الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب إحياء الموات
حكم الأراضي الميتة
س 259: قامت الحكومة الحالية في إحدى الدول العربية بتوزيع الأراضي الميتة أخذتها من أهل الملك الأصلي وزعتها على أناس آخرين، نرجو من فضيلتكم بيان حكم الإسلام في ذلك (1) .
ج: قد بين الرسول صلى الله عليه وسلم حكم الأراضي الميتة فقال عليه الصلاة والسلام: «من أحيا أرضا ميتة فهي له (2) » ، وقال:«من عمر أرضا ليست لأحد فهو أحق بها (3) » ، فالواجب على الحكومة في بلدكم وغيرها أن تحكم
(1) من ضمن الأسئلة المقدمة لسماحته في مجلسه.
(2)
رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة) مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه برقم (14226) وأبو داود في (الخراج والإمارة والفيء) باب في إحياء الموتى برقم (3073)
(3)
رواه البخاري في (المزارعة) باب من أحيا أرضا مواتا برقم (2335)
بين الناس بحكم الإسلام وأن تمنع الرعية من تعدي الحدود الشرعية، فإذا كان هناك أراض ميتة لم تحي وجب على ولاة الأمر تشجيع الرعية على عمارتها وتوزيعها بينهم بالعدل على حسب قدرتهم ورغبتهم، ومن استولى على أرض ميتة ولم يعمرها وجب أن ينذر ويحدد له حدا مناسبا فإن قام بعمارتها في المدة المحدودة وإلا نزعت منه وسلمت لمن يرغب في عمارتها ويقوى على ذلك. أما الأراضي المملوكة فليس للحكومة ولا غيرها انتزاعها من أهلها إلا برضاهم أو بالعقود الشرعية من بيع أو إجارة أو عارية أو مزارعة أو غير ذلك من العقود الشرعية لقول الله سبحانه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} (1){وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} (2) وقال عز وجل: {وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا} (3) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يقول الله سبحانه: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا (4) » ، أخرجه مسلم في صحيحه، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه
(1) سورة النساء الآية 29
(2)
سورة النساء الآية 30
(3)
سورة الفرقان الآية 19
(4)
رواه مسلم في (البر والصلة والآداب) باب تحريم الظلم برقم (2577)
قال في يوم النحر في حجة الوداع: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا (1) » .، وقال عليه الصلاة والسلام فيما صح عنه:«كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه (2) » ، وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من ظلم شبرا من الأرض طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أرضين (3) » ، وروى مسلم في صحيحه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من لعن والديه، لعن الله من آوى محدثا، لعن الله من غير منار الأرض (4) » .
قال أهل العلم رحمهم الله في تفسير منار الأرض: أنه مراسيمها وحدودها، فإذا كان من غير مراسيم الأرض وحدودها
(1) رواه البخاري في (الحج) باب الخطبة أيام منى برقم (1739) ومسلم في (القسامة والمحاربين والقصاص والديات) باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال برقم (1679)
(2)
رواه مسلم في (البر والصلة والآداب) باب تحريم ظلم المسلم وخذله برقم (2564)
(3)
رواه الإمام أحمد في (مسند الأنصار) باقي مسند عائشة رضي الله عنها برقم (25692)
(4)
رواه مسلم في (الأضاحي) باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله برقم (1978)
يكون معلونا لما يترتب على عمله من الفتنة والخصومة وظلم بعض الجيران فكيف بمن انتزع الأراضي المملوكة من أهلها وأعطاها غيرهم بغير أمر شرعي.
فنسأل الله العافية والسلامة من كل ما يغضبه ويخالف شرعه والآيات والأحاديث في وجوب احترام أموال المسلمين والحذر من الظلم كثيرة جدا، ونرجو أن يكون فيما ذكرناه الكفاية ونسأل الله سبحانه أن يصلح أحوال المسلمين وقادتهم وأن يردهم إليه ردا حميدا وأن يوفقهم للتمسك بدينه والحكم بشريعته والتحاكم إليها والحذر مما خالفها إنه ولي ذلك والقادر عليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.