المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ حكم البيع إلى أجل وبيع التورق والعينة والقرض بفائدة - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة - ابن باز - جـ ١٩

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌لا حرج في الشراء من شركات التقسيط إذا كانت السلعة في قبضتها

- ‌إذا حصل الشراء وتم قبض العقار بتخليته جاز بيعه

- ‌لا يجوز بيع المنقول إلا بعد قبضه وحيازته

- ‌ حكم شراء شقة من البنك بالتقسيط

- ‌لا حرج في بيع التقسيط

- ‌صور من بيع التقسيط المحرم

- ‌حكم الزيادة في البيع بالأجل والتقسيط

- ‌الضوابط الشرعية للبيع بالتقسيط

- ‌بيع السلعة قبل ملكها وحوزها لا يجوز

- ‌حكم الشراء من مندوب الشركة لدى معارض السيارات

- ‌بيع وشراء السيارات بالتقسيط

- ‌نصيحة لتجار التقسيط والمستهلكين

- ‌لا حرج في بيع التقسيط إذا كانت الأقساط والآجال معلومة

- ‌ليس للربح حد محدود في البيع المؤجل

- ‌التوبة من الكسب الحرام

- ‌بماذا تحاز السيارة

- ‌حكم أخذ الدلالة في البيع

- ‌حكم الكسب من الشهادة المغشوشة

- ‌حكم من اشترى قطعا من القماش فبانت أكثر

- ‌حكم ما يأخذه مندوب المشتريات من ثمن السلعة

- ‌الكتابة في المعاملات فيها حفظ للحقوق

- ‌ حكم شراء السلعة بثمن مؤجل بواسطة البنوك

- ‌حكم بيع الحيوان بالحيوان إلى أجل

- ‌حكم بيع الحيوان الحي بالوزن

- ‌حكم بيع الكلب وأكل ثمنه

- ‌حكم إهداء الكلب

- ‌حكم بيع السباع

- ‌حكم اقتناء الطيور التي لا تؤكل

- ‌حكم بيع واقتناء الحيوانات المحنطة

- ‌معنى بيع الكالئ بالكالئ

- ‌حكم بيع الكلونيا

- ‌حكم بيع الأصنام

- ‌لا يجوز بيع منح الأراضي إلا بعد حيازتها

- ‌حكم بيع التمر والملح والبر بالآجل

- ‌حكم أخذ المال مقابل التبرع بالدم

- ‌ حكم البيع إلى أجل وبيع التورق والعينة والقرض بفائدة

- ‌حكم بيع الصبرة من الطعام كل صاع بريال وزيادة مبلغ على الجميع

- ‌حكم بطاقات التخفيض

- ‌حكم بيع وشراء لعب الأطفال المجسمة

- ‌اليانصيب" من أعمال القمار المحرمة

- ‌حكم بيع وشراء العملة

- ‌حكم التعامل مع الكفار بيعا وشراء

- ‌حكم بيع المجهول

- ‌حكم تصرف المشتريفي العقار قبل الإفراغ

- ‌حكم أخذ العربون

- ‌حكم بيع وشراء البضائع وهي في مكانها

- ‌حكم بيع الموظف سلعتهعلى المؤسسة التي يعمل فيها دون علمها

- ‌حكم ما يسمى (الوعد بالشراء)

- ‌ من صور المسابقات التجارية المحرمة

- ‌حكم بيع الساعاتالذهب والخواتم والأقلام للرجال

- ‌حكم المتاجرة بالذهب

- ‌حكم التجارة بأشرطة الفيديو

- ‌حكم إصدار المجلاتالمنحرفة والعمل فيها وشرائها

- ‌حكم فتح محل للتصوير

- ‌حكم بيع الصحف والمجلات الساقطة

- ‌حكم شراء أو بيعأو الترويج للمطبوعات التي تسخرمن الإسلام وتقع في الدعاة وتنشر الفساد

- ‌حكم بيع الأشرطة والأفلام الخليعة

- ‌حكم بيع آلات التصوير

- ‌حكم شرب الدخان وبيعه والاتجار به

- ‌التحذير من القمار وشرب المسكر وبيوع الغرر

- ‌حكم بيع الدكان جزافا

- ‌حكم بيع المسروق وشرائه

- ‌مسألة التورق

- ‌حكم قبض المبيع وإخراجه من محل البائع ثم بيعه على البائع الأول

- ‌حكم الزيادة في ثمن السلعة مقابل الأجل

- ‌حكم قول بعني العشرة باثني عشر

- ‌حكم الزيادة فيثمن السلعة لزبون دون آخر

- ‌ضابط الزيادة فيالثمن من أجل الأجل

- ‌حكم التصرف في المبيع قبل قبضه

- ‌معنى القبض الشرعي

- ‌ لا يكون القبضبالكلام بل لا بد من نقل السلعة

- ‌ لا يجوز بيع السيارة ونحوها حتى تنقل من محل البيع الأول

- ‌لا يكفي سند البيعبل لا بد من نقل السلعة

- ‌باب الخيار

- ‌مقدار الغبن المؤثر في البيع

- ‌باب الربا والصرف

- ‌لا يجوز إيداع المال في البنك بفائدة ولو كان بقصد الخير

- ‌حكم الإيداع بالفائدة في البنوك

- ‌هل في الأموال الربوية زكاة

- ‌ التحذير من المساهمة فيالبنوك الربوية والإيداع فيها بفائدة

- ‌حكم المساهمة في البنوك الربوية

- ‌شراء أسهم البنوك وبيعها محرم وربا

- ‌ التحذير من إيداع الأموال في البنوك أو غيرها لغرض الحصول على الربا

- ‌حكم العمل في البنوك ووضع الأموال فيها

- ‌حكم العمل في أقسام البنوك الربوية التي لا صلة لها بالربا مباشرة

- ‌حكم الإيداع في البنوك الربوية

- ‌لا حرج في إيداع الأموال في البنوك خوفا عليها من الضياع

- ‌ كيفية المعاملة في الذهب والفضة

- ‌حكم بيع الذهب القديم بذهب جديد

- ‌لا يجوز بيع الذهب بالذهب إلا يدا بيد

- ‌من شرط بيع الذهب بالذهب التماثل والتقابض

- ‌الطريق الشرعي فياستبدال الذهب بالذهب

- ‌معنى حديث (نهىعن بيع الذهب إلا مثلا بمثل)

- ‌حكم شراء ذهب جديد بثمن الذهب القديم

- ‌حكم الاتجار بالذهب

- ‌حكم بيع ريال الفضة بريال الورق متفاضلا

- ‌حكم صرف عشرة ريالات ورق بتسعة ريالات معدن

- ‌النقود تقوم مقام الذهب والفضة

- ‌معنى (من زاد أو استزاد)

- ‌لا يجوز التحايل لأخذ الربا

- ‌بيع وشراء العملات

- ‌شراء العملة وادخارها لغرض التجارة

- ‌بيع العملة بالعملة

- ‌ حكم التوكيل في الصرف بنسبة من الربح

- ‌ وجوب إنكار المعاملات الربوية

- ‌الهدية للدائن من الربا

- ‌التحذير من التعامل بالربا وبيان سوء عاقبته

- ‌ مقدمة لمقالة الدكتور محمد بن أحمد الصالح في الرد على الدكتور إبراهيم الناصر

- ‌ الواجب تركالمال الذي ثبت أنه من الربا

- ‌حكم دراسة الاقتصاد الربوي

- ‌ بيان الحكم الشرعيفي المعاملات الربوية في البنوك

- ‌الفرق بين مسألة التورقوبين نوعي الربا: الفضل والنسيئة

- ‌الموقف من البنوك الربوية اليوم

- ‌حكم المساهمة فيالشركات التي تتعامل بالربا

- ‌حكم صرف الرواتب من البنوك الربوية

- ‌حكم بيع الطعام بجنسه متفاضلا

- ‌حكم بيع الطعام بالطعام مؤجلا

- ‌ حكم من يدفع إلى البنك أو غيرهمالا معلوما على أن يدفع القابض للدافعربحا معلوما كل شهر أو كل سنة

- ‌ينبغي العمل علىإيجاد البديل للبنوك الربوية

- ‌ التخلص من المال الربوي

- ‌ الواجب التصدق بالمال الربوي إذا لم يعلم صاحبه

- ‌حكم من وقع في الربا دون علمه

- ‌الفقراء من المصارفالشرعية للأموال التي ليس لها مالك

- ‌يجب التخلص من الكسبالخبيث بصرفه فيما ينفع المسلمين

- ‌كيفية التخلص من الفوائد الربوية

- ‌ ليس للورثة أخذالزيادة الربوية لمال مورثهم

- ‌التكفير عن المرابي المتوفى

- ‌الواجب التخلص من المالالربوي لصالح الفقراء والمحتاجين

- ‌باب السلم

- ‌ لا يجوز السلم فيما جهلت صفته

- ‌ ما هو دين الذمة في الشيء المعلوم والأجل المعلوم

- ‌لا يجوز أخذ القرضالربوي ولو كان الغرض شريفا

- ‌لا يجوز التعاون بكتابة القرض الربوي

- ‌حكم الاقتراض من مال حرام

- ‌حكم من جهل عنوان دائنه

- ‌نصيحة للتجار والمدينين

- ‌الواجب على من عليه دين كتابته

- ‌حكم الاحتيال لأخذ القرض أو مساعدة

- ‌لا يجوز الاقتراض منالمصرف لأجل إجراء عملية جراحية

- ‌حديث «كل قرض جر نفعا فهو ربا»

- ‌ إذا شرط الدلال على صاحب المزرعةفي قرضه ألا يبيع إنتاجه إلا عنده

- ‌حكم وفاء القرضمع اختلاف قيمة العملة

- ‌لا يجوز بيع القرضإلا بسعر المثل وقت التقاضي

- ‌ يلزم المدين تسليم ما عليه من الحق وقت المعاملة

- ‌حكم الخصم في سداد الأقساط

- ‌حكم الاقتراض من البنك

- ‌متى تبرأ ذمة الميت المدين من تبعة الدين

- ‌لا يلزم تعجيل أقساط البنك العقاري إذا التزم ورثة الميت أو غيرهم بتسديدها

- ‌حكم من مات ولم يخبر بدينه

- ‌حكم المطالبة بالزيادة في القرض المتجر به

- ‌جواز ما يسمى بالجمعية لما فيه من مصلحة للجميع

- ‌لا يجوز رد القرضبغير عملته إذا كان عن مشارطة

- ‌باب الرهن لا يجوز التصرف في الملك المرهون

- ‌لا بأس برهن المال المثمر

- ‌باب الضمان

- ‌ حكم التأمين الصحي

- ‌حكم التأمين على الحياة والممتلكات

- ‌حكم التأمين على السيارات

- ‌لا يلزم الضمان من لميفرط ولم يتعد على ما أودع لديه

- ‌باب الصلح

- ‌إجبار من لم يقبل الصلح على إزالة ضرره

- ‌باب الوكالة

- ‌التوكيل في المال الربوي

- ‌ ليس للوكيل سداد دينه من زكاة المال الموكل به

- ‌هل يجوز للوكيلامتلاك ما زاد من مال موكله

- ‌باب الشركة

- ‌إذا رضي المقتسمان ومضى وقت طويل فلا تسمع الدعوى في القسمة

- ‌ حكم المساهمة فيالشركات التي تتعامل بالربا

- ‌ رجل يضع أمواله في أسهم لشركات تتعامل مع بنوك ربوية

- ‌التخلص من المشاركة في الكسب الحرام

- ‌باب المساقاة

- ‌ الأرض لا تتبع الغراس

- ‌حكم تأجير الأرض الزراعية

- ‌ حكم تأجير العمائر داخل حدود الحرم

- ‌حكم أخذ الأجرة على حلق اللحى

- ‌حكم أخذ الأجرة على القراءة على المرضى

- ‌لا بأس بأخذ الأجرة على تعليم القرآن

- ‌أخذ الأجرة على القيام بإجراءات الدخول جائز بشروط

- ‌لا يجوز استخدام سيارة الشركة بغير إذنها

- ‌راتب الموظف المقصر فيه شبهة

- ‌حكم أخذ بدل انتداب دون تأديته

- ‌حكم أخذ مرتب "خارج دوام" دون عمل

- ‌حكم أخذ الموظف بدل ترحيل عائلته وهو لم يرحلهم

- ‌حكم العمل في محل يقتضي حلق اللحية

- ‌البيع والعمل في مصانعالخمور من المنكرات العظيمة

- ‌حرف الطباخة والحلاقةوصناعة الأحذية والعمل في النظافةوغيرها لا حرج فيها

- ‌لا يجوز توليالأذان باسم شخص آخر

- ‌على المسلم أنيؤدي الأمانة وينصح في عمله

- ‌الواجب على الموظفتسجيل وقت دخوله وخروجه

- ‌الواجب المحافظة على وقت الدوام

- ‌لا يجوز الاستنابة فيإجراءات الفحوصات والاختبارات الوظيفية

- ‌حكم أخذ ما يسمى بـ (السعي)

- ‌حكم الهدية للمدير

- ‌من تولى أمرا فهو مسئول عمن تحت يده من الموظفين

- ‌حكم الاستئذان من العمل لحاجة ماسة

- ‌ لا يجوز تأجير الأفلام السيئة

- ‌حكم الدروس الخصوصية

- ‌لا يجوز الاحتيال لدخول مسابقة الوظائف

- ‌حكم تزوير الشهادة لأجل الوظيفة

- ‌استقدام الكافر للعمل

- ‌حكم عمل الرجل مع المرأة

- ‌عبادة العامل في البنك صحيحة

- ‌إطلاق حرية العقارموافق للشرع والمصلحة العامة

- ‌ العمل في البنوك الربوية

- ‌ حكم تأجير العقار على البنوك

- ‌تأجير الدكان لبائع الأشرطة الغنائية

- ‌ رد على الدعوة للعمل في البنوك

- ‌حكم أخذ الأجرة على العمل المحرم

- ‌حكم العمل في البنوك الربوية

- ‌حكم من تضطره ظروفه للعمل في البنوك والمصارف

- ‌ لا يجوز العمل في البنوك ولو لسداد الدين

- ‌حكم تزويج من يعمل في البنك

- ‌العمل في البنوك لا يجوز والواجب التوبة

- ‌باب السبق

- ‌حكم الملاكمة ومصارعةالثيران والمصارعة الحرة

- ‌ حكم إعلان بعض المحلات التجاريةتقديم الجوائز لمن يشتري من البضائع المعروضة

- ‌حكم المشاركة في المسابقاتالتي تشترط إرفاق الكوبونات

- ‌السحب على السياراتبقسائم الشراء من القمار

- ‌باب الغصب

- ‌حكم تهريب الكتب والأشرطة

- ‌لا يجوز إجراء المكالمات من السنترال دون علم أصحاب الشأن

- ‌باب الشفعة

- ‌ الشفعة في المرافق الخاصةوفيما لا تمكن قسمته من العقار

- ‌باب الوديعة

- ‌حكم من أعطاه مورثه مالا وسكت عنه

- ‌حكم الاستلاف منالمال المودع عند الشخص

- ‌حكم استثمار الوديعة دون علم صاحبها

- ‌حكم الإيداع في البنوك الربوية بدون فائدة

- ‌حكم الإيداع في البنوك الربوية

- ‌ حكم الإسلام فيمن يعملون في البنوك

- ‌ الحكم الشرعي في الذي يودع ماله في البنوك ولا يأخذ فائدة

- ‌حكم الإيداع في المصارف

- ‌الإيداع في البنوك جائز عند الضرورة

- ‌حكم إيداع المالفي البنوك في بلاد الكفر

- ‌باب إحياء الموات

- ‌حكم الأراضي الميتة

- ‌باب اللقطة

- ‌حكم اللقطة إذا لم تعرف

- ‌حكم من أخذ حذاء بديلا لحذائه المفقود في الحرم

- ‌لا بد من تعريف الضالة في مجامع الناس سنة

- ‌لا تعرف اللقطة في المسجد

- ‌لا يحل لصاحبالحمام أخذ حمام غيره

- ‌يجب تعريف اللقطة حتى بعد التصرف بها

- ‌إذا عرفت اللقطة ولم تجد مالكها فهي لك

- ‌حكم التصرف في لقطة الحرم

- ‌اللقطة اليسيرة لا تعرف

- ‌لقطة الحرم

- ‌لا تحل لقطة الحرم إلا لمعرف

- ‌يجوز أخذ لقطةالحرم إذا كانت يسيرة

- ‌لا بد من تعريفاللقطة في مجامع الناس

- ‌من تصرف في الضالةببيع فهل يرد قيمتها أو يرد مثلها

الفصل: ‌ حكم البيع إلى أجل وبيع التورق والعينة والقرض بفائدة

ج: ثبت في صحيح البخاري رحمة الله عليه عن أبي جحيفة رضي الله عنه: «أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدم (1) » . فلا يجوز للمسلم أن يأخذ عن الدم عوضا؛ لهذا الحديث الصحيح فإن كان قد أخذ فليتصدق بذلك على بعض الفقراء.

(1) رواه البخاري في (البيوع) باب موكل الربا برقم (2086) .

ص: 48

39 -

‌ حكم البيع إلى أجل وبيع التورق والعينة والقرض بفائدة

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه، أما بعد:

فقد سئلت عن حكم بيع كيس السكر ونحوه بمبلغ مائة وخمسين ريالا إلى أجل وهو يساوي مبلغ مائة ريال نقدا؟ .

والجواب: عن ذلك أن هذه المعاملة لا بأس بها؛ لأن بيع النقد غير بيع التأجيل، ولم يزل المسلمون يستعملون مثل

ص: 48

هذه المعاملة، وهو كالإجماع منهم على جوازها، وقد شذ بعض أهل العلم فمنع الزيادة لأجل الأجل، وظن ذلك من الربا وهو قول لا وجه له، وليس من الربا في شيء، لأن التاجر حين باع السلعة إلى أجل إنما وافق على التأجيل من أجل انتفاعه بالزيادة، والمشتري إنما رضي بالزيادة من أجل المهلة وعجزه عن تسليم الثمن نقدا، فكلاهما منتفع بهذه المعاملة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على جواز ذلك، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم أمر عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن يجهز جيشا، فكان يشتري البعير بالبعيرين إلى أجل، ثم هذه المعاملة تدخل في عموم قول الله سبحانه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} (1) الآية. وهذه المعاملة من المداينات الجائزة الداخلة في الآية المذكورة، وهي من جنس معاملة بيع المسلم، فإن البائع في السلم يبيع من ذمته حبوبا أو غيرها مما يصح السلم فيه بثمن حاضر أقل من الثمن الذي يباع به المسلم فيه وقت السلم؛ لكون المسلم فيه مؤجلا والثمن معجلا، فهو عكس المسألة المسئول عنها. وهو جائز بالإجماع وهو مثل البيع إلى أجل في المعنى. والحاجة إليه ماسة، كالحاجة إلى السلم، والزيادة في السلم مثل الزيادة في البيع إلى أجل؛

(1) سورة البقرة الآية 282

ص: 49

سببها فيهما تأخير تسليم المبيع في مسألة السلم، وتأخير تسليم الثمن في مسألة البيع إلى أجل، لكن إذا كان مقصود المشتري لكيس السكر ونحوه بيعه والانتفاع بثمنه، وليس مقصوده الانتفاع بالسلعة نفسها، فهذه المعاملة تسمى مسألة (التورق) ويسميها بعض العامة (الوعدة)، وقد اختلف العلماء في جوازها على قولين: أحدهما: أنها ممنوعة أو مكروهة؛ لأن المقصود منها شراء دراهم بدراهم وإنما السلعة المبيعة واسطة غير مقصودة.

والقول الثاني: للعلماء جواز هذه المعاملة لمسيس الحاجة إليها؛ لأنه ليس كل أحد اشتدت حاجته إلى النقد يجد من يقرضه بدون ربا؛ لدخولها في عموم قوله سبحانه: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} (1) وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} (2) ولأن الأصل في الشرع حل جميع المعاملات إلا ما قام الدليل على منعه، ولا نعلم حجة شرعية تمنع هذه المعاملة.

وأما تعليل من منعها أو كرهها بكون المقصود منها هو النقد، فليس ذلك موجبا لتحريمها ولا لكراهتها؛ لأن مقصود التجار غالبا في المعاملات هو تحصيل نقود أكثر بنقود أقل والسلع المبيعة هي الواسطة في

(1) سورة البقرة الآية 275

(2)

سورة البقرة الآية 282

ص: 50

ذلك، وإنما يمنع مثل هذا العقد إذا كان البيع والشراء من شخص واحد كمسألة العينة. فإن ذلك يتخذ حيلة على الربا، وصورة ذلك أن يشتري شخص سلعة من آخر بثمن في الذمة، ثم يبيعها عليه بثمن أقل ينقده أياه، فهذا ممنوع شرعا؛ لما فيه من الحيلة على الربا وتسمى هذه المسألة مسألة العينة، وقد ورد فيها من حديث عائشة وابن عمر رضي الله عنهم ما يدل على منعها.

أما مسألة التورق التي يسميها بعض الناس الوعدة فهي معاملة أخرى، ليست من جنس مسألة العينة؛ لأن المشتري فيها اشترى السلعة من شخص إلى أجل وباعها من آخر نقدا من أجل حاجته للنقد وليس في ذلك حيلة على الربا؛ لأن المشتري غير البائع ولكن كثيرا من الناس في هذه المعاملة لا يعملون بما يقتضيه الشرع في هذه المعاملة، فبعضهم يبيع ما لا يملك ثم يشتري السلعة بعد ذلك ويسلمها للمشتري، وبعضهم إذا اشتراها يبيعها وهي في محل البائع قبل أن يقبضها القبض الشرعي، وكلا الأمرين غير جائز، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لحكيم بن حزام:«لا تبع ما ليس عندك (1) » ،

(1) رواه الإمام أحمد في (مسند المكيين) مسند حكيم بن حزام برقم (14887) والترمذي في (البيوع) باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك برقم (1232) وابن ماجه في (التجارات) باب النهي عن بيع ما ليس عندك برقم (2187) .

ص: 51

وقال عليه الصلاة والسلام: «لا يحل سلف وبيع، ولا بيع ما ليس عندك (1) » ، وقال عليه الصلاة والسلام:«من اشترى طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه (2) » ، وقال ابن عمر رضي الله عنهما:«كنا نشتري الطعام جزافا فيبعث إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من ينهانا أن نبيعه حتى ننقله إلى رحالنا (3) » ، وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أيضا:«أنه نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم (4) » .

ومن هذه الأحاديث وما جاء في معناها يتضح لطالب الحق أنه لا يجوز للمسلم أن يبيع سلعة ليست في ملكه ثم

(1) رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة) مسند عبد الله بن عمرو بن العاص برقم (6633) والترمذي في (البيوع) باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك برقم (1234) والنسائي في (البيوع) باب بيع ما ليس عند البائع برقم (4611) .

(2)

رواه البخاري في (البيوع) باب الكيل على البائع والمعطي برقم (2126) ومسلم في (البيوع) باب بطلان بيع المبيع قبل القبض برقم (1526) .

(3)

رواه مسلم في (البيوع) باب بطلان بيع المبيع قبل القبض برقم (1526) .

(4)

رواه أبو داود في (البيوع) باب في بيع الطعام قبل أن يستوفى برقم (3499) .

ص: 52

يذهب فيشتريها، بل الواجب تأخير بيعها حتى يشتريها ويحوزها إلى ملكه، ويتضح أيضا أن ما يفعله كثير من الناس من بيع السلع وهي في محل البائع قبل نقلها إلى ملك المشتري أو إلى السوق أمر لا يجوز؛ لما فيه من مخالفة سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولما فيه من التلاعب بالمعاملات وعدم التقيد فيها بالشرع المطهر، وفي ذلك من الفساد والشرور والعواقب الوخيمة ما لا يحصيه إلا الله عز وجل، نسأل الله لنا ولجميع المسلمين التوفيق للتمسك بشرعه والحذر مما يخالفه.

أما الزيادة التي تكون بها المعاملة من المعاملات الربوية فهي التي تبذل لدائن بعد حلول الأجل ليمهل المدين وينظره، فهذه الزيادة هي التي كان يفعلها أهل الجاهلية ويقولون للمدين قولهم المشهور: إما أن تقضي وإما أن تربي. فمنع الإسلام ذلك وأنزل الله فيه قوله سبحانه: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} (1) وأجمع العلماء على تحريم هذه الزيادة، وعلى تحريم كل معاملة يتوصل بها إلى تحليل هذه الزيادة، مثل أن يقول الدائن للمدين اشتر مني سلعة من سكر أو غيره إلى أجل ثم بعها بالنقد وأوفني حقي الأول فإن هذه المعاملة حيلة ظاهرة على استحلال الزيادة الربوية التي يتعاطاها أهل الجاهلية لكن

(1) سورة البقرة الآية 280

ص: 53

بطريق آخر غير طريقهم.

فالواجب تركها والحذر منها وإنظار المدين المعسر حتى يسهل الله له القضاء كما أن الواجب على المدين المعسر أن يتقي الله ويعمل بالأسباب الممكنة المباحة لتحصيل ما يقضي به الدين ويبرئ به ذمته من حق الدائنين.

وإذا تساهل في ذلك ولم يجتهد في أسباب قضاء ما عليه من الحقوق فهو ظالم لأهل الحق غير مؤد للأمانة، فهو في حكم الغني المماطل وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:«مطل الغني ظلم (1) » ، وقال عليه الصلاة والسلام:«لي الواجد يحل عرضه وعقوبته (2) » والله المستعان.

ومن المعاملات الربوية أيضا ما يفعله بعض البنوك وبعض التجار من الزيادة في القرض إما مطلقا وإما في كل سنة شيئا معلوما.

فالأول: مثل أن يقرضه ألفا على أن يرد إليه ألفا ومائة، أو يسكنه داره أو دكانه أو يعيره سيارته أو دابته مدة

(1) رواه البخاري في (الحوالات) باب الحوالة وهل يرجع في الحوالة برقم (2287) ومسلم في (المساقاة) باب تحريم مطل الغني برقم (1564) .

(2)

رواه البخاري معلقا في (الاستقراض) باب لصاحب الحق مقال، والنسائي في (البيوع) باب مطل الغني برقم (4689) .

ص: 54

معلومة أو ما أشبه ذلك من الزيادات.

وأما الثاني: فهو أن يجعل له كل سنة أو كل شهر ربحا معلوما في مقابل استعماله المال الذي دفعه إليه المقرض سواء دفعه باسم القرض أم باسم الأمانة فإنه متى قبضه باسم الأمانة للتصرف فيه كان قرضا مضمونا ولا يجوز أن يدفع إلى صاحبه شيئا من الربح إلا أن يتفق هو والبنك أو التاجر على استعمال ذلك المال على وجه المضاربة بجزء مشاع معلوم من الربح لأحدهما والباقي للآخر، وهذا العقد يسمى أيضا القراض وهو جائز بالإجماع؛ لأنهما قد اشتركا في الربح والخسران، والمال الأساسي في هذا العقد في حكم الأمانة في يد العامل، إذا تلف من غير تعد ولا تفريط لم يضمنه، وليس له عن عمله إلا الجزء المشاع المعلوم من الربح المتفق عليه في العقد.

وبهذا تتضح المعاملة الشرعية والمعاملة الربوية، والله ولي التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد عبد العزيز بن عبد الله بن باز

ص: 55