إني أشد شعر رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة والحيضة؟ قال لها عليه الصلاة والسلام:«لا إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين (2) » أخرجه مسلم في صحيحه.
فعليه: يرشد النساء اللاتي يتحرجن من غسل رءوسهن في الجنابة بأنه يكفيهن أن يحثين على رءوسهن ثلاث حثيات من الماء حتى يعمه الماء، من غير حاجة إلى نقض ولا تغيير شيء من الزي الذي يشق عليهن تغييره، مع بيان ما لهن عند الله من الأجر العظيم والعاقبة الحميدة والحياة الطيبة الكريمة الدائمة في دار الكرامة إذا صبرن على أحكام الشريعة وتمسكن بها، لكن الحوائل الضرورية التي يحتاجها
(1) سنن الترمذي الطهارة (96) ، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (478) .
(2)
صحيح مسلم الحيض (330) ، سنن الترمذي الطهارة (105) ، سنن النسائي الطهارة (241) ، سنن أبو داود الطهارة (251) ، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (603) ، مسند أحمد بن حنبل (6/315) ، سنن الدارمي الطهارة (1157) .
الإنسان، لعروض كسر أو جرح لا بأس بالمسح عليها في الطهارة الكبرى والصغرى، من أجل الضرورة من غير توقيت، ما دامت الحاجة ماسة إلى ذلك؛ لحديث جابر في الرجل الذي شج في رأسه فأمره النبي صلى الله عليه وسلم: أن يعصب على جرحه خرقة ويمسح عليها، ثم يغسل سائر جسده، أخرجه أبو داود في سننه.
ومما يحسن التنبيه عليه للراغبين والراغبات في الإسلام عند التوقف في بعض المسائل والتحرج في بعض الأحكام أن يقال لهم: إن الجنة حفت بالمكاره، والنار حفت بالشهوات، وأن الله سبحانه أمر عباده بما أمرهم به. ليبلوهم أيهم أحسن عملا، فليس الحصول على رضا الرب ودخول جنته والفوز بكرامته، بالأمر السهل من كل الوجوه الذي يناله الإنسان بدون أي مشقة، ليس الأمر هكذا، بل لا بد من صبر وجهاد للنفس، وتحمل الكثير من المشاق في سبيل مرضاة الرب جل وعلا، ونيل كرامته، والسلامة من غضبه وعقابه، كما قال الله عز وجل:{إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} (1) وقال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} (2) وقال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} (3) والآيات كثيرة في هذا المعنى.
(1) سورة الكهف الآية 7
(2)
سورة الملك الآية 2
(3)
سورة محمد الآية 31