الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعد الركوع ويطمئن ولا يعجل قال أنس رضي الله عنه: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا وقف بعد الركوع يعتدل ويقف طويلا حتى يقول القائل: قد نسي وهكذا بين السجدتين (1) » ، فالواجب على المصلي في الفريضة والنافلة ألا يعجل بل يطمئن بعد الركوع ويأتي بالذكر المشروع وهكذا بين السجدتين لا يعجل بل يطمئن ويعتدل كما يأتي ويقول بينهما رب اغفر لي رب اغفر لي كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم.
(1) صحيح البخاري الأذان (821) ، صحيح مسلم الصلاة (472) ، سنن أبو داود الصلاة (853) ، مسند أحمد بن حنبل (3/226) .
السجود الأول:
ثم بعد هذا الحمد والثناء والاعتدال والطمأنينة بعد الركوع ينحط ساجدا قائلا: الله أكبر من دون رفع اليدين لأن الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم عدم الرفع في هذا المقام فيسجد على أعضائه السبعة جبهته وأنفه هذا عضو وكفيه وعلى ركبتيه وعلى أصابع رجليه، قال النبي صلى الله عليه وسلم:«أمرت أن أسجد على سبعة أعظم الجبهة وأشار بيده على أنفه واليدين والركبتين وأطراف القدمين (1) » هذا هو المشروع وهو الواجب على الرجال والنساء جميعا أن يسجدوا على هذه الأعضاء السبعة الجبهة والأنف هذا عضو واليدين ويمد أطراف
(1) صحيح البخاري الأذان (812) ، صحيح مسلم الصلاة (490) ، سنن الترمذي الصلاة (273) ، سنن النسائي التطبيق (1097) ، سنن أبو داود الصلاة (889) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (883) ، مسند أحمد بن حنبل (1/280) ، سنن الدارمي الصلاة (1319) .
أصابعه إلى القبلة ضاما بعضهما إلى بعض والركبتين وأطراف القدمين يعني على أصابع القدمين باسطا الأصابع على الأرض معتمدا عليها وأطرافها إلى القبلة هكذا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم.
والأفضل أن يقدم ركبتيه قبل يديه عند انحطاطه للسجود هذا هو الأفضل، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يقدم يديه ولكن الأرجح أن يقدم ركبتيه ثم يديه لأن هذا ثبت من حديث وائل بن حجر عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه كان إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه (1) » ، وجاء في حديث آخر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«لا يبرك أحدكم كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه (2) » فأشكل هذا على كثير من أهل العلم فقال بعضهم: يضع يديه قبل ركبتيه، وقال: آخرون بل يضع ركبتيه قبل يديه، وهذا هو الذي يخالف بروك البعير؛ لأن بروك البعير يبدأ بيديه فإذا برك المؤمن على ركبتيه فقد خالف البعير وهذا هو الموافق لحديث وائل بن حجر وهذا هو الصواب أن يسجد على ركبتيه أولا ثم يضع يديه على الأرض ثم يضع جبهته أيضا على الأرض هذا هو المشروع فإذا رفع رفع وجهه أولا ثم يديه ثم ينهض هذا هو المشروع الذي جاءت به السنة عن النبي
(1) سنن الترمذي الصلاة (268) ، سنن النسائي التطبيق (1089) ، سنن أبو داود الصلاة (838) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (882) ، سنن الدارمي الصلاة (1320) .
(2)
رواه الإمام أحمد في (باقي مسند المكثرين من الصحابة) برقم (8598) وأبو داود في الصلاة برقم (714)
صلى الله عليه وسلم وهو الجمع بين الحديثين، وأما قوله في حديث أبي هريرة:«وليضع يديه قبل ركبتيه (1) » . فالظاهر والله أعلم أنه انقلاب كما ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله إنما الصواب أن يضع ركبتيه قبل يديه حتى يوافق آخر الحديث أوله وحتى يتفق مع حديث وائل بن حجر وما جاء في معناه، وفي هذا السجود يقول سبحان ربي الأعلى ويكررها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك، ولكن إذا كان إماما فإنه يراعي المأمومين حتى لا يشق عليهم أما المنفرد فلا يضره لو أطال بعض الشيء وكذلك المأموم تابع لإمامه يسبح ويدعو ربه في السجود حتى يرفع إمامه، والسنة للإمام والمأموم والمنفرد الدعاء في السجود، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«أما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم (2) » أي حري أن يستجاب لكم، وجاء في الحديث الآخر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا (3) » . فالقرآن لا يقرأ لا في الركوع ولا في السجود، إنما القراءة في حال القيام في حق من قدر، وفي حال القعود في حق من عجز عن القيام يقرأ
(1) سنن الترمذي الصلاة (269) ، سنن النسائي التطبيق (1091) ، سنن أبو داود الصلاة (840) ، مسند أحمد بن حنبل (2/381) ، سنن الدارمي الصلاة (1321) .
(2)
رواه مسلم في الصلاة برقم 738، وأبو داود في الصلاة برقم 742.
(3)
رواه مسلم في الصلاة برقم 738.
وهو قاعد أما الركوع والسجود فليس فيهما قراءة وإنما فيهما تسبيح للرب وتعظيمه وفي السجود زيادة على ذلك وهو الدعاء فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو في سجوده فيقول: «اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله وأوله وآخره وعلانيته وسره (1) » فيدعو بهذا الدعاء لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو به كما رواه مسلم في صحيحه، وثبت في صحيح مسلم أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء (2) » .
وهذا يدلنا على شرعية كثرة الدعاء في السجود من الإمام والمأموم والمنفرد ويدعو كل منهم في سجوده مع التسبيح أي مع قوله: سبحان ربي الأعلى ومع قوله: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي؛ لما سبق في حديث عائشة رضي الله عنها عند الشيخين البخاري ومسلم رحمة الله عليهما قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي (3) » .
ويشرع في السجود مع
(1) رواه مسلم في الصلاة برقم 745، وأبو داود في الصلاة برقم 744.
(2)
رواه مسلم في الصلاة برقم 744، وأحمد في باقي مسند المكثرين برقم 9083
(3)
رواه البخاري في الأذان برقم (752 و775) وفي المغازي برقم (3955) ورواه مسلم في الصلاة برقم 746.